« لكني كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا » { فلما نبأت } أي أخبرت .
وقرأ طلحة أنبأت { به } أي بالحديث عائشة لأنهما كانتا متصادقتين ، وتضمن الحديث نقصان حظ ضرتهما زينب من حبيبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إنه عليه الصلاة والسلام كما في البخاري .
وغيره كان يمكث عندها لشرب ذلك وقد اتخذ ذلك عادة كما يشعر به لفظ كان فاستخفها السرور فنبأت بذلك { وأظهره الله عليه } أي جعل الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا على الحديث مطلعا عليه من قوله تعالى : { ليظهره على الدين كله } [ التوبة : 33 ] والكلام على ما قيل : على التجوز ، أو تقدير مضاف أي على إفشائه ، وجوز كون الضمير لمصدر { نبات } وفيه تفكيك الضمائر ، أو جعل الله تعالى الحديث ظاهرا على النبي صلى الله عليه وسلم فهو نظير ظهر لي هذه المسألة وظهرت على إذا كان فيه مزيد كلفة واهتمام بشأن الظاهر فلا تغفل { عرف } أي النبي صلى الله عليه وسلم حفصة { بعضه } أي الحديث أي أعلمها وأخبرها ببعض الحديث الذي أفشته .
والمراد أنه صلى الله عليه وسلم قال لها : قلت كذا لبعض ما أسره إليها قيل : هو قوله لها : « كنت شربت عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أعود » { وأعرض عن بعض } هو على ما قيل قوله عليه الصلاة والسلام : « وقد حلفت » فلم يخبرها به تكرما لما فيه من مزيد خجلتها حيث إنه يفيد مزيد اهتمامه صلى الله عليه وسلم بمرضاة أزواجه وهو لا يحب شيوع ذلك ، وهذا من مزيد كرمه صلى الله عليه وسلم .. (21/92)
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني
المؤلف : شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني الألوسي