والحق يقال ويصرح به أخي الفاضل إن المسلمون الذين عاصروا حياة الرسول الاكرم(ص)كانوا قد دخلوا الاسلام بظروف مختلفه فمنهم من دخله بعد ايمانه بمبادئه الحقه والساميه من العدل والانصاف والمساواة وهؤلاء هم اما من الموحدين كاباء النبي(ص)وبعض ابناء عمومته واما من طبقة العبيد والمملوكين المضطهدين ، وهؤلاء هم من اخلص لله ولرسوله ،وفئة اخرى رأوا ان الاسلام اصبح امراً واقعاً على ساحة حياتهم السياسيه والاجتماعيه وغيرها وهؤلاء هم الاكثريه في المجتمع الاسلامي وهم متذبذبون متلونون ، والقسم الاخير هم من دخلوا الاسلام كارهين كالطلقاء امثال ابو سفيان ومعاويه عبيدهم - وهم معروفون - وغيرهم وهؤلاء لبسوا زي الاسلام على بدن الشرك.
ولما كانت تكوينة المجتمع في زمن الرسول الاكرم(ص) على هذه الشاكله كان من الطبيعي ان يعمل القسم الاخير بالمكر والحيله والدهاء على زعزعة ايمان القسم الثاني لانه اكثر تقبلاً للاكاذيب والاقاويل وهذه الزعزعة لايمكن ان تكون فعاله وقويه إلا إذا اصابت جوهر الاسلام وهو محمد(ص) فجمعوا كيدهم ووجهوا سهام غدرهم الى صميم العقيده الاسلاميه وهاجموا النبوه من باب العصمهوراحوا يروجون ان النبي (ص)غير معصوم إلا في تبليغ القران الكريم فقط اما سائر السيئات والخطيئات والمنكرات فإنها ممكن ان تصدر من النبي (ص)كغيره من البشر.
ان هذه الهجمه الشرسه جاءت نتيجه لاسباب عديده يقع في مقدمتها سببين مهمين في رأيي القاصر جدا ....:
الاول:ـ
إن اصحاب هذا الفكر ارادوا ان يبرروا مواقف اسيادهم الذين ردوا على رسول الله(ص)في مواقف كثيره معترضين عليه متناسين قول الله جل وعلا فيه ـ((ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فإنتهوا ))ـ لانهم لو قالوا بعصمة النبي الاكرم(ص)فإنهم سيصبحون ملزمين بالقول ان الراد على رسول الله كالراد على الله وهذا ما وعوه في عقولهم وابته عليهم نفوسهم الشحيحه.
الثاني:ـ
ليبرروا فكرة الخلافه بالشورى وان رسول الله لم يوصي بأعتبار انه مع رفع العصمه عن رسول الله فإنه بالامكان الطعن بأي حيث له كالقول( انه يهجر ) .. كما زعم اناس ذلك ليصلوا الى السلطه(الخلافه) والتبرير ليس لهؤلاء فحسب بل لمن تبعهم من الأمويين والعباسيين على الرغم من وجود نقباء قريش((الائمه المعصومون)) الذين اخبر رسول الله(ص) بأنهم الخلفاء من بعده ،وهذا التبرير من خلال الطعن في كل حديث شريف يتعارض مع اهواء هؤلاء سيوصف بالضعيف السند وغير المتواتر وما شابه من الأوصاف .
ان اشاعة مفهوم عدم عصمة النبي الاكرم (ص) في اوساط المسلمين في شتى بقاع الارض ادى الى ترك العديد من الامور في سنته الشريفه المباركه والعمل بسنة غيره بل ان من المسلمين من يعتقد ان سنة النبي (ص) هي اقوال وافعال لبشر ممكن ان تكون صحيحه او غير صحيحه وان راي الصحابي قد يكون اكثر صحه وحكمه وواقعيه من رأي النبي (ص) ويستدلون على ذلك باجتهاد بعض الصحابه مقابل نصوص الاحاديث الشريفه للرسول الاكرم (ص).
نعم ان اشاعة هذه المفهوم لم تجر الى التجرؤ على شخص النبي الاكرم(ص) وسنته الشريفه فحسب بل انها قادت الى التجرؤ على الخالق العظيم عز وجل من خلال الاجتهاد امام النصوص القرانية الكريمه وفي زمن كان يعيش فيه الاف من المسلمين ممن عاصروا نزول القران الكريم على النبي الاكرم (ص) وحفظوا اياته فهاهي ايات المتعه والولايه والموده والتطهير تشتكي الى الله من الاجتهاد الاعمى والتاويل الباطل كل ذلك من اجل ان يحضى سلاطين الجور (بكرسي الخلافه).