وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بالخلافة ، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنة، ولقد أمره رسول الله بالصلاة وهو حي) (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الشيعي ج1 ص332).
إن علياً عليه السلام قال في خطبته: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولم لا يقول هذا وهو الذي روى (أننا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على جبل حراء إذ تحرك الجبل، فقال له: قر، فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيد) (الاحتجاج للطبرسي).
----
الجواب
أ ــ نسبته ابن أبي الحديد للتشيع بقوله (ابن أبي الحديد الشيعي)، كذب صريح وتمويه على القاريء، فان ابن أبي الحديد معروف مشهور بالاعتزال والمعتزلة من السنة، بل هو نفسه يصرح في كتابه بذلك ولم ينسبه الى التشيع كل من ترجمه الا ما يحاول التمويه به هؤلاء الوهابية المتأخرين بعد أن قرعتهم حجة الشيعة فاخذوا ينسبونه الى التشيع بهتاناً وزوراً, .
ثم إن اصل الكلام الذي نقله عن شرح نهج البلاغة, هو رواية سنية رواها ابن أبي الحديد عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري صاحب كتاب السقيفة وفدك بهذا السند: أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الاسود، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة وغضب علي والزبير فدخلا بيت فاطمة(ع) معهما السلاح فجاء عمر في عصابة منهم أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش وهما من بني عبد الاشهل فصاحت فاطمة (ع) وناشدتهم الله فاخذوا سيفي علي والزبير فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعاً ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر اليهم
وقال: ان بيعتي كانت فلته وقى الله شرها وخشيت الفتنة وايم الله ما حرصت عليها يوما قط ولقد قلدت أمراً عظيماً مالي به طاقة ولا يدان ولوددت أن أقوى الناس عليه مكاني وجعل يعتذر اليهم فقبل المهاجرون عذره, وقال علي والزبير: ما غضبنا الا في المشورة وانا نرى أبا بكر أحق الناس بها انه لصاحب الغار وانا لنعرف سنه ولقد أمّره رسول الله(ص) بالصلاة بالناس وهو حي. انتهى (شرح نهج البلاغة 2: 5) و (6، 48).
فانظري إلى كذبه وتدليسه بان نسب الرواية اولاً الى ابن أبي الحديد وهو ناقل عن الجوهري ليس إلا، وبهذا السند الواضح انه سني.
ثم ما حذفه من الرواية التي تنص على هجومهم على بيت فاطمة(ع) واجبارهم بالاكراه لعلي(ع) والزبير على البيعة وقول أبي بكر أن بيعتي كانت فلته واقتطع منها ما يريد ان يوهم به القاريء!!
وللرواية سند آخر سني أيضاً أورده الحاكم النيسابوري في (المستدرك): حدثنا محمد بن صالح بن هانيء ثنا الفضل بن محمد البيهقي ثنا إبراهيم من المنذر الحزامي ثنا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن سعد بن إبراهيم قال حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: إن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطاب وان محمد بن سلمة كسر سيف الزبير ثم قام أبو بكر فخطب الناس ... إلى آخر الرواية مع اختلاف في المتن (المستدرك 3: 66). ورواها البيهقي عن الحاكم بنفس السند (السنن الكبرى 8: 153), ورواها ابن كثير في (البداية والنهاية) عن موسى بن عقبة في مغازيه بنفس السند (البداية والنهاية 5 : 270) و (6 : 334)، وابن كثير في (السيرة 6 : 496)، فالرواية سنية السند عند الكل.
ب ــ قوله: (أن علياً (ع) قال في خطبته: خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر وعمر)، فهو ليس في (الاحتجاج) وقد كذب ودلس وأوهم القاريء! وما في (الاحتجاج) هو: وروي ان يوماً من الايام قال عثمان بن عفان لعلي بن أبي طالب(ع) ان تربصت بي فقد تربصت بمن هو خير مني ومنك ، قال علي(ع): (ومن هو خير مني؟)، قال: أبو بكر وعمر. فقال علي(ع): (كذبت أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلكم وعبدته بعدكم)
(الاحتجاج 1: 229).