- ترجم الذهبي وابن حجر وغيرهما أبا زرعة ترجمة حافلة، وأوردوا كلمات القوم في إمامته وثقته وحفظه وورعه بما يطول ذكره، والجدير بالذكر قول الذهبي في آخر ترجمته: «قلت: يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة»(1).
وقول أبي حاتم في حقّه: «إذا رأيت الرازي ينتقص أبا زرعة فاعلم أنّه مبتدع»(2).
وقول ابن حبّان: «كان أحد أئمّة الدنيا في الحديث، مع الدّين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس»(3).
وقول ابن راهويه: «كلّ حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل»(4).
------------------------------------------------------------------------
(1) سير أعلام النبلاء 13 : 81.
(2) تهذيب التهذيب 7 : 30.
(3) المصدر.
(4) سير أعلام النبلاء 13 : 71، تهذيب التهذيب 7 : 29، الكاشف 2 : 201.
ونطلع الآن على رأي ابي زرعة الرازي في صحيح مسلم :
(( ... قد ذم ابو زرعة مسلماً وقال عند ذكر كتابه: هؤلاء قوم ارادوا التقدم قبل اوانه فعملوا شيئاً يتسوقون به، الفوا كتاباً لم يسبقوا اليه ليقيموا لانفسهم رياسة قبل وقتها.
وان ابا زرعة جاء ذات يوم فنظر في الكتاب فوقعت عينه على حديث عن اسباط بن نصر، فقال: ما يعد هذا من الصحيح يدخل في كتابه اسباط بن نصر، ثم رأى في الكتاب قطن بن نسير فقال: وهذا اطم من الاول، حيث ان قطن وصل أحاديث عن ثابت جعلها عن انس، ثم انه اشار الى احمد بن عيسى بانه من المتهمين بالكذب وقد اورده مسلم في صحيحه، فقال ابو زرعة: أيحدث عن هؤلاء ويترك محمد بن عجلان ونظراؤه؟ ويطرق لاهل البدع عليها فيجدوا السبيل بأن يقولوا للحديث اذا احتج عليهم به: ليس هذا من كتاب الصحيح ..)) .
(( راجع :
شروط الائمة الخمسة، ص60، وجاء عن مسلم انه قال: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته (مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الثامن)
))
( ..كما جاء ان مسلماً لما وضع كتابه الصحيح عرضه على ابي زرعة فانكر عليه هذا الاخير وتغيظ، وقال سميته الصحيح فجعلت سلماً لاهل البدع وغيرهم، فاذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون هذا ليس في صحيح مسلم!!.