عمر و شمر
شخصيتان ...
يرى البعض أحدهما ( عمر ) من رؤوس الهرم الاسلامي و أعلامه الذين لا يجوز التطرّق لهم بسوء ... فعظّموه و قدّسوه و نسبوا له الفضائل ... حتى أصبح من يذكر عيوبه كافرا خارجا عن الاسلام !!!
بينما يرون الآخر ( شمر ) مذنبا ... لا حرج في لعنه و ذكر عيوبه و مساوئه ... ربّما لو تسلّم امور الحكم يوما ... أو لو أصبح خليفة للمسلمين في أحد الأيام لاختلف القول !!!!!!!!
لننظر الى أحد مواقف شمر ...
قام شمر بطعن فسطاط الحسين عليه السلام ... ثمّ قال : علي بالنار لأحرقه على أهله ... فتصايحت النساء و خرجن من الفسطاط ... وناداه الحسين يابن ذي الجوشن انت تزعم بالنار لتحرق بيتي على اهلي احرقك الله بالنار ... وقال شبث ابن ربعي أمرعباً للنساء صرت ما سمعت مقالاً أسوء من مقالك ولاموقفاً أقبح من موقفك فاستحي وانصرف !!!!!!!!
فاستحى و انصرف و توقف عن التهديد !!!!!!!!
و الآن لننظر الى أحد مواقف البطل الفاروق الذي لايقترب منه الشيطان " عمر "...:
إبن أبي شيبة الكوفي- المصنف - كتاب المغازي - ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته - الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 572)
36383 - حدثنا :محمد بن بشر، نا : عبيد الله بن عمر، حدثنا : زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم : أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (ص) ان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة ، فقال : يا بنت رسول الله (ص) ، والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، و أيم الله ما ذاك بمانعي إن إجتمع هؤلاء النفر عندك،أن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ، قال : فلما خرج عمر جاءوها فقالت : تعلمون أن عمر قد جاءني و قد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه ، فإنصرفوا راشدين ، فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي ، فإنصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر.
محمد بن جريرالطبري- تاريخ الطبري - الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 443 ) - طبعة بيروت
- حدثنا :إبن حميد قال : ، حدثنا : جرير، عن مغيرة، عن زياد بن كليب قال : أتى عمر بن الخطاب ، منزل علي و فيه طلحة والزبير و رجال من المهاجرين،فقال : و اللّه لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير ، مصلتا بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه.
البلاذري- أنساب الأشراف- الجزء : ( 1 ) - رقمالصفحة : ( 586 ) - طبع دار المعارف بالقاهرة
- عن المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التيمى وعن إبن عون : أن أبابكر أرسل إلى علي يريد البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ، ومعه فتيلة فتلقته فاطمة على الباب فقالت فاطمة : ياإبن الخطاب ! أتراك محرقاً على بابي ؟ ، قال : نعم و ذلك أقوى فيما جاء أبوك؟.
إبن قتيبة الدينوري- الإمامة و السياسة - الجزء : ( 1 ) رقمالصفحة : ( 19 )
- إن أبا بكر (ر) تفقد قوماًً تخلفوا ، عن بيعته عند علي كرم اللّه وجهه ، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب ، وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة، فقال : وإن ....
سيأتي متفلسف و يقول لم يحرق عمر بيت الزهراء !!!!!!!!!!!!
و انا في الروايات التي اوردتها لم أقل بأنه قد فعل ... و لكن مجرّد تهديده و اصراره دون حرج و حياء لأشرف الناس بعد رسول الله ( عليه و على آله أشرف الصلاة و السلام ) كفاية ليثبت أخلاقه و وفاءه لنبي الله ( عليه و على آله أشرف الصلاة و السلام ) ... يقولون له إنّ في البيت فاطمة ... فيجيب : و إن !!!!!!!!!!!!!!!
و تأمّل الرواية الأولى حيث قالت الصادقة التي لا أصدق منها إلا ابيها :و أيمّ الله ليمضين لما حلف له ( حرق المنزل )... فالصادقة عليها السلام أكّدت بأنه سيقوم بتنفيذ تهديده !!!!
و هذا إن دلّ فإنما يدل على نظرتها و معرفتها بأخلاقه التي لن تمنعه من عمل بهذه الوضاعة...
فانظر الى شمر و انظر الى عمر ... اليس الأول أعلى خلقا من الثاني ؟؟؟!!!!
لكنّه لسوء حظّه لم يعش في زمن الرسول الأعظم ( عليه و على آله أشرف الصلاة و السلام ) حتى ينال وسام لقب "صحابي" ...
كما أنّه لم يتسنّ له أن يكون خليفة للملسلمين !!!
لذا لا حرج في ذكر عيوبه و حتى في لعنه ... فلا بأس في ذلك ...
أليست الديكتاتورية التي نعيشها و التي حكمت أغلب العصور حيث لا عدل في الأحكام ...
بل هناك مفارقة و ازدواجية واضحة في الأحكام المفروضة على الطبقة العامة و التي لا ينظر الى مخالفيها من الطبقة الحاكمة ...
بل و تتحوّل بطريقة سحرية الى فضائل إن ارتكبها أحد أفراد الطبقة الحاكمة ...
شمر هدد باحراق فسطاط الحسين عليه السلام ... و كذلك فعل عمر حيث هدد باحراق منزل بضعة رسول الله عليها و على أبيها أفضل الصلاة و السلام ... أليسا وجهين لعملة واحدة ... هذا إن لم يكن الوجه الثاني أسوء و أكثر ظلما و جورا و غلاظة !!!!!
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجّل فرجهم الشريف
و العن أعداءهم من الأولين و الآخرين
|