وعن عبيد الله في حديث عن عائشة: فخرج بين رجلين تخط رجلاه الارض، وكان بين العباس ورجل آخر. قال عبيد الله: فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة، فقال لي: هل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة؟ قلت: لا. قال: هو علي بن أبي طالب
) صحيح البخاري رقم 634.
--
كرّره البخاري في كتابه سبعة عشرة مرة! وعلى كل حال انّ عائشة تبغض علياً علیه السلام بحيث تتنفّر من اسمه فلا تذكره،
وفي هذه الغزوة كانت قصة الإفك . وذلك أن عائشة رضي الله عنها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه بقرعة - وتلك كانت عادته مع نسائه - فلما رجعوا : نزل في طريقهم بعض المنازل . فخرجت عائشة لحاجتها ، ثم رجعت . ففقدت عقدا عليها . فرجعت تلتمسه . فجاء الذين يرحلون هودجها . فحملوه . وهم يظنونها فيه . لأنها صغيرة السن . فرجعت - وقد أصابت العقد - إلى مكانهم . فإذا ليس به داع ولا مجيب . فقعدت في المنزل وظنت أنهم يفقدونها ، ويرجعون إليها . فغلبتها عيناها . فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المعطل : إنا لله وإنا إليه راجعون ، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكان صفوان قد عرس في أخريات الجيش لأنه كان كثير النوم . فلما رآها عرفها - وكان يراها قبل الحجاب - فاسترجع . وأناخ راحلته فركبت وما كلمها كلمة واحدة . ولم تسمع منه إلا استرجاعه . ثم سار يقود بها ، حتى قدم بها . وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة . فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته . ووجد رأس المنافقين عدو الله عبد الله بن أبي متنفسا . فتنفس من كرب النفاق والحسد . فجعل يستحكي الإفك ويجمعه ويفرقه . وكان أصحابه يتقربون إليه به .
فلما قدموا المدينة : أفاض أهل الإفك في الحديث . ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم . ثم استشار في فراقها . فأشار عليه علي بفراقها ، وأشار عليه أسامة بإمساكها .
واقتضى تمام الابتلاء أن حبس الله عن رسوله الوحي شهرا في شأنها ، ليزداد المؤمنون إيمانا ، وثباتا على العدل والصدق . ويزداد المنافقون إفكا ونفاقا ولتتم العبودية المرادة من الصديقة وأبويها ، وتتم نعمة الله عليهم ولينقطع رجاؤها من المخلوق وتيأس من حصول النصر والفرج إلا من الله .
فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها أبواها . فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " يا عائشة إن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري . فإن العبد إذا اعترف بذنبه . ثم تاب تاب الله عليه " .
قالت لأبيها : أجب عني رسول الله . قال والله ما أدري ما أقول لرسول الله .
فقالت لأمها مثل ذلك وقالت أمها مثل ذلك .
قالت فقلت : إن قلت إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقوني . ولا أجد لي ولكم مثلا . إلا أبا يوسف حيث قال ( 12 : 18 )فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون
قالت فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما أنا : فعلمت أن الله لا يقول إلا الحق . وأما أبواي فوالذي ذهب بأنفاسهما ، ما أقلع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خفت أن أرواحهما ستخرجان . فكان أول كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما الله يا عائشة فقد برأك .
فقال أبوي قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله " . وكان حسان رضي الله عنه ممن قيل عنه إنه يتكلم مع أهل الإفك فقال يعتذر إلى عائشة . ويمدحها :
حصان رزان ما ترن بريئة
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
عقيلة حي من لؤي بن غالب
كرام المساعي . مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها
طهرها من كل سوء وباطل
لئن كان ما قد قيل عني قلته
فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وكيف ؟ وودي ما حييت ، ونصرتي
لآل رسول الله زين المحافل </SPAN>
وكانت عائشة لا ترضى أن يذكر حسان بشيء يكرهه وتقول إنه الذي يقول
إن الأدلة العقلية والنقلية - ومنها إجماع الإمامية - قائمة على تنزيه زوجات الأنبياء (عليهم السلام) من الفاحشة ـ أي الزنا ـ , احترازاً من مسّ حياة الأنبياء (عليهم السلام) بالدنس, وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.
وعليه فما أدّعاه عثمان الخميس - من أن المجلسي والقمي والبرسي ذكروا في كتبهم زنا عائشة - فهو كذب وافتراء عليهم، ولا صحة له من الواقع, فهذه كتبهم ومؤلفاتهم مطبوعة, وفي متناول أيدي الناس.
وقد نقل العلامة المجلسي في (بحار الأنوار : 22 / 240)كلاما عن القمي وقال عنه ما نصّه : فيه شناعة شديدة, وغرابة عجيبة, نستبعد صدور مثله عن شيخنا علي بن إبراهيم, بل نظن قريباً أنه من زيادات غيره, لان التفسير الموجود ليس بتمامه منه قدس سره, بل فيه زيادات كثيرة من غيره, فعلى أي هذه مقالة يخالفها المسلمون بأجمعهم من الخاصة والعامة, وكلّهم يقرّون بقداسة أذيال أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) مما ذكر, نعم بعضهم يعتقدون عصيان بعضهنّ لمخالفتها أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
وجاء في (البحار 23 / 106) بعد نقله قول القمي ما نصّه : بيان : المراد بفلان طلحة, وهذا إن كان رواية فهي شاذة مخالفة لبعض الأصول, وإن كان قد يبدو من طلحة ما يدل على أنه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك, لكن وقوع أمثال ذلك بعيد عقلا ونقلا وعرفا وعادة وترك التعرض لأمثاله أولى.
وأما الحافظ البرسي، فعلى فرض أنه نقل شيئا من ذلك, فعلماؤنا لا يأخذون بما تفرد بنقله. قال العلامة المجلسي في (البحار 1 / 109 : ولا اعتمد على ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع.