دخل الإمام جعفر الصادق (ع) على مجلس المنصور العباسي .... وكان عنده رجل من الهند يقرأ كتب الطب.
فجعل الإمام الصادق ينصت لقرائته , فلما فرغ الهندي قال للإمام : أتريد مما معي شيئاً؟
قال الإمام: لا ...فأن ما معي خير مما معك؟؟؟قال الهندي: و ماهو؟
قال : أُداوي الحاربالبارد, والباردبالحار , و الرطبباليابس , و الياب س بالرطب , و أرد الأمر كله إلى الله عز و جل , و أستعمل ما قالهرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم : (و أعلم أن المعدة بيت الداء و الحمية هي الدواء) و أعود البدن ما أعتاد.
فقال الهندي : و هل الطب إلا هذا؟
فقال الصادق عليهالسلام : أفتراني عن كتب الطب أخذت ؟
قال الهندي: نعم ,
قال : لا و الله ما أخذت إلا عنالله سبحانه , فأخبرني أنا أعلم بالطب أم أنت؟
فقال الهندي , لا بل أنا.
قال الصادق عليه السلام فأسئلك شيئاً , قال سل ,
قال : أخبرني يا هندي كمكان في الرأس شؤون ؟ قال : لا أعلم ,
قال : فلم جعل الشعر عليه من فوقه ؟ قال : ل اأعلم
قال : فلم خلت الجبهة من الشعر , قال : لا أ علم ,
قال : فلم كان لها تخطيط وأسارير ؟ قال : لا أعلم .
قال : فلم كان الحاجبان من فوق العينين ؟قا ل : لا أعلم.
قال : فلمجعلتالعينانكاللوزتين ؟ قال : لا أعلم .
قال : فلم جعل الأنف في بينهما , قال : لا أ علم .
قال : فلم كان ثقب الأنف في أسفله ؟ قال : لا أعلم .
قال : فلمجعلتالشفة و الشارب من فوقالفم ؟ قال : لا أعلم ,
قال : فلم احتد السن , و عرض الضرس , و طال الناب ؟قال: لا أعلم ؟
قال : فلمجعلتاللحية للرجال ؟ قال : لا أعلم .
قال : فلم خلت الكفان من الشعر ؟ قال : لا أ علم
قال : فلم خلا الظفر و الشعر من الحياة ؟قا ل : لا اعلم .
قال : فلم كان القلب كحبالصنوبر ؟ قال : لا أعلم ,
قال : فلم كانت الرية قطعتين و جعل حركتهما في موضعهما؟قال : لا أعلم .
قال : فلم كانت الكبد حدباء ؟ قال : لا أعلم .
قال : فلم كانتالكلية كحب اللوبيا ؟ قال : لا أعلم
قال : فلم جعل طي الركبتين إلى الخلف ؟ قاللا أعلم .
قال : فلم تخصرت القدم ؟ قال : لا أعلم.
فقال الصادق عليه السلام لكني أعلم.
قال الهندي : فأجب عن تلك الإسئلة.
قال الصادق عليه السلام: كان في الرأسشؤون لأن المجوف إذا كان بلا فصل أسرع أليه الصداع , فإذا جُعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد ,
و جعل الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الأدهان إلى الدماغ , و يخرج بأطرافه البخار منه , و يرد الحر و البرد و الواردين عليه .
و خلت الجبهة من الشعرلأنها مصب النور إلى ال عينين .
و جعل فيها التخطيط و الأسارير ليحتبس العرق الواردمن الرأس عن العين بقدر ما يميطه (أي ينحاره و يبعده عن نفسه) الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض تحبس المياه .
و جعل الحاجبان فوق العينان ليراد عليهمامن النور قدر الكفاف , ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه !
و جعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلىكل عين سواء.
و كانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء , و يخرج منها الداء , و لو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل , و ما وصل اليها دواء , و لا خرج منها داء ,
و جعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ و يصعد فيه الاراييح غلى المشام , و لو كان في أعلاه لما أنزل الداء و لا وجد رائحة .
و جعل الشارب و الشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من من الدماغ عن الفم لئلايتنغص على الإنسان طعامه و شرابه (أي لئلا يتكدر على الإنسان طعامه و شرابه) فيميطهعن نفسه .
وجعلتاللحية للرجال ليُستغنى بها عن الكشف في المنظر و يُعل م الذكر من الأنثى .
وجعل السن حاداً لأن به يقع العض, و جعل الضرس عريضاً لأن به يقع الطحن و المضغ, وكان الناب طويلاُ ليسند الأضراس و الأسنان كالاسطوانة في البناء .
و خلاالكفان من الشعر لأن بهما يقع اللمس, فلو كان فيهما شعر ما درى الإنسان ما يقابله و يلمسه.
و خلا الشعر و الظفر من الحياة طولها سمع و قصها حسن, فلو كان فيهما حياة لألم الإنسان لقصها .
و كان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه دقيقاً ليدخل في الرية فتروح عنه ببردها, لئلا يشيط الدماغ بحره. و جعل الرية قطعتينليدخل بين مضاغطها فيتروح عنه بحركتها.
و كانت الكبد حدباء لتثقل الم عدة ويقع جميعها عليها فيعصرها ليخرج ما فيها من البخار .
وجعلتالكلية كحب اللوبيا لأنعليها مصب المني نقطة بعد نقطة , فلو كانتمربعة أو مدورة احتبست النقطة الأولى إلىالثانية فلا يلتذ بخروجها المني , إذ المني ينزل من قفار الظهر إلى الكلية , فهي كالدورة تنقبض و تنبسط , ترميه أولاً فأولاً إلى المثانة كال بندقة من القوس .
و جعل طي الركبة إلى الخلف لأن الإنسان يمشي إلى ما بين يديه فيعتدلالحركات , و لولا ذلك لسقط في المشي ,
وجعلتالقدم مخصرة لأن الشيءإذا وقع على الأرض جميعه ثقل حجر الرحى , فإذا كان علىصرفه دفعه الصبى و إذا وقع على وجهه صعب نقله على الرجل.
فقال له الهندي : من اين لك هذا؟فقال عليه السلام , أخذته من آبائي عليهم السلام عن رسولالله صلى اللهعليه و آله و سلم عن جبرئيل عن رب العالمين جلجلاله الذي خلق الأجساد و الأرواح.
فقال الهندي صدقت
و أنا أشهد ان لا إله إلا الله .. وأن محمدا رسول الله و عبده، وانك أعلم أهل زمانك