ولا بد لانطلاق الحوار من التسليم الجدلي بأنَّ الخصم قد يكون على حق ، فبعد مناقشة طويلة في الأدلة على وحدانية الله تأتي هذه الآية من سورة سبأ: "قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاوَاتِ والأرض قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، [سبأ : 24] ، فطرفا الحوار سواء في الهداية أو الضلال ، ثم يضيف على الفور في تنازل كبير بغية حمل الطرف الآخر على القبول بالحوار: " قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا ولا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ". [سبأ : 25] ، فيجعل اختياره هو بمرتبة الإجرام على الرغم من أنه هو الصواب ، ولا يصف اختيار الخصم بغير مجرد العمل ، ليقرر في النهاية أن الحكم النهائي لله : "قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ(26)" [سبأ : 26] .