بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأوليـــــــــــن والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
*** وبعد هذا البحث ركبت السفينة ...***
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
* ومن باع نفسه أوبقهــا :
.. فقلت دعيني وقبل الولوج في رمالهم المتحرّكة ، أوجّه خطابي للنفوس الباحثة النيّرة ، ومن كانت غايتها الفوز بالدارين بالولاء لله ورسوله "ص" ، تلك التي لا يَعنيها سخط منْ يُرضيه الباطل منْ طبقة السّوقة والدهماء ومعهم المنقادين إنقياد الأعمى لرأي منَ الآراء وممّا ترك الآباء منْ عقيدة إبتداء .. أولئك ليست لهم القدرة في معرفة مقدار الحقّ منَ الباطل ، ولا تُميّزُ الخطأ من الصواب ... فمن يرى في نفسه شيء من تلكم الصفات ، لن يبلغ النهاية المنشودة في الإمساك بحبل الولاء لله ورسوله "ص" ومن إهتدى بهديهم.. وليكفي ناظريه عناء السفر فيما لا ينفعه ، ويبقى متمسّكا بخيوط العنكبوة ، والسير في دروب السّراب حيث ظمإ الأنفس الأبدي .. ولن يكون لها إرتوى إلاّ زُلالٍ عند حياض المصطفى وغدير المرتضى – صلوات الله عليهما وسلامه - .. حياض أعظم شخصيّة عرفتها الإنسانية لأكمل رجل في الكون عقلا وتدبيرا وحكمة وكمالا وعلما .. لا كما كتبهُ تاريخ السماسرة والأهواء حيث جعلوه عاجزا متناقضا ناسيا جاهلا ، ومحتاجا لمن يوجّهه ويرشده – صلى الله عليه وآله - .. ومن نسائه من يصوب أخطائه .. بل المتصفّح لتاريخهم ومجاميع حديثهم يرى المخازي التي تسيء لساحته المقدّسة بغيا من عند أنفسهم ومرضاة لسادتهم وأولياء نعمتهم.. فكانت الخيانة العظمى لتاريخ والأمة ، بل للإنسانية جمعاء . وها نحن نتجرّع غِبَّ ما أسّسوا من خيانات ونهيموا في ما أوجدوا من ظلمات .. – وقد نأتي على بعضها أثناء البحث -.. وبنفس الخطة المرسوم لطمس معالم الدين المحمّدي بالتعتيم والافتراء على شخصه الأقدس . كان لا بدّ لهم من شائن الفعل مع وصيّه الشرعي وعماد نهجه وباب مدينة علمه .. صاحب الغدير .. الإمام المرتضى – عليهما السلام - .. فتعالي بعد هذا الموجز من القول ، نُميط اللثام ، ونرفع الركام ، ونسقط القناع .. حتّى تُبدي لنا الحقيقةُ جمالها ، والرسالة جلالها ، والإنسانية كمالها . . ونستطرد لنستجلي حقيقة ابن الخطاب ونستكشف معالم صرحه المشيد من ولائد الغلو في الفضائل ، وما سوّلت لهم الأهواء والشهوات من نحت المناقب ونقش المكرومات .. و كان صاحبهم في تلك المخازي معاوية ، الذي أغدق عليهم صروح من فضائل و أوسمة في مقابل سبّ الإمام علي "ع" و استنقاصه و النيل من شيعته .. و قد جنّد لذلك جنوده من الوضّاعين و المتزلفين من الصحابة والتابعين على رواية الأخبار القبيحة في علي "ع" بعد أن استمال أطماعهم بأموال المسلمين .. ووضع قواعد شيّد عليها أسس التاريخ والسير النبويّة ، وبناء عليها أركان العقيد المحمدية .. ومنها :
.. ومنهم أبو هريرة الذي بلغت به قلّة الحياء والدين بأن يَجْثُ على ركبتيه في مسجد الكوفة ، ويدَّع زورا وبهتانا بأنّهُ سمع رسول الله "ص" يقول ": إن لكلّ نبي حُرمة ، وإنّ المدينة حرمي ، فمن احدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .. وأشهدُ أن عليّا أحدث فيها ..؟ فلما بلغ معاوية قوله ، أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة . .[1] "ولتكن لعنةُ الله على الكاذبين "..
* الضغائن تُورّث كما يُورّثُ المال :
..لذلك فكلُّّ ما عندنا من أحاديث في الفضائل تخصّ " الخلافة الراشدة " فهي من عند معاوية و بعينه . بعد أن منع عمر وقبله أبو بكر جمع الحديث والرواية عن رسول الله صلّى الله عليه و آله – [2] . و قد اقتفى أثر الخليفة جمعٌ و ذهبوا إلى منع عن كتابة السنن .. وهكذا أخليت الساحة لمعاوية فرسم للأمّة طريقها الذي ارتضاه لها .. واقتفت آثره أمراء بني أميّة ، ثمّ بني العباس .. وبذلك كانت الطامة الكبرى على التاريح والأمّة ..– وها هي تنعمُ في بركات غيّهم وضلالهم -- ..؟ ونحن مهما غضضنا الطرف و حملنا النفس على حسن الظن .. فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نثق بمن ناصب وحارب و سنَّ شتمَ أمير المؤمنين علي "ع" وأهل بيته الكرام على المنابر .. وكيف يؤتمنُ مثل معاوية على كتابة التاريخنا و سنتنا الشريفة ..؟ بل الواجب يحتّم علينا أن نأخذ الأشياء من منابعها الصافية و لن تكون دون أهل الكساء و سفينة النجاة - عليهم السلام – مع اعتمادنا في ذلك : هديُ القرآن وجعله حكما مع العقل في واقعية سليمة تأخذ بنا نحو روح الإسلام ومبادئه الشامخة بشموخ شخصيّة النبي الأكـــــرم – صلى الله وآله وسلم - . . . .": ... وقــــل الحـــــقّ من ربّك فمن شــــاء فليؤمـــــن ومن شـــاء فليكفــــــــــر ..:"
وحتّى اللقاء ، نستودعكم الله
والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أبو مرتضى عليّ
الفهـــــرس
1- على ما رواه الجاحظ في كتابه الردّ على الإماميّة : إنّ قوما من بني أميّة قالوا لمعاويّة ": يا أمير المؤمنين قد بلغت ما أملت فلو كففت عن هذا الرجل.:" فقال ": لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ولا يذكر له ذاكر فضلا ..:"
2- روى أبو الحسن المدائني في كتاب الأحداث : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام المجاعة أن برئت الذمّةُ ممن يروي شيئا في فضل أبي تُراب – عليّ "ع"-- وأهل بيته. فقامت الخطباء في كلّ كور وعلى كلّ منبر يلعنون عليّا "ع" ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته "ع" .. وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الأفاق أن لا يُجيزُ لأحدٍ من شيعة عليّ "ع" شهادة . وكتب إليهم أن أنظروا من قِبلكم من شيعة عثمان ومحبِّيه وأهل ولايته ، فادنوا مجالسهم وقرّبوهم واكرموهم .. فليس يجدُ إمرؤ من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة ، إلاّ كتب إسمه وقرَّبهُ وشفّعهُ فلبثوا بذلك حينا .. ثمّ كتب إلى عمّاله إنَّ الحديث في عثمان قد جهر وفشا في كلّ مصر وكلّ وجه وناحية . فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والشيخين ، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تُراب إلاّ وائتوني بمناقض له في الصحابة ، فإنّ ذلك أحبُّ إلي وأقرُّ لعيني وادحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدُّ عليهم من مناقب عثمان وفضله . فقرأت كتبه على الناس ، فرويت أحاديث كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها .. ووُجِّهَ النّاسُ في رواية ما يجري هذا المجرى حتّى أشْدوا بذكر ذلك على المنابر والقِيَ إلى معلّمي الكتّاب ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتّى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله .. 1-- شرح النهج ج4 ص63 و شيخ المضيرة أبو هريرة 236 وقبول الأخبار لأبي القاسم البلخي .. 2 -- كنز العمال ج 10 ص 292 و وجامع بيان العلم لإبن عبد البرّ 1 ص 77 ..
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم
على أعدائهم من الأوليـــــــــــن والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
يقول هارون الأمّة -- عليه االسّلام -- ": .. أنظروا أهل بيت نبيّكم فألزموا سمتهم واتبعوا أثرهم ، فلن يُخرجوكم من . هدى ، ولن يُعيدوكم في ردا ..:"
--- بحث في الخلافة " الراشدة "
ما أراد الله ورسوله .. وكرهته قريش وعمر ..
.. وعود إلى بدء لتصفُّحِ ما جاء به التاريخ وكتب السيرة والحديث من فضائل ومناقب - لو شاء الله لعمر أن يُبعث لأنكرها واستنكرها - ، لما فيها من مغالاة وتطاول على ساحة الرسول الأكرم "ص" ، بل وتجاسُر على قداسته – صلى الله عليه وآله – مثلُ فريتهم بأن رسول الله "ص" قال ": .. لو كان الله مهلكنا ، ما نجا إلآّ عمر ..:" ؟ لها الله وهكذا أخذتهم سُفنِ الأهواء عبر أمواج الضلالة وأعماق الباطل .. ظنّا منهم بأن شمس الحقيقة لن تُشرق يوما ، لتزيل ضباب الباطل وتقشّع من أفق العقيدة السمحاء عتمة الافتراء وما أوحت به شياطين الإنس والجنّ لبعضها من سفاسف القول أدّت بشيعتهم ومواليهم لتعصّب والتحجّر والجهل .. مع قلوب لا يفقهون بها وبصيرة عمياء وعقول ملئت غباء .. [ .. بل ها هم القتلة منهم يجددون تارات أسلافهم ، ويتّخذون من اسمه عنوانا للواء ضلالهم وبغيهم في بلاد الرافدين لمقاتلة الموالين لأهل البيت –عليهم السلام - .. فكما أرعب أسلافهم طفولة زينب والحسين "ع" بالهجوم على بيتهم .. فهاهم الأحفاد ينحرونها في بغداد الجديدة مستمدّين فتاوى الكفر والفجور من أئمة الضلال الأحياء منهم والأموات .. بل وحتّى الصلاة غدروا بها في مساجد المسيب ولاهور.. فإلى الله المشتكى .] وهذا في الواقع ليس بغريب على من قرأ التاريخ .. فقد جمع أسلافهم الحطب حول بيت الزهراء وعلي والحسن والحسين وزينب – سلام الله عليهم لإحراقهم بالنار..[*] . فالشيء من مأتاه لا يُستغرب .. فهم ذريّة بعضها من بعض ..والله المستعان عمّا يؤفكون .
ثم تعالوا بها لنبحث – ولو باختصار – فيما جاء به التاريخ عن عمر ولعمر من سيرة وأفعال . مع الاعتماد على ما اعتمدوا هم عليه في بناء شخصيته الوهمية من كتب ومراجع .. وعلى طالب الحقيقة أن لا يرُعنّهُ ما يراه من التهويـــل و الإرعاد و الإبراق في تلكم الكتب و المراجع ما دام الحكم بيننا كتاب الله تعالى و سنّة نبيه الصادق الأمين "ص" المجمع عنها . و منهما نجزم بأنّ الهدى و الضلال و السنّة و البدعة ليست موقوفة على جعجعات الأقوال من التأويلاتِ و التمحلات التّي ينصرون بها أفعال أوليائِهم - بل الهدى هديُّ محمّد و آله و السنّة ما هم عليه و من اقتدى بهديهــــم - و ما خالف ذلك فهو ضلال و بدعة و كلّ ضلالة في النار و نِعْمَ القول قولُ شيخنا السيد ابن شهــــاب :
إلــى الـــتــأويـل و الـتحـريــف لاذوا *** فــذا كـذب يـريـــك و ذا خـــداع
و خـــالـــوا ان فـي الــتـمـويــه فـوزا *** و ان الــحــقّ يــشـرى أو يـبـاع
لـئـن كـان اقــتـفـــاء كـتـــاب ربــــي *** و ســـنـــة مـصـطفــاه و الاتباع
ضـــلالا و ابـــتــداعًـــا ان ديـــنــــي *** و ان رغـــموا ضـلال و ابتـداع
.. ونجعل بحثنا على ثلاث أجزاء :
-- 1 -- من إسلام عمر إلى هجرته .
-- 2 – من المدينة إلى وفاة الرسول الأكرم "ص"
– 3-- ومن السقيفة إلى وفاته . و باسم الله أبدأ من:
** الأحاديث عن إسلام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وقول الرسول الأعظم :صلى الله عليه وآله وسلم -- ..
-- أوّلا ": اللهم أعزّ الإسلام بعمر .. أو أيد الإسلام بعمر .:"[10]
-- ثانيا":عن ابن عمر قال : أنّ "ص" قال ": اللهم أعزّ الإسلام بأحبّ الرجلين إليك .. بأبي جهل أو بعمر ابن الخطاب قال : وكان أحبُّهما إليه عمر ...[11]
-- ثالثا ": قالوا أنّ إسلام عمر كان فتحا ، وإنّ هجرته نصرا ، وإنّ إمارته كانت رحمة ، وإنّهُ لمّا أسلم قاتل قريش حتّى صلى المسلمون عند الكعبة .. [12] وقد استغرب الترمذي هذه الأحاديث ، رغم تصحيحه لبعضها ..؟ ولكن هل من مُسائل واضع هذه الأحاديث بما تكون عزّة الفرد ..؟ لنكفيه عبأ الإجابة .. وإنّي وإنْ لا يروقني خدشُ عواطف الرجل بذكر مواقف جبنه وذلّته لكن لن أرضى لنفسي بأن تقف موقف الغباء و التغافل أمام كلّ كبيرة موبقة بدعوى حُرمةِ الصحبة و شعار الصحابة .. [ و إن كانت الفخر كله لو صحّت لصاحبها مع الإلتزم بشرطها و شروطها ...] ألَا ترى أنّ للكعبة و للمسجد حرمة و كذلك للعاملين فيها من سدنةٍ و خدم و من هو بداخلها .. لكن لو أحد من هؤلاء بال فيها أو أحدث عمدًا ، أو سرق أمتعة المصلين .. هل تبقى له حرمة و إن كان بداخلها ، و من ظنّ أنّه يلزمنا احترامه لحرمتها بعدما ارتكب تلكم المعاصي ..
فهو في أقصى درجات الغباوة و أشدّ مراتب العناد و المراغمة و إتباع الهوى.
" و من أظلم ممن إتبع هواه بغير هدى من الله إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين "
... غير أنّي أرى الدفاعة على ساحة الرسول الأعظم "ص" أجلّ وأقدس ، فأقول ": من المتعارف عليه عند العقلاء ، بأن العزّة تكون بالعشيرة ، أو بما يمتلكه ذاك الفرد من شجاعة وشهامة وفضل ومال ... ثمّ ننظر ماذا يمتلك عمر من هذه الصفات والكماليات .. قبل البحث بالسند المفتعل ..
• دع عنك : أظنُّ ، وأحسبُ ، وأرى ..:
-- هذا الأحاديث وحسب مقاييس العقلاء .. لا تصح بل نُجزم بعدم صحّتها وذلك لوجوه :
-1- لأنه لا يمكن بأي شكل أن تكون عزّةُ الإسلام في من ليس له عزّة في نفسه وعشيرته ، - والتي يبتغيها الإسلام في بداية ظهوره - .
-2- لم تكن لعمر مواقف تنمّ على شجاعة أو إباء .. وهذا ابنه عبدا الله يصف حاله عند إعلان إسلامه على ما رواه البخاري في صحيحه حيث يقول ": بينما عمر في الدار خائفا ، إذ جاءه العاص ابن وائل السهمي ... إلى أن قال ": ما بالك .؟ قال ": زعم قومك أنهم سيقتلوني إنْ أسلمت .:" قال : لا سبيل إليك . بعد أن قالها أمِنْتُ .. ثم ذكر إرجاع العاص الناس عنه . وأضاف الذهبي قول عمر ": فعجبتُ من عزّه :"13
فمن يُهددهُ الناس بالقتل ، ويخاف ويختبئ في داره .. فلن يكون عزيزا ولن يُعتزَّ به .. بل عكرمتهم الذي هو من أفاضل التابعين و الثقات الممدوحين ، قد كذّب هذا الحديث و غلّطه ، و عاذ بالله من التقول بهذا اللفظ و نسبته إلى رسول الله صلّى الله عليه و آله ، و إن لم تصدقني ، فانظر الى الدرر المنتثر للسيوطي ، حيث قال فيه بعد ما سبق من تعديد حديث رواة حديث اللهمّ أعزّ الإسلام :
«... عن عكرمة أنّه سئل عن حديث : ( اللهمّ أيّد الإسلام بعمر ) فقال : معاذ الله ، الإسلام أعزّ من ذلك ، و لكنه قال : ( اللهمّ أعزّ عمر بالدين أو أبا جهل ) .
-- ومن طريف ما رواه الزمخشري من أنَّ ابن مُدركة أغار على سرح قريش في الجاهلية ، فذهب به ، فقال له عمر في خلافته ": لقد إتّبعناك تلك الليلة ، فلو أدركناك .؟ فقال لو أدركتني لم تكن للنّاس خليفة .:"[14] ..
وقد أمهلناه لسنين طويلة في صحبة رسول الله "ص" وآيات كتابه الكريم عساه يتلقف من نبعيهما الزلال نفحات عزّة وبصمات كرامة .. " والعزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ." لكن الطبع غلب التطبّع .. وكانت حادثة الحديبية حينما أراد رسول الله "ص" إرساله إلى أشراف قريش برسالة تتعلّق بأمر الذي جاء له ، فرفض ذلك وقال "ص" إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عديّ أحد يمنعني ..[15]"
هذه بعض شواهد على بأسه وشجاعته .. وأمّا سمو فضله وقدره بين قومه وعشيرته لا يقل شأنا عليها .. على ما جاء في المأثور من كتب أولياءه . -- خطب لنفسه أو لإبنه – حسب الروايتين - بنت نعيم اللحّام ، فردّه نعيم ، وقال له ": لا أدعُ لحمي تُرابا .:" وزوجها النعمان بن عدي بن نضلة .[16]
-- كما كان ردحا من الزمن يرعى الإبل في واد ضجنان – بمكّة – يُرعب ويُتعب إذا عمل ، ويُضربُ إذا قصّرَ [17].
-- وكان مدّة يقف في سوق عكاض وبيده ترع الصبيان به ، وكان يوم ذاك يسمّى عُميْرا .. [18] .
-- وكيف يُعزُّ الإسلام بعمر وقد كان عسيفا ومستهانا به مع الوليد بن المغيرة .. بل لم يكن يوما سيدا في قومه .. [19] أبمثل هذه الملكات تُصان عزّة الإسلام أم بهذه النفسيات تُرفع المقامات .. حتى وإن كانت الرسالة الخاتمة تسير في طورها الأول وكأنّها تحبو ، فلسيت بمثل عمرتمتلك القدرة لتعدو دون أن تتمكّن من صدّها حصون الشرك أو تُثنيها مؤامرات بيت الندوة .. بل بمثل شيخ الأبطح أبو طالب –رض- ، أو حمزة أسد الله ورسوله ، أو صهره وأخاه عليا سيف الله الغالب .. لكن حينما تحكم الأهواء تُفقد موازين القسط ... " إن يتّبعون إلاّ الظنّ وما تهوى الأنفس .. ولقد جاءهم من ربّهم الهدى ."
وإلى لقاء ، نستودعكم الله والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمـــــــــا ..
الفقير لدعائكم أبو مرتضى عليّ
الفهـــــرس
[*] -- أحداث نتناولها بالتفصيل في الأجزاء القادمة - إن شاء الله - .
9-- لنا معا حديث مطوّل في الجزء الثالث – إن شاء الله تعالى - ..
10و11و12و13 – البدء والتاريخ ج5ص88 . جامع الترمذي ج3ص315 . البداية والنهاية لإبن كثير ج3ص79 . تاريخ الإسلام لذهبي ج2ص102 . وتاريخ الخميس والسيرة الحلبية وسيرة ابن هشام ومسند أحمد .. وغيرها كثير.
الدرر المنتثرة للسيوطي : 19 .
14-- ربيع الأبرار للزمخشري جص707 .
15- البداية والنهاية ج 3 ص 168 و عن ابن إسحاق وحياة الصحابة ج2 ص
16 -- نسب قريش لمصعب الزبيري ص380 .
17-- الإستعاب لإبن عبد البر ج2ص428 . الرياض النظرة ج2ص50 . تاريخ أبي الفداء ج1ص165 .
18 -- الإستعاب بهامش الإصابة ج4 ص291 والإصابة 29 .
19 -- المنمّق لإبن الحبيب ص 147 وشرح النهج ج12ص183 ..
التعديل الأخير تم بواسطة أبو مرتضى عليّ ; 18-05-2010 الساعة 08:29 PM.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والله ما خابت من أنجبت مثلك
نبارك لك أخي أبو مرتضى علي و لنا
ركوبك سفينة النجاة ودخولك باب حطة
وأسأل الله لك و لنا الثبات على ولاية
أهل بيت خير من وطئت المعمورة قدمه
صلى الله عليه و آله الطيبين الاخيار