العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

خادم الشيعة
عضو فضي
رقم العضوية : 21699
الإنتساب : Aug 2008
المشاركات : 1,600
بمعدل : 0.26 يوميا

خادم الشيعة غير متصل

 عرض البوم صور خادم الشيعة

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي التناسب بين الذنوب والعقاب الأخروي 1
قديم بتاريخ : يوم أمس الساعة : 12:37 PM


لتناسب بين الذنوب والعقاب الأخروي
التناسب بين الذنوب والعقاب الأخروي 1
قد يستشكل البعض بأنّ العقوبة الأُخروية قاسية من حيث الكميّة والكيفية ، وطويلة من حيث المدّة بحيث لا يوجد تناسب بينها وبين مخالفة الإنسان لأوامر ونواهي اللّه تعالى ، وهذا مما لا ينسجم مع العدل الإلهي.
جواب هذا الإشكال:
إنّ الإجابة على هذا الإشكال تتطلّب بيان أنواع العقوبة التي تنقسم إلى عدّة أنواع.

أنواع العقوبات
أوّلاً : العقوبة الاعتبارية 2:
وهي العقوبة التي تقنّن ، ليكون أثرها الردع عن ارتكاب المخالفة ، وتكون هذه العقوبة من قبيل العقوبات الجزائية المنتشرة في المجتمعات البشرية والموضوعة بواسطة التقنين الإلهي وغير الإلهي.

فائدة العقوبة الاعتبارية
الردع عن ارتكاب المخالفة والحيلولة دون تكرارها من قبل صاحب المخالفة أو من قبل غيره.

التناسب بين المخالفة والعقوبة الاعتبارية
لا يخفى أنّ الضرورة توجب وجود التناسب بين العقوبة الاعتبارية وبين المخالفة ، لأنّ الهدف من هذه العقوبة هو الردع عن ارتكاب المخالفة، وليس الهدف منها التشفّي والانتقام ، ولهذا ينبغي أن يراعي المقنّن لهذا النمط من العقوبة جانب التناسب بين المخالفة والعقوبة.
تنبيه:
إنّ العقوبة الاعتبارية الرادعة تكون نافعة في الحياة الدنيوية فقط ، وهي غير نافعة في الحياة الأُخروية أبداً، لأنّ الحياة الأُخروية ليست دار عمل حتّى يكون المقصود من معاقبة فاعل القبيح أن لا يرتكب القبيح مرّة أُخرى.
ثانياً: العقوبة السببيّة:
إنّ اللّه تعالى جعل نظام الأسباب في هذا العالم ، بحيث يكون لبعض الأُمور والأسباب أثر وضعي يناله الإنسان عند تخطّيه لحدود هذا النظام.
مثال:
1 ـ إنّ اللّه تعالى خلق النار سبباً للإحراق ، والشخص الذي لا يبالي بهذا النظام السببي ويضع يده في النار ، فإنّه سيصاب بالأذى، ويكون هذا الأذى عقوبة له إزاء مخالفته لهذا النظام.
2 ـ إنّ تناول الإنسان للسم يؤدّي ـ وفق نظام الأسباب ـ إلى تسمّمه أو موته ، لأنّ التسمّم أو الموت أثر وضعي ونتيجة طبيعية لشرب السمّ ، وكلّ من لا يراعي هذا الأمر ، فهو لا ينال سوى عقوبة مخالفته لنظام الأسباب.
تنبيه:
إنّ القاعدة الأساسية الحاكمة على العقوبة السببية هي العلّة والمعلول ، فالنار وشرب السم علّة، والاحتراق والتسمّم أو الموت معلول لهما، وإذا جاءت العلّة التامّة فإنّ المعلول يأتي تبعاً لها بصورة قاطعة.

التناسب بين المخالفة والعقوبة السببية
إنّ العقوبة السببية التي ينالها الإنسان نتيجة تجاوزه لنظام الأسباب ليست عقوبة اعتبارية وقانونية حتّى يقال لابدّ من مراعاة التناسب بين المخالفة والعقوبة، بل إنّ لهذه العقوبة أثراً وضعياً يعمل وفق نظام الأسباب الذي جعله اللّه تعالى في هذا العالم.
بعبارة أُخرى:
إنّ مسألة التناسب بين المخالفة والعقوبة تتعلّق بالعقوبة الاعتبارية التي تكون فيها العلاقة بين المخالفة والعقوبة علاقة اعتبارية واتّفاقية.
وأمّا إذاكانت العلاقة بين المخالفة والعقوبة علاقة واقعية ، فلا يكون مجال للحديث عن مسألة التناسب بين المخالفة والعقوبة، لأنّ العقوبة فيها تكون نتيجة لازمة للعمل.
مثال:
1 ـ إنّ من الخطأ أن يقال حول من يشرب السم فيموت: إنّ هذا المسكين قد ارتكب مخالفة لمدّة خمس دقائق، فلماذا عوقب بهذا العقاب القاسي الذي أدّى إلى موته ؟
2 ـ إذا قيل لشخص: لا تلق بنفسك من قمّة الجبل وإلاّ سيكون جزاؤك الموت ، فإنّه لا يحق له الاعتراض قائلا: ما هو التناسب بين معاندتي وهذا الجزاء الشاق.
3 ـ إنّ غفلة السائق لحظة واحدة قد تؤدّي به إلى أضرار فادحة تدوم مدّة العمر، والعمل هنا يتمّ فترة وجيزة ولكن العقوبة تكون دائمية ، ومع هذا لا يصح القول بأنّ العقوبة لماذا لا تناسب المخالفة في هذا المجال ؟
ثالثاً: العقوبة التكوينية:
ترتبط العقوبة الأخروية بالذنوب ارتباطاً تكوينياً ، وهذا الارتباط أقوى من العقوبة التي ذكرناها في القسم السابق، بحيث لا تكون فيه الصلة بين المخالفة والعقوبة مثل العقوبة الاعتبارية ولا مثل العقوبة السببية، وإنّما تكون الصلة بينهما صلة "الاتّحاد".
معنى ذلك:
إنّ الثواب الذي يجده المحسن في الآخرة عبارة عن تجسيم لأعماله الحسنة التي قام بها في الدنيا.
وإنّ العقاب الذي يجده المسيء في الآخرة عبارة عن تجسيم لأعماله السيئة التي ارتكبها في الدنيا.
الشواهد القرآنية:
1 ـ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ... ﴾ 3
2 ـ﴿ ... وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ 4
3 ـ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ 5
4 ـ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ 6 أي: إنّ الذين يأكلون مال اليتيم ظلماً، فهم ـ في الواقع ـ يأكلون ناراً، ولكنهم لا يدركون هذه الحقيقة في هذه الدنيا، وبمجرّد انتقالهم إلى عالم الآخرة سيجدون النار في بطونهم.
5 ـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ... ﴾ 7 أي: سيحصد الإنسان في الآخرة ما زرعه لنفسه في الدنيا، ولهذا ينبغي أن يكون الإنسان حذراً فيما يقدّمه لآخرته.

النتيجة:
إنّ الجزاء الذي يحصل عليه الإنسان في الآخرة تجسيم لأعماله التي قام بها في الدنيا، وإنّ النعيم والعذاب في الآخرة هما نفس العمل الصالح والسيء الذي قام به الإنسان في الدنيا.
تنبيه:
إنّ القول بتجسيم أعمال الإنسان لا يعني حصر النعيم والعذاب الأخروي في هذا المجال وإنكار جنة ونار منفصلتين عن وجود الإنسان وعمله ، لأنّ النصوص الدينية تبيّن بوضوح بأنّ لكلٍّ من الجنة والنار وجودين مستقلين يرد إليهما الإنسان حسب أعماله.

التناسب بين المخالفة والعقوبة التكوينية
إنّ العقوبة التكوينية التي يجدها الإنسان في الآخرة لها علاقة تكوينية بالمخالفة التي ارتكبها في الدنيا، وهذه العقوبة عبارة عن حضور نفس المخالفة يوم القيامة ، فلهذا لا يوجد مجال للبحث حول التناسب وعدمه في هذا النمط من العقوبات التي هي عين المخالفة وتجسيم لها.

الغرض الإلهي من العقاب الأخروي
تبيّن مما ذكرناه في مبحث التناسب بين المخالفة والعقاب الأُخروي، أنّ السؤال حول الغرض الإلهي من العقاب الأُخروي غير صحيح، لأنّ العذاب الأُخروي أثر وضعي للأعمال القبيحة التي ارتكبها الإنسان في الدنيا، وهو عبارة عن حضور نفس العمل القبيح يوم القيامة.
بعبارة أُخرى:
إنّ العقوبة الأُخروية تجسيم للذنوب والمعاصي التي ارتكبها الإنسان في الدنيا ، وهذه العقوبة نظير احتراق يد من يضع يده في النار فتحترق ، فكما لا يصح السؤال عن غرض هذا الاحتراق ، فإنّه لا يصح السؤال عن غرض العقاب الأُخروي ، وقد قال تعالى:﴿ ... وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ 8 9.



1. انظر: العدل الإلهي، مرتضى المطهري، ترجمة محمّد عبد المنعم الخاقاني: الفصل السادس: الجزاء الأخروي، ثلاثة أنواع من المكافأة ، ص255 ـ 270.
2. إنّ المقصود من "الاعتبار" في هذا المقام هو أنّ العلاقة بين المخالفة والعقوبة هنا "جعلية" ، بحيث يتم الاتّفاق عليها، وليست العلاقة هنا "واقعية" أو "حقيقية".
3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 30، الصفحة: 54.
4. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 49، الصفحة: 299.
5. القران الكريم: سورة الزلزلة (99)، الآيات: 6 - 8، الصفحة: 599.
6. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 10، الصفحة: 78.
7. القران الكريم: سورة الحشر (59)، الآية: 18، الصفحة: 548.
8. القران الكريم: سورة العنكبوت (29)، الآية: 40، الصفحة: 401.
9. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.


توقيع : خادم الشيعة
ليس كل من يطلب العدل فهو عادل

متى يأتي العدل كله على ظلم كله
من مواضيع : خادم الشيعة 0 جدة
0 الهداية الإلهية في عالم الخلايا
0 حرمة التكسب بالمثيرات الجنسية
0 ثقافة علم النفس
0 فقه المظاهرات
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 12:25 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية