بعد الأفطار توجهت هناء الى النوم و بقيت أم صالح مع أفكارها
: ليش هربت ؟ و أصلا لو بقيت هناك مع هناء ما راح يعرفنا !!؟؟
و مستحيل يعرف بنته بس أني ما أتحمل أشوفه أحسن لي أقوم لمكينتي عن هالافكار الي تعذب
و بعد ساعات ...
ياسين : بنتي وشو فيش ؟
أم صالح : ما فيني شي ، يبى عن اذنك بروح أجيب صالح من المدرسه ... تبي شي ؟
الأب : مشكورة يابنتي و انتبهي لنفسج
أم صالح : ان شاء الله
و في وقت الغداء ...
صالح : يمه
أم صالح : نعم حبيبي صالح
صالح : يقول الاستاذ بكره مجلس الآباء
عند هذه اللحظة شعرت أم صالـح بأن رأسها بدأ بالدوار و صوتها أبى الخروج فانسحبت من بين تلك العيون التي كانت تراقبها
هناء : صالح وشو فيها امي ؟
الجد : صالح كم مرة قلت لك لا تتكلم ع الغدا
قال صالح بحزن : آسف جدي
و ابتعد عن مائدة الغداء بحزن
الجد : لا تروح لأمك
أومأ صالح رأسه بالإيجاب
هناء : جدي عادي أروح لأمي ؟
الجد : هنوءه اذا انتين قمتي أنا ما باكل
هناء : خلاص جدي ما بقوم أكل زين عشان تصير قوي
ارتسمت ابتسامة على ذلك الوجه التعب من تلك الكلمات البريئه ... التي لم تدرك ما هي الدنيا ؟ وما فيها من آلام
ضمت أم صالح دمية هناء إلى صدرها و أجهشت بالبكاء كانت تضن نفسها قويه تستطيع نسيان الماضي و الهروب منه و لكنها أضعف مما كانت تتصور فالهروب هو حلها لأنها أضعف من أن تواجه طفليها بحقيقة والدهم و بكل تلك الأيـام فهي لا تريدهم أن يكرهوه و لكن ماذا تقول لهم فإن كانوا الآن أطفال فلن يبقوا هكذا هي تشعر بأنها مخطئه لأنها فكرت بإبعادهم عنه..
و لكنه لم يحاول حتى ولو لمرة واحدة ان يراهم ,رحل وتركني اصارع الأمرّين
و بقت على هذا الحال لوقت طويل إلى أن سمعت طرقات متكررة على الباب بخفة
مسحت أم صالح دموعها التي لازالت محفورة على خديها و قالت : تفضل
هناء : ماما اشفيج ... كنتي اتصيحي صح ؟
ابتسمت والدتها لها و قالت : لا حبيبتي ما فيني شي لا تخافي
هناء : ماما أخوي صالح يبي يدخل عادي ؟
أم صالح : أكيد عادي وليش ما يدخل ؟
اتجهت هناء إلى الباب مسرعة ممسكة ً بيدي أخيها
قبّل صالح رأس والدته و قال : ماما أنا آسف اذا ضايقتك
جرت دموعها على خديها مرة أخرى بضعف شديد لم تكن تريد أن يرى أطفالها دموعها فيشعرون بضعفها و لكن هطلت دون ارادتها
فأخذت صالح الى حظنها و هي تبكي و تتمتم بكلمات لم يفهم صالح
و لا حتى هناء
أم صالح : حبيبي أني ما أقدر أزعل منك و أنت ما قلت شي
صالح : عجل ليش زعلتي و قمتي من على الغدا ؟
أم صالح : اني كنت شبعانه وقمت
و ابتسمت لتطمئنه
أم صالح : ها صلوح وش كنت تبي ع الغدا ؟
حاول أن يتكلم ولكنه خشى ان تبدأ والدته بالبكاء مرة أخرى فبدأت هناء بسؤال أمها
ذلك السؤال التي لاطالما حاولت الهروب منه
هناء : ماما اني عندي بابا مثل الكل؟
كانت تعتقد منهم هذا السؤال في أي لحظة و لكنها بقيت في حيرة لتجد الإجابة الكافية
أم صالح : و أبوج ياسين
هناء : ماما يعني الحين ما عندي بابا الا جدي ياسين
أم صالح : تقدري تقولي كذا
صالح : مستحيل هالشي الكل عنده أبو الا أحنا لييييش؟
نظرت هناء في حيرة فهي لا تزال طفلة تحاول أن تفهم و لكنها لم تستطع فهي تعلم بأن والدتها غامضة و لم يسبق و أن أجابت على أسألتهم بوضوح
أم صالح : ماما هناء روحي لجدك تحت زين
حملت هناء دميتها وقالت : ان شاء الله ماما
رأت أم صالح طفلها أمام كتبه و أوراقه فجلست بالقرب منه و مسحت على رأسه بحنان
أم صالح : تعال حبيبي لحضني
كأنه لم يصدق أن سمع منها هذه الكلمة فارتم في حضنها بسرعة و أخذت دموعه بالجريان
أم صالح : صالح أنت و أختك دنيتي كلها ما أقدر أزعلكم أبد
أكيد عدكم أبو بس ابوكم بعيييييد و أكثر من الي تتصوره
فمتهني حبيبي
صالح : فهمت يمه
أم صالح : و مجلس الآباء أني بتصل ع المدرسة و بسأل عنك و يا ويلك ان قالوا ولدج شيطان ( و قرصت خده بخفه ) فهمت
صالح : ههههه أي فهمت
صالح : يمه انا بكبر بسرعة و بشتغل
عشان تقدري تنامي و لا يحتاج تتعبي وتشتغلي
قالت أم صالح بين دموعها : الله يخليك لي ولا يحرمني منك يا صلوح
تمضي الأيام مسرعة فتبدأ سنه و ترحل أخرى والطفلة الصغيرة المدللة أصبحت أما ً لطفل جميل جدا ً أسمته ياسين كإسم جدها الذي رحل عن الدنيا في أثناء مجيء الطفل ياسين لهذه الدنيا الفانية
و أما صالح فصراعه دائم مع الحياة فيوم له و يوم عليه فهو يعمل ليعيش مع والدته وكذلك يدرس في أحد الجامعات ليصبح طبيباً
أمـا أم صالح فشعـور الوحدة يرافقها حيث أن والدها رحل و هناء أصبحت لديها حياتها الخاصة فلم يبق لها إلا صالح مع أنه يقضي معظم وقته خارج المنزل بين عمله و دراسته
أم صالح : هلا والله بولدي ... تعال يمه أجلس
جلس صالح بجانب أمه بعد أن قبل رأسها و قال :
هلا فيش يا الغاليه ... عساج بخير يمه
أم صالح : أكون بخير لو تترك عنك هالشغل و تلتف لدراستك
صالح : يمه انا بتكلم بس ما أبي تتضايقي انا مستحيل أترك الشغل كفايه عليج العذاب و التعب و السهر طول السنين اللي طافت
تبيني الحين أتركه طول عمري أبي أكبر بس عشان أريحج يمه انتي ضحيت عشانا و انا ما اقدر أجازيج على أي شي تسويه بس خليني أريحج ...
أم صالح : مثل ما تبي ... بس تأكد ما عمري ندمت على اللي صار
لأنه انتو أكبر نعمه جت لي و من واجبي أدافع و أحافظ عليها