العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 01-04-2009 الساعة : 06:31 PM



كل شيء كئيب ، الفصل الدراسي و المدرس الأبله الذي جاء بشهادة أنه أجنبي ، المحاولات البهلوانية التي يفعلها لتضيع الحصة ، الضحكات المنطلقة بلا معنى هنا وهناك ، العيون التي تسترق النظر لوجه "حسن" و هو ساهم الفكر ، أصعب أمر هو أن تشعر بأن الآخرون يحملون لك الشفقة في نظراتهم ، يود لو يكسر ذلك الوضع و يود لو يبقى ، الموت الرهيب يخرس الألسن و يكتم الأنفاس ، أن تتصور ذلك الشاب الحيوي الذي يتنقل في أرجاء الأوريا و قد اختطفه من لا يرجعه ، ثم ترى من يلازمه في الذهاب و الإياب فيتولد عندك شعور بالحزن ، انتهت الفترة الثانية و حصة الرياضيات فبدأت ساعتان من الفراغ ، كان "حسن" عملي جدا ، من القلائل الذين يعدون الوقت من ذهب فلا يفوته أن يقسم ذلك الوقت إلى نصف ساعة فطور و تأمل و ساعة من الاستذكار و إكمال الواجبات و نصف ساعة للصلاة و التنقلات ، كانت الساعة الحادية عشر هذه المرة مختلفة ، كان قد اعتاد على أن لا يلتفت يمينا أو شمالا يخرج حاملا كتابين هزيلين جدا و يجدّ الخطى صوب البوفيه ، أما اليوم فقد رفع رأسه والتقت عيناه بأعين أبناء البلد ، كان يقرأ الحزن و الشفقة و يجرع الحزن و الغصة و المرارة ، لم يجرؤ أحد أن يحدثه أو يربت على كتفه معزيا ، المسافة بينه و بين الآخرين متسعة ، عندما دخل البوفيه كان الصخب عاليا جدا ، النكات و الضحك و الإستهزاء و ما أن أطل من بابها الغربي حتى حلّ الصمت كأن ملك الموت قد مرّ عليهم ، الهدوء و الحزن و الأسى و الأعين المتشفقة التي تشيعه إلى الركن الأعزل ، لم يضع الكتابين على الطاولة بل رجع أدراجه ليخرج من الباب الذي دخل منه و يضغط على زر استقطاب المصعد ، كان يفكر في حالة الهدوء الذي أصاب القوم ، لاحظ أنه لا يوجد في البوفيه سوى أهل القطيف فقط ، ربما لأنها و قاعة المذاكرة المأوى الوحيد لهم بعد أن تنكرت لهم غرف السكن و منعوا من السكن داخل الحرم الجامعي ، الروايات تدعي أن القصد من منعهم عن السكن هي مخطط للتقليل من كثافتهم فوق الجبل رغم أن السبب الظاهري هو عدم اتساع السكن لاحتواء الطلاب جميعهم ، طلاب السنة التحضيرية من خارج القطيف ينقسمون إلى قسمين رئيسين ، الأول هم من يدرسون دون الحاجة للدراسة أو من جذبتهم مظاهر المدينة الجذابة و هؤلاء يقضون تسكعهم في مجمع الراشد التجاري ليغذوا أنظارهم بالأجنبيات أو في القهوة ليغذوا أنفاسهم بأنواع التدخين ، القسم الآخر هم من يسمون بآلات دراسية بحتة ، يخرجون من الغرفة للدراسة و يخرجون من الدراسة للغرفة ، لا وقت للمظاهر أو العلاقات أو غيرها ، أما أهل القطيف فينقسمون إلى ثلاث مجموعات ، مجموعة تتسكع في البوفيه لتعرف الداخل و الخارج ، و مجموعة تتسكع في قاعة كبيرة في الطابق الرابع خصصت للمذاكرة حيث يتسنى لهم نسخ الواجبات المنزلية و العبث و المزح و التنذر على الآخرين ، المجموعة الثالثة فتجلس لتفطر في البوفيه ثم تصعد لتذاكر في القاعة وهؤلاء لا يتعدون عدد الأصابع أحدهم "حسن" الذي أخرس بدخوله القاعة كل من فيها و تكرر مشهد الشفقة في الوجوه فخرج حزينا لا يلوي على شيء ، كان يسمع الحوار و هو خارج :
- مسكين
- الله يربط على قلبه...
- كان ظله الذي يمشي معه...
- أتمنى أن أستطيع مواساته...
- انتبهوا... أشعر أنّه سمعكم... لقد خرج بسبب نظراتكم...
- لم نضربه على رجليه... خرج بنفسه...

كانت هذه آخر كلمة سمعها و المصعد يهبط به إلى الأسفل ، خرج من مبنى المكاتب ليتجه صوب الفصول الدراسية ، نقل بصره يمينا شمالا من بداية الجهة الشرقية الواقعة بالقرب من مبنى الورشة متجها إلى الغرب ، في منتصف ذلك المبنى وجد غرفة فاضية فدخل فيها و أغلق الباب و جلس على كرسي المدرس ثم فرش كتبه و بدأ يراجع كتاب المفردات ، كانت هذه عزلة على عزلة بدأها ذلك اليوم لكنه قرر أن ينفتح قليلا على المجتمع لوقت الحاجة...
مراهقة

منطقة البحر مزيج راقي من العلم و العبادة ، في قلبها تتجمع المدارس و تتناثر ، كما تجتمع الحسينيات و المساجد و تتزاحم ، في الجزء الشرقي من ذلك القلب تقع حسينية السنان و إلى شرقها مدرستي ذات الصواري الابتدائية و ابن كثير المتوسطة ، و على بعد أمتار يقع مجمع من مدارس البنات ، الغريب في الأمر أن المدارس قسمت إلى ابتدائية و متوسطة و ثانوية لأسباب عدة أحدها فصل الطفولة عن المراهقة لكن المراهقة و الطفولة يلتقيان كثيرا في مدرستي ذات الصواري و ابن كثير ، الأغرب هو فصل الجنسين عن بعضهما ثم تركهما يختلاطان كيفما يشاءان عند الانصراف...

عندما أصرّ "حسين" على التسجيل في مدرسة ابن كثير المتوسطة بعد تخرجه من الابتدائية رغم قرب النموذجية المتوسطة من منزله كان يبحث عن أصدقائه الذين اتفقوا على الذهاب لمدرسة ابن كثير ، كان ينتمي لمجموعة من الأصدقاء الذين يتنافسون على المراكز الأولى و كان يأمل أن يكمل مسيره في المتوسط و الثانوي كما كان في الابتدائية ، لكن الأحلام البريئة قد تبدل مع نهاية الصف الأول المتوسط عندما استلم النتيجة و لم تتجاوز التسعين نسبة مئوية إلا بفاصلة واحدة ، و عندما غاب عن أول يوم دراسي في الصف الثاني المتوسط شغرت كل المقاعد الأمامية فوجد نفسه يقبع في آخر مقعد إلى جوار طالب ألف هذا الفصل منذ أعوام ، كانت هذه نقطة التحول في حياة "حسين" و تبدلت أحلامه تماما ، لم يعد الطالب الذي يطمح في إحراز العلامة الكاملة بل أصبح همه المتعة و السعادة و السيارات ، و افترق عن الأصدقاء الذين سجل في المدرسة من أجلهم ، و في الوقت الذي ظل أصدقاؤه السابقون يتنافسون على المراكز الأولى ، نجح في الصف الثاني المتوسط بتقدير "جيد" ، أما في الصف الثالث فقد اختار لنفسه الركن الأيمن في مؤخرة الفصل إلى جانب "عصام" و "ممدوح" ، كان "عصام" قد قضى سبع سنوات متفرقة في المدرسة ، ففي الصف الأول أمضى عامين بسبب الإنجليزي و في الصف الثاني أخفق في جميع المواد ما عدا الرياضة حيث حقق علامة النجاح - 50 درجة – ثم أعاد الكرة و حقق تقدما في جميع المواد ما عدا المواد الإسلامية و الانجليزي و الرياضيات ثم نجح بمعدل 75 في المائة في السنة الثالثة ، عندما دخل الصف الثالث لم يعد يهتم بالنجاح ، فقد كان أحرص على التسلي بالعبث مع المدرسين ، أما "ممدوح" فهو في سن "حسين" تقريبا ، لم يخفق في مراحله الثمان السابقة ، لكنه لم يهتم بدراسته طيلة السنوات الثمان السابقة أيضا ، كان يعتمد المقولة التي يعشقها الشباب دائما "فلها و ربك يحلها" ، و الحق أنه نجا من عدة إخفاقات خلال الثمان سنوات السابقة ، و تكونت جماعة جديدة همها الأكبر المتعة ، و عندما كان "عصام" يملك سيارة "سيليكا" مصنوعة في بدايات الثمانينات الميلادية ، كان "ممدوح" و "حسين" يحلمان بسيارات تماثل سيارة "عصام" ، بل أن الحديث عن محاولات "ممدوح" لشراء سيارة ولّد في نفس "حسين" الرغبة الجامحة في شراء سيارة ، فتارة يتعلل ببعد المدرسة و أخرى يتحدث عن أسعار السيارات أمام أمه ، و لم تكن المرة الأخيرة عندما غضبت "أم حسن" إلا تصعيدا من "حسين" بعد تحريض رفيقيه...


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 03-04-2009 الساعة : 01:41 AM



لم يعد "حسين" إلى المنزل بعد خروجه يوم السبت ،بل اتجه إلى الساحة الترابية المطلة على شارع الحب و التي يقابلها سلسلة المطاعم ، كانت سيارة "عصام" السيليكا في سباتها تحت الغطاء القطني الناعم ، فأيقظهاالأصدقاء الثلاثة "عصام" و "ممدوح" و "حسين" برفع الغطاء الدافئ ، أدار "عصام" المحرك و أشعل سيجارته في انتظار دفئ السيارة ، و لم تنتهِ السيجارة حتى انتظمت السيليكا في شارع الحب متجهة نحو الجنوب ، انعطفت شرقا لتخترق الجموع المتجمهرة أمام مدرستي الشاطئ الابتدائية و المتوسطة النموذجية ،ثم تنقلوا بين القرى و في كل منعطف كانت العجلات تصدر صوتا يكاد يصم الآذان...

عند الساعة الرابعة عصرا ، كانت السيارة تدور حول نفسها في طريق من طرق الناصرة ، و قد تجمهر بعض الصبيان حولها هاتفين و مشجعين ، كانت النشوة تحث "عصام" على المواصلة لكن رجلا في الأربعين قد ترجل من سيارته و أتى بحجرة و ألقاها قرب السيارة فهرب "عصام" ، كان التحدي بين "عصام" و "ممدوح" أن يقطع "عصام" بسيارته طريق أحد الممتد من تاروت شرقا إلى القديح غربا دون توقف و بأقصى سرعة ، فاتجه "عصام" بسيارته إلى الدخل المحدود و عندما وصل إلى حيث يضيق الطريق عند مغسلة السيارات نهاية الدخل المحدود حتى طلب "ممدوح" من "عصام" أن يستدير و يبدأ من الإشارة الضوئية ، فابتدأ السباق بصوت عجلات و تخلله أصوات الأبواق عند كل إشارة حمراء يقطعها "عصام" و كاد "عصام أن ينجح لولا تجاهله الإشارة الحمراء مع تقاطع القدس و قد صادف مرور سيارة مرور في تلك اللحظة ، هتف "حسين":

- المرور..

و ابتدأت مطاردة بين سيارة المرور و "عصام" ، هتف "ممدوح":

- ادخل الناصرة...

لم يلبث "عصام" أن انعطف يمينا لتلحق به سيارة المرور و رجل الأمن يكرر نداءه بالتوقف ، انعطف يمينا و شمالا في أزقة الناصرة لكن محاولاته لم تكلل بالنجاح في تظليل رجل المرور ، وصل إلى طريق الري الذي يربط الناصرة بالقديح و العوامية ، و تبعته سيارة المرور ، اخترق الطريق الذي يربط صفوى بالقطيف أو ما يسمى بطريق العوامية و المرور يتبعه على بعد مائات من المترات ، وصل إلى المنعطف الذي يقود للمزارع ، هتف "حسين":

- انعطف إلى اليمين...

فأجاب "ممدوح" بل ادخل القديح... إنهم يخشون القرى...

و تعدى "عصام" ذلك المنعطف ،ليتفاجأ بسوق السبت قد سدّ الطريق و جعل الهروب مستحيلا ،و لم يعد خيارا سوى الاستسلام ، ترجل الشرطي من سيارة المرور ليطلب رخصة القيادة الخاصة بعصام و رخصة سير المركبة ، فناوله الإثباتات و هو يضحك كالواثق من نفسه ، كاد الشرطي أن يفقد أعصابه ، رفع يده و هو يصرخ:

- يبدو أنّك بحاجة إلى صفعة تصلح ضحكتك..
- التزم حدوك لو سمحت... أنت مجرد شرطي مرور...
أرخى الشرطي يده و هو يهتف بحدة:
- اركب سيارة المرور... تربيتك في الحجز..
- تربيتي أفضل منك... الحمد لله...
- لا تكثر من الكلام... اركب السيارة و فمك مغلق...

وسحبه من السيارة ، فصرخ "عصام":

- و السيارة؟ و أصدقائي؟
- ستحجز السيارة... أما أصحابك فليبحثوا عمن يقلهم... أو... اركبوا معه السيارة...
- أصحابي لا يركبون السيارة... أنا صاحب المشكلة... هم لا ذنب لهم...
- اصمت أنت... هيا... اذهبوا لسيارة المرور...

خرجوا من السيارة ، دخلها الشرطي الثاني ليستكشف ما بها ، بينما كان الشرطي الذي يحدثهم ممسكا بعصام ، اتجهوا صوب سيارة المرور ، ثم أطلقا رجليهما للريح و دخلا بين الباعة و المتبضعين حيث افترقا في الزحام ...

كان المغرب قد حلّ عندما دخل "حسين" المنزل ، فاستقبلته "أم حسن" بالشتائم و الصراخ:

- أين كنت حتى هذا الوقت يا حمار... لم نر طلعتك البهية منذ خروجك إلى المدرسة...
- كنت مع أصحابي ... أنتِ لا تعرفينهم.. أم حرام أن أقضي وقتي مع أصدقائي...
- لم يأتنا البلاء إلا من أصحابك الذين لا نعرفهم... انظر لمستواك الدراسي كيف اختلف...
- مالكِ و أصحابي... أصحابي لا يختبرون عني... هذا مستواي و أنا حرّ فيه... لا أعلم ماذا سأجني من المستوى..
- هيا... خذ لك عصا و اهوي بها علي... اضربني... أخوتك عندما أتحدث يصمتون.. أخوك "حسن" في الجامعة و لم أره يوما رفع صوته علي ، بل يضع عينيه في الأرض و أنا أتحدث ، أما أنت... أصبحت فرعون زمانك... هيا... اذهب و استحم قبل أن أريك حجمك الحقيقي...

أطرق "حسين" برأسه إلى الأرض ، عاد صغيرا جدا ، يخشى أن تناله صفعات أمه التي اعتادها ، تركها تكمل صراخها و تهديداتها و عتبها على الدهر ، ثم استغل صرفها له و أمره بالاستحمام ، فدخل غرفته بحذر و أخد ملابسه و منشفته ثم دخل الحمام


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 03-04-2009 الساعة : 01:42 AM


الحب من أول نظرة موجود في كل المجتمعات ، قد يكون المحب قد رأى المحبوب عدة مرات لكنه لم يره بالشكل الذي أحبه إلا تلك اللحظة ، كان "سعيد" يجلس في بوفيه السنة التحضيرية ، يتسقط أخبار الفتى الذي ذاب في حبه ، يتنقل من طاولة إلى أخرى يتبادل مع الآخرين قصة الحادث المؤلم الذي فجعت به الجامعة ، يبحث عن خيوط تقربه من المحبوب ، يحاول أن يخفي حبه لكنه يحول مجرى الحديث ليصل لمغزاه ، استطاع أن يعرف كل شيء عن محبوبه الذي لم يحدثه مرة واحدة ، لم يفطن أحد لما يدور بخلده إلا "صالح" صديقه و رفيق دربه ، كان "صالح" يحب "سعيد" لكنه لا يبوح بحبه ، يرى "سعيد" يتنقل من قصة حب فاشلة إلى قصة حب أكثر فشلا و هو يتعذب بصمت ، يعرف كل ما يدور بخلد "سعيد" بل أن سعيد لا يلبث أن يفضح نفسه ، عندما حاول "سعيد" انكار الحب واجهه "صالح" بأنه أكثر من عاشق هذه المرة ، رغم كل ما يشعر به من الغيرة و الألم تمكن من مساعدة "سعيد" على الاعتراف بوقوعه في الحب ، التضحية تحثه على أن يرشد "سعيد" للطريقة التي يستطيع بها أن يصل لقلب من يحب دون أن يخبره بأنه جاء بواقع الحب ، حذره من البوح بالمشاعر للمحبوب قبل أن يتأكد من المحبوب يبادله نفس المشاعر...

في الأيام الأولى من السنة التحضيرية يصعب التنبؤ بالعلاقات ، فكم من علاقة أصبحت متينة و تأصرت وقد كانت بعيدة جدا ، و كم من علاقة كانت متينة فماتت ، الانفتاح على مجتمع ضخم مختلف تماما عن المدرسة و تعدد العروق و الانتماءات و الصفات يصنع صنيعه ، الأيام الأولى متروكة للتعارف و التآلف بين الجموع و أبناء القرى ، لا يختلف الأمر كثيرا و لا يتباين إلا بعد مرور شهر إذ يتكيف الطلاب مع الوضع الجديد و يستلامون أول المكافآت، المكافآت تغير أشكال و تفكير و علاقات كذلك ، كان "حسن" يمتلك ملامح مليحة لكن لباسه خلال الشهر الأول جعله غير ملفت للانتباه ، لكنه مع استلام المكافأة قد غير كثيرا من مظهره و استطاع أن يظهر ما يجهله من جماله ، بدا كأنه قد التحق بالجامعة بعد الشهر الأول مباشرة ، و قد التقى "بسعيد" كثيرا لكنه لم يلفت انتباهه إلا بالمظهر الجديد ، العائق الذي يمنع "سعيد" من الدخول في حياة "حسن" هو العزلة التي غلف بها "حسن" نفسه و التزامه بمرافقة "مصطفى" يرحمه الله ، أحس "سعيد" منذ البداية بأن أكبر عقبة في طريق حبه الجديد هو "مصطفى" و كانت أحواله تتغير في حالتين ، عندما يكون في مبنى واحد مع "حسن" إذ يفعل الحب فعلته فيه و يتصرف دون شعور و تعتريه حمرة خفية لا يلحظها سوى "صالح" ، الحالة الثانية هي أن يلتقي وجها بوجه مع "مصطفى" ثم يغيب عنه ، الغيرة التي تولدت من علاقة "مصطفى" "بحسن" تجعله كئيبا مزاجيا لا يستطيع البوح بتلك الغيرة و لا تبرير تصرفاته ، خبر وفاة "مصطفى" أحزن الجامعة بأسرها بما فيهم "سعيد" ، كان حزينا لأن غريمه الذي يشعله غيرة قد رحل ، الساحر الذي كلما مر بجانبه أو التقى به قلب أحواله ، تفسير "سعيد" علاقة "مصطفى" بـ "حسن" علاقة حب و تسلط جعلته لا يفهم "مصطفى" ، الحزن لأنه لن يرى ذلك الشاب الذي طالما التقاه بصمت و تركه بصمت ، السعادة حاولت هي الأخرى أن تتسلل لقلب "سعيد" ، الشيطان يهمس في أذنه :

- ابتهج... مصائب قوم عند قوم فوائد...

كان "صالح" قد مر بالغرفة التي اختلى فيها "حسن" لاسترجاع الدروس ، أحسّ بالألم يقطع قلبه ، شعور ممتزج بين الحزن و الغيرة ، بدا له أن "حسن" ذكرى الشاب الراحل ، و تذكر أنه الفتى الذي سيسرق قريبا من أحب ، يؤمن أن الحب تضحيات ، و سيقدم لمحبوبه كل المساعدة لكي يحصل على مراده ، بحث عن "سعيد" في أرجاء السنة التحضيرية ، اختلى به عند عتبات قاعة المحاضرات القديمة ، هتف :


أهلا "سعيد"
- هلا بك..
- فرصتك... حبيب القلب يجلس وحيدا في أحد الفصول...
- و ماذا تطلب مني؟ أن أرقص؟
- اذهب له بدافع تأدية الواجب... تعرف عليه... فرصة لا تعوض... إنها تمر مر السحاب...
- مستحيل...
- لماذا؟ هل جننت؟
- أنت الذي جننت... لا أستطيع رؤيته..
- أ تخشى أن يكتشف أمرك؟ أن تتلعثم و يقرأ في جبينك عاشق؟
- عما تتحدث؟ أي أمر الذي يكشفه؟ ثم ما دخلي أنا؟ أنا لا أعشق أحدا... هل فهمت؟ لا أعشق أحدا..
- أحقا لا تعشق أحدا؟ أ تظن أني لا أعرفك؟ أتريد أن أخبرك كيف تفكر... أنت هذه المرة أكثر من عاشق... أنت مجنون حب...
- هذه أوهامك... تتخيلها أو تحلم بها... ثم لماذا أضيع وقتي معك... الوقت كالسيف.. سوف أختلي بنفسي لأذاكر....
- لا تنسَ أن تقطع الوقت قبل أن يقطعك... ذاكر في فصول الرياضيات... يقال أنها تنشط الذهن... قصدي... القلب...

كان "سعيد" قد اتجه صوب مبنى الفصول الدراسية بينما دخل "صالح" البوفيه ، تيقن "صالح" بأن "سعيد" لن يفتح كتاب ، و أضمر "سعيد" أنه لن يفكر في المذاكرة ، عندما فتح "سعيد" باب المبنى أحس بدقات قلبه تتسارع ، العرق يتصبب من كل أعضائه ، أخذ يحوم حول الفصل الذي فيه "حسن" كالطير الفاقدة فلذة كبدها ، شجع نفسه على الدخول ، صاح في أعماقه:

- لن تموت... توكل على الله و اكسر القيد الذي يكبلك

فتح باب الغرفة بهدوء و خوف ، القلب قد صعد ليستقر في أذنه ، رفع "حسن" رأسه ، قال "سعيد":

- السلام عليكم...

أجاب "حسن" وقد عاد يقرأ في كتابه :

- وعليكم السلام...

أحس "سعيد" بصعوبة الاستمرار ، تظاهر بأنه جاء لحجز مقعده في الصف الأول ، رمى كتبه على أحد الأدراج ، و خرج يجر رجليه ببطء و أذيال الخيبة...




توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-04-2009 الساعة : 12:43 AM


خبر غياب المعلمة هنادي قد أشاع البهجة في صف ثاني ثانوي- أول, الهمسات والهتافات والفرح والبهجة جميعها ذات علاقة بغياب تلك المعلمة, خمس دقائق من الترقب مرت بانتظار معلمة الانتظار, التفتت الطالبات جهة الصف الأخير من الفصل ، "سهى" الأبظاي (1) تلصق الطاولة بالجدار, تتبعها وصيفتها "حنان", وتوالت أصوات الكراسي والطاولات, تحول الفصل الى قسمين: قسم في الخلف تكدست فيه الطاولات والكراسي لتكون كومة وطالبات مستندات إليها, أما القسم الأمامي فبدا كمسرح وقفت عليه "صفاء" بعد أن ربطت على خصرها خمار أسود وأخذت تتمايل على أنغام التصفيق المنظم والأغنية الجماعية , كان الصخب قد تعالى عندما انفتح الباب فجأة فانعدم الصوت ، أعين الطالبات تتطلع صوب الباب المفتوح على مصراعيه , لا يكاد يسمع من ذلك الصخب سوى دقات القلوب الوجلة , كانت "صفاء " جامدة مكانها إلا من رجفة خفية , هتفت مندهشة:

Wow….she look beautiful-

كانت "عبير" قد أخذت خطاها كالأميرة إلى داخل الفصل , عندما أطلت على الطالبات صحن في صوت واحد:

Ohh yea…she’s great.-

لم يكن الإنجليزي سوى عقدة عند أكثرهن ولم يزل كذلك , أما هاتين الجملتين فكانت من تلقين "عبير" نفسها التي طالما رددتهما , أذهلت "عبير" الفصل إلى درجة السحر, فمكياجها الكامل وتسريحتها الجديدة قد أسرتهن جميعاً, هتفت "سهى" وهي تصفق على موسيقى اسم "عبير":

- عبير ............ عبير...............عبير

مع هتافها تحول الفصل الى مظاهرة تطالب "عبير" بأخذ زمام المبادرة, نزعت "صفاء" البوشية عنها لتربطها على خصر "عبير", وبدأ الصخب يتعالى, كانت "عبير" أكثر الطالبات اتقاناً للرقص, تتمايل في خفة, تماماً كأنها تمثل فيديو كليب, انضمت لها "سهى", ثم لحقت بهما "حنان", لم تمض برهة إلا والفصل نصفه يرقص والنصف الآخر يصفق, والجميع يغني........


وانفتح الباب بهدوء لايكاد يشعر به هذه المرة, استغرق الأمر دقيقة كاملة ليتوقف الفصل عن التصفيق, لم يبق إلا "عبير" في تمايلها واندماجها, صرخت المعلمة "نوال":

-عبير!

توقفت عبير عن الرقص, حاولت أن تتملص, هتفت:

- معلمة... الطالبات طلبن أن أرقص..

قاطعتها المعلمة "نوال":

- انتهى... كفى...

- لكن يا معلمة..

- قلت لكِ كفى.....اصمتي..

-أني يامعلمة...

احتد صوت المعلمة:

- عبير...

القلوب ترتجف داخل الصدور, الدموع تترقرق في عيني "عبير", تنظر المعلمة باسترحام, أخيرا تحدثت المعلمة من جديد:

- ماذا أرى أمامي؟ هل أنتن طالبات الصف الثاني ثانوي؟ القسم العلمي؟ والله لو قيل لي أن هذا الرقص و الضجيج و السفيق صادر من الصف الأول الابتدائي لم أصدق. ماهذه الفوضى؟ ألا يوجد احترام للمكان الذي تدرسن فيه؟ أين اختفى حياؤكن؟ ماذا أستطيع أن أقول عنكن؟شعبة كاملة لا يوجد بهن طالبة عاقلة؟ لو كان الأمر بيدي لفصلتكن جميعا، الطالبات العاقلات يستفدن من أوقاتهن في الاستذكار, وحل الواجبات، أمور مفيدة، إذا لم يكن لذيكن واجبات ضعن رؤوسكن على الطاولات و نمن ، إن كنتن لا تردن أن تنامن ، تحدثن مع بعضكن بهدوء ،أما أن تقلبنهاإلى حفلة طرب، وأنتِ ......... أتحسبين دموعكِ هذه ستنفعك،أهذه مدرسة أم حفل زفاف؟ ما شاء الله! مكياج وتسريحة و رقص لم تتركي شيء! هيا.. أعدن تنظيم الصف و "عبير" و "صفاء" و "سهى" ينزلن الإدارة...


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-04-2009 الساعة : 12:44 AM


يقف مدرس الرياضيات بين طاولة "عصام" و "حسين" و الفصل يطلقون قهقهة عالية، كان "عصام" واضعا رأسه على الطاولة و عندما سمع القهقهة الجماعية رفع رأسه فوجد المدرس يقف أمامه ، فسأله بجرأة:

- خيرا؟ ماذا تريد؟
- لماذا أنت نائم؟
- إذا جلستُ منتبها قلتَ كفّ عن المشاكسة ، و إذا نمتُ أيقضتني ، و إذا هربتُ من الفصل جعلني المدير أوقع تعهدا ، حقيقة يا أستاذ... أنتم قوم لا يعجبكم العجب...
- أنت قليل أدب
- عن الخطأ
- قم.. قم... قف على رجليك
- لن أنهض ! ماذا تريد؟
- هيا هيا... إلى الإدارة...
- لا يهمك يا أستاذ ، سأذهب للإدارة ، ما هي الإدارة يعني؟ شرطة المرور لم تستطع إيذائي فهل تستطيع إدارة مدرسة؟

دفع "عصام" الطاولة و نهض غاضبا وعندما خرج من الفصل أغلق الباب خلفه بالقوة ، ساد الهدوء للحظات في الفصل ، همّ المدرس بالعودة إلى مقدمة الفصل ، فاستوقفه "ممدوح" :

- و أنا أستاذ...
- ماذا عنك؟
- ألا تريد أن أذهب إلى الإدارة...
- و لماذا؟
- لأنني لا أظمن نفسي ، أشعر أني سأنام بعد قليل....
- قم.. قم... هيا... هذه قلة أدب...

خرج "ممدوح" بسعادة يتفحص وجوه الطلاب و عندما أغلق الباب كان المدرس ينظر إلى "حسين" الذي بدا مبتسما و كأنه سيقول شيئا ما ، فعاجله المدرس:
- اتبعهما
- أأنا يا أستاذ؟.
- الجدار الذي خلفك...
نظر "حسين" للجدار و هو يقول:
- لكنه لا يستطيع المشي يا أستاذ
- هيا... تفضل اتبع صاحبيك
- لأجلك يا أستاذ ، لأني أحبك ، لو كان الآمر أستاذا آخر ما أطعته...
- شكرا... هيا... اخرج

نهض يتمشى في الفصل بهدوء و قبل خروجه من الباب ، استدار إلى الطلاب و هو رافع يده:

- إلى اللقاء يا أصدقاء...

لم ينبس المدرس ببنت شفة ، أغلق "حسين" الباب ، و التقى بصاحبيه في الدهليز ، هبطوا جميعا السلالم ، عندما وصلوا إلى غرفة المرشد الطلابي تجاوزوها إلى الباب المفضي إلى ساحة المدرسة ، وقفوا يشاهدون الفصل الذي يلعب كرة القدم ، ثم استداروا خلف المدرسة ، مدّ "عصام" يده إلى إحدى النوافذ ، و استخرج علبة سجائر و قداحة ، و بدأ الثلاثة التدخين ، همس "عصام":

- هؤلاء المدرسون لا يعجبهم العجب العجاب
أردف "ممدوح" :
- صدقت والله.. لكن أفضل يا رجل ، ماذا نريد من هذه الحصة المملة..
أكمل "حسين":
- والله صدقت... ماذا نستفيد حصته... وجع الرأس... أنا صراحة لم أفعل شيء... هو أعطاني إذن بالخروج

عادوا إلى الفصل بعد إعلان الصافرة انتهاء الحصة ، عندما جلسوا في مقاعدهم قال "حسين":

- هذي الحصة لا تفوت....
- أوه... حصة اللغة الإنجليزية..
- حصة "وت دي از ات تو دي؟"

تأهبوا لاستقبال المدرس ، نهض "حسين" من كرسيه ، ذهب إلى السبورة و عاد بعلبة الطباشير ، عندما دخل المدرس الفلسطيني الفصل لم يجد الطباشير ، فسأل بعصبية:
- من الذي أخذ الأقلام

لم يتكلم أحد ، فخرج و عاد بعلبة طباشير جديدة ، أغلق الباب فهتف "عصام" وقد غيّر صوته:

- عاشت فلسطين...

التفت المدرس بعصبية:
- و هل هي ماتت؟

ضحك الطلاب...

جلس المدرس على كرسيه يخطب لمدة خمس دقائق :

- من الذي لم يربه أهله؟ من ابن الـ ... من الوضيع ،أأنتم تأتون المدرسة للدراسة أم؟ أنت رعاع ، شوف لن أبدأالدرس حتى يعتذر السافل الحقير ، و الله العظيم لن أشرحَ شيء ، و لسوف آتي بأسئلة لا يستطيع حتى مدير المدرسة الإجابة عليها...

ثم نهض ليشرح ، فهتف "عصام" :

- يا شباب... حرام الذي يحدث هذا ، لا تعبثوا بأعصاب الأستاذ ، لا تقولوا عاشت فلسطين ، هو لا يقبل أن تتحدثوا عن فلسطين ، انتهوا..
- هل تسخر؟
- حاشاي يا أستاذ ، أنا فقط أعينك
- هل طلبتُ منك المساعدة؟
- أنا آسف ياأستاذ... أنت اهدأ الآن يا أستاذ
- خلاص.. اقعد.. "what day is it today"...
- ساترداي...

همّ المدرس بالكتابة فسقطت على كتفه قطعة طبشور ، فالتفت محمر الوجه منتفخ الأوداج ، يتطاير شررا ، صرخ ليسمع الفصول الأخرى:

- من السافل ابن الحرام الذي لم يحسن أهله تربيته، قسما بالله العظيم، إذا لم يخرج من الفصل خلال خمس دقائق لن أعود إلى الشرح ، و سآتيكم باختبار أصعب من بقية الفصول...

ساد الصمت في الفصل ، جلس المدرس على الكرسي ، مضت خمس دقائق ، هتف المدرس:

- إذا لا شرح بعد اليوم...

بعد دقيقتين نطق "حسين":

- يا شباب.. ما يحدث في الفصل حرام ،أنتم تدرسون عند مدرسين خصوصيين و لا يهمكم الدرس ، ليعترف الذي رمى الطبشور ، لعلنا نفلح ، ماذا تستفيدون من رسوبنا؟ صدقوني لو رأيت الذي رمى قطعة الطبشور لأخبرت به...
- لن أشرح ، وليحل لكم المدرسون الخصوصيون الاختبار..

و ساد الصمت إلى أن انتهت الحصة ، فخرج المدرس و ساد الصراخ في الفصل ثم في لحظة واحدة صمت الجميع ، كان المرشد الطلابي قد دخل برفقة مدرس اللغة الإنجليزية ، و بدأت خطبة المرشد لمدة خمس دقائق ثم قرر استجواب الطلاب كل شخص على حدة و خرج ، بعد خروجه بلحظات بدأت تهديدات الثلاثي للفصل ، و أي شخص يفتح فمه بكلمة سينال جزاءه ، ثم دخل مدرس مادة التربية الدينية و أمر أول طالب بالخروج إلى المرشد الطلابي...





توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-04-2009 الساعة : 12:47 AM



كان المدرس البريطاني يتحدث في شعبة "سعيد" بينما "سعيد" غارق في كتاب القواعد الإنجليزي يرسم حروف كلمة "حسن" باللغة الإنجليزية ، كان شارد الذهن ، يحيا في عالم لا يمت للواقع بصلة ، يتفكر في محاولاته اليائسة للفت نظر حبيبه الذي لا يعلم عنه ، و فشله الذريع في التوصل لخيط يقربه من "حسن" ، كان "صالح" في كل يوم يأتيه بأنباء و أخبار تقرب له الفرج ، فيعلق آمالا هي غاية حياته في تلك الفترة ، كان آخرها في فترة الغذاء يوم الأربعاء عندما كان جالسا في القاعة الزرقاء من مطعم الجامعة و دخل "حسن" ليجلس في طاولة يستطيع أن يراها "سعيد" ليترك "سعيد" وجبته و يبقى مركزا بصره في محبوبه ، ابتسم "صالح" و قال:

- سوف تتعرف عليه عصر اليوم ، ستزوره في منزله...
- كيف يا "صالح"؟
- ستذهب برفقتي و لن تتحدث... سوف أرتب الأمر..
- شكرا يا صديقي الوفي..

أحس "صالح" بالوخز في قلبه ، كأنه قد سمع "يا كلبي الوفي" ، كان يقول في نفسه ، لو لم أعمل على تقريبك لصاحبك فسوف أكون عدوك اللذوذ ، نهض "صالح" وهو يهتف:

- لم يبق عن الحصة شيء...

************
رسالة و بيان لحشد الحشود يتم تداولها بين البنات في المدرسة الثانوية الأولى ، الإشاعات تنتشر بأن ثمة معركة ستتم بعد انتهاء الدوام ، وصلت الرسالة للفصل الثالث ثانوي علمي أول ، بدت كفسحة من تعب المواد العلمية ، تجمعت الفتيات عند قارئة الرسالة ، حاولن أن ينتزعنها منها ، كادت أن تتمزق بين جذبهم ، ارتفع صوتها :

- دعوها و سأتلوها لكم... قبل أن تدخل المعلمة..

عاد الهدوء للفصل ، انتظمت الطالبات في مقاعدهن ، الآذان صاغية ، بدأت حاملة الرسالة بقراءتها :

- من أراد أن يرى بهدلة الحقيرة هدى ، و يسلم من أذى الزعيم عبير ، فليتجمع في ساحة المدرسة أمام البوابة الكبيرة ، و ستستخدم كل الأسلحة المتاحة لتأديب من تعدت على زعامة أحلى البنات و أفضلهن على الدوام ، الزعيمة عبير تدعوكن للانظمام لحفل المشاهدات و التفرج على شجاعتها و بسالتها في القضاء على الجبانة "هدى" ، التوقيع : بنات أرض المرح و اللعب...

****************

كانت "هدى" تحيا يوما روتينيا في المدرسة لولا بعض الهمس و اللمز الذي تشاهده من بنات ركن البيتزا اللاتي تكاثرن على رصيف الزعتر ، كانت "أمل" الواقفة بجانبها في الفسحة تشعر بالارتياب من الأمر ، قالت بشك :

- الجراد يتواجد بكثرة هنا
- كنت أقول ذلك في نفسي... هؤلاء لا يبذر منهن إلا الشر...
- الله يستر... كثرتهن تبشر بسوء... لنرحل عن هذه البقعة ، لم تعد صالحة للوقوف ، و لنغير الطريق احتياطا...
- لكن لم أنتهِ من تناول شطيرتي
- لن تموتي جوعا، دعينا ننجو بأنفسنا

سلكا طريقا مغايرا ، كانت الأعين تتفحص وجهيهن كفريسة قرب الإنقضاض عليها ، بعض النظرات بها شماتة و الأخرى بها شفقة ، وصلتا لفصل "هدى" فودعتها "أمل" و اتجهت لفصلها فإذا بإحدى الفتيات تريها الرسالة ، تهتف بتحذير يشوبه سخرية :

- يبدو أن صديقتكِ لن تنجو اليوم..
- ماذا جنت صديقتي؟
- لا أعلم... أعلم أن الرسالة موقعة بتوقيع رفيقات "عبير"

عادة "أمل" بسرعة لفصل "هدى" ، وقفت تلتقط أنفاسها لكن أنفاسها تتصاعد أكثر فأكثر ، خرجت لها "هدى" ، انتحتا في ركن قصي ، سألتها "هدى" :

- يكاد قلبي يقف ، ماذا هناك؟
- قليلة الحياء...
- أي واحدة؟
- عبير..
- ماذا بها؟
- تضمر لكِ نية ، تعد لمعركة مع نهاية الدوام...
- هذا تفسير النظرات إذا..
- يقال أن بحوزتها أسلحة..
- و أنا عندي أسلحتي...
- ماذا تقصدين؟
- لا تشغلي بالكِ..
- أنا أقول أن تخبري الإدارة...
- سوف أأدبها بنفسي...
- هل هذا يعني؟
- نعم...
- الله يهديكِ ، لقد حذرتكِ
- شكرا لتحذيرك ، لا تقلقي...

تركت "أمل" "هدى" و عادت تتحسب و تدعو بالهداية "لهدى" ، فدخلت "هدى" فصلها و أخذت تجهز للمعركة ببري الأقلام و تجهيز الأقلام الحبر ...

************

كانت "عبير" قد أتت بسكينة و عدد من مفتاح البراغي و وزعتها على رفيقاتها و طلبت منهن أن يبقين في تأهب تام ، و جلست شارذة الذهن تتخيل نصرها على غريمتها ، و ما إن انتهت الحصة الأخيرة حتى تجمهرت الطالبات في الساحة و وقفت "عبير" و رفيقاتهاا تراقبن الباب بانتظار فريستهن المسكينة ، التشجيع و الحماسة تدب في "عبير" و صديقاتها ، خرجت "هدى" تحمل في يدها أسلحتها ، فهتفت "عبير" :

- ههه ، ماهذا؟ رجل في مدرستنا...

قهقهت صديقات "عبير" و انفجرت الجماهير بالضحك...

- هل تعرفين الآيس كريم؟

- لا... بل أعرف الرقص و الاستهتار..

انفجر الجمهور بالضحك مرة أخرى و استشاطت رفيقات "عبير" غضبا :

- تجرؤين على الزعيم..
- لم أطلب منكن أن تتدخلن..
- ما هذه الشجاعة التي تدعين ؟ عشر على واحدة؟

أحست "عبير" بأن الجمهور بدأ يتعاطف مع "هدى" و لابد لها من الاستغناء عن رفيقاتها في هذه اللحظة ، هتفت:

- ياصديقاتي المحترمات ، طلبت العدو طلب و أنا لكرمي ألبي أول طلب لكل عدو ، فلا يتدخل منكن أحد في هذه المعركة ...
- ما شاء الله...
- احترمي حالكِ
- أنا في قمة الاحترام لحالي..

تأهبت الأيدي ، كان في يد "هدى" قلم رصاص و فرجار و في يد "عبير" سكينة صغيرة و مفتاح البراغي ، انقضت "عبير" على "هدى" فرفعت "هدى" مريولها و ركلت " يد "عبير" فانفلت السكين و مفتاح البراغي من يدها ، و تركتها تطلب المدد من أقرب رفيقاتها ، و لم تعد لتهجم إلا و طابور من المعلمات تخرج من الباب و صوت المشرفة يهتف:

- لتقف كل طالبة مكانها

************
في غرفة المديرة مكتب مرتب و رمز سيفين و نخلة معلق على الجدار ، و خلف المكتب تجلس إمرأة ثلاثينية مقطبة الجبين ، يقدح الشرر من جبينها ، لكنها لم تكسر حاجز الصمت الذي التزمته منذ خمس دقائق ، أمام المكتب يتقابل كرسيان جلست "عبير" على أحدهما و هي تحاول أن تبدو لا مبالية متحاشية أن تقع عيناها على عيني المديرة أو غريمتها التي تقابلها على الكرسي الآخر و دموعها تكاد تنهمر من عيونها ، في الممر القريب من الباب المفتوح تتحرك "أمل" بخطوات قلقة فتبعث خطواتها المزيد من التوتر إلى "هدى" ، كأن المديرة تتلذذ بسماع دقات القلوب لا تريد أن تفقد تلك المتعة ، بعد مضي دقائق خرجت من المكتب و تركتهما تنتظران مصيريهما ، تنبأت "هدى" داخلها بعقوبات تتبعها عقوبات ، فالمدرسة لابد من أن تفصلها و تشتهر في قريتها ، و الأهل قد يقترب عقابهم من القتل لكن لا يصل ، و ألسن العجائز لن يرحمها لا محالة ، أما "عبير" فكانت على ثقة من أن نفوذ أمها و تسلط لسانها سيقف سندا و ينتصر لها من "هدى" ، كانت تخدر نفسها بكلمات تقيها من القلق ، جاءت المشرفة لتأخذهما إلى مكتبها ، و في طريقها طلبت من "أمل" أن ترحل إلى منزلها.

كان مكتب المشرفة أقل ترتيبا و أكثر تواضعا ، أذنت لهما بالجلوس ، و بدأت خطبة طويلة تتحدث عن الأخلاق و الطبقات و محاربتها و الإسلام ، و كانت الفتاتان تصغيان لأسلوبها المؤثر ، بعد نصف ساعة من الخطابة تنهدت و سألتهما :

- ما رأيكما الآن ؟
- ...
- أتريدان العقاب أم؟
- ...
- أمهلكما إلى يوم السبت ، لا تذهبا إلى الفصل يوم "السبت" ، أريدكما في مكتبي...

أقلتهما المشرفة معها إلى منزليهما فأنزلت "عبير" أولا ، وعندما خلت بـ "هدى" همست:

- الخطأ لا يقابل بخطأ يا "هدى"...
- إن شاء الله يا معلمة
- إذهبي الآن إلى منزلك فلابد أن أمك في قلق عليكِ ، يوم السبت سأحل المشكلة...
- شكرا يا معلمة..


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-04-2009 الساعة : 03:09 AM


الصراخ يعتلي في بيت "أبو حسن" ، أصوات أقداح تتناثر ، أم تتوعد و بنت تسترحم و تتعطف ، دخل "حسن" المنزل بخطوات حذرة ، كانت "أم حسن" تعتلي "هدى" ممسكة بيدها اليسرى شعرها و بكفها اليمنى قلم القدو ، و هي تصرخ:

- أين كنتِ حتى هذا الوقت؟؟ بنات المدارس قد عادوا إلى منازلهن و جلسن مع أهلهن، و أنتِ أين ذهبتِ؟؟
- قسما بالله لقد كنتُ في المدرسة ، لم أذهب أي مكانٍ آخر.
- أي مديرة تبقى في المدرسة إلى هذا الوقت ؟ اعترفي قبل أن أدخل النار بسببك... أخبريني أين كنتِ.
- أين سأكون! أقسمتُ لكِ بالله أنني كنتُ في المدرسة ، لقد احتجزتنا المديرة ، اسألي "أمل".
- هيا! اتصلي إلى أمل قبل أن أقضي عليكِ
- دعيني كي أتصل..
- اتصلي قبل أن أقبرك الساعة..

ساد الهدوء في المنزل ، الأم تترقب و "هدى" تطلق الآهات، و تجري الدموع و تمسك سماعة الهاتف ، "حسن" مشلول الحركة لا يدري ما يعمل ، نهبت "أم حسن" السماعة من يد "هدى":

- ألو..
- ...
- أهلا... كيف حالكِ يا"أمل"؟
- ...
- أين ذهبت "هدى" بعد الانتهاء من الدراسة؟
- ...
- إذا كلامها صحيح ، لماذا لم تأتِ لتخبريني ، كنتُ أضرب أخماسا بأسداس..
- ...
- لا... لقد وصلت للتو..
- ...
- شكرا يا "أمل" ، مع السلامة.

************

كان الوضع هادئا في منزل "عبير" ، تجلس أم "عبد الله" تتابع برنامجا ثقافيا في راحة بال تامة ، ترتمي "عبير" منفجرة في بكاء الفاقدين ، تفزع الأم تكيل للمعلمات الظنون ، تحتظن ابنتها:

- أي معلمة هذه المرة التي تعرضت لكِ؟ لابد أن أذهب للمديرة يوم السبت و أوقفهن جميعا عند حدودهن...
- لا.. يا أماه ، المعلمات لم يفعلن شيء.
- إذاً ، مالأمر؟
- ابنة الفلاحين.. "هدى"
- هؤلاء البنات تربية شوارع ، و لابد أن يتجبرن عليكن ، ينبغي فصلهن عنكن ، سوف أذهب يوم السبت و أعلمها الأدب.
- لا يا أمي ، أرجوكِ لا تذهبي.
- ماذا يخيفكِ ؟ إن لم أوقفها هذه المرة فسوف تتمادى..
- لا يا أمي ، أرجوكِ أن لا تذهبي ، رجاء...
- يبدو أنكِ المخطئة ، ألم أطلب منكِ تجنب المشاكل؟ كيف أواجه المديرة بعد أن وعدتها بالتزامك...
- لا يا أمي ، لقد تم حل المشكلة ، لكن الحل لم يعجبني...
- و ماهو الحل؟
- أن نسامح بعضنا البعض يوم السبت ، أو سوف تعاقبنا الإدارة بالفصل.
- و لمَ لم يعجبك الحل؟
- ماذا تقولين؟ أتطلبين مني أن أسامح هذه الفلاحة؟
- أ لستِ المخطئة؟
- لكني لا أتأسف.

دخل "عبد الله" المنزل ليرى أخته في حجر أمه في حالة شكوى ، استمع إلى المشكلة ، تأكد من اسم "هدى" ، سأل أخته:

-أمتأكدة أنها "هدى علي"
- كما أنا متأكدة من أنك "عبد الله"
- أين منزلها؟
- في حي الوسادة

تمتم:
- و "حسن" اسمه "حسن علي " من الوسادة...
- ماذا تقول؟
- أقول هلمي معي..
- أين؟
- أنا أعرف عائلة "هدى" ، وهم أناس محترمون و أستطيع أن أحل المشكلة.
- أ تعرفهم، أنت؟ أنت تعرف قرويين؟
- أنا أعرف أخاها ، إنه معي في الجامعة.
- لابد أن يكون قبيح و ثيابه مهملة.
- احترمي حالك
- إن شاء الله
- هيا ، سوف أحل المشكلة

********
تحول الصراخ في بيت "أم حسن" إلى درس من المواعظ و الحكم من قبل "أم حسن" التي تكرر خطبتها و تضيف فيها ، كانت "هدى" مشحونة بعواطف ملتهبة تكاد تكفيها لقضاء يوم كامل من البكاء ، أما "حسن" فقد وجد نفسه مجبورا على البقاء و الاستماع لحديث أمه ، و "حسين" الذي استغل ثورة أمه ، و دخل غرفته و تمدد ينصت للعاصفة ، تنهدت "أم حسن" :

- إنّ أباكم يطلب رزقه ، و لا يعلم عنكم شيئا ، و لو يحدث أمرا سيئا أصبح أنا المسؤولة ، و أنا امرأة ضعيفة ، لا أقدر على فعل شيء ، و الزمن مخيف ، هنا بنت مخطوفة ، و هناك أخرى هاربة مع عشيقها ، و أبناء الحرام يملؤن المكان ،ألم تسمعوا بقصة الذين أخذا طفلة يوم العيد الفائت ؟ ألم يعصفوا بأهل الطفلة المسكينة؟ ألم يقلبوا عيدهم إلى مأتم؟ الولد هذه الأيام يخشى عليه فكيف البنت ، و أنا مهما يكن أم ، و لابد أن أخاف ، ماذا تطلب الأم من الدنيا سوى سعادة أولادها و بناتها ، غذا إن شاء الله يأتيكِ ابن الحلال الذي يسعدكِ و تعرفي معنى التربية...

كان الباب قد طرق فانقطعت المواعظ ترقبا لمن يقف على الباب ، خرج "حسن" ليجد شاب يبدو له مألوفا بعض الشيء ، كان يتحرك أمام الباب ذهابا و إيابا في ارتباك واضح ، هتف "حسن":

-أهلا..
رفع الشاب رأسه ، كان يحاول أن يدفع الكلام من فمه:
-أهلا..
- خيرا ، من تريد؟؟
- أنا "صالح" زميلك في الجامعة و هذا "سعيد".
- شعرتُ أنكما مألوفين، خيرا إن شاء الله..
- بالصراحة..
-...
- نحن نعلم أنك صاحب المرحوم
- الله يرحمه..
- و كنا نحاول أن نعزيك في الجامعة لكن خشينا أن لا تتقبل...
- على العكس ، ولماذا لا أتقبل؟
- على كلٍ ، الله يرحمه و عظم الله أجرك..
- و إن أتت متأخرة، لكن أطال الله عمريكما و حرس شبابكما
- كنتَ تذهب إلى الجامعة و تعود منها بصحبته ،أليس كذلك؟
- بلى..
- ماذا بعد موته يرحمه الله؟
- أنا؟؟ أذهب مع صديق يدرس في السنة الثالثة تخصص
- طيب ، لماذا لا تذهب و تعود معنا عوضا عن تأخير الرجال و انتظاره.
- شكرا ، لكني لا أعرفك ، قصدي لم أعرفك إلا للتو..

كانت سيارة "عبدالله" قد مرَت أمامهما ثم توقفت إلى جانب الطريق ، عندما ترجل "عبد الله" من السيارة ، هتف "حسن" بحماسة:

- المؤمن عند ذكره..
- خيرا إن شاء الله..
- لقد كان "صالح" يسألني عمن أذهب معه إلى الجامعة ، فأخبرته أنني أذهب معك ، نسيتُ أن أعرفك ، "صالح" و "سعيد" معي في السنة التحضيرية ،و "عبد الله" سنة ثالثة تخصص هندسة كهربائية..

كان حياء أول لقاء يشل حركة "صالح"و "سعيد" الذي كان يقف صامتا طول الوقت ، أما "عبد الله" فقال:

- إذاً ، ستذهب معي إلى الجامعة و ستعود معهما ، إذ يقارب وقتك و قت انتهائهما...
- إذا كان هذا رأيك فلا مانع

تحرر "صالح" قليلا..
- رأي جيد.

ثم التفت "عبد الله" إلى "حسن" وقال:

- أريدك في أمر خاص

نظر "حسن" إلى "صالح" بحرج ، فتدارك "صالح" الأمر:

- أراك يوم السبت في البوفيه ، مع السلامة..
- مع السلامة ، وشكرا لمساعدتك
- هذا واجب...

عندما أصبح "حسن" مع "عبد الله" وحيدين ، بدت علائم الارتباك في محيا "عبدالله" ، فتساءل "حسن":

- خيرا إن شاء الله ، مالأمر؟؟
- خيرا إن شاء الله ، لكن بين أختي وأختك نشب خلاف
- إذا هي أختك التي...
- نعم ، و أمي وأختي في السيارة و هماآتيتان ليتفاهما، و إن شاء الله تنتهي المشكلة..
- أمك و أختك في السيارة و نحن نتحدث؟؟ لماذا لم تخبرني كي أدخلهما المنزل...
- ....
- تفضلوا ، و إن كان المنزل ليس في المقام ، عن إذنك أخبر أمي...
- إذنك معك..


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.28 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-04-2009 الساعة : 03:11 AM


باتت "عبير" ليلة وردية ، تضع السماعات في أذنيها ، تستمع و لأول مرة لموسيقى هادئة ، تصفحت أحداث اليوم ، لم تكن المعركة تسيطر على شيء من تفكيرها الآن ، فكل ما في قلبها و فكرها هو ذلك الشاب اليوسفي ، كانت ترسم له صورة مشعوذ أو شحاذ ، لم تكن تحسب أن أخا "هدى" يمتلك تلك الوسامة ، حاولت أن تطرد صورته من مخيلتها لكنه كلما طردته عاد يطرق الباب طالبا الدخول بإلحاح، أمعنت في أوصافه ، كان فاتح البشرة ، معتدل القوام ، تتدلى خصلات شعره على جانبي رأسه ، هادئا الملامح إلى درجة الوداعة ، كان هو يوسف الذي أجبرها على قطع أصابعها ، لم تكن رغبتها في الصلح نابعة عن الذات ، كان هو الذي يقول لها بصمت ، أصلحي ذات بينك مع أختي ، كانت تتصرف كأنها مسحورة ، و تحت تأثير ذلك السحر اكتشفت أن من عادتها جميلة كجمال أخيها ، و اكتشفت أنها كانت مدفوعة لعدائها بدافع التسلية فقط ليس إلا ، و تحت تأثير سحره أعلنت صداقتها لـ "هدى" ، و لم تكن تلك الصفقة خاسرة بالنسبة لها ، فهي إن لم تنفعها لن تضرها بقرارة نفسها ، أما أعظم اكتشاف اكتشفته "عبير" و هي على مخدعها هو أنها شغفت حبا بـ"حسن" صديق أخيها و أخو صديقتها في المستقبل ، فقد قررت أن تتقرب من "هدى" ، وأن تبدأ صفحة جديدة معها ، بل أخدت تضحك على نفسها من المواقف التي أحدثتها مع "هدى" ، حاولت أن تتذكر البداية التي جعلت من "هدى" عدوتها الكريهة فلم تجد ما يدعو لذلك ، و قضت ليلتها تتخيل محبوبها الفاتن الذي استحوذ على فؤادها منذ أن وقعت عليه عيناها...


أما "هدى" فقد خلفتها "عبير" في منزلها مستغربة ، فاغرة فمها ، غير مصدقة كأنها في حلم لا تريد أن تستيقض منه ، فأخيرا "عبير" التي طالما تأذت منها أتتها معتذرة و طلبت صداقتها ، تلك الفتاة التي طالما سخرت منها و من شكلها جاءت لتفتح معها صفحة جديدة ، لم تكن تلك الصدمة لتسمح لها بالهروب من شروذها بل ظلت جالسة في غرفتها تتفكر في الأمور الدراماتيكية التي حصلت هذا اليوم ...

عند التاسعة مساء ، أمسكت السماعة و عبثت بأزرار الهاتف ثم انتظرت لتستقبل مكالمتها "أمل":

- ألو...
- أهلا..
- أهلا "هدى"
- أخبار سعيدة جدا جدا
- ما هي؟ هيا أفرحيني معكِ ...
- لابد أنني أحلم يا "أمل" ، أنا أحلم...
- ماذا حصل ؟ هيا...
- لا أستطيع يا "أمل" ... صدقيني الخبر لا يحتمل التصديق...
- هيا! أدخلتي الشوق في قلبي لمعرفة أخباركِ السعيدة جدا...
- لقد جاءت "عبير" إلى المنزل مع أمها و اعتذرت...
- أ هذا هو الخبر السعيد؟ كنتُ أحسب أنكِ قد خُطِبتِ ، لاشك أنها تمثل عليكِ
- هذا مستحيل يا "أمل" ، كانت تتحدث بندم صادق..
- لو أراها بأم عيني لا أصدقها ، هذه المغرورة تأتي و تعتذر ، هذا هو المستحيل بعينه..
- إذاً لقد تحقق المستحيل أخيرا ، لقد أتت بصحبة أمها و اعتذرت...
- إذاً ، لقد أتت بطلب من أمها ، ربما لتجنيبها العقوبة...
- ربما...
- إن غذا ناظره لقريب...
- ماذا تقصدين؟
- إذا كانت صادقة فسترينها يوم السبت تأتي للسلام عليكِ
- لننتظر السبت و نرى ، على كلٍ ... لقد ارتحتُ من مشاكلها على الأقل...
- الحمد لله على هذه النعمة
- الحمد لله
- و كيف انتهى وعيد أمكِ؟
- لقد تحولت إلى خطبة يوم الجمعة بعد مكالمتك
- إذاً كان كذلك..
- نعم يا "أمل"..
- سوف أنام الآن ، تصبحين على خير
- و أنتِ من أهل الخير
- مع السلامة...
- مع السلامة...






توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 07:02 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية