العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.35 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-03-2009 الساعة : 02:25 AM



انتهت "هدى" من غسيل الأرضية المتسخة و دخلت تبحث عن قطعة السجاد التي أوصت بها أمها ، وقفت حائرة أي قطعة سجاد قصدت والدتها؟ ترفع السجادة الزرقاء الطويلة فينتابها شك بأنها لا تناسب عرض الدهليز فتطرحها ، تهم بحمل الخضراء فتسمع داخلها من يناديها بأن هذه عزيزة على قلب أمك و لا يمكن أن تضحي بها ، أجالت بصرها تحاول أن تتذكر قطعة تناسب المكان و الزمان ، تشعر أن قلبها يتخطف لعجزها عن التصرف في هذا الموقف ، أجالت كفها على شعرها ، كان صوت أخيها "حسن" يناديها من أمام المطبخ:
- "هدى"... لقد اتسخت أرضية الدهليز..

هرولت إلى الدهليز ، عاد كما كان قبل تنظيفه و أكثر ، أمسكت رأسها بكفها الأيمن ، ووضعت يدها الأخرى على خاصرتها ، أمارات القهر الممزوج بالضعف تعلو وجهها ، نقلت بصرها بين أخيها و بين أرض الدهليز ، كان يضع كفه على رأسه كمن يبرر شيئا ما ، تمتم:

- لم أنتبه لكل تلك الأوساخ التي في حذائي...

نظرت إلى رجليه ، كان لا يزال ينتعل الحذاء المليء بالطين و الوحل ، سألته بسخرية غاضبة:

- نعم... سمعي اليوم يخذلني... ماذا قلت؟؟ ربما لم تنتبه أنها تمطر...

- صدقيني... لم أنتبه...

- لماذا لا تخلع نعليك و تصوم عن الحديث برهة...

خلفته يخلع نعليه و دخلت تجلب أدوات الغسيل من جديد...

تسكب محلول الغسيل و فكرها يشتعل غضبا على كل شيء ، المطر الذي أضاف لها مهام إضافية ، و القدر الذي وهبها أخوين مهملين و لم يرزقها أخت أخرى تساعدها ، ينتابها الشعور بالظلم لأنها فتاة ، ولأنها وحيدة ، و لأنها تبذل جهدا لتصلح ما يفسده الآخرون ، انفتح الباب الخارجي ليطل وجه "حسين" المترقب ، هتفت قبل أن يضع رجله اليمنى على الأرض:

- أين؟ أين؟...

تسمر مكانه ، و ضع يده على قلبه و هو يقول :

- بسم الله الرحمن الرحيم.. ما بك؟ هل غيروا المنزل؟

- لا.. لكن لم يجلب أبوك خادمة لتغسل الأرض التي تتسخ بحذائك..

- آها... هل أمي في المنزل؟

- لن أخبرك قبل أن تخلع حذائك...

خلع نعليه و هو يهتف:

- ها قد خلعته... أين أمي؟

- أمك.. ليست في المنزل..

- هذا رائع...

و اندفع إلى الداخل مشيعا بنظرات "هدى" ، و لم تكد تعود إلى الغسيل حتى مرّ إلى جانبها طيف "حسين" ، رفعت رأسها و إذا به قد وصل إلى الباب ، و لا جدوى من العدو خلفه ، صرخت:

- توقف..

استدار ليقابلها:

- ماذا هناك؟ أتريدين أن ألبس حذائي؟

- لا... أريدك أن تبقى في المنزل... لكي تسترجع دروسك...

- و هل أصبحتِ صاحبة أمري؟؟

- لا..

- مع السلامة

و قفت تندب حظها ، من سينجدها من غضب أمها؟ لم تكن خطيئتها لكن من سيقنع أمها ، تمسك بعصى الشاطفة حائرة في أمرها ، مشدودة الأعصاب ، لا تقوى على التفكير ، إذ أطل عليها "حسن" برأس لا تنقصه الابتسامة وهو يهتف:

- ما زلتِ تشطفين؟ سأموت من الجوع...

- الغذاء في القدر...

- لكن من يخرج الغذاء يشطف الأرض..

- لن أضع لك شيء... استخدم أناملك الرقيقة..

انتهت من الشطف و دخلت دورة المياه تفرز الثياب ، فأطل عليها "حسن" بملامح تحدٍ ، أظهر من خلفه فردة حذاء متسخة ، هو يهتف:

- متى ستضعين الغذاء؟

وقفت تنظر إليه برهة ، تتمنى أن تنقلب إلى لبوة فتنشب أظافرها في حلقه ، ضربت برجلها الأرض ، و خرجت إلى المطبخ و هي تدعو عليه بشتى المصائب ، وضعت له الغذاء فهتف بسخرية:

- شكرا لكِ يا آنسة...

- الله يحرق قلبك و يضعك في مصيبة لا تعرف لها حل..

أكمل سخريته :

- في أي المجموعات الرياضية؟


كانت خطوات في الدهليز تنبئها بأن ما تعبت في سبيله قد أفسد ببضع خطوات ، اندفعت إلى الدهليز ، وضعت كفها على رأسها ، قسمات وجهها تخبر عن قرب انهيار ، وقف والدها منشدها ، برهة من الصمت مزقها سؤال أبيها:

- ما بكِ؟

- لا شيء؟


- ما بكِ يا بنية؟

- لم أكد أنتهي من غسيل الدهليز..

نظر إلى الطين العالق في حذاءه ، عاد بصره إلى خطواته ، هتف:

- سامحيني يا بنيتي... لم أنتبه فالخبر الذي جئت به يهز الجبال...

- ماذا الخطب؟

- أين "حسن"؟

- لابد أنه يسمعك.. فهو في الصالون يتغذى..

أطل "حسن" بقسمات مرتعبة ، سأل"

- ما هو هذا الخبر؟

- غير ملابسك و البس البياض..

- لماذا؟

- صديقك "مصطفى"...

- ...

- توفي في حادث قبل قليل..

- ...

جرت دموع "هدى" الأنثوية ، أسندت رأسها إلى الحائط ، هتف "أبو حسن":

- إنا لله و إنا إليه راجعون... غير ملابسك و هيا بنا إلى المسجد ننتظر قدوم الجسد..

بعد خروج "حسن" مع أبيه ، كان إحساس داخل "هدى" يشعرها بالذنب ، لم تقصد أن يفقد "حسن" أحد أصدقائه ، ربما كانت غاضبة لكنها لم تقصد أن تقتل فتى في ريعان الشباب ، دخلت غرفتها و أغلقت الباب غارقة في بحر من الدموع


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:10 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية