|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 29478
|
الإنتساب : Jan 2009
|
المشاركات : 2,216
|
بمعدل : 0.38 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عبود مزهر الكرخي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
نظرة في واقعة الطف(في حلقات)
بتاريخ : 24-01-2009 الساعة : 01:01 PM
نظرة في واقعة الطف ((الحلقة الثانية))
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على نبينا الأكرم ورسولنا الأعظم أبا الزهراء وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
نستكمل نظرتنا العميقة في واقعة الطف وبعد أن استقرانا جذور العداء بين بني هاشم وبين بني أمية سوف نستعرض مكانة سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين(ع) ومكانة يزيد(لعنه الله)
مكانة الحسين(ع) :
من المعلوم ان مكانة روحي له الفداء لا تدانيها أي مكانة في البشرية كلها بعد جده وأبيه وأمه فنسبه الشريف الذي هو سبط رسول الله(ص) وأبوه علي أبن أب طالب وصي رسول الله وسيد العرب كما قال (ص) : ((يا علي أنا سيد ولد آدم وأنت سيد العرب)) وأمه فاطمة الزهراء(ع)سيدة نساء العالمين وبضعة رسول الله وأخوه الحسن المجتبى(ع) سبط رسول الله(ص) وذريته هم الأئمة المعصومين حجج الله في أرضه(عليهم السلام) فنسب عظيم وشريف يمتد إلى نبي الله إبراهيم(ع) فهذه المنزلة التي بوأها الله له لا يستطيع أن يصل أحد من العالمين وعندما ولد روحي له الفداء كان جبرائيل والملائكة تهز مهده وحتى ذكر في كتاب مكارم الأخلاق أنه كان ملك وكان أسمه (قطرس)قد عاقبه الله وقص جناحية ونفاه إلى جزيرة نائية في المحيط ولاحظ في لحظة ولادة الحسين(ع) جلبة وحركة في السماء فسئل جبرائيل عن سبب هذه الجلبة فقال له أن سيولد لفاطمة الزهراء(ع) مولود عظيم عند ذلك طلب من الله أن يكون جنبه ويهز مهده فقبل الله ذلك وحضر إلى الطفل وهز مهده وتنعم ببركته فأوحى الله إلى جبرائيل أن يمسح ظهره بهذا المهد فمسح الملك قطرس ظهره ورجع جناحيه اليه وسامحه الله ببركة هذا المولود فأي منزله عظيمة خصه الله بها.وعند ولادته كان نبينا محمد(ص) ينتظر ولادته من وراء الباب في بيت فاطمة وعندما ولدت نادى يا صفية أحضري لي ولدي فقالت له أنتظر فلنغسله كيف تغسلينه وقد طهرته الملائكة في السماء وأخذه في حضنه ودخل على فاطمة(ع) وهنأها وعزاها في نفس الوقت وبكى وسألته فاطمة لماذا لأنه أخبرني أنه سوف يذبح من قبل أمتي من الوريد إلى الوريد وهو قد ولد وهو أبن ستة أشهر وعاش هذا المولود الشريف ومثل نبي الله المسيح(ع)فهو اعتبر في منزلة الأنبياء وقد مرضت سيدتنا فاطمة الزهراء(ع) بعد ولادته وجف لبنها فكان نبينا(ص) يجعل أصبعه في فمه ويغذيه وقد شاء الله إن يغذيه بهذا الغذاء الكامل وأصبح لحمه من لحم النبي محمد(ص) وكان عندما يمر على بيت الأمام علي ويسمع بكاءهما يذهب إلى فاطمة يقول أسكتيهما لأن بكاؤهما يؤذيني وكان مرة نبينا الأكرم يخطب في المسلمين وشاهد مجيء الحسن والحسين(ع) يتعثران فنزل من منبره وحملهما إلى صدره وصعد إلى المنبر وقال أني شاهدتهما يتعثران فآلمني ذلك فنزلت من المنبر وكان كثيراً ما يصعد الحسين(ع) على ظهره الشريف ويقول (ص) ((نعم الجمل ونعم الجمال)) ومرة جاء إلى المسجد ومعه الحسين(ع) وصلى وهو يحمله وعندما سجد أطال في السجود وبعدها استوى وأكمل صلاته وبعد الصلاة سأله الصحابة عن سبب أطالة السجود وظنوا أنه هلك فقال لا ولكن أبني قد أرتحلني و وخفت أن أزعجه فأطلت سجودي فأي مكانة سبط رسول الله(ص) وسيد شباب أهل الجنة والذي كان رسول الله يلثم فمه وخده بالقبلات بحيث عندما أدخلوا رأس الحسين(ع) الشريف وكان اللعين أبن اللعين يزيد يحرك رأسه الشريف بمخصرته قال له أنس أبن مالك مولى رسول الله(ص) أترك هذا الوجه فقد كان رسول الله (ص) دائماً يقبل هذه الشفة وهذا الوجه الشريف فمكانة أمامنا عالية وشريفة وسامية وكان من صفاته الشجاعة فهو أبن أمير المؤمنين(ع) داحي باب خيبر وقاتل الأبطال من الكافرين وكان أشبه الطباع بأبوة بينما كان الحسن(ع) أشبه بالرسول(ص) من ناحية المسالمة والإصلاح والمسامحة وقد شارك وقاتل أبا عبد الله في معارك صفين وطبرستان والقسطنينة فهو بطل من الأبطال ويوصف بالشجاعة ومعروف عنه بالجود والسخاء والكرم وأورد حادثة عنه للتوضيح فقط لأننا لا نستطيع الإحاطة بهذا الأمام الجليل وهو أنه جاء إليه سائل يطلب مال ودق بابه فأعطاه المال ومد يده من وراء الباب وأعطاه فسأله صحابته عن ذلك فقال كرهت أن أرى على وجهه ذلة السؤال فهذا يدل على كرمه وجوده وحيائه في أعطاء المحتاجين وعندما عزم التوجه إلى كربلاء ضجت نساء بني عبد المطلب بالعويل والبكاء لمجيء طائف إليهم بنعي الحسين(ع) وسمعت عمته أم هاني بالخبر فهرولت وجاءت مسرعة إليه وهي كبيرة بالسن فرآها روحي له الفداء فقال لها: ((أي عمة تأتين وأنت ما بك من الحال)) فقالت ك كيف لا آتي وقد رحل عنا كافل الأرامل ،فلاحظوا أنه كان كفيل الأيتام والأرامل والمعوزين فكيف وهو ذاهب عنهم وإلى منيته وأي أخلاق تربى عليها روحي له الفداء كما كان يمتاز بالوفاء والإخلاص حيث نلاحظ أنه التزم بأمر أخيه الحسن(ع) عندما عقد مع معاوية الصلح في أصلاح ذات البين وأمتثل لأمره مع أنه كان لا يقبل بهذا الطاغية أمرته على المسلمين وكذلك وصية أخوه في دفنه وعدم إراقة أي دماء من أجله ولكن بعد وفاته أخذ على نفسه عدم الانصياع لائمة الكفر والطغيان بني أمية ولذلك رفض مبايعة والقبول بمبايعة الطاغية يزيد شارب الخمر والكافر سليل أهل الكفرة والطاغوت وحتى نلاحظ أن حاشية معاوية اللعين قالوا لماذا لا تعيب على الحسين وتنتقص منه وهو ينتقص منك فقال اللعين(( والله لا أجد فيه أي نقيصة أو عيب حتى أعيبه)) فانظروا أي مكانة وأي منزلة سما بها أمامنا الخالد(ع) بحيث أعداؤه لا يقدرون أن يجدون فيه أي مثلبة أو عيب وكان شديد الفصاحة محدث له من العلم ما علمه به جده وأبوه غزير العلم والأدب فهو أمام معصوم وسبط الرسول وأبوه أمير المؤمنين وأسوق هذه الحادثة فقد جاء أعرابي وقال : لقد جئت لأطارح الكلام فأشار من في المسجد وأومئوا وقالوا :عليك بهذا الشاب وأشاروا إلى الحسين(ع) فسلم عليه وسأله عن حاجته قال الأعرابي(أني جئت من الهرقل والجعلل والأيتم والهمهم)فتبسم الحسين وقال روحي له الفداء ((يا أعرابي لقد تكلمت بكلام ما يعقله إلا العالمون))فأجابه الأعرابي قائلاً يريد الأغرب : وأقول أكثر من هذا فهل أنت مجيبي على قدر كلامي؟ ففسر له قوله أن الهرقل هو ملك الروم والجعلل هو قصار النخل والأيتم وهو بعض النبات والهمهم وهو القليب الغزير الماء وفي كلماته أوصاف البلاد التي جاء منها وإشارة منها.فقال الأعرابي : ما رأيت كاليوم أحسن من هذا الغلام كلاماً وأذرب لساناً ولا أفصح منه منطقاً،وكان مهاباً حتى معاوية عرفه وقال عنه لرجل ذاهب إلى المدينة(إذا دخلت مسجد رسول الله فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير،فتلك حلقة أبي عبد لله مؤتزراً إلى أنصاف ساقيه).
ولنسمع سيدي ومولاي أبا عبد الله في تقواه وهو يناجي ربه وبكل خشوع
((اللهم أجعلني أخشاك كأنني أراك،وأسعدني بتقواك،ولا تشقني بمعصيتك،وخذ لي في قضائك،وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخترت،ولا تأخير ما أجلت..،الله أجعل غناي في نفسي واليقين في قلبي والأخلاص في عملي والنور في بصري والبصيرة في ديني ومتعني في جوارحي وأجعل سمعي وبصري الوارثين مني،وأنصرني على من ظلمنينوأرني فيه ثأري ومأربي واقر عيني، الله أكشف كربتي وأستر عورتي وأغفر لي خطيئتي وأخسأ شيطاني وفك رهانيواجعل لي الدرجة العليا في الآخرة والأولى))
ومن هنا نلاحظ أنه كان لا بد من عدم الاستسلام ومبايعة الطاغية يزيد لأنه كان من ناحيتين الناحية الأولى النفسية وهي أن سيدي ,مولاي أبا عبد الله (ع) ذو خلق كريم وطباع حميدة فكيف يبايع مثل يزيد والذي كانت حتى بيعته مشبوهة وفيها الكثير من التزوير والتدليس وسوف نأتي لاحقاً على ذكرها ،والناحية الثانية كيف يبايع هذا الملعون وهو شارب الخمور الفاسق ضارب الدفوف وقد أخذ الإسلام ينحون بنو أمية به إلى الجاهلية وأصبحت ليست خلافة ولكن دين ملوك يسيرون حسب ما تتفق به أهوائهم ومصالحهم الدنيوية وأنحرف الإسلام بفضلهم أيما انحراف لذلك وخرج وكان غايته طلب الإصلاح في أمة جده وليس كمغامر أو كطالب حكم أو خارج عن الدين أنشق عن خليفة المسلمين كما يصور الكتاب المأجورين والحاقدين على مذهبنا.
مكانة يزيد :
أما يزيد اللعين فلا مجال للمقارنة والتفضيل فهو في أسفل درك من الطباع والأخلاق ولكن أرددت أن أوضح مكانة من هم يدعون أنه أمير المؤمنين وخليفة المسلمين.
فيزيد هو كان محباً للهو والصيد وشرب الخمر أمه هي ميسون بنت مجدل الكلبية من بني كلب وهي التي كرهت العيش مع معاوية في دمشق وكانت تتشوق إلى عيش البادية فأرسلها معاوية مع أبنها يزيد إلى باديتها فنشا يزيد مع أمه بعيداً عن أبيه فكان أن نشأ كما يقال عندنا (ترباة أمراة )وقد إفادته عيشه في البادية الفصاحة وركوب الخيل وحب الصيد ورياضة الحيوانات وخصوصاً الكلاب وهذه الصفات تكون مدعاة للغرق في اللهو واللعب ولا تبني في همم الرجال وهذه في العرب تعتبر نقيصة وكان مغرماً بمعاشرة الشعراء ومجالس الشرب وولعه بالصيد يحجبه عن الاهتمام بأمور السياسة وكان من مهازله أن له قرد يدعوه(أبا قيس) ويلبسه الحرير ويطرز لباسه من الذهب والفضة ويحضره مجالس الشرب ويركبه على الجياد ويقول الشعر في مدحه، ويقول وقد يكون عبد الله بن حنظلة مصيباً في ذمه عندما يقول((والله ما خرجنا مع يزيد حتى خفنا أن ترمي بالحجارة من السماء.إن رجلاً ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة،والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت الله فيه بلاء حسناً)).وتجمع الروايات عن إدمانه الخمر وشغفه للملذات وتوانيه عن العظام وقد مات بذات الجنب وهو لم يتجاوز عمره السابعة والثلاثين ولعل أنه مات بتشمع الكبد المعروف طبياً للذين يدمنون على شرب الخمر وهو من المعروف شديد البنيان وضخم الجثة فأن الله أهلكه بهذا المرض في شرب الخمر ومعاقرته، والمعروف تخاذله وجبنه عن المهام العظيمة فلما سير أبوه جيش إلى القسطنينة لغزو الروم للدفاع عن دولتهم الأموية لمحاذتهم لهم تثاقل وتمارض حتى رحل الجيش وقال في ذلك شعراًً للدلالة على جبنه وهو :
ما إن أبالي بما لاقت جموعهم بالفرقدونة من حمى وم مسوم
إذا أتكأت على الأنماط مرتفقاً بدير مران عندي أم كلثوم
وشاع بين القوم خذلانه وجبنه في الحروب والمهام الجسام فلذلك لا يجوز وبأي كاتب المقارنة بين الثرى والثريا بينما نردد مقولة روحي له الفداء ((والله لا أجد إلا الموت سعادة والحياة مع الظالمين برماً)) فأي شجاعة وأي بطولة هو يحملها أمامنا الجليل (ع).
هذا هو سيدنا أبا الأحرار ومدى الورع والتقوى التي يتسم بها وأي بلاغة وفصاحة في مناجاة ربه ونقول إن كل مفكر وكاتب يعقد المقارنة مع اللعين يزيد فهو يرتكب أثم ومعصية كبيرة وأن يزيد إلا عبارة عن كومة من المثالب والسيئات والفسوق والفجور والإناء ينضح بما فيه.
بيعة يزيد :
أن بيعة هذا اللعين كانت بيعة مشبوهة وفيها كثير من اللغط والشبهات والمؤامرات في بيعته .ومن العلوم أن المغيرة بن شعبة كان والياً على الكوفة وأحس أن معاوية يريد أن يعزله عن الأمارة فكان معاوية يولي ويستخدمهم وعندما يحس بعدم حاجتهم يعزلهم كما كان يحصل في زماننا في عهد صدام الهدام والتاريخ يعيد نفسه وبما أنهم كلهم من حاشية بني أمية من عبيد الكراسي والدنيا فأراد ذلك أن يبقى فيها فلجأ إلى الدهاء كما يفعل سيده اللعين معاوية فلما أحس بذلك جاء إلى الشام ودخل إلى يزيد وقال للعين(لا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟)ولم يكن يزيد يصدق أنه أهل لها أو أن المسلمون يرضون به فقال يزيد للمغيرة(أو ترى يتم ذلك؟) وأخبر معاوية بذلك فعلم أنه هذه فرصته السانحة وأنه سيبادل(أي المغيرة) رشوة آجلة برشوة عاجلة..وسئل المغيرة عن ذلك فأخبره وزخرف له القول بأحقية يزيد العابث الماجن بولاية العهد وحتى معاوية كان يتهيب من ذلك ومعرفته بابنه اللعين فقال للمغيرة وهو متخوف من الأمر (ومن لي بذلك)فقال له(أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أمر أهل البصرة،وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك)وأمر أن يكتم الأمر ولايظهره إلى الملأ من بني أمية والناس لمعرفته ودهاءه في تسيير الأمور وأستشار زياد أبن أبيه وأوصاه بالكتمان وعدم نشر الخبر ولم يمنعه زياد لمخافة أن يغضب عليه معاوية ويحرمة من المصالح والمزايا التي يعيش بها وحتى أهل بيته كانوا ممتعضين من بيعة يزيد وأرادت زوجته الأخرى فاختة أرادت البيعة لأبنها عبد الله وقالت له(ما أشار به عليك المغيرة؟..أراد أن يجعل لك عدواً من نفسك يتمنى هلاكك كل يوم)واشتدت نقمة مروان على يزيد لأنه كان يرى أنه أحق بالملك وعندما طلب أخذ البيعة من أهل المدينة كتب إلى معاوية(أن قومك قد أبوا إجابتك إلى بيعتك) فعزله معاوية وولى المدينة إلى سعيد بن العاص وحاول أقناع عبد الله أبن الزبير وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر والحسين(ع) ولكن لم تنفع معهم كل حيلة وتهديد فكتب معاوية إلى سعيد(فهمت ما ذكرت من أبطاء الناس وقد كتبت إلى رؤسائهم كتباً فسلمها إليهم ..وأنشد عزيمتك وتحسن نيتك وعليك بالرفق وأنظر حسيناً خاصة فلا يناله منك مكروه فأن له قرابة وحقاً عظيماً لاينكره مسلم ولا مسلمة.. وهو ليث عرين، ولست آمنك إن ساورته ألا تقوى عليه) ومن هذه المقولة لمعاوية اللعين يعرف منزلة أبي الشهداء ومقدار حب الناس له وشجاعته وصفاته الكريمة التي يشهد بها عدوه قبل صديقه ولم يستجيب له أي من الذين ذكرتهم وهدد المذكورين ماعدا الحسين الذين لم يحضر لترفعه عن الحضور في مجلس معاوية فعند ذلك قام وقام يخطب بالناس وجعل رجل سياف على كل من أبن الزبير وأبن عباس وأبن جعفر وأمر صاحب حرسه بضرب أعناقهم أن كذباه في حالة الخطبة لأخذ البيعة للملعون يزيد وقال(هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا يبرم أمر دونهم ولا يقضي إلا على مشورتهم،وأنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد فبايعوه على أسم الله فبايع الناس وهكذا كانت البيعة المشبوهة في الحجاز والتي أخذت بالترهيب والتهديد ولم يبايع يزيد أهل البصرة والكوفة وخراسان إلا عدد قليل منهم ، ولم يبايع سيدي ومولاي أبا عبدالله(ع)فهل يرضى أمامنا بمثل هذه البيعة التي لا يقرها أي مسلم ولا حتى كافر ، وحتى مروان بن الحكم ثار ضده مع أخواله الذين ساندوه وذهبوا إلى الشام ولكن على عادة معاوية جرى لهم الأموال إليهم وإلى مروان فسكتوا وحتى سعيد بن عثمان بن عفان كان غاضباً على ملك يزيد ولكن معاوية رشاه وولاه خراسان فلذلك حتى بني أمية يبغضون يزيد وولدت البيعة في أضواء التوجس والخوف والإكراه وقطع الرقاب والذبح وآل الأمر إلى يزيد بعد موت معاوية وكتب إلى عامله الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (أن أخذ حسيناً وعبدالله بن عمر وعبد الله بن عمر بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام).فبعث الوليد إلى مروان بن الحكم يستشيره وكان في قرارة نفسه يريد الخلاص من يزيد والاستحواذ على الملك فقال له(أرى أن تبعث الساعة إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة.أما أبن عمر فلا أراه يرى القتال،ولكن عليك بالحسين وعبد الله بن الزبير،فأن بايعا وإلا فأضرب أعناقهما)وضرب أعناق الحسين(ع) وأبن الزبير هو الخلاص من أعظم المنافسين ليزيد..ثم الخلاص من يزيد نفسه بإثارة النفوس وأيغار الصدور عليه! وهذا دين الملوك والمؤمرات في بني أمية.وذهب رسول الوليد إلى الحسين فوجده في المسجد فعلم (ع) بما يراد منه وجمع طائفة من مواليه يحملون السلاح وقال لهم وهو يدخل إلى بيت الوليد((أن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا عليً بجمعكم وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم)) فلما عرضوا عليه البيعة ليزيد قال((أما البيعة فإن مثلي لا يعطي سراً،ولا أراك تقنع بها مني سراً)) ، قال الوليد(أجل!)قال الحسين(ع)((فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا معهم فكان الأمر واحداً)).ثم أنصرف ومروان غاضب لا يتكلم ..وما هو إلا أن تواري الحسين حتى صاح بالوليد(عصيتني والله!لا قدرت على مثلها أبداً حتى تكثر القتلى بينكم وبينه).فأنكر الوليد لجاجته وقال له(أتشير علي بقتل الحسين!والله إن الذي يحاسب بدم الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان يوم القيامة) ولاحظوا أن الكل كان متهيب من سيدي ومولاي(ع) وحتى إزعاجه وتهديده فكيف إذا كان بدمه والذي سفكه يزيد لعنه الله والكل عارفون منزلة روحي له الفداء ومن يكون ومن هو جده وأبيه وأمه.
وهكذا انتهت الأمور إلى ما آلت إليه وأصبح الطريق إلى كربلاء ومسيرة منية أبو الأحرار(ع) ضرورة حتمية واستشهاده كان أمراً مقضياً لطلب الإصلاح في أمة جده كما قال في خطبته المشهورة في جند الكفرة يزيد. وفي حلقات مقبلة سوف لنا وقفات في هذا السفر الخالد من استشهاد أبو الأحرار سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين (ع) الغريب والعطشان في كربلاء.
وسوف نستعرض في حلقات مسيرة أبو الثوار وسيد الشهداء وما رافقها من أمور نود أن نوضحها لكي نعرف ماهية هذه الثورة العظيمة التي قام بها سيد الشهداء وأن نستذكر الدروس والعبر من هذا السفر الخالد الذي بعثه لنا ريحانة رسول الله(ص) لكل الأجيال وليس فقط البكاء وعدم تذكر هذه الملحمة الخالدة والمشرفة في مذهبنا مذهب أهل البيت والتي حتى الأجانب دروسها واستخلصوا العبر والدروس تلو الدروس أليس يقول غاندي قائد تحرير الهند ((تعلمت من الحسين إن أكون مظلوماً فانتصر))، فحرياً بنا أن يكون لنا سعة في صدرنا لتقبل الرأي الآخر والرأي المقابل وأن نفهم ماهية الثورة الحسينية والتي بها صحح مسار الإسلام وأن نفخر بأننا من مذهب أهل البيت أليس يقول المفكر المسيحي أنطوان جبارة(التشيع هو أكبر نعمة منًِ الله بها علينا)وهو مسيحي درس مذهبنا وعرف من أهل بيت النبوة وكيف أن الاستمساك بهم هي نعمة يمن بها الله علينا فالتزموا بمذهبنا وأصبحوا صفاً واحداً وكالبنيان المرصوص .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا رسولنا الأكرم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
---------------------------------------------------------------------------
المصادر :
1 – أبو الشهداء الحسين بن علي.الكاتب المصري عباس محمود العقاد.نهضة مصر للطباعة والنشر
2 – أعلام الهداية : سيد الشهداء الأمام الحسين بن علي (عليه السلام).المجمع العلمي لأهل البيت.قم المقدسة.
3 – خطب من المنبر الحسيني وصفحات من الأنترنيت.
4 – الأمام الحسين حياته واستشهاده .الكاتب المصري مأمون غريب ، مركز الكتاب للنشر
|
|
|
|
|