المحور السادس
البداء:
مفهوم البداء قراءة جديدة وحديثة ومعاصرة لمفهومه ومعناه وارتباطه بالظهور
قاعدة مهمة : وجود أي شيء من الممكنات منوط بمشيئة الله .
البداء في التكوين : كالنسخ في التشريع هو الإبداء والإظهار .وإن الله لا يبدو له من جهل .
وهو من أعمق وأدق المفاهيم العقائدية ومن أهم الإجراءات والآليات الإلهية المتقنة والتي تتصف بالديناميكية واهم الأدلة والبراهين على إن الإنسان مختار في أفعاله وليس مجبورا ولقد اكتسب الأهمية من الأدلة العقلية والنقلية فالروايات تتحدث عن انه ما عبد الله بشيء مثل البداء واليكم بعض الأحاديث :
عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام: «ما عظم الله عز وجل بمثل البداء» الكافي باب التوحيد ص333ب54ح2.
عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: «ما عبد الله عز وجل بشيء مثل البداء» التوحيد: ص331ب54ح1.
وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ما بعث الله عز وجل نبياً حتى يأخذ عليه بثلاث خصال: الإقرار بالعبودية وخلع الأنداد وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء» الكافي -التوحيد: ص333 ب54 ح3.
وعن مرازم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «ما تنبأ نبي قط حتى يقرَّ لله عز وجل بخمس: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة» التوحيد: ص333 ب54 ح5.
والمراد بالمشيئة الاعتراف بأن الله مريد وليس مجبوراً كما يقوله بعض الفلاسفة.
وعن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: «ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وان يقر له بالبداء» التوحيد: ص333ب54 ح6.
وعن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه» التوحيد: ص333 ب54 ح7.
البداء هو عملية إدارة الحياة والإحداث وفقا للمتغيرات والقرارات التي يتخذها المخلوق المختار في مسيرته بناءا على التغذية الراجعة من تقييم الواقع واستنادا إلى نظام المصالح والمفاسد الذي يعتبر ملاك الإحكام التشريعية والتكوينية .
حينما نطالع آخر ما توصلت إليه هندسة العمليات وعمليات التحكم بالذات نجد أن أكمل العمليات واحكمها وأكثرها تحقيقا للنتائج هي ذات الدورة المغلقة والتي يتم اخذ نسخة وعينة من مخرجات العملية كتغذية راجعة يتم على ضوءها تقييم الناتج وإظهار أو إبداء إشارة تغيير وقيمة مضافة من اجل تغيير نتائج ومخرجات العملية .
إن أهم المتغيرات هو نتيجة اختيار الإنسان واقصد بالإنسان كعنوان ومفهوم كلي (يعني كل البشر ) ولنرمز له المتغير (x) وهذا المتغير يأخذ قيم كثيرة تصل إلى ما لا نهاية وبحسب علم الإنسان المحدود لتعدد البشر واختياراتهم فكثير من القضايا التي تواجه الإنسان مثل المأكل والملبس والمعاملات الحياتية والإحداث المختلفة التي تعرض علي وتواجهه تحتاج إلى قرار واختيار .
فالمدى ألقيمي للمتغير (x) هو غير متناهٍ في إطار العلم البشري ولكنه متناه ٍ في إطار العلم الإلهي الذي أحاط بكل شيء وأحاط بجميع القيم للمتغير بسبب إحاطته علما بجميع نتائج عملية الاختيار للإنسان حيث بما أن القيم جميعها معروفة للخالق فلم يبقى سوى انكشاف وانطباق نتيجة الاختيار على إحدى القيم المعروفة من قبل الخالق فتكون العملية عملية انكشاف للحدث من قبيل مبدأ الثواب والعقاب أو القوانين الجزائية التي تنص إن لكل جريمة جزاء وعقوبة .
إن العلم الإلهي محيط بكل شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر إلا في كتاب مبين وهو علم الله وقد صنف العلماء هذا العلم بناءا على الروايات إلى قسمين من حيث الأخبار والاطلاع عليه كما يلي:
1- علم مكنون ومخزون عنده لم يطلع عليه احد من الخلق .
2- علم اخبر به ملائكته وأنبياءه ورسله . وهذا النوع ينقسم الى قسمين
• علم وقضاء محتوم
• علم وقضاء مشروط (والذي يغطي معظم حالات ومعاملات الانسان )
والبداء يتعلق بالعلم والقضاء المشروط وهو دالة (كما يقال في الرياضيات) للمتغير او تحقق الشرط مع شرط عام للجميع وهو تعلق المشيئة الالهية به . وللتمثيل على ذلك فان الروايات التي وردت بالحث على الصدقة لزيادة العمر ودفع البلاء وصلة الرحم وآثارها المترتبة وغير ذلك كثير.