188 - الرافضي ـ السويد (الموقع الخاص): لقد ذكرت عده روايات أن اليماني الموعود من اليمن ومن صنعاء أو من مناطق قريبة من صعده، وانه يمهد الوضع في مكه للإمام (روحي له الفداء) .. وسماحه الشيخ يقول انه من العراق وفيه، فكيف سيذهب من العراق إلى مكة؟ لنصره الإمام وأخذ البيعة له. فهل هناك دليل نقلي على ذلك؟ أرجو التوضيح.
الجواب: للرد على سؤالكم أذكر نقاطاً على سبيل الإيجاز وقد تحدثنا بإسهاب وتفصيل عنها في كتابينا راية اليماني الموعود والجزء الثاني من علامات الظهور بحث في فقه الدلالة والسلوك.
أولاً: سبق أن ناقشنا كل الروايات (وأؤكد على كلمة كل الروايات) التي ذكر فيها اليماني وتبيّن لنا يقينياً أن أي رواية معتبرة عن أهل البيت عليهم السلام لم تتحدث عن أن اليماني من اليمن، بل أثبتنا بالدليل القاطع أن بعضاً من الروايات التي ذكرت اليمن تم التلاعب فيها من قبل النسّاخ والشرّاح وهذا التلاعب هو أحد مصادر هذا الفهم، نعم توجد روايات لأهل العامة تتحدث عن يمنية اليماني وهي كما هو واضح لا تلزمنا بشيء.
ثانيا: لا توجد أية رواية تتحدث عن أن اليماني سيمهّد للإمام عليه السلام في مكة، بل إن مكة ستبقى منتفضة ضد الإمام صلوات الله عليه حتى آخر لحظة، وإلا كيف تقتل مكة النفس الزكية قبل خروج الإمام باسبوعين؟ وكيف ستستدعي السفياني قبل خروج الإمام روحي فداه بحوالي اسبوع؟
ثالثا: الروايات لم تذكر أي أعمال عسكرية لليماني الموعود إلّا في الكوفة ولم تتطرق إلى أي أعمال أخرى، وقد حللنا الوضع الأمني والعسكري في زمن اليماني الموعود وكذا الخارطة الجيوسياسية لذلك الزمن، فوجدنا أنه من المستحيل أن يتمكن هذا العبد الصالح من اختراق اليمن باتجاه الحجاز، ولو فعل جدلاً، فمن المستحيل أن يستطيع ان يتجاوز الحدود العراقية وذلك لسبب بسيط هو أن الحدود اليمنية والحدود العراقية ممسوكة بيد نظام ناصبي معاد لأهل البيت عليهم السلام، والحدود العراقية السورية ستكون بيد الاحتلال التركي الذي سيحتلها من بعد الضربة النووية للشام، كما وأن الحدود الشرقية ستكون بيد الخراساني، فمن أين سيلج هذا العبد الصالح إلى العراق؟
ولهذا فإن سؤالكم كيف سينصر الإمام عجل الله فرجه في مكة؟ وهو وإن لم يك قد ورد في الروايات فلربما تكون هذه النصرة تأتي لاحقا أو من خلال وجوده في الكوفة، ولكن كيف أجزت أن يخرج من اليمن ويخترق كل الحجاز قبل ظهور الإمام عليه السلام والحكم في الحجاز حكم ناصبي، ولم تستطع أن تجيز لهذا العبد الصالح الخروج من العراق لمكة في وقت يكون فيه الإمام عليه السلام قد اطاح بمقدار من حجم الحجاز على الأقل؟ مع تأكيدي بأن خروج اليماني إلى مكة أو التمهيد للإمام روحي فداه فيها قبل ظهور الإمام مما لم تتحدث عنه روايات أهل البيت عليهم السلام، ولم يأت له ذكر لا من قريب ولا من بعيد.
رابعاً: حديث الاستباق بين اليماني والسفياني من جهة وبين اليماني والخراساني من جهة والذي يعبّر عنه بأنه تسابق فرسي الرهان، يفترض منطقياً أن تكون المسافات متقاربة لكي يتم وصف السباق بأنه تسابق فرسي الرهان، ولا معنى لمثل هذا السباق حينما تكون المسافة بين اليمن وبين الكوفة هي 2200 كم وهي مسافة لا تماثل مسافة الخراساني المقبل من الكوت إلى الكوفة ولا السفياني المقبل إليها من منطقة مقاربة للكوفة في زمن تحقيق هذا السبق بينه وبين اليماني.
خامساً: هناك فهم عامي لروايات اليماني وقد اعتاد عليه الناس منذ زمن أصحاب الأئمة عليهم السلام ولكن هذا الفهم لا يعنينا بشيء لأن ما يعنينا هو قول المعصوم ومنطق قوله، وهذا المنطق يدلّنا على استحالة ان يكون اليماني في خروجه يخرج من اليمن نعم يمكن القول بأن رجلاً أصوله يمانية يخرج من جنوب العراق ووسطه وكما هو معروف فإن عشائر الجنوب والوسط في غالبيتها العظمى ذات أصول يمانية.
189 - مهند (الموقع الخاص): بالنسبة للشخص المسمى علي في النجف الدي سيكون له موقف من السفياني فيلاحقه واتباعه، والمحتمل أن له شأن ديني، هل لايعرف توصيات أهل البيت في عدم مواجهة السفياني في البداية؟.
الجواب: هذا الشخص أشير إليه وفق تحليلنا في رواية عمر بن أبان الكلبي، عن الإمام الصادق عليه السلام إذ قال: كأني بالسفياني أو لصاحب (بصاحب ظ) السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأس رجل من شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره، يقول: هذا منهم! فيضرب عنقه وياخذ ألف درهم.. الخبر.[1]
وقد ظاهرنا في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور بحث في فقه الدلالة والسلوك[2] أن المراد بكلمة شيعة علي في هذه الرواية ليس مطلق شيعة أمير المؤمنين عليه السلام كما هو توهّم غالبية من مرّ على الرواية، بل المراد هنا شخص اسمه علي وله شيعة يتبعونه، لأن الرواية تشير إلى وجود شيعة لغير علي في الكوفة، بل يمكن القول بأن الرواية تتحدث عن أن شيعة علي هم الأقل في الكوفة، وإلا لما اضطر قائد جيش السفياني عليه لعائن الله للبحث عنهم.
وسبب عدم قولنا بأن المراد بالرواية هم شيعة الأمير صلوات الله عليه، فلإعتبارات عدة أذكر منها ثلاثاً:
الأولى: إن اسم علي ورد هنا بلا قرائن الإشارة للأمير صلوات الله عليه، فلا يوجد هناك تجليل كما هو دأب الأئمة حينما يذكرون جدهم صلوات الله عليه وعليهم، كما ولا يوجد في الرواية أيُّ ما يُشعر بحصر الكلمة بالأمير عليه السلام، وحيث أنها أطلقت بهذه الطريقة فإن مجال الحصر ينعدم، مما يفتح الباب لملاحقة القرائن الأخرى، وهي تدلنا بوضوح أن المراد هنا ليس الأمير عليه السلام كما سيتبين.
الثاني: إن الرواية لو أريد بها مطلق الشيعة، فإنها عندئذ ستشعرنا بوجود تغيير ديموغرافي هائل سيجري في الكوفة بالشكل الذي يجعل الشيعة فيها هم القلة وغير الشيعة هم الأكثرية، وهذا غير متصوّر لعدة أجيال لاحقة ربما تمتد لمئات السنين.
الثالث: إن السلوكية العامة للسفياني لن تستهدف الشيعة إلا من بعد اقتحامه لبغداد، وهو في بغداد وفقاً لروايات أهل البيت عليهم السلام لن يفتعل مجازر في وسط الشيعة، نعم يرد ذلك في روايات العامة ومسألة القبول بذلك فيه ممانعة لأننا سبق أن لاحظنا ان العامة هوّلوا أمر السفياني وأخرجوه من المظهر العادي للرجال، وحوّلوه إلى أشبه ما يكون بالسوبرمان بالصورة التي عرضنا لها في محاضراتنا عن ذلك في ملتقى براثا الفكري، ولا يوجد لدينا أي دليل على افتعاله لمجازر في الحلة أو في أي منطقة أخرى خارج نطاق الكوفة، ويساعد على نفي ذلك أن الوقت المتاح له قبل وصول اليماني والخراساني إلى الكوفة قليل جداً مما لا يتيح له المجال لكي يفتعل ذلك حتى لو أراد، وإذا ما كان ذلك كذلك فما من ريب أنه لن يذهب للنجف للإنتقام من مطلق الشيعة، وإنما سيذهب للإنتقام من رجل اسمه علي ولعله هو من وصفته رواية عمار بن ياسر رضوان الله عليه بأن السفياني يقتل: أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله، ويقتل رجلاً من مسّميهم[3] وهو امر طبيعي إذ من غير المتصوّر ان يكون علياً هذا من مجاهيل الناس، بل لا بد من أن يكون له بروز ديني او سياسي كبير جدا، ولعل ما جاء في وصف رواية عمار بأنه يقتل أعوان آل محمد ما يعطينا ثقة كبيرة بأن الرجل له بروزه الديني المتميز، وإلا ما وصف شيعته بانهم أعوان لآل محمد صلى الله عليه وآله، ويؤكد ذلك انتفاضة أطراف الكوفة على السفياني ووقيعته بهم يبرز لنا بأن العشائر المحيطة بالكوفة والمراد بها النجف، ستهاجم السفياني ثأراً لعلي هذا، ولكن ابن آكلة الأكباد سيفتك بالمهاجمين ويلاحقهم إلى منطقة القادسية النجفية مما يسبق نهر الفرات، ولذلك قيل بأن أحسن الناس حالاً يومئذ هم من يعبرون الفرات، كما هي فحوى رواية أبو حمزة الثمالي رضوان الله عليه.[4]
أما هل أن هذا الرجل لا يعرف بتوصيات الأئمة عليهم السلام بعدم مواجهة السفياني حال هجومه على الكوفة؟ فالأمر ليس كما تتصورون، لأن التكاليف العامة قد لا تنطبق على كل الأشخاص بحكم منزلتهم وشأنيتهم، كما هو حال التطليف العام بالحج للمستطيع، ولكن هذا التكليف لا يشمل غير المستطيع، وهكذا الأمر هنا فقد يكون من له منزلة عظيمة لدى الشيعة محرم عليه أن ينسحب أمام السفياني لأن انسحاب قد يفسّر بأنه فرار لكل الشيعة، ولهذا فالمتصوّر الطبيعي أن الرجل يعمل بمقتضى ما يراه من التكليف الشرعي المناط به بالرغم من إحساسه بالخطر الداهم الذي قد يكلّفه حياته وهذا مقتضى المقام العالي للمتقين، ولا يوجد أي مجال للقول بأنه لا يعرف بهذه التوصيات.
190 - جهاد قنديل ـ جنوب لبنان (الموقع الخاص): لقد وجدت من خلال مراقبة العلامات التي تحققت أنها تتسم بالغموض مثال على ذلك الغارة النووية التي تعرضت لها سوريا فقد لاحظت أن أغلب الناس لم يعلموا انها الضربة التي تحدثت عنها الروايات، فهل القصد من ذلك أن يكون تحقق العلامات غامضاً لكي لا يصبح الفرد المنتظر مجرد متلقي ومشاهد، بل لكي يتم تمحيص المنتظرين وحثهم على التحليل والرفع من مستواهم الفكري؟ و هل ممكن أن ينسحب هذا الغموض على خروج السفياني بحيث لا يكون الحدث ظاهرا بشكل واضح لعامة الناس في مرحلته الاولى؟
الجواب: طبيعة العلامة لا ضرورة في أن تكون واضحة لكل الناس، فالوضوح وعدمه هو مسألة معرفية، ترتبط بمقدار معرفة الناس بالعلامة المعنية، وبطبيعة القرائن الزمانية والمكانية الحافة بهذه العلامة، ومن ثم بطبيعة فقه هذه العلامة، ومن الواضح أن الثقافة العامة في شأن العلامات لا زالت تعاني من هيمنة المنهج الحشوي عليها وهو المنهج الذي يسترسل مع أي علامة دون التدقيق بهويتها ومصدرها، كما وأنها لا زالت تعاني من مسألة أخذ الروايات بشكل مستقل عما يحفّ بها من ملازمات روائية وما يستلزمه منطق هذه الروايات، ناهيكم عن أن الثقافة المهدوية لا زالت بسيطة في السواد الأعظم للناس، والنخبة منها تعاني من مشكلة الإفراط والتفريط في التعامل مع القضية.
ولهذا لا غرابة من أن تمر هذه العلامة من دون اكتراث الكثيرين، رغم أنها كانت مورد جدل في أول حديثنا عنها، إذ قوبلت بالكثير من النكير في أول ما تحدثنا عنها، وحينما حصلت هذه العلامة راح نفس المنكرين يؤكدون النكير بأنها ليست نووية مع أن الخبراء والمختصين يتحدثون عن ذلك قبل أن نتحدث عنها، وغالبية المنكرين كانت لديهم صورة واحدة عن القنابل النووية ولا يمكنهم تصور ان القنابل النووية باتت أجيالاً وأنماطاً متعددة.
وحينما قلنا منذ ما ينيف على السنتين بأن المراد بالرايات الصفر هو حزب الله وقوبلنا كما اعتدنا من بعض الجهات بالنكير معتبرين ذلك حديثاً في دائرة الولاءات السياسية، وحينما دخل الأخوة الأبطال في الحزب في معركة القصير ورأوا أن علامتين ذكرناهما بشكل متميز لم يتطرق إليه أحد من قبل واتهمنا بسبب ذلك بأننا نخالف المشهور، وقد تعاقبتا بنفس الطريقة التي أشارت إليه رواية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وضمن ظروف تجمع في خصوصياتها على اقتران عشرات العلامات في حزمة واحدة، ولكن بقي النهج التقليدي المشكك في كل شيء يخالف الصورة العامة التي أوجدها النهج الحشوي على موقفه وموضعه.
وبطبيعة الحال لن أستغرب لو حصلت علامات أخرى لبقيت حالة الغفلة هي السمة الغالبة، وما يجب أن يعتني به الإنسان المنتظر خلال هذه الفترة، هو أن يعمل بتكليفه تجاه هذه القضية العظمى حتى لو خالفه كل الناس، وعليه أن يلبي كل أغراض الإستعداد المطلوبة لما تنبؤنا به بقية العلامات، فإن كان هذا هو ما تحدثت عنه الروايات فإننا نكون قد أوفينا عهدنا مع إمامنا صلوات الله عليه وكنا من السباقين في عالم النصرة والتمهيد، وإن كنا مشتبهين فما الضير في أصل عملية الإستعداد وسوق الناس للتعامل مع قضية الإمام صلوات الله عليه بجدية أكبر وبروح تراعي الأعمال أكثر مما تراعي العواطف والأفكار.
إن من الواضح أن الغموض ينشأ من نقص المعرفة ولذلك فإن الرد الطبيعي على حالة الغموض هذه هي الإندفاع باتجاه مزيد من الوعي لثقافة العلامات وفهم دلالاتها.
191 - جهاد قنديل ـ جنوب لبنان (الموقع الخاص): هل من الممكن أن يخرج السفياني من دون حصول زلزال حرستا، فكما نرى أن شهر رجب أصبح في نهايته، أم أننا يمكن أن نقول أنه عندما لا يحصل زلال حرستا فليس هناك خروج للسفياني؟..
الجواب: السفياني من المحتوم، وقد جاء ذكر رجب في أحد الروايات وكأنه من المحتوم أيضاً، ولكن الزلزال ليس من المحتوم، ولا علاقة عضوية أو موضوعية بين الزلزال والسفياني، وإن ذكر أمرهما في روايات عديدة، غير أن ما نعبّر عنه بغير المحتوم يجب أن لا يسقطه كأولوية في الحدوث، فغير المحتومات من العلامات عادة ما تكون مرتبطة بطبيعة الحراكات الاجتماعية، وقد ذكرت في العلامات كي تكون منبّهات، وبعضها كأجراس إنذار مسبّقة، والبداء وإن جعلها قابلة لعدم التحقق، إلا أن ذكرها في الروايات يجعل احتمالات الحدوث متقدمة على عدمه. والزلزال وإن لم يك حراكاً اجتماعياً إلا أن لازمه ومحركه المعتاد ـ وهو الرجفة ـ قد حدث على ما يبدو لنا في تقييمنا لحادثة القصف الإسرائيلي في 5\5\2013، وبالتالي فإن حصوله لا زال مما يجب توقعه،
192 - جهاد قنديل ـ جنوب لبنان (الموقع الخاص): تحدثت الروايات عن الدجال، فما هي صحة فكرة الدجال؟ والبعض من العلماء يتبنّون فكرة أن الدجال ممكن أن يكون حالة استعمارية على الصعيد الفكري والسياسي والعسكري والثقافي بقيادة الدول الراسمالية؟.
الجواب: مما لا شك فيه أن أحاديث الدجال المكثفة في كتب العامة لا وجود لها في حديث أهل البيت عليهم السلام، وقد جعلت أحاديث العامة الدجال بعنوانه من أشراط الساعة ومن أحاديث آخر الزمان، واحاطته واحداثه بأوصاف كثيرة ومثيرة، إلا أن ذكره في كتب أهل البيت عليهم السلام جاء مجرداً عن كل ذلك، وخاصة في ربطه بأحداث الظهور، اللهم إلا رواية ذكرها الشيخ الصدوق قدّس سرّه بسند ضعيف إلى المفضل بن عمر الجعفي رصوان الله عليه في روايته عن الإمام الصادق عليه السلام في شأن خلق الأنوار الأربعة عشر صلوات الله عليهم وفي آخرها: آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته، فيقتل الدجال.[1]
وخبر آخر رواه الشيخ الصدوق بسند عامي إلى وهب بن منبّه وفيه قال: وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان وظهور السفياني،[2] وقد تسامح الشيخ المفيد رضوان الله عليه بسند هذا الخبر وذكره في الرسائل العشرة في الغيبة.[3]
وكل هذه مما لا يمكن التعويل عليها في بناء فكرنا على قضية الدجال سواء قيل بأنه شخص أو أنه ظاهرة سياسية أو عقائدية معينة، وإن كانت التحليلات التي تذهب إلى تحويل الشخصيات إلى ظواهر اجتماعية كما حصل في تحويل السفياني من حالة شخصية إلى حالة اجتماعية ونفس الأمر مع الخراساني وغيره مما يفتقر إلى الدليل، ومما لا سبيل للتثبت منه.
193 - جهاد قنديل ـ جنوب لبنان (الموقع الخاص): ذكرت الروايات أنه بعد الانفجار النووي تخرج الرايات الصفر من غرب الشام، وأيضاً تحدثت الروايات عن معركة قرقيسيا قبل خروج السفياني، فهل قرقيسيا هي محافظة القصير التي جرت فيها المعركة بين اصحاب الرايات الصفر الذين أتو من غرب الشام؟ والرواية تقول أن في معركة قرقيسا ستأكل سباع الارض وسباع السماء من لحوم الجبارين وقد قال لي أصدقاء شاركوا في معركة القصير أن الطيور و الحيوانات المفترسة كانت تأكل من جثث نوات جيش السفياني؟.
الجواب: معركة قرقيسياء لا شك أن لا علاقة لها بالقصير وما جرى فيها لأن قرقيسياء تقع في منطقة دير الزور عند مصب نهر الخابور وتسمى اليوم بالبصيرة، وهي حدث يحصل بعد الاحتلال التركي لشرق سوريا بين الأتراك وبنو قيس من جهة وبين جيش السفياني من جهة أخرى، وتكون الجولة على الأتراك وبنو قيس لصالح السفياني.
194 - جهاد قنديل ـ جنوب لبنان (الموقع الخاص): بخصوص الصيحة التي رمضان ممكن أن تكون عبارة عن هدّة قوية جداً، لا أن تكون صيحة كلامية؟.
الجواب: الصيحة في شهر رمضان هي الصيحة الجبرئيلية ولا علاقة لها بالهدة وما إلى ذلك، والظاهر فيها المنسجم مع غاياتها هي أن تكون الصيحة كلامية، لأن هذه الصيحة إنما تبتغي في أهم غاياتها الإعلان عن ظهور الإمام صلوات الله عليه، وتكون مسموعة في كل العالم ويسمعها أهل كل لسان بلسانهم، مما يستبعد أي إمكانية للقول بأنها فعل غير كلامي، لأن أعتى الأفعال وأكثرها قوة لا يمكن أن تحدث هذا الأثر الذي تحدّثت عنه الروايات.
195 - سالم (جامع براثا): هناك من طرح مؤخراً استحالة ملاقاة الإمام عجل الله فرجه ورؤيته وأنه لم يلتق به أحد ولن يلتقي به أحداً، معبّراً عن أنه يفتي بذلك! وقد تحدّث بطريقة التهكم بالدعاوى بالملاقاة، والتي تتحدث عن أن الإمام عليه السلام دلّ فلاناً على الطريق أو ما أشبه ذلك! فما هو رأيكم؟
الجواب: استمعت إلى الحديث الذي طرح مؤخراً وتأسفت لذلك أيّما تأسّف، خاصة وأن ما يتحدّث عنه في هذا المجال هو مخالف لنفس المباني التي سبق له أن تحدّث عنها بنفسه، وبمعزل عن البعد الشخصي في الموضوع، فإننا يمكننا أن نلاحظ التالي:
أولاً: إن مثل هذه القضايا لا يسري عليها الإفتاء، فالإفتاء إنما هو للأحكام الشرعية، وليس في البين حكم شرعي حتى نتحدث عنه بطريقة الفتيا، وإنما هي مسألة ترتبط بالتاريخ والحديث والعقائد.
ثانياً: إن الرواية الشريفة التي يتم الاستناد إليها في هذا المجال هي قول الإمام صلوات الله عليه: وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر.[1]
وهذه الرواية مهما تشددنا فيها فهي لا تذهب إلى نفي الملاقاة، بل ولا يمكن أن نتلمس منها ذلك، فهي خاصة بمن ادعى المشاهدة، وما من ريب فإنها لم تنف ملاقاة من لم يدّع المشاهدة، فالتوقف هنا خاص بدعوى المشاهدة أيّاً كان تفسير المشاهدة، ولكننا لا نجد أي توقف في شأن من لاقى ولم يدّع ذلك، فمن تشرّف بالحضور بين يدي الحجة صلوات الله عليه ولم يدّع ذلك من أين يتأتّى لنا أن ننفي عنه هذه الملاقاة؟.
وبالرغم من أن المشاهدة الممنوعة هنا وفق هذا الخبر وسياقه هي المشاهدة التي تنبئ عن النيابة للإمام روحي فداه أو تعرب عن السفارة عنه بأبي وأمي بالنسبة لمن يدعيها، لا أية مشاهدة أخرى، وهذا هو مبنى العلماء الأعلام.
ثالثاً: لا أدري من أين أتى المتحدّث بنفي الملاقاة بهذه الطريقة الجازمة، مع أن هذا الأمر يتنافى مع المعطيات العقلية والعقائدية والنقلية والتاريخية، فمن الناحية العقلية البحتة فإن نفي الملاقاة بالطريقة التي أشار إليها المتحدث يستدعي إلزام نفس الإمام صلوات الله عليه بعدم الملاقاة، لأن الملاقاة تارة تحصل من طالبها من الإمام روحي فداه، وأخرى تحصل من نفس الإمام صلوات الله عليه لسبب وآخر، وهذا الإلزام إما أن يكون تشريعياً، وهو أمر لا يمتلك المتحدّث أي مستند عليه من جهة النصوص الشريفة، وإما أن يكون تكوينياً، وهو محال لأنه يستلزم أن تكون إرادة الإمام صلوات الله عليه مجبرة.
ومن الناحية العقائدية فإن الملاقاة إذا استهدفت تبديد الشكوك التي تعتمل في العادة في داخل النفوس نتيجة لحالة الغيبة، وعملت على ترسيخ الهداية في النفوس واخراجها من حالة الضياع والإرتياب الناجم من طول الغيبة، ألا تكون من جملة واجبات الإمام روحي فداه؟
ولا يمكن التحجج بأن الملاقاة تمت لأمور بسيطة، لأن ما استصغره المتحدّث أكبره القرآن الكريم وسيرة الأئمة صلوات الله عليهم، وإلا ما جدوى أن يعرض علينا القرآن الكثير من الأعمال الخاصة بالأنبياء عليهم السلام والتي تعلقت بأفراد عاديين كما هو الحال في ما فعله العبد الصالح مع الغلام والسفينة والجدار، وما فعله عيسى عليه السلام بإبراء الأكمه والأبرص وإحيائه للموتى وأمثال ذلك.
وبخلافها فما جدوى أن نرى أعمال الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام وقد أولوا عناية خاصة بأفراد عاديين جداً؟ أقول: ما جدوى هذه الأعمال؟ لو نفينا عنها مطلب الهداية وتأثر الناظرين والسامعين لهذا الأمر بما يترتب على ذلك، ولكنها كانت ذات فائدة عظيمة عملت على تثبيت القلوب وتنبيه العقول وتذليل النفوس لأغراض الهداية وكلها تمت وهي تتوخى الآثار المباشرة وغير المباشرة لمثل هذه الأمور، وهنا علينا أن نتذكر أن ما جرى مما نتصوره بأنه مجرد شأن شخصي خاص بهذا الشخص او ذاك، إنما يثبّت نصاً، وهذا النص من المجزوم به لن يكون خاصاً بعصر صاحب النص، ولا خصيصاً بخصوصية شخص المنصوص عليه، وإنما سيدخل ضمن بنى التأثير العقائدي والمعنوي في الأمة، مما يخرجه من الشأن العادي ويحوّله إلى شان تربوي تعنى به الأمة.
لقد قرأنا قصة الشيخ ابن قُولويه رضوان الله عليه في سعيه للقاء الإمام صلوات الله عليه في سنة نصب الحجر الأسود بعد سرقته من قبل القرامطة عليهم لعائن الله، وقرأنا قصص السيد بحر العلوم الكبير رضوان الله عليه وكذلك مئات القصص التي تركت آثاراً في غاية الأهمية مع مرور الأجيال واحتدام الفتن وضيق الآفاق، ولا زالت تعطي ثمار جدية في تربية الناس، مع التنويه إلى أن من الوهم بمكان أن نتصور أن الأمة هي طبقة الفلاسفة والمتفلسفين أو طبقة النخبة وما يقرب منها بحيث قد يبدو بأنها لا تحتاج إلى مثل ذلك، فالسواد الأعظم للأمة هي أبعد ما تكون عن مثل هذه الطبقات، ومن يريد أن يمارس منهجاً تغييرياً وعميقاً في الأمة عليه أن يعتمد نفس أساليب مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وهي الأساليب التي قيل في الكثير منها ما قيل من طبقة المتفيقهين وأنصاف المثقفين بأنها مما لا معوّل عليها في نهوض الأمة، وتبين من بعد ذلك أن لها الدور الأعظم في تعبئة الأمة وترصيفها ضمن طريق الهداية، وإن كان بالمعنى الارتكازي لهذه الكلمة.
وكلامي هذا يجب أن لا يفهم بأني أدعو إلى الخرافة وتسطيح الوعي وما إلى ذلك، فشتّان ما بين هذا وذاك، ولكن كما قيل في الشعائر الحسينية ومن قبلها على المنبر الحسيني ومن قبلها على الحسينيات ومن قبلها على الشهادة الثالثة في الأذان ومن قبلها عشرات القضايا ووسمت جميعها بأنها طريق الخرافة وأساليب غريبة عن الدين وغير لائقة بمشروعه الحضاري و.. إلخ، ثم تبيّن أن هذه الآليات على بساطتها الظاهرية كان تحمل أعماقاً في البناء الاجتماعي لم يرصدها جميع هؤلاء، وأن لها قدرة تعبوية فريدة في التفاعل مع آليات التغيير الاجتماعي، وتبيّن من بعد ذلك أن هذه الآليات هي التي سوّرت المذهب وأحاطت به حراسة وصوناً وحفظاً، وكان من نكبة الوعي أن من حسبوا أنفسهم من أهل الثقافة والفكر ابتعدوا عنها، بحجة أن من يمارسها عليه المثلبة الأخلاقية الفلانية والمنقصة الكذائية، وراحوا يشنّعون عليها أشد التشنيع ولكن ما أن تعاونوا على إسقاط هيبتها حتى علا الجميع ظلم الظلمة وجبروت الطغاة، وكم كان الأجدر بهم أن يتحدّثوا بحديث الترشيد لأصحاب المثالب والتوعية لأصحاب النقائص، فليس العيب في صلاة الفسقة، وإنما العيب في نفس الفسقة أنهم لم يقدّروا الصلاة حق قدرها، فهل نمنع الصلاة بسبب وجود أنماط من هؤلاء؟.
وما من شك أن هناك من ذهب في مسألة الملاقاة إلى طرق الدجل واسترزاق الناس كذباً وزوراً، وما من شك في أن البعض امتهن هذه القضية بصورة رخيصة، ولكن كل ذلك ليس بمدعاة للإنتقاص من نفس القضية، وإنما هو التصدي للدجاجلة وفضحهم وقطع الطريق عليهم في أن ينفذوا لوعي الناس أو يستغلوا عواطفهم ومشاعرهم الطاهرة تجاه إمامهم صلوات الله عليه.
ومن الناحية النقلية فقد صرحت غير رواية عن أن الإمام صلوات الله عليه يلتقي خدّامه ومن يلون أمره، فلقد روى الكليني موثّقة إسحاق بن عمار الصيرفي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: للقائم غيبتان: احدهما قصيرة، والأخرى طويلة، الغيبة الولى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه.[2]
وروى الشيخ النعماني مثلها ولكن فيها: إلا خاصة مواليه في دينه.[3]
وكذا ما رواه الشيخ النعماني بسنده للمفضل بن عمر الجعفي رضوان الله عليه عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين: أحدهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: قتل، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلاّ نفر يسير، لا يطّلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره، إلاّ المولى الذي يلي أمره.[4]
وهذه الروايات وغيرها دالّة على حصول الملاقاة وإن حصرتها بخاصة الخاصة، ولكنها تؤكد على حصول الملاقاة.
أما من الناحية التاريخية فلدينا حديث متواتر عن ملاقاة الكثيرين للإمام صلوات الله عليه، ولا سبيل لنفي ذلك، لأن النافي لا يمتلك دليل النفي، نعم يمكن له أن يقول بأني لم اطمئن لحصول ذلك، أو أن أخبارها لم تصلني بالطريق الذي أثق به، ولكن النفي بهذه الطريقة يمثل مجانبة كبيرة للأصول المعتمدة في مجالات كهذه، خصوصاً وأن ذلك يقدح بالمئات من العلماء والصالحين بدون مستند، وهؤلاء جميعاً لم يتحدّثوا عن سفارة أو نيابة وإنما حكوا عن أنهم تشرّفوا بلقياه روحي فداه بنحو من الأنحاء.
[1] كمال الدين وتمام النعمة: 516 ب45 ح44، غيبة الطوسي: 295 ح365 وفيه: كذّاب مفتر.
196 - أبو هادي العاملي ـ لبنان (الفيسبوك):هل هناك إرتباط برأيكم، بين ما يحصل الآن في سورية، وبين فتنة الشام، وحركة السفياني التي وردت في أحاديث علامات الظهور؟ وحبذا لو تعطوننا بعض الأدلة؟.
الجواب: ما من شك أن الذي يجري في سوريا هو فتنة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فالذي يجري ليس مجرد نزاع عسكري على هذه المنطقة او تلك، كما اعتدنا أن نراه في النزاعات العسكرية، ولا يمكن أن نسميه بانه مجرد نزاع سياسي، فما يجري فيه لم نألف له مثيلاً في النزاعات السياسية، خاصة حينما نرى نزعات الاستئصال والحقد التي تضرب بصورها على المشهد السوري، ويبدو أننا لم نشهد تحالفاً على الكذب والخداع في أي نزاع جرى في تاريخنا المعاصر كما نشهده في هذا النزاع، ولذلك فهو فتنة بكل ما للكلمة من معنى، ومن المحقق أن روايات الشيعة والسنة على حد سواء تحدّثت عن الفتنة الممهدة لمجيئ السفياني عليه لعائن الله، وهذا ما يضعنا أمام معطيات يجب أن تثير اهتمامنا البالغ بها، لأن هذه الفتنة قد تكون هي نفس الفتنة الموصوفة في رواياتنا.
وحتى نتأكد من ذلك لا بد لنا من إيجاد عملية تقريب مستمرة ما بين معطيات الروايات الشريفة وما بين معطيات الواقع، ولكن شريطة أن نحذر تمام الحذر في هذا المجال، لأن الهوى ورغبات النفس ومحاولات الخروج بنتائج سريعة على طريقة السلق قد تضللنا عن الوصول إلى ما نصبو إليه من هدى وما نرنو إليه من ثبات واستقامة على طريق حسن العاقبة، واعتقد أن المقاربة المطلوبة هي مراقبة الخارطة الزمانية والمكانية التي رسمتها الروايات الشريفة، فهذه الخارطة أوضحت أن هناك تسلسلاً في الأحداث، وقد وصفت الروايات هذا التسلسل بأنه نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، وهذا التسلسل ينحصر في بقعة جغرافية وفي زمان محدد، وعليه فإننا مطالبين بعمليتين في وقت واحد، أولهما دراسة العلامة بما تحدّثت لعنه الروايات الشريفة بما له من خصوصيات تختلف عن بقية العلامات، وثانيهما ربط هذه العلامة مع بقية العلامات وفق التسلسل الذي ذكر في الروايات، وأي دراسة للعلامة الواحدة بمعزل عن بقية ما تقدمه العلامات من معطيات سيعطينا نتائج تجريدية في أحسن الحالات بمعنى أننا لن نستطيع المقاربة بها مع الواقع الذي نحياه، ولكن إسقاط أي علامة على الواقع الذي نحياه من دون بقية العلامات، ومن دون مراعاة وجود العلامات الأخرى ومعطياتها هو الآخر سوف يوصلنا إلى نتائج لا تتسم في احسن الحالات إلا بالتخمين وبالتالي تخرج العلامات من حراك الواقع، وذلك لأننا قد نجيد قراءة العلامة بمفردها وبمعزل عن غيرها، فنجد أن مثل هذه العلامة يمكن أن تكون حصلت، أو أنها مماثلة، أو قابلة للتماثل مع عشرات او مئات الأحداث التي تمر على التاريخ، ولذلك دوماً كان يجابه المتابع لهذه الطريقة بأن هذا الأمر وإن تشابه مع الرواية، ولكن من الذي يقول بأن هذا هو عين الذي قصده الإمام صلوات الله عليه في روايته؟ فحينما تتحدث الروايات عن خراب الشام وتدرس هذه الرواية بمعزل عن بقية الروايات، سنجد أنفسنا أمام احتمال واقعي وهو أن هذا الخراب قد لا يكون هو المقصود، ومن الواضح أن الطريقة السليمة في المتابعة هي تقليص دائرة الاحتمالات التي تطرح هنا، ولا مجال لعملية التقليص وصولاً إلى الحصر المطلوبة هنا، إلا من خلال أخذ العلامة بمعية بقية العلامات في عملية التحليل، ومن نعم التوجيه الذي أصدره الإمام الباقر عليه السلام في هذا المجال أنه تحدّث عن نظام الخرز لكي يدلّنا على وضع العلامة ضمن بيئتها الزمانية والمكانية، وعدم أخذها بمفردها، وهو نفس النظام الذي نجد جدّه أمير المؤمنين عليه السلام يتحدّث به كما هو الحال في حديثه عن رجفة الشام فقد تحدث عن تسلسل في الأحداث وأرّخ لها بهذه الطريقة: احتدام القتال ما بين جيشي الشام، ثم الرجفة، ثم نزول الرايات الصفر من مغرب الشام بمعية الدبابات أو الراجمات الصاروخية (البراذين المحذوفة) في ظروف وصفت بأنها (الموت الأحمر والجزع الأكبر)، ثم الخسف بحرستا، ثم ظهور السفياني، ولذلك فإن الرجفة يجب أن تدرس بلحاظ ما يسبقها وما يلحق بها، وهكذا وجود الرايات الصفر يجب أن يلاحظ تزامنه من بعد الرجفة وفي ظروف أمنية وسياسية قاسية جداً، ثم يراقب ما بعده وأعني حصول الخسف بحرستا عند ذلك وحده نستطيع أن نعطي نتائج تقريبية للوصل ما بين ما نحياه وما بين ما طرحته الروايات.
إن هاتان العمليتان في الوقت الذي تؤشر على دقة المطلوب، فإنها في نفس الوقت تؤشر بشكل جدي على أحد أهم الأسباب التي أطاحت بتحليلات عديدة في فهم العلامات وربطها بغيرها من العلامات.
وعليه فإن دراسة أحداث الشام المعاصرة ومحاولة إيجاد الربط بينها وبين ما سبق للروايات أن طرحته يجعلنا بحاجة إلى التساؤل أولاً هل نحن أمام فتنة في الشام، ولئن كان الجواب بأن ظروف سوريا المعاصرة هي أصدق الأمثلة على الفتنة، فهي ليست مجرد صراع سياسي، وإنما هو تداخل لعناصر عديدة ومتشابكة لا تجتمع في العادة بسهولة في أحداث العالم، عندئذ علينا ان نستحضر بقية العناصر المتعلقة بها، وهي التالي: ان تكون سوريا في أزمة مع جيرانها، وقد بات هذا الأمر واضحاً، وأن تكون تركيا هي احد الأطراف الأشد ضراوة في أزمة سوريا مع هؤلاء الجيران لأنها ستحتل لاحقاً أجزاء كبيرة من الشرق السوري مما يجعلها حتماً في درجة عالية من التأزم بينها وبين السوريين، وما عاد هذا الأمر مورد جدل بين المحللين لوضوحه، وأن تكون الفتنة مؤدية إلى تشعبات وانقسامات في الداخل السوري بحيث يؤدي إلى ما سنلاحظه لاحقاً باسم معركة الكور الخمس والتي هي المناطق السورية التي تنسلخ من سيطرة الحكم، وهذا الأمر هو الآخر قد بات قصة حقيقية، وأن يكون هناك ظرف سياسي يسمح للأكراد السوريين بالإنفصال الذي يستفز الأتراك، وما عدنا نرتاب بان الأمور تسير بهذا الاتجاه بشكل سريع، وأن كل هذه الأمور تحصل قبل اعتداء خارجي كبير على سوريا تنجم عنه رجفة ذات صوت هائل، ويكون مآلها أن الهلاك سيسرع في صفوف الكافرين بصورة يوصل قتلاهم إلى 100 ألف، وأن مصير هذه الرجفة سيكون رحمة للمؤمنين في معطياتها الميدانية، وقد رأينا أن ضربة 5\5\2013 الإسرائيلية لمنطقة جمرايا الدمشقية والتي سبق أن قلنا بأنها كانت نووية، وباتت من مسلمات المتابعين قد أحدثت رجفة شديدة وكان فيها صوت هائل لم يسبق أن سمعت نظيره الشام، وقد أعقبها مباشرة نزول حزب الله براياته الصفراء قادماً من مغرب الشام في الساحة السورية ومعه بدأت المجاميع المناوئة التكفيرية تشهد تراجعاً عسكريا وأمنياً في كل المناطق، ومع حدث الرجفة كانت قصة الدبابات الروسية والصواريخ الروسية SS300 قد طرحت مسألة البراذين الشهباء المحذوفة بشكل دقيق، ولئن رأينا واقع الفتنة السورية أو واقع الهجمة الطائفية الشاملة ضد الشيعة التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ أو ما يقبل عليه النظام الدولي من واقع مهما تفاءلنا فيه فإننا لن نبالغ لو قلنا أن حالات الجزع الكبرى يمكن أن تتشكّل مما نحن مقبلون عليه، أو ما وقعنا فيه فعلاً، وهو الأمر الذي ما عاد خفياً على مسامع المحللين السياسيين الاستراتيجيين أن طبول الحرب العالمية إزداد إيقاعها بشكل جاد.
ولو أضفنا إلى ذلك كله وجود قائد في إيران ينتسب بشكل واضح إلى خراسان، ووجود ملك على الحجاز يسمى بعبد الله، وأشفعنا كل ذلك بوجود حكومة عراقية ضعيفة، وبوجود حراك في المناطق الغربية للعراق يمهّد للأقليم أو الانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد قد يفضي إلى ما أعربنا عنه سابقاً بالاقليم الذي سيتزعمه قائد من هذه المحافظات تسميه الروايات بعوف السلمي، وكذلك طبيعة الوعي الكبير لدى شيعة أهل البيت عليهم السلام لذاتهم وهويتهم، والتنامي الإستثنائي في القوة الشيعية من الناحية الاستراتيجية.
إن كل ما أشرنا إليه مما هو مطروح بشكل جدي على الأرض، نجد له انعكاس جلي على الكثير من الروايات التي تحدثت عن أن هذه الاحداث ستحصل بصورة متسلسلة زماناً ومكاناً، وبالتالي فإن المؤمن الفطن لا يمكنه أن ينظر إلى كل هذه المعطيات نظرة لا أبالية كأنها مثل بقية الأحداث التي تمر في العالم في كل حين، بل إن هذا الحشد من التطابق أو التقارب ما بين الوصف الروائي وما بين ما نراه على الأرض، لم يحصل ولا مرة بهذا الترتيب، ولس من السهل تصوره في فترة لاحقة، لأن احتمال اندماج علامتين في وقت واحد وفي مكان مشخّص ضمن مقياس نظرية الاحتمالات إنما يقاس بمقياس المتوالية العددية، مما يعني أننا حتى نحصل على تطابق في أحداث ثلاثة، أو أربعة أو إلى الخامس عشر سنصل إلى أرقام خيالية في عمر الزمن.
لا أريد أن أوقّت، ولكن ما أعرفه من الوقائع التاريخية أن التاريخ لم تتجمع أحداثه بهذه الطريقة لتتطابق أو تقترب من المطابقة بهذه الصورة الملفتة وبهذا الحشد الكبير مع الروايات الشريفة بصورة اعتباطية، مما يستدعي بنا إلى القول بأن آمالنا برؤية تلك الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة لمولانا صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه، ما عادت مجرد أمنية بل ثمة ما يجري في الواقع يجعلنا منتعشي الآمال بأن القادم القريب سيكون حافلاً في واقع الظهور الشريف، وهذه الآمال مع جلالتها وروعتها، إلا أن ما يكتنفها من أحداث تجعل عملية الاستعداد الجدي لكل الاستحقاقات المترتبة على مرحلة ما قبل الظهور وما بعده أكثر من ملحة، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً.