خيال بين الماء والطين... ج2
بيان ...(( بعد أن تخلصنا من طغمة فاسدة أكلت اللحم وأهلكت العظم وتمكنا من بناء الوطن
بسواعدنا وبحب وتعاون وتضحية وفي مدة قصيرة نخشى عودة هؤلاء المرقة لاظهر فيركب ولا
ضرع فيحلب ، وكي لايتمكنوا من الفرار واللواذ بحواضنهم وملاذاتهم الآمنة حبســــناهم تحت
الأرض في مكان مخفي ... ولنسد عليهم ذرائع المعاد و...
دفعت زوجته الباب الخشبي :- لم تبدل ملابسك بعد لقد تأخرنا ألم نتفق على الخروج في
نزهة بين البساتين ؟!... هيا لقد أعددت كل شيء ووضعته في حقيبة المركبة ... نظر إليها
مذهولا ً...فقالت : هيا خلصني لا تخف لن تقود المركبة أنت أنا التي ستقود فقـــــط اسرع
باللحاق بنا...
أكمل ارتداء ملابسه منفذا الأمر بالسرعة المطلوبة واتجه إلى الخارج ليشاهد زوجته خلف
مقود مركبة حديثة وأنيقة وبصحبتها تسعة أطفال أكبرهم بعمر الحادية عشرة وأصـــــغرهم
بعمر سنة وأشهر توزعوا على مقاعد تلك المركبة ؛ فهب هو الآخر ليحشر نفسه بينــــهم
كما اتفق له .
طل برأسه خارج زجاج نافذة الباب الأمامي للمركبة كي يشاهد العمران الذي ســـمع عنه
مباني عملاقة ناطحات سحاب ؛ مرافق وأبنية تسمق بطولها على الأرض ؛أعمـــــدة إنارة
ينشق في وسطها شارع مبلط بحرفية وحذق ليس الأول في هذه الرحلة ؛ حار في نظره
أين يبعثه ومن أين يأتي به ... حتى سمع أمر جديدا ً: إنزل وساعدني في إفراغ المركبة
من الأمتعة وكذلك من نزلائها...
خيال بين الماء والطين... ج3
نفذ الأمر ونزل الجميع من المركبة وانتشروا في أرض رحبة ممتدة أمام النظر بهية في
طالعها تزينها الأشجار والأزهار وتتربع على عشبها الأخضر مقاعد بأشكال هندســية
مختلفة ؛ ترتيب وعناية وجودة .
افترشوا أرض احدى البساتين ومن ثم أعطو الأطفال الإذن بالحركة العشــوائية بعد أن
وزعوا عليهم حصصهم الغذائية .
استلقى بوضعه السابق في البيت وهو يصم أذنه عن ماتقول زوجته ويكتفي بهزرأسه
إيمانا ً بالموافقة على كل حال .
أما أطفاله فقد أبعدوا في عشوائيتهم حتى وصلوا لمكان غريب حفرة تكــــومت فوقها
مجموعة من الشجيرات والأغصان بدت غائرة نوعا ً ؛ ولأنهم في نشاطهم قرروا البحث
عما تخفي تحتها فشرعوا بإزالة الشجيرات والأغصان بل وإزاحة الأتربة عنها حتى وصلوا
لسداد عظيم الحجم ، تعاونوا جميعا ًحتى يبعدوه عن استقراره ؛ ففاجأتهم أيدي تمتد
خارجة؛ ماجعلهم يستغيثون بنشاطهم وسرعتهم للهرب .
جاءوا مذعورين نحو أبيهم من ثم لاذوا به من كل جهة وعندما دقق بنظره نحو وجهتهم
شاهد فوج من شخصيات تعلوها الأتربة بأزياء شتى متباينة منهم من يرتدي بدلة حديثة
برباط للعنق وغيره بعمامة وثالث بزي قومي لقد عرف وعايش هؤلاء من قبل وهنا تذكر...
إنهم يتوجهون صوبهم فعاجل زوجته بأمر :- لملمي الأغراض والأمتعة بسرعة ...
جمعوا كل شيء وكوموه فوق بعضه بعض وهرعوا لمركبتهم وهنا أسقطت زوجته إناء للسقي
فالتقطته وبدأت تعبأه بالماء وترمي به ناحية رأس زوجها !!!...
استيقظ من غفوته وقد أبتل وجهه وشعره بالماء ، قالت زوجته :- مابك أ أغمي عليك أم
أنك تنام أينما اتفق لك ؟!... نظر أمامه وإذابه في مستنقع مياه تصل إلى ركبتيه وهو مستلقي
على بقايا طينية تكاد تكون يابسة أدار جذعه ورأسه ليشاهد منزله وقد جعلته الأمطار الغزيرة
كالخرقة المبللة ؛ مسح وجهه بكفيه ودفع شعره للخلف وهو يفغر فاه قال :- ولكن أين الأولاد؟
ردت زوجته :- مالك يارجل الأولاد مجموعة منهم خلف البيت ينزحون أحمال المياه من حول
السياج ومجموعة أخرى أمام البيت يفعلون نفس الشيء وأنا أنشف الماء المتساقط من
السقف ... ألست بخير ؟!... سكت للحظات ثم قال :- ياترى أيمكنهم أن يصلوا إلينا ؟!...