العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2012 الساعة : 08:07 PM


5. تأمّلات في عالم الحقيقة
سكتُّ أنتظر أن يطرحا عليّ أسئلة اُخرى، ولكنّهما لم يسألا تلك الأسئلة، وإنّما سألاني: « مِن أين لك هذه الإجابات، وممّن تعلّمتها ؟ ».
فلم أُجِب، بل احتواني التفكير، وسألت نفسي: الأدلّة والبراهين التي كنّا قد أعددناها في دار الغفلة والجهالة والخطأ والسهو، مَن يضمن أنّها كانت بعيدة عن السهو والخطأ في المادّة، أو في الصورة، أو في ظروف وضعها ؟ وكيف ندري أننا لم نحسب العقيم وَلوداً ؟ (12) وكيف نعلم أنّها تنطبق على المقاييس المنطقية، وأنّ المقاييس المنطقية تنسجم مع الواقع، وأنَّ أرسطو نفسه الذي وضع تلك المقاييس لم يك على خطأ (13) ؟ فكثيراً ما ننتبه في ذلك العالم نفسه إلى بعض أخطائنا ومزالقنا. وعلى فرض صّحة تلك البراهين، فإنّها لا تنفع إلا في ذلك العالم الذي هو عالم العمى والجهل، حيث تكون الحاجة إلى تلك المقاييس كحاجة الأعمى إلى العصا أو كحاجة البصير إليها حيث الظلام المتراكم. أمّا في هذا العالم الذي يسطع فيه النور على الحقائق، وحيث يكون البصر حديداً، فلن تكون حاجة إلى عصا. وعليه، فما الذي يريده منّي هذان ؟ إلهي، إنّني حديث الولادة في هذا العالم، ولا أعرف شيئاً من مصطلحاته، فأدرِكْني بحقّ عليّ بن أبي طالب.
كنتُ غارقاً في بحر هذه التأمّلات عندما سمعت صيحتَهما كصاعقة من السماء، وهما يطلبان جواب سؤالهما الأخير: مِن أين لك هذا الذي قلتَه (14) ؟
نظرتُ، وليتني لم أنظر! فقد رأيت علامات الغضب الشديد على ملامحهما، وقد برزت عيونهما محمرّة كشعلة من النار، واسودّ وجهاهما، فَغَرا فمَيهما كأفواه الإبل بدت فيهما الأنياب الصُّفر الطويلة، وقد رفعا هِراوتَيهما تهيّؤاً للضرب. فأصابني فزع شديد وخوف لا مزيد عليه، فغُشي عليّ، ولكنّي في تلك اللحظة اُلهمت أن أقول بصوت ضعيف وأنا أُغمض عينيّ من شدّة الخوف: « ذلك ما هداني الله إليه ».


___________________________________


12 ـ علينا أن نعلم أنّ المسائل العقائدية ينبغي دركها بالقلب بحيث إنّ الإيمان بها يسكّن القلب، ولهذا يقول الإمام السجّاد عليه السّلام في نهاية دعاء أبي حمزة: « اللهمّ إنّي أسألك إيماناً تُباشر به قلبي ... ». إنّ مثل هذا الإيمان والاعتقاد لا يحصل بالجدل الفلسفي المنطقي، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلّى الله عليه وآله: « الإيمان سرّ من أسرار الله »، وأشار صلّى الله عليه وآله إلى صدره. أمّا المناظرات التي جَرَت بين بعض علمائنا والعلماء المادّيين والطبيعيين فكانت لغرض إقناعهم بحسب المقاييس التي يرتضونها هم.
13 ـ يرى المؤلف أنّ اصطلاحات العلماء والحكماء والألفاظ التي يصوغونها في دار الدنيا قد تكون باطلة كلّياً وفق منطق عالم الآخرة لا أساس لها من الصحة، وأنّ كل ما قالوه ـ من دون الالتفات إلى أقوال أهل البيت عليهم السّلام ـ لا يعدو أن يكون مجرّد تخيّلات فلسفية لا تنفع في عالم الآخرة.
14 ـ في هذا إشارة إلى أنّ اُصول العقائد الإسلاميّة ـ كالتوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد ـ يجب أن تقبل ويأتي الإيمان بها عن طريق الدليل. إذ إنّ من يؤمن بها اتّباعاً لإيمان أبويه أو غيرهما، لن يُقبل منه ذلك في الآخرة ولا يحسب من المسلمين، لأنّ الإسلام دين المنطق والبرهان. فعلى المسلم أن يحصل على عقائده من طريق التبصّر والتحقيق، بحيث لو كذّبه أحد الملحدين لاستطاع أن يدرأ تلك الشبهات بالدليل وأن يثبت عقائده بالبرهان.


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2012 الساعة : 08:08 PM


6.نَم نَومة العروس
فسمعتهما يقولان: « نَمْ نومة العروس »، وذهبا. ولعلّي قد استولى عليّ النوم أو الإغماء، ولكنّي شعرت بأنّي قد تحرّرت من ذلك الخوف.
وبعد برهة عدت إلى رشدي وفتحت عيني، وإذا بي في غرفة مفروشة، ورأيت شابّاً صبيحاً، جميل الشعر، طيّب الرائحة، يضع رأسي في حِجرِه ينتظرني أن اُفيق. فرفعتُ رأسي عن حجره أدباً وتواضعاً وسلّمت عليه، فتبسّم في وجهي ونهض وهو يردّ عليّ السّلام، وعانقني بكل محبّة ومودّة، وقال: « اجلس، فما أنا بنبي ولا إمام ولا ملَك، بل أنا حبيبك ورفيقك ».
فسألته: «من أنت، وما اسمك، وإلى مَن تنتسب ؟ وما أحلى أن تكون أنت رفيقي، وأكون بصحبتك دائماً!».


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2012 الساعة : 08:08 PM


7. مع الهادي
فقال: « اسمي الهادي، وأُكنّى بأبي الوفاء، وبأبي تراب. وأنا الذي ألقيتُ في قلبك الجواب الأخير الذي قلتَه فنجوت، وإلاّ لامتلأ المكان بالنار من ضرب هراوتيهما ».
فقلت: « أشكرك على ألطافك، فأنا في الحقيقة طليق يديك، ولكن سؤالهما الأخير بدا في نظري لا فائدة فيه، بل كان مجرّد ذريعة، لأنّي كنت قد أجبت عن أسئلتهما حول العقائد الإسلاميّة أجوبةً صحيحة، فلم يكن ثمّة ما يدعو إلى ذاك التساؤل حول الحقائق؛ فلو وُضِعتْ جمرة في كفّ إنسان ـ مثلاً ـ وقال: إنّ يدي قد احترقت، فلا يمكن أن نسأله: لماذا تقول هذا القول ؟ ولو سأله أحدهم هذا السؤال غافلاً لكان جوابه: أأنت أعمى، ألا ترى جَمرة النار على كفّي ؟ إنّ سؤالهما الأخير كان من هذا القبيل ».
فقال الشاب: « لا. ليس من هذا القبيل، لأنّ مجرد مطابقة الكلام مع واقع الحال لا يفيد الإنسان، بل لابدّ من الإيمان القلبي ليحرّكه نحو العمل، فقد قيل: لا تقولوا آمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم (15). أو لم يجب الجميع في اليوم الاوّل ( بلى ) عندما سئلوا: ألست بربّكم ؟ ، أوَ لم يقرّوا بربوبيّة الله كما هو الواقع ؟! ».
قلت: « بلى، فعلوا ».


________________________________


15 ـ فالإيمان أمر قلبي، ويعني الشهادة والتصديق، وهذه الشهادة والتصديق لا يحصلان إلاّ بعد قبول المباني الدينية عن طريق المنطق الفطري والاستدلال الصحيح، ولا يقبلان عن طريق تقليد الأبوين أو سائر الناس، والشهادة باللسان لا تصل القلب، وشهادة كهذه سرعان ما تزول إذا صادفت أتفه شبهة أو مغالطة، وحتّى لو بقيت إلى آخر العمر، فإنّها لا تنفع في عالمَي البرزخ والآخرة، لذلك فإنّ من واجبات كلّ أب واُمّ أن يضعا أبناءهما على صراط الدين بالاستدلال، وإذا لم يؤدّيا واجبهما هذا، فالمفروض على كلّ إنسان فرضاً عقلياً، بعد بلوغه سن التكليف، أن يتفهم اُصول العقائد فهماً جيداً، حتّى لا ينحرف عند أضعف شبهة. إن آثار إيمان كهذا تظهر في جميع الجوارح والأعضاء، فيدرك الإنسان بقلبه وعينه واُذنه، ويرى ويسمع ويعمل بإخلاص، ويتذوّق طعم الإيمان بروحه.


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2012 الساعة : 08:09 PM


8. عالَم الحقائق
فقال: « ولكنّهم عندما امتُحِنوا بالتكاليف في العالم المادّي، أغفلوا العمل ببعض تلك الواجبات، لأنّ إقرارهم الأوّل كان باللسان فقط، فكان أن لم ينجحوا في الامتحان، وهنا في هذه المرحلة الاُولى من هذا العالم، يجيب الجميع: مؤمنين ومنافقين، إجابات صحيحة تتّفق مع الحقيقة (16). إلاّ أنّ هذا السؤال الأخير امتحان يراد به معرفة ما إذا كانت العقيدة قلبية، إذ في هذه الحالة يكون الجواب ما قلته ويكون الخلاص. أمّا إذا كان الجواب: كان الناس يقولون فقلت، فعندئذ لا ينفع التقليد في القول بغير أن يعقد عليه القلب، كما أنّك تعلم أنّ أخبار المعصومين تورد هذه التفاصيل نفسها ».
فقلت: « نعم، الآن تذكّرت أنّ هذا هو ما ورد في الأخبار، ولكنّ الخوف والاندهاش عند طرح السؤال أنساني ذلك، وها أنت تذكّرني به الآن، فلا أبعدك الله عنّي. والآن قل لي كيف حدث أنّك تعرفني، مع أنّي لم أرَك مِن قبل، ومع ذلك فإنّي لفرط حبّي لك أرى فراقك يعني الهلاك لي ؟ ».
فقال: « لقد كنتُ معك منذ البداية، وأنا أُكنّ لك الودّ، ولكنّك لم تشعر بي، لأنّك في عالم المادّة لم تكن قويّ البصيرة. ما أنا إلاّ حبل المحبّة الذي يربطك بعليّ بن أبي طالب وأهل بيت النبوة وسَورة الهدى (17)، وهي المحبّة التي لهم فيك بقدر قابليتك. ولذلك كان اسمي الهادي، أي هاديك أنت. أمّا هو فإنّه هادي المتّقين جميعاً (18)، ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (19).
إنّه تمسّكك بتلك العروة الوثقى: فَمَنْ يَكفرْ بِالطَّاغُوتِ ويؤمِن بِاللهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الْوْثقَى لا انْفِصَامَ لَها ، لذلك فأنا لا أنفصل عنك إلاّ إذا أبعدت نفسك عنّي باتّباعك الهوى.
أمّا وجه تكنيتي بأبي الوفاء وأبي تراب فيعود إلى سلوكك وانطباقه على الأقوال والوعود وتواضعك للمؤمنين. وخلاصة القول: إنّي وليد عليّ في مهد قلبك، وإنّ مقدار استعدادي لمسالمتك وعدم مسالمتك يعود إليك، ففي حالة معصيتك أهرب منك، وفي حالة توبتك أكون جليسك. ومن هذه الناحية قلت: إنّي في رحلة هذا العالم لا أنفصل عنك، إلاّ في حالة تقصيرك أو قصورك، وهما من صنع يديك: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيكُمْ وأنَّ اللهَ لَيسَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبيدِ (20).
سأذهب الآن وأتركك تستريح، فما أنا إلاّ تلك الأمانة الإلهية التي عَهِد الله بها إليك. إنّ القرآن مليء بحكايتي، ولكن من المؤسف أنّك قرأت القرآن كثيراً، ومع ذلك تقول إنّكَ لا تعرفني ».


_____________________________________


16 ـ لعلّ المرحوم المؤلّف قد صادف بهذا الخصوص حديثاً خاصّاً، ولكن جاء في بعض الروايات صراحة أنّ المؤمن هو وحده القادر على الإجابة الصحيحة، وأنّ المنافقين يعجزون عن ذلك.
17 ـ سَورة الهدى، تعني التحرك والهيجان والهداية في ولاية عليّ وأهل بيت العصمة عليهم السّلام.
× 18 ـ لابدّ هنا من إيضاح أنّ لكلمة « ولاية » معاني متعددة، تدلّ كلّها على التقارب بين شيئين تقارباً ظاهرياً أو معنوياً.
إلاّ أنّ بعض كتب اللغة، مثل كتاب ( مفردات القرآن ) للراغب الإصفهاني، يقول بوجود اختلاف في معنى « الولاية » بكسر الواو وبفتحها، فمعناها بالكسر هو العون والمساعدة، ومعناها بالفتح يشتق منه الولي الذي له حقّ السلطة على أمر من الاُمور.
أما في القرآن الكريم فقد وردت الولاية بمعنى حقّ السلطة بصورة واضحة وصريحة. إنّنا نرى أن الكلمة الواردة في الآية(71) من سورة التوبة: (!« والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض »!) تؤدّي المعنى الأوّل. وفي الآية (55) من سورة المائدة: (!« إنّما وَلِيّكُمُ اللهُ وَرسُولُهُ والذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمونَ الصلاة ... »!)، وهذه الآية بإجماع الشيعة والسنة قد نزلت بشأن عليّ عليه السّلام، كما أنَّ آية: (!« أطِيعُوا اللهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ واُولي الأمرَ مِنْكُمْ »!) ـ وبمراجعة حديث غدير خم ـ نجد أنّ الكلمة قد استُعملت فيها بالمعنى الثاني.
وقد سبق أن قلنا إنّه لا شّك في أنّ هذه الكلمة تأتي بمعنى المحبّة والودّ، وهو العلاقة القلبية والقرب المعنوي. وعلى هذا فإنّ جمعاً كبيراً من علماء أهل السنة يقولون بهذا المعنى في الآيات والروايات التي تخصّ أهل البيت عليهم السّلام.
وقد قال الشافعي:وأمسكت حبل الله كما قد أُمرنا
وهو ولاؤُهم بالتمسك بالحبلِ
حسبما جاء في ( الكنى والألقاب ) للمحدّث الجليل القمّي.
وفي باب محبّة أهل البيت، وردت عن طريق أهل السنّة روايات كثيرة نكتفي هنا برواية واحدة وردت في تفسير ( الكشّاف ) للزمخشري، وهي: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ». أمّا الشيعة فبموجب الروايات الكثيرة التي وصلتنا من أهل بيت العصمة ( وأهل البيت أدرى بالذي فيه )، يعتقدون أنّ محبّة أهل البيت وولايتهم هي الإكسير الأعظم، وهي من أهمّ العبادات، وهي مقدَّمة على كلّ الواجبات.
قد جاء في كتاب ( وسائل الشيعة ) ج 1 ص 4 عن أحد المعصومين عليهم السّلام: « بُني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية، ولم يُنادَ بشيء كما نُودي بالولاية ».
وفي ( اُصول الكافي ) للمرحوم الكليني في باب ( أنّ الأئمّة نور الله ) نقلاً عن أبي خالد الكابلي أنّه قال: سألت الإمام محمد الباقر ـ الإمام الخاس ـ عليه السّلام عن معنى الآية الشريفة « فآمِنُوا باللهِ ورسوله والنورِ الذي أنْزَلْنَا ». فقال الإمام في شرح الآية: « والله ـ يا أبا خالد ـ نور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة في النهار ».
بعد هذه المقدّمة يمكن القول: إنّ المؤلّف قد استلهم الآيات الشريفة ومئات الروايات، فاعتبر مقام الولاية هو الهادي والمرشد في عوالم ما بعد الموت، وحبّ أهل البيت نافذاً ومؤثراً في جميع العوالم، ولكي نوضّح كيف يمكن أن يكون مقام ولاية أهل البيت نافذاً ومؤّثراً في جميع العوالم، لابدّ لنا من ذكر تمهيد آخر:
عند دراسة التفاسير المعتبرة دراسة دقيقة والتمعّن في معاني الآيات الكريمة، يتّضح بشكل لا يقبل الشكّ أنّه على الرغم من أنّ الله سبحانه وتعالى غني بذاته وفعّال لما يريد، وهو مطلق القدرة على كلّ شيء، وإلى ذاته القدسية يُنسب تدبير جميع الاُمور، فإنّنا نلاحظ أنّه يُوكِل بعض الأعمال إلى بعض مخلوقاته من الملائكة والرسل والعباد المقرّبين المخلصين، كما جاء في الآية 11 من سورة السجدة: « قُلْ يتوفّاكُمْ مَلَكُ مَوت »، والآية 27 سورة النحل: « الَّذينَ تتوفّاهُمُ الملائكَةُ »، والآية 61 من سورة الأنعام: « ويرسل عليكُمْ حفَظَةً حتّى إذا جاء أحدَكُم الموتُ توفّتْه رُسُلُنا وهُم لا يُفرِّطُون »؛ فهو ينسب عملية قبض الأرواح إلى ملائكته ورسله، كما يمنح القدرة على شفاء المرضى وإحياء الموتى إلى عيسى ابن مريم، أو يعطي القدرة على التصرّف في الزمان والمكان وإحضار عرش ملكة سبأ إلى وزير النبيّ سليمان عليه السّلام الذي كان عنده علم من الكتاب.
هذه كلّها أدلّة على أنّ تحقيق بعض الاُمور يوكله الله تعالى كلّياً إلى وسائط تقوم بذلك بإذن الله، ولا يتنافى هذا مطلقاً مع وحدانية الله جلّ شأنه، لأنّ فعل هؤلاء هو في الحقيقة فعل الله، كما يحصل بخصوص تصوير الجنين في رحم اُمّه باعتباره ممّا يقوم به الملائكة، ولكنّه يقول: « هو المصوِّر »، وفي آية اُخرى يقول: « ورفعنا فوقَكمُ الطور » مع أنّ هذا قد قام به جبرئيل ظاهراً.
صحيح أنّ الله هو وحده القادر المطلق في عالم الوجود، وما من أحد ـ حتّى المنتخبين في عالم الخليقة ـ يملك ممّا ينفعه أو يضرّه شيئاً « بيده المُلْكُ وهو على كلّ شيء قدير »، كما يقول لحبيبه خاتم الأنبياء في الآية 188 من سورة الأعراف: « قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضَرّاً »، فحتّى النبيّ الكريم، على رفعة مقامه ومنزلته، لا يملك من القدرة المستقلة والإرادة الذاتية شيئاً.
ولكن مع أخذ ما ذُكر بنظر الاعتبار، فإنّ الله تعالى يمنح النفوس الزكية المطهّرة عن كلّ تلوث مادّي، والمنزّهة عن كلّ هوى نفسيّ، وتحمل علم الكتاب، يمنحها الولاية والاختيار والحرية في العمل في هذا العالم وفي العوالم الاُخرى، كما قال الإمام عليه السّلام: « إنّ الله أقدرنا على ما نريد ». فهم بإذنه يطلبون الغفران لعباد الله المذنبين فيغفر لهم. وخلاصة القول: إنّهم يقسمون الجنّة والنار بأمره بين أحبّائهم وأعدائهم.
19 ـ البقرة / 2.
20 ـ آل عمران / 182.


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2012 الساعة : 08:10 PM


9. تدوين صحيفة الأعمال
عندما بقيتُ وحدي رحت أُفكر في حالي وفي ما قاله الهادي، فأدركتُ أن حالات الإنسان ومسيرته في العالم المادّي ما هي إلاَّ حلم نراه، ثمّ نستيقظ ونصحو، ونرى تعبيره في الظاهر المرئي. إن قول ذي القَرنين في الظلمات: « إنّ مَن يحمل معه مِن هذا الحصى ويصل إلى حيث النور يندم على ما فعل، ومن لم يحمل معه منه يندم أيضاً » كناية عن هذه الحال المزدوجة التي تمرّ بالإنسان في الدنيا والآخرة، إذ إنّ كلّ فرد يشعر بالندم بقدرٍ ما: يَا حَسْرتَى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ (21)، إلاّ أنّ الندم لا ينفع الآن، فقد اُغلق باب التوبة.
وفيما أنا في هذا الغمّ والهمّ غلبني النعاس، ولم تمضِ فترة طويلة حتّى أحسست أنّ شخصين أحدهما حسن الوجه، والآخر قبيحه، يجلسان على يميني ويساري، ويتشمّمان كلّ عضو من أعضائي على انفراد، من أخمص قدمي حتّى هامة رأسي، ثمّ يكتبان شيئاً في ورقة طويلة بيديهما، ومعهما عُلَب صغيرة وكبيرة يضعان فيها أشياء، ثمّ يختمانها بالشمع الأحمر، وكانا يكرّران اسم بعض الأعضاء مرّات، كالقلب، والمخيلة، والتوهّم، والعينين، واللسان، والاُذن، ويتحادثان ثمّ يعودان إلى التشمّم مرّة ثانية وثالثة، ثمّ يكتبان أشياء، ويضبطانها في تلك العلب. وقد بقيت بلا حَراك حتّى لا أشعرهما بيقظتي، ولكنّي كنت شديد الخوف من دقّتهما في تفتيش صادراتي ووارداتي (22).
لقد أدركت إجمالاً أنّهما يكتبان ويضبطان سيّئاتي وحسناتي، وأنّ ذلك الحسن الصورة كان يريد لي الخير، لأنّي عرفت ممّا كان يجري بينهما من حديث أنّه كان يمنع الآخر من تسجيل السيئات التي تُبتُ عنها، أو من إزالة عمل صالح؛ وكان هذا الشخص كالإكسير الذي يحيل النحاس إلى ذهب، فأحببته لذلك.

______________________________________


21 ـ الزمر / 56.
22 ـ الصادرات هي الأعمال الصالحة والسيّئة التي تصدر عن الإنسان في دنياه، والواردات هي ما يأكل ويشرب ويرى ويسمع ويتعلّم ويدرس.


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2012 الساعة : 08:11 PM


10. ضغط القبر
وبعد أن انتهى كلّ شيء طَوَيا السجلّ الخاصّ بي وطوّقا به رقبتي، ثمّ جمعا تلك العُلَب في كيس ووضعاه فوق رأسي، ثمّ أتَيا بقفص من الحديد الصلب كأنّه صنع خصّيصاً لجسمي، فوضعاني فيه وراحا يديران ما فيه من مقابض ولَوالِب، فأخذ القفص يضيق ويضيق، وأطبق عليّ إطباقاً أحسست معه أنّ نَفَسي يكاد ينقطع، ولم أستطع حتّى الصراخ، إلاّ أنّهما كانا ماضيَين في إدارة تلك المقابض واللوالب حتّى أصبح القفص الذي وسعني في البداية ضئيلاً صغيراً لا يتجاوز حجم أنبوبة صغيرة، فتحطّمت عظامي جميعاً، واعتُصر كلّ ما فيّ من دهن وخرج كالنفط الأغبر، وفقدت وعيي، ولم أعد أدرك شيئاً بعد ذلك.
عدت إلى نفسي بعد برهة لأرى رأسي في حجر الهادي مرة اُخرى، فقلت له: «اعذرني على عدم تمكّني من النهوض».
لقد كانت عظامي محطّمة، وما زالت أنفاسي ثقيلة، وكلماتي متقطعة، وصوتي ضعيفاً، والدموع تجري على وجهي، وكنت كالعاتب على الهادي، إذ إنّ الضغط الأوّل كان في غيابه.
إلاّ أنّ الهادي أخذ يهوّن عليّ قائلاً: « إنّ ما رأيتَ كان من لوازم المرحلة الاُولى في هذا العالم، ولا يُستثنى منه أحد، لذلك فالبلية إذا عمّت هانت، إلاّ أنّ كلّ شيء قد انتهى، وأرجو أن لا يحدث لك مثل هذا بعد الآن. ثمّ إنّ آلام هذا العالم من مصلحتك، فهذا القفص الذي ظننته من الحديد الصلب إنّما هو خليط الأخلاق الذميمة عند الإنسان، يشتبك بعضها ببعض، وتحيط به في حياته المادّية (23)، وتتحوّل في هذا العالم إلى هذا القفص الذي يمكن أن يكون مؤلّفاً من آلاف الخصال الذميمة، وإن يكن أصلها ثلاثة: الطمع، والأنانية، والحسد؛ فالأوّل قد أخرج آدم من الجنّة، والثاني هوى بإبليس إلى الحضيض، والثالث ألقى بقابيل في جهنّم، إلاّ أنّ لهذه الثلاثة آلاف الأغصان والأوراق، وهي تختلف من حيث الكمّ والكيف في الأشخاص اختلافاً كبيراً ».


________________________________


23 ـ ضغطة القبر وبعض آلام البرزخ آثار للذنوب الدنيوية، ولا علاقة لها بالكفر والإيمان، فقد يكون الميّت من المؤمنين الخلّص، ولكنّه لما لم يكن معصوماً، فقد اقترف بعض الذنوب التي لا بدّ أن ينال العقاب عليها. ويؤيد ذلك ما يرويه العلامة المجلسي رضي الله عنه في حياة القلوب عن ابن بابويه عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّ سعد بن مُعاذ، الذي كان من كبار الصحابة وهو الذي أمر بضرب أعناق يهود. عندما توفّاه الله وسمع رسول الله بذلك، جاء مع أصحابه إلى دار سعد وأمر بتغسيله وتحنيطه وتكفينه. وعندما حملوه خلع رسول الله صلّى الله عليه وآله رداءه ومشى حافياً في تشييعه ودار حول الجنازة، وعند إنزاله إلى القبر نزل معه ووضعه في لحده، ثمّ خرج وشارك الناس في وضع الأحجار على القبر وفي ملء ما بينها لكيلا ينهال التراب على جسد سعد، وهو يقول: « أعلم أن جسده سوف ينخر ويتلاشى، ولكنّ الله يحبّ من يعمل عملاً فيتقنه ». فسئل عمّا دعاه إلى تشيع الجنازة حافياً وبغير رداء. فقال: « رأيت الملائكة قد حضروا لتشييع جنازة سعد حفاة وبغير رداء، فأحببت أنا أتأسّى بهم، وكان جبرئيل عن يميني، وقد وضع يده في يدي ». مع كلّ هذا التجليل والتكريم، عندما خاطبت أمّ سعد ابنها قائلة: هنيئاً لك الجنّة يا سعد؛ فقد دفنك النبيّ بيده وصلّى عليك بنفسه؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اسكتي يا اُمّ سعد ولا تفرضي على الله أمراً، فلقد اصاب سعداً ضيق شديد في القبر؛ لسوء خلقه مع عياله ».


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟

الصورة الرمزية السلوك الزينبي
السلوك الزينبي
عضو نشط
رقم العضوية : 73209
الإنتساب : Jul 2012
المشاركات : 214
بمعدل : 0.05 يوميا

السلوك الزينبي غير متصل

 عرض البوم صور السلوك الزينبي

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : السلوك الزينبي المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 27-07-2012 الساعة : 09:58 PM


11. حياة جديدة
كان الهادي أثناء حديثه العذب هذا يمرّ بيده على ظهري وجنبي وسائر أعضائي، فتعود العظام المحطّمة سليمة، وتُزايلني الآلام، وتسري فيّ حياة جديدة وقوّة متدفقة.
لقد تطهّرتْ ملامحي وأعضائي من القَذَر والكدر، وغدت شفافة ساطعة، فأدركتُ أنّ ذلك الضغط كان نوعاً من التطهير لاستخراج ما في الانسان من قاذورات ونفايات وشرور، وهي التي بدت كالنفط الأغبر.
قال الهادي: « إنّ هذا الكيس كيسك، فافتحه لترى ما فيه ». ففتحته وإذا بعُلَب مختومة وقد كُتب على بعضها « زاد المنزل الفلاني »، وعلى بعضها الآخر « أخطار المنزل الفلاني وعقباته »، وكانت ثمّة أكياس تخصّ منازل معينة، فكان ينبغي فتحها في منازلها الخاصّة.
فسألت عن العُلب، فقال: « هي ساعات اللّيل والنهار من عمرك الذي صدرتْ فيه منك أعمال سيئة وحسنة، وبعد انتهاء ذلك الوقت ينغلق فمها كما ينغلق شطرا الصَّدَفة، ويبقى ذلك العمل فيها كما تبقى الحبّة في الصدفة، وتحتفظ بها، وتصبح كالعلبة المختومة ».
قلت: « وما هذا المعلّق برقبتي ؟ ».
فقال: « هذه صحيفة أعمالك، ففي آخر الأمر ويوم الحساب، لابدّ من تصفية حساب وارداتك ومصروفاتك، وهذا ليس وقته الآن: وكُلَّ إنسانٍ ألْزَمْنَاهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابَاً يَلْقَاهُ مَنْشُورَاً (24).


___________________________


24 ـ الأسراء / 13.


من مواضيع : السلوك الزينبي 0 حسبي الله ونعم الوكيل
0 قصة و عبرة
0 "المرأة إنسان بل إنسان عظيم "
0 🍘عشر جواهر تضيء حياتك ..🍮
0 قصة فتاة أحبها الجميع ...... لكن من تزوجها؟؟
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:20 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية