العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:26 AM


المجلس الثاني
ليلة السبت 24/ رجب /1245هـ


بعدما انتهيت من صلاة العشاء، حضر أصحاب البحث والحوار وكانوا أكثر عددا من الليلة الماضية، فاستقبلتهم ورحبت بهم، وبعد أن استقروا في أماكنهم وشربوا الشاي، افتتح الحافظ كلامه قائلا:
أقول حقيقة لا تملقا: لقد استفدنا في الليلة السابقة من بيانكم الشيق وكلامكم العذب، وبعدما انصرفنا من هنا كنا نتحدث في الطريق عن شخصيتكم وأخلاقكم، وعن علمكم الغزير واطلاعكم الكثير، وقد انجذبنا لصورتك الجميلة وسيرتك النبيلة، وهما قل ان يجتمعا في واحد، فأشهد أنك ابن رسول الله (ص) حقا.
وإني راجعت المكتبة في هذا اليوم، وتصفحت بعض كتب الأنساب حول بني هاشم والسادة الشرفاء، فوجدت كلامكم في الليلة الماضية حول نسبكم الشريف مطابقا في تلك الكتب، واغتبطت بهذا النسب العالي لسماحتكم.
ولكن استغربت وتعجبت من شيء واحد، وهو: أن شخصا شريفا صحيح النسب كجنابكم مع حسن الصورة والسيرة،كيف تأثرتم بالعادات الواهية والعقائد العامية، وتركتم طريقة أجدادكم الكرام واتبعتم سياسة الإيرانيين المجوس، وتمسكتم بمذهبهم وتقاليدهم؟!
قلت:
أولا: أشكرك على أول كلامك حول نسبي وحسن ظنك بي.
ولكنك اضطربت بعد ذلك في الكلام، وخلطت الحلال بالحرام، سردت جملا مبهمة ما عرفت قصدك منها والمرام، وإن كلامك هذا عندي أقاويل وأوهام.
فالرجاء.. وضح لي مرادك من: " العادات الواهية والعقائد العامية ".
وما المقصود من: " طريقة أجدادي الكرام "؟!
وما هي: " سياسة الإيرانيين الني اتبعتها "؟!
الحافظ: أقصد بالعادات الواهية والعقائد العامية: البدع المضلة والتقاليد المخلة، التي أدخلها اليهود في الإسلام.
قلت: هل يمكن أن توضح لي أكثر حتى أعرف ما هذه البدع التي تأثرت أنا بها؟!
الحافظ: إنك تعلم جيدا والتاريخ يشهد، أن بعد موت كل نبي صاحب كتاب، اجتمع أعداؤه وحرفوا كتابه، مثل التوراة والإنجيل فحذفوا وزادوا، وغيروا وبدلوا، حتى سقط دينهم وكتابهم عن الاعتبار.
ولكن أعداء الإسلام لم يتمكنوا من تحريف القرآن الحكيم، فدخلوا من باب آخر، فإن جماعة من اليهود ـ وهم ألد أعداء الإسلام ـ دخلوا الدين وأسلموا عن مكر وخداع، مثل: عبدالله بن سبأ، كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وغيرهم..، أسلموا بالظاهر ولكنهم بدءوا يبثون وينشرون عقائدهم الباطلة بين المسلمين، وذلك عن طريق جعل الأحاديث عن لسان رسول الله (ص).
فأراد الخليفة الثالث عثمان، أن يلقي القبض عليهم ليؤدبهم ففروا إلى مصر واستقروا فيها، فاجتمع حولهم الجاهلون واغتروا بعقائدهم، وصاروا حزبا باسم : " الشيعة " فأعلنوا إمامة علي بن أبي طالب في عهد عثمان رغما له لا حبا لعلي كرم الله وجهه، فوضعوا أحاديث كاذبة في تأييد مذهبهم، مثل:
قال النبي (ص): " علي خليفتي وإمام المسلمين بعدي ".
فكانوا السبب في سفك دماء المسلمين حتى انتهى الأمر إلى قتل عثمان ذي النورين، وبعده نصبوا عليا وبايعوه بالخلافة، فالتف الناقمون على عثمان حول علي ونصروه، فمنذ ذلك الوقت ظهر حزب الشيعة!
ولكن في حكومة بني أمية، لما قاموا بقتل آل علي ومواليه، اختفى هذا الحزب.
وإن عددا من الصحابة، أمثال: سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر، كانوا يدعون الناس بعد النبي (ص) إلى علي كرم الله وجهه، ولكن عليا لم يكن راضيا بهذا العمل.
فاختفى حزب الشيعة أيام بني أمية وأوائل حكومة بني العباس، وبعد أن تولى هارون الرشيد الحكم ظهر حزب الشيعة مرة أخرى وخاصة في خلافة المأمون، إذ تغلب بمساعدة الإيرانيين على أخيه الأمين فقتله واستولى على الحكم، فقويت شوكته بالإيرانيين، وهم كانوا يفضلون علي بن أبي طالب على الخلفاء الراشدين، وكانوا يسوقون المسلمين إلى الاعتقاد بهذا الباطل، كل ذلك لغرض سياسي ومرض نفسي.
إن الإيرانيين كانوا حاقدين على العرب، لأن حكومتهم اضمحلت وسيادتهم بادت بسيوف العرب.
فكانوا بصدد اختراع مذهب يخالف دين العرب ومذاهبهم، فلما سمعوا بحزب الشيعة وعقائدهم، تقبلوه وسعوا في نشره، وخاصة في دولة آل بويه حين قويت شوكتهم واستولوا على كثير من بلاد الإسلام.
وأما في الدولة الصفوية فقد أعلنوا مذهب الشيعة رسميا في إيران، والحقيقة أن مذهبهم الرسمي هو " المجوسية " كما تقتضي سياستهم، فإنهم إلى يومنا هذا يختلفون مع جميع المسلمين في العالم ويقولون: نحن شيعة.
فالتشيع مذهب سياسي حادث، ابتدعه عبد الله بن سبأ اليهودي، ولم يكن لهذا المذهب اسم في الإسلام.
وإن جدك رسول الله (ص) بريء من هذا المذهب واسمه، لأنه على خلاف سنته وتشريعه، بل هو متشعب من دين اليهود وعقائدهم.
لذا أتعجب حينما أرى عالما شريفا مع هذا النسب الرفيع يتبع هذا المذهب الباطل ويترك دين جده، الإسلام الحنيف!!
وأنت ـ يا سيد ـ أولى باتباع جدك وبالعمل بالقرآن والسنة النبوية الشريفة.
لما كان الحافظ يسترسل في كلامه ويتقول ما يريد، كنت أشاهد الشيعة الحاضرين في المجلس قد تغيرت وجوههم حتى كادوا يهجمون عليه، ولكني أشرت إليهم بالهدوء والوقار.
ثم أجبت الحافظ وقلت: ما كنت أتوقع منك ـ وأنت من أهل العلم ـ أن تتمسك بكلام وهمي واه من أباطيل المنافقين وأكاذيب الخوارج وأقاويل النواصب، أشاعه الأمويون وتقبله العوام الجاهلون.
وإنك خلطت أمرين متباينين، وجمعت بين الضدين، حيث حسبت الشيعة اتباع عبد الله بن سبأ، والحال أنهم يذكروه في كتبهم باللعن ويحسبوه منافقا كافرا.
وعلى فرض ان ابن سبأ كان يدعي أنه موالي علي بن أبي طالب ومحبيه، وذلك لغرض سياسي، فهل من الحق أن تحسبوا أعماله المخالفة للإسلام، على حساب شيعة آل محمد (ص) المخلصين المؤمنين؟!
فلو ظهر لص في زي أهل العلم، وصعد المنبر وصلى بالناس، ولما وثق به المسلمون خانهم وسرق أموالهم، فهل صحيح أن نقول: كل العلماء لصوص وسراق؟!
فتعريفك للشيعة بأنهم أتباع ابن سبأ الملعون، بعيد عن الإنصاف، وخلاف الحقيقة والوجدان.
لذا تعجبت كثيرا من تعبيرك عن مذهب الشيعة، بحزب سياسي اختلقه ابن سبأ اليهودي في عهد عثمان!
وأستغرب كيف تقرأ هذه الأكاذيب وتعتمد عليها، ولا تقرأ الأخبار الصحيحة والروايات الصريحة عن الشيعة في كتبكم المعتبرة أن النبي (ص) هو الواضع لأسس الشيعة وأصولها، وقد شاعت كلمة " شيعة علي " من لسان رسول الله (ص) بين أصحابه، كما نقل وروي ذلك علماؤكم في كتبهم وتفاسيرهم(1).
وإذا كنت تستند في حوارك هذا على كلام الخوارج، وتقولات النواصب، فإني أستند إلى القرآن الحكيم، والأخبار المعتبرة عندكم، حتى يظهر الحق ويزهق الباطل.
وأنصحكم أن لا تتكلموا من غير تحقيق، لأن الحق سوف يظهر، وكلامكم يفند من قبل الحاضرين، فحينئذ يصيبكم الخجل فتندمون، ولا يفيد حينها الندم، ولتكن الآية الشريفة نصب أعينكم: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (2).
فكلامكم يسجل عليكم ويحفظ عند ربكم، وتحاسبون عليه.
والآن إذا تسمحون لي ولا تتألمون من كلامي، أثبت لكم بالأدلة المقبولة، أن الحق خلاف ما قلتم، والصواب غير ما اعتقدتم.
الحافظ: إن مجلسنا انعقد لهذا الغرض، وكل هذا النقاش والحوار من أجل رفع الشبهات وكشف الحقائق المبهمات، والكلام الحق لا يؤلمنا.

حقيقة الشيعة وبدايتها
قلت: تعلمون أن كلمة: " الشيعة " بمعنى: الأتباع والأنصار(3).
قال " الفيروزآبادي " في (القاموس) في كلمة " شاع ":... وشيعة الرجل: أتباعه وأنصاره، والفرقة على حدة، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى عليا وأهل بيته، حتى صار اسما لهم خاصا، جمعه: أشياع وشيع.
فهذا هو معنى كلمة: " الشيعة " فأرجو أن لا تشتبهوا في معناها بعد اليوم.
وأما الاشتباه الآخر الذي صدر منكم عمدا أو سهوا، أو لعدم اطلاعكم على التفاسير والأحاديث الشريفة، أو لأنكم تأثرتم بكلام واه تقوّله أسلافكم، وأنتم قبلتموه من غير تحقيق فكررتم كذبهم بقولكم: إن كلمة " الشيعة " وإطلاقها على أتباع علي بن أبي طالب ومواليه، حدث في عهد عثمان وخلافته، وابتدعه عبدالله بن سبأ اليهودي!
والحال أن هذا الكلام خلاف الواقع والحقيقة، فإن كلمة " الشيعة " اصطلاح يطلق على أتباع علي بن أبي طالب وأنصاره منذ عهد النبي (ص) وإن واضع هذه الكلمة والذي جعلها علما عليهم هو رسول الله (ص)، وهو كما قال الله عز وجل فيه: (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى)(4).
وقد قال (ص): " شيعة علي هم الفائزون " وروى علماؤكم هذا الحديث وأمثاله في كتبهم وتفاسيرهم.
الحافظ: لم أجد هكذا روايات وأحاديث في كتبنا، وليتني كنت أعرف، في أي كتاب من كتبنا قرأتم هذا الحديث وأمثاله؟!
قلت: هل إنكم لم تجدوا هذا الحديث وأمثاله في كتبكم، أم استنكفتم من قبوله وأغمضتم عينكم وأبيتم إلا الجحود والكتمان؟؟!
ولكنا حين قرأناه في كتبكم وكتبنا، قبلناه وأعلناه، ولا نكتمه أبدا، لأن الله تعالى يقول: (عن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)(5).
وقال عز وجل: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)(6).
فالله عز وجل يلعن الذين يكتمون الحق ويخبر أنهم من أهل النار والعذاب، فإياكم أن تكونوا منهم.
الحافظ: هذه الآيات حق وصدق، تبين جزاء الذين يكتمون الحق، ولكنا ما كتمنا حقا، فلا تشملنا هذه الآيات الكريمة.
قلت: بإذن الله ولطفه، وتحت رعايته وعنايته، وبالاستمداد من جدي خاتم الأنبياء (ص)، سأكشف لكم الحق الذي هو أظهر وأجلى من الشمس، وأبدد ظلام الأوهام عن وجه الحقيقة، حتى يعرفها جميع الحاضرين.
وأرجو أن تجعلوا هذه الآيات الكريمة نصب أعينكم، حتى لا تأخذكم العزة بالإثم ولا تخافوا لومة لائم.
ورجائي أن تتركوا التعصب لتقاليد آبائكم وتتحروا من أغلال العادات التي قيدكم بها أسلافكم، فحينئذ يسهل عليكم قبول الحق وإعلان الحقيقة.
الحافظ: أشهد الله أني لا أتعصب، ولا أماري، ولا أجادل، بل إذا اتضح الحق تمسكت به، وإذا عرفت الحقيقة قبلتها وأعلنتها.
وأنا لا أجتهد لأكون غالبا في المحاورة، إنما أريد أن أعرف الحق والحقيقة، فإذا ظهر الحق ومع ذلك تعصبت وجادلت فأكون ملعونا ومعذبا في النار كما صرح الله تعالى.
أما الآن فنحن مستعدون لاستماع حديثك، وأسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياكم على الحق.
قلت: روى الحافظ أبو نعيم(7) في كتابه " حلية الأولياء " بسنده عن ابن عباس، قال: لما نزلت الآية الشريفة:
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(8) خاطب رسول الله (ص) علي بن أبي طالب وقال: يا علي! هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.
ورواه أبو مؤيد، موفق بن أحمد الخوارزمي في الفصل 17 من كتاب المناقب في كتاب تذكرة خواص الأمة(9) وسبط ابن الجوزي(10) بحذف الآية.
وروى الحاكم عبيد الله الحسكاني، وهو من أعاظم مفسريكم، في كتابه (شواهد التنزيل) عن الحاكم أبي عبدالله الحافظ، بسند مرفوع إلى يزيد بن شراحيل الأنصاري، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: حدثني رسول الله (ص) وأنا مسنده إلى صدري، فقال: أي علي. ألم تسمع قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(11).
؟ هم أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جثت الأمم للحساب، تدعون غرا محجلين(12).
وروى أبو المؤيد الموفق أحمد الخوارزمي في مناقبه في الفصل التاسع(13) عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنا عند النبي (ص) فأقبل علي بن أبي طالب، فقال (ص): قد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم إنه أولكم إيمانا، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية.
قال: ونزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(14) إلى آخره.
قال: وكان أصحاب محمد (ص) إذا أقبل علي عليه السلام قالوا: قد جاء خير البرية(15).
وروى جلال الدين السيوطي وهو من أكبر علمائكم وأشهرهم، حتى قالوا فيه: بأنه مجدد طريقة السنة والجماعة في القرن التاسع الهجري، كما في كتاب (فتح المقال).
روى في تفسيره (الدر المنثور) عن ابن عساكر الدمشقي، أنه روى عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنه قال: كنا عند رسول الله (ص) إذ دخل على علي بن أبي طالب (ع)، فقال النبي (ص): والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، فنزل: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية).
وكذلك، جاء في " الدر المنثور " في تفسير الآية الكريمة، عن ابن عدي، عن ابن عباس، أنه روي: لما نزلت الآية المذكورة قال النبي (ص) لعلي: تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.
وروى ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة صفحة 122 عن ابن عباس، قال: لما نزلت الآية (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) قال النبي (ص) لعلي: هو أنت وشيعتك، تأتي يوم القيامة أنت وهم راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين.
ورواه ابن حجر في الصواعق باب 11 عن الحافظ جمال الدين، محمد بن يوسف الزرندي المدني، وزاد فيه: فقال علي (ع): من عدوي؟ قال (ص): من تبرأ منك ولعنك.
ورواه العلامة السمهودي في " جواهر العقدين " عن الحافظ جمال الدين الزرندي أيضا.
وروى المير سيد علي الهمداني الشافعي وهو من كبار علمائكم في كتابه " مودة القربى " عن أم سلمة أم المؤمنين وزوجة النبي الكريم (ص) أنها قالت: قال رسول الله (ص): يا علي، أنت وأصحابك في الجنة، أنت وشيعتك في الجنة.
ورواه عنها ابن حجر في الصواعق أيضا.
وروى الحافظ ابن المغازلي الشافعي الواسطي في كتابه " مناقب علي بن أبي طالب (ص) " بسنده عن جابر بن عبدالله، قال: لما قدم علي بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي (ص): يا علي، لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك، يستشفون بهما، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت تبرئ ذمتي وتستر عورتي، وتقاتل على سنتي، وأنت غدا في الآخرة أقرب الخلق مني، وأنت على الحوض خليفتي، وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني، وإن حربك حربي، وسلمك سلمي(16).
وصلنا إلى هنا وارتفع صوت المؤذن يعلن وقت العشاء فقطعنا الكلام، وسكتنا عن قراءة ذيل الرواية، والخبر فإنه طويل، فقام الإخوان العامة وتهيؤا للصلاة، وذهب السيد عبدالحي ليؤم المسلمين في المسجد.
وحينما رجع من المسجد جاء بتفسير " الدر المنثور " وكتاب " مودة القربى " ومسند الإمام أحمد بن حنبل، ومناقب الخوارزمي، وقال ذهبت بعد الصلاة إلى البيت وجئتكم بهذه الكتب التي تستندون بها في محاورتكم، حتى نراجعها عند الضرورة.
فتناولت منه الكتب وشكرته وبقيت الكتب عندنا إلى آخر ليلة من ليالي الحوار، ثم استخرجت الأخبار والأحاديث التي نقلتها من تلك الكتب، وكلما قرأت الأحاديث التي مر ذكرها من كتبهم، كنت ألاحظ وجوه المشايخ تنخطف، وألوانه تتغير، والخجل يبدو ويعلو على وجوههم، لأنهم كانوا يحسون بالفضيحة والنكسة أمام أتباعهم الحاضرين.
وقرأنا في كتاب " مودة القربى " إضافة ما نقلناه، حديث آخر في الموضوع هو:
روي أن رسول الله (ص) قال: يا علي، ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين، ويقدم عليه عدوك غضابا مقمحين.
وبعده قلت: إن هذا بعض الدلائل المحكمة والمؤيدة بكلام الله سبحانه وتعالى وبالأخبار المعتبرة والمقبولة عندكم، ولو نقلتها لكم كلها لطال الكلام، ولكن في ما ذكرنا كفاية لمبتغي الحق بغير غواية.
وأرجو بعد هذا أن لا تكرروا ذلك الكلام الفارغ الوهمي الواهي، بأن مؤسس مذهب الشيعة عبدالله بن سبأ اليهودي
فقد اندفع هذا التهام وارتفع الإيهام، بالقرآن الحكيم وحديث النبي العظيم (ص)، ولقد تبين لكم أن ما كنتم تظنوه في حق الشيعة، إن هو إلا أباطيل الخوارج وأكاذيب النواصب من بني أمية وغيرهم.
ومع الأسف... أنتم العلماء قد ألقيتم هذه الأقاويل إلى أتباعكم من عامة الناس، وألبستم عليهم الحق والحقيقة، من حيث تعلمون أو لا تعلمون.
والآن عرفتم بأن الشيعة محمديون وليسوا بيهود، وإن إطلاق اسم: " الشيعة " على من تولى عليا وأحبه ونصره إنما بدا من نبي الإسلام وهادي الأنام محمد (ص)، وقد صرح به كرارا بين أصحابه حتى صار علما لموالي عليا (ع) وأنصاره، كما سمعتم الروايات والأخبار التي نقلتها لكم.
وجاء في كتاب " الزينة " لأبي حاتم الرازي، وهو منكم قال: إن أول اسم وضع في الإسلام علما لجماعة على عهد رسول الله (ص) كان اسم " الشيعة " وقد اشتهر أربعة من الصحابة بهذا الاسم في حياة النبي الأكرم (ص) وهم:
1ـ أبو ذر الغفاري 2ـ سلمان الفارسي 3ـ المقداد بن الأسود الكندي 4ـ عمار بن ياسر.
فأدعوكم لتتفكروا، كيف يمكن أن يشتهر أربعة من أصحاب رسول الله (ص) الأقربين وحواريه، بلقب أو اسم " الشيعة " بمرأى ومسمع منه (ص) وهو لم يمنعهم من تلك البدعة كما يزعم البعض؟!
ولكن نستنبط من مجموع الأخبار والأحاديث الواردة في الموضوع أن أولئك الأصحاب المخلصين، سمعوا النبي (ص) يقول: شيعة علي خير البرية، وهم الفائزون. لذلك افتخروا بأن يكونوا منهم، ويشتهروا بين الأصحاب باسم " لشيعة ".

مقام هؤلاء الأربعة في الإسلام
يروي علمائكم عن النبي (ص) أنه قال: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وقد كتب أبو الفداء في تاريخه ـ وهو من مؤرخيكم ـ: أن هؤلاء الأربعة امتنعوا من البيعة لأبي بكر يوم السقيفة، وتبعوا علي بن أبي طالب (ص)، فلماذا لا تجعلوا عملهم حجة؟! مع ما نجد في كتبكم أن هؤلاء كانوا من المقربين والمحبوبين عند النبي (ص)، لكن نحن تبعناهم واقتدينا به وصرنا شيعة علي (ع)، فنحن مهتدون بحديث رسول الله (ص) الواصل عن طريقكم: بأيهم اقتديتم اهتديتم.
ولكي نعرف جاه ومقام هؤلاء الأربعة عند الله تعالى وعند رسوله (ص)، أنقل لكم بعض الأخبار المروية عن طرقكم في حقهم:
1ـ روى الحافظ أبو نعيم في المجلد الأول من حلية الأولياء ص 172 وابن حجر المكي في كتابه الصواعق المحرقة في الحديث الخامس من الأحاديث الأربعين التي نقلها في فضائل علي بن أبي طالب (ع) قال: عن الترمذي والحاكم،
عن بريدة: أن رسول الله (ص) قال: إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم، فقيل من هم؟ قال (ص): علي بن أبي طالب، وأبو ذر والمقداد، وسلمان(17).
2ـ نقل ابن حجر أيضا الحديث 39 عن الترمذي والحاكم عن أنس بن مالك، أن النبي (ص) قال: الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان.
فكيف أن هؤلاء الأربعة الذين هم من خواص أصحاب النبي (ص) وقد أحبهم الله ورسوله، ومن أهل الجنة، خالفتموهم ولم يكن عملهم حجة عندكم؟!
أليس من المؤسف أن تحصروا أصحاب النبي (ص) في الذين دبروا فتنة السقيفة وانخرطوا في تلك اللعبة الجاهلية، وقبلوا منتخب المتآمرين وتركوا حجة ربة العالمين؟!
وأما بقية الصحابة الأخيار، الذين خالفوا ذلك التيار، ورفضوا ذلك القرار، إذ وجدوه جائرا مخالفا لنص الواحد القهار، فساروا على الخط الذي رسمه النبي المختار (ص) لسعادة المؤمنين الأحرار الأبرار، لم تعتبروهم ولم تقتدوا بهم، فكأنكم حرفتم عمليا حديث النبي (ص) " أصحابي كالنجوم... " بأن " بعض أصحابي كالنجوم "؟!

التشيع ليس حزبا سياسيا
وأما قولك: إن مذهب الشيعة مذهب سياسي، والإيرانيون المجوس اتخذوا التشيع وسيلة للفرار من سلطة العرب، كلام بلا دليل وهو من أقاويل أسلافكم، ونحن أثبتنا أن التشيع مذهب إسلامي، وهو شريعة خاتم الأنبياء وامتداد للإسلام.
والنبي (ص) أمر أمته بمتابعة علي ومشايعته في الأمور والحوادث، بأمر من الله سبحانه وتعالى، ونحن نتبع عليا أمير المؤمنين وأبناءه الطاهرين (ع)، ونعمل بأوامرهم حسب أمر النبي المطاع الأمين (ص)، ونرى في ذلك نجاتنا.
ولو تدبرنا التاريخ ودرسنا الحوادث بعد حياة النبي (ص) لوجدناه أن أبرز قضية سياسية وأظهر حادثة انقلابية هي مؤامرة السقيفة وانتخابهم الخليفة. ومع ذلك لا تطلقون على أولائك المجتمعين في السقيفة والهمج الذين تبعوهم كلمة: " حزب سياسي " ولكن تتهمون الشيعة المؤمنين المخلصين بأنهم حزب سياسي!!
وكم عندكم أحاديث معتبرة أن النبي (ص) يأمر الأمة بمتابعة علي بن أبي طالب وأهل بيته الكرام، وخاصة عند التباس الأمر واختلاف الرأي، ولا نجد حديثا واحدا من الرسول (ص) يأمر الأمة بتشكيل السقيفة وانتخابهم الخليفة بعده، ولو كان ذلك من حق الناس، لما نص على أخيه وصنوه علي (ع) من بعده، ولما عينه خليفة بأمر من الله (عز وجل)، في يوم الإنذار ويوم الغدير وغيره.
وأما بالنسبة لتشيع الإيرانيين الذي تزعم أنت وكثير من الذين أغوتهم الدعايات الأموية، بأنه كان من غرض سياسي.
أقول إن من كان له أدنى اطلاع في القضايا السياسية يعرف، أن قوما إذا اتخذوا مذهبا وسيلة للوصول إلى أغراضهم وأهدافهم السياسية تركوا ذلك المذهب ولم يعبئوا به حينما يصلون إلى أهدافهم. والحال أن التاريخ يشهد في حق الإيرانيين الذين تمسكوا بالتشيع واتبعوا آل محمد (ص) وأحبوهم ونصروهم وضحوا بالغالي والنفيس من أجلهم أكثر من ألف عام، وإلى يومنا هذا هم كذلك يجاهدون ويضحون في سبيل إعلاء كلمة الحق والعدل وانتشار راية: لا إله إلا الله، محمد رسول الله (ص) علي ولي الله، فهذا التفاني طيلة ألف عام وأكثر، يستحيل أن يكون لغرض سياسي دنيوي، وإنما يكون لهدف معنوي أخروي، والتشيع عند معتنقيه من الإيرانيين وغيره هدف لا وسيلة!

أسباب تشيع الإيرانيين
أما الأسباب التي دعت الإيرانيين إلى التمسك بمذهب الشيعة والالتزام بولاء أهل البيت، متابعتهم، والسير على منهج علي بن أبى طالب وأبنائه الطيبين، والتفاني في ذلك، هي:
1ـ عدم وجود العصبيات القبلية والنزعات الطائفية والدواعي العشائرية عندهم، لأنهم لم يكونوا ينتمون لأي قبيلة من قبائل قريش أو غيرها الموجودة في الجزيرة العربية، وبعيدا عن كل هذه، وجدوا الحق في علي بن أبي طالب عليه السلام فانحازوا إليه، ولم تصدهم العصبيات والنزعات عن طريق أهل البيت عليهم السلام ومذهبهم.
2ـ الذكاء والتعقل عندهم(18)، يمنعهم من التعصب الباطل والتقليد الأعمى، فهم أهل تحقيق وتدقيق في أمر الدين والعبادة، لذلك كانت المجوسية عندهم رخوة ومتزلزلة، ولهذا السبب أسلمت أكثر بلادهم من غبر حرب وفتحت من غير مقاومة، وبعد فتح بلادهم تركوا المجوسية من غير كره وإجبار واعتنقوا الإسلام بالحرية والاختيار، لأنهم عاشروا المسلمين وحققوا حول الإسلام، وعرفوا حقانيته، فتمسكوا به وأصبح الإسلام دينهم الذي كانوا يضحون أنفسهم دونه، ويقدمون الغالي والنفيس من أجله، ويجاهدون في سبيل الله تحت راية الإسلام مع العرب وغيرهم من المسلمين جنبا لجنب في صف واحد.
وبعدما دخلوا في الإسلام، واجهوا مذاهب شتى وطرائق قددا، كل منهم يدعي الحق وينسب الآخرين إلى الضلال فدققوا وفتشوا عن الحقيقة، وفحصوا وحققوا عن الحق والواقع، فوجدوه في مذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية، فتمسكوا به وانعقدت قلوبهم على معالمه، فتبعوا عليا وأبناءه المعصومين، ورضوا بهم أئمة وقادة وسادة، لأن الله تعالى جعلهم كذلك.
3ـ إن عليا عليه السلام كان يعرف حقوق الإنسان وحقوق الأسرى في الإسلام، لأن النبي (ص) كان يوصي المسلمين بالأسرى ويقول: أطعموهم مما تطعمون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تؤذوهم... إلى آخره، فكان علي عليه السلام يلتزم بتطبيق هذه الحقوق، وأما غيره فما كان يعرفها! وإذا كان يعرفها ما كان يلتزم بها.
وحينما جاءوا بأسرى الإيرانيين إلى المدينة، عاملهم بعض المسلمين بما لا يليق، فقام علي عليه السلام بالدفاع عن ابنتي الملك حين أمر الخليفة أبو حفص ببيعهن، ولكن عليا عليه السلام منعه وقال:إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منع من بيع الملوك وأبنائهم وبناتهم، وإنما تنتخب كل واحدة من هاتين رجلا من المسلمين فتتزوج منه.
وعلى هذا انتخبت إحداهن ـ وهي " شاه زنان " ـ محمد بن أبي بكر، وانتخبت " شهربانو " ـ وهي الأخرى ـ الإمام الحسين عليه السلام.
وذهب كل منهما مع زوجته بعقد شرعي ونكاح إسلامي إلى بيته، فولدت شاه زنان من محمد ولده " القاسم " وأصبح من فقهاء المدينة وهو والد " أم فروة " والدة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، وولدت شهربانو الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام.
فلما رأى بعض الإيرانيين وسمع آخرون منهم بزواج ابنتي يزدجرد واحترام الإمام علي عليه السلام لهما، شكروا هذا الموقف التاريخي العظيم، والقرار الإنساني الجسيم، من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
وكان هذا من أهم الأسباب التي دعت الإيرانيين إلى تحقيق أكثر حول شخصية أبي الحسن عليه السلام، وعلي عليه السلام هو الرجل المقدس الذي كلما زاد الإنسان معرفة به، زاد حبا له وتعظيما.
4ـ ارتباط الإيرانيين وعلاقتهم بسلمان الفارسي وهو منهم، ثم لسابقته الفاخرة في الإسلام، ومكانته المرموقة عند النبي (ص)، حتى عده من أهل بيته، في الحديث الذي اشتهر عنه (ص) في كتب الشيعة والسنة انه قال (ص): سلمان منا أهل البيت(19).
وكان ينادى من ذلك اليوم: بسلمان المحمدي.
ولسائر فضائله ومناقبه أصبح محور الإيرانيين ومرجعهم في أمور الدنيا والدين.ولما كان سلمان من شيعة أهل البيت والموالين لآل محمد (ص) ومن المخالفين لاجتماع السقيفة والخليفة المنتخب فيها، أرشد قومه وهداهم إلى مذهب الشيعة، ودعاهم إلى التمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، وهو ولاية وإمامة أبى الحسن أمير المؤمنين، لأنه شهد يوم الغدير، وبايع عليا عليه السلام بالخلافة، وسمع أحاديث عديدة من فم النبي الكريم (ص) في شأن أبي الحسن وسمع كرارا حديث النبي (ص) من أطاع عليا فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن خالف عليا فقد خالفني، ومن خالفني فقد خالف الله(20).
5ـ لو تعمقنا في الموضوع وتفحصنا التاريخ للوصول إلى جذوره، لوجدنا أن من أهم أسباب التفاف الإيرانيين حول علي وبنيه عليهم السلام، وابتعادهم عن الغاصبين لحقوق آل محمد (ص) هو: سوء معاملة الخليفة عمر بن الخطاب مع الإيرانيين بعدما أسلموا وهاجر كثير منهم إلى المدينة المنورة، فكانت سيرته معهم خلاف سيرة النبي (ص) مع سلمان، وكانت سيرته معهم تصرفات شخصية تنبئ عن حقد دفين في قلبه لهم، وكان يحقرهم ويمنعهم من الحقوق الاجتماعية التي منحها الله تعالى لكل إنسان(21).
أما معاملة الإمام علي عليه السلام معهم فقد كانت حسنة كمعاملة النبي (ص) لسلمان الفارسي.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:28 AM





لهذا كان حب الإمام علي وبنيه عليهم السلام، وبغض عدوه وظالميه، مكنون في قلوب الإيرانيين، ولم يجدوا فرصة في لإظهارهما حتى القرن الرابع الهجري في عهد: آل بويه ودولتهم، فأظهروا حبهم لعلي وأبنائه عليهم السلام وبغضهم لظالميه وأعدائه.
وليس هناك أي ارتباط بين تشيع الإيرانيين وحكومة هارون وابنه المأمون العباسي.

دولة آل بويه
وأما آل بويه ـ الذين بدأت دولتهم في شيراز في القرن الرابع الهجري، وسرعان ما سرى نفوذهم في كل بلاد إيران والعراق، بل امتد سلطانهم في جميع بلاد بني العباس، وكانت كلمتهم تحكم في كل الولاة والحكام، وليس للخليفة العباسي إلا مراسيم الخلافة ـ فقد كانوا من شيعة إيران، وآل بويه مع هذه القدرة والنفوذ، ومع أنهم كانوا من شيعة وموالين لعلي وبنيه عليهم السلام، فهم لم يحاربوا التسنن، كما فعل الكثير من ملوك أهل السنة مع الشيعة، ولم يتعصبوا للشيعة على السنة، وإنما أعطوا الشيعة حرية إبداء العقيدة فحسب(22).

شيعة إيران في عهد المغول
وفي سنة 694 هجرية فتح غازان خان المغولي بلاد إيران، ولكنه أسلم وسمي بـ: " السلطان محمود " وكان يظهر الحب والولاء لآل رسول الله (ص) ويحترم محبيهم، وكان الشيعة في حرية العقيدة في دولته، ولما توفي سنة 707 هجرية خلفه أخوه، وقد أسلم هو أيضا وسمي: " محمد شاه خدابنده " ولما اطلع هذا على كثرة المذاهب، وأهل كل مذهب يزعمون أنهم على حق وأن غيرهم على ضلال أحب أن يعرف الحقيقة ويكشف عن الحق ليتمسك به، فأمر بإحضار العلماء من كل مذهب، ثم أمرهم بالمناقشة والمناظرة والمحاورة بمحضره.
وكان العلامة الكبير الشيخ جمال الدين حسن بن يوسف الحلي، ممثل الشيعة في المجلس، وهو وحده ناظر جميع علماء المذاهب الأربعة الحاضرين في مجلس السلطان، وأفحمهم بالأجوبة الكافية والأدلة الشافية، وأورد عليهم مسائل وإشكالات فلم يتمكنوا من ردها.
هنالك ظهر الحق وزهق الباطل، وأعلن " خندابنده " وحاشيته تشيعهم، وأصدر بعد ذلك بيانا إلى جميع ولاته على البلاد، وأخبرهم بما جرى في مجلسه، وأنه تشيع على علم ودراية، لذا يجب أن تلقى الخطب في الجمعة والجماعات باسم الإمام علي وأبنائه (ع)، وطبع الدراهم والدنانير بكلمة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، وسعى كثيرا واجتهد لنشر مذهب الشيعة في البلاد.
والملوك الصفويون من بعد المغول، جدوا واجتهدوا في نشر مذهب الشيعة، وأعلنوه المذهب الرسمي في إيران، وقدموا خدمات عظيمة للبلاد والعباد تحت راية علماء الشيعة ومفكريهم.
وإلى يومنا هذا، فإن المذهب الرسمي في إيران هو مذهب الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، وهذا منذ عهد آل بويه قبل فترة الصفوية بسبعمائة عام، والمجوس أقلية لا يعدون شيئا بالنسبة للمسلمين في إيران بل هناك أقليات أخرى، ربما يكون عددهم أكثر من المجوس، وهم أيضا لا يعدون شيئا بالنسبة للمسلمين الشيعة في بلاد الفرس.
فالأكثرية الساحقة في إيران، يعتقدون بـ: توحيد الله سبحانه وتعالى، وبرسالة محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، وبإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأبنائه المعصومين الأحد عشر (ع).
الحافظ: إني أتعجب منك أيها السيد الحجازي المكي المدني، حيث حللتم في إيران نسيت أصلك، وتركت شريعة جدك، وصرت مدافعا عن الإيرانيين، وحسبتهم أتباع علي كرم الله وجهه، والحال أن عليا برئ من عقائدهم ومذهبهم، لأنهم يؤهلون عليا ويجعلوه بمنزلة الرب (عز وجل) في أشعارهم وأقوالهم، وهو باليقين برئ من هذه العقيدة، لأنه كان عبدا مطيعا لله سبحانه وتعالى.
والآن أقرأ عليك بعض أشعار شعراء إيران الشيعة حتى تعرف صدقي وصحة كلامي، فقد أنشد الشاعر الإيراني، عن لسان علي كرم الله وجهه كفرا صريحا، وهو:
مظهر كـل عـجائب كيست؟ منمظهـر كل العجـائب من؟... أنــا!مظهر سـر غـرايب كيست؟ منمظهر ســر الغـرائب من؟... أنــا!صاحب عـون نوائب كيست؟ منصاحب عـون النوائـب من؟ أنــا..!در حقيقت ذات واجب كيست؟ منفي الحقيقة ذات الواجب من؟ أنــا..!
ويقول الآخر:
در مذهب عارفان آكاهالله علي، علي است الله!في مذهب العرفاء العالمينالله علي، علي هـو الله!
فهل بعد هذا تشك في كفرهم؟!
قلت: إني لا أشك، ولا كنت شاكا، في كفر القائلين لهذه الأبيات وأمثالها، والعجب ثم العجب منك، إذ تنسب هؤلاء الشعراء الملاحدة والغلاة والزنادقة، إلى الشيعة الموحدين لله تعالى، وعلى هذا الحساب الجائر والخيال القاصر، تفتون ـ لأتباعكم ـ بكفر الشيعة، وتسمحون لعوامكم بنهب أموا الشيعة وسفك دمائهم وهتك أعراضهم.
فكم شبت فتن على إثر هذه الفتاوى، في أفغانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركستان والهند وباكستان وغيرها، التي يندى منها جبين البشرية، وتبكي لها عين الإنسانية والله يعلم كم من الشيعة المؤمنين قتلوا بأسلحة أتباعكم العوام، لأنهم بسبب هذه التقولات الموهومة والاتهامات المزعومة على شيعة آل محمد (ص) يحسبونهم كفارا، حتى في الأزمنة السالفة كان اعتقاد كثير من أهل السنة في هذه المناطق التي ذكرتها أن من قتل عددا من الروافض ـ الشيعة ـ وجبت له الجنة!!
اعلموا أن مسؤولية هذه الدماء التي سفكت، إنما تكون عليكم، وسوف تسألون عنها في المحشر، يوم ينادي المنادي: (وقفوهم إنهم مسؤولون)(23)! فما يكون جوابكم عند الله تعالى؟!
أسألكم إذا كفر عدد قليل لا يعبأ بهم في قوم مؤمنين يبلغ عددهم الملايين، هل صحيح أن يحكم على كل القوم بالكفر ألم تكن في بلادكم أقليات مشركة وطوائف كافرة؟! وهم يعدون من الأفغان فهل صحيح نحكم على كل أفغاني بالكفر والشرك؟
ألم تكن جماعات من الغلاة الذين يؤهلون عليا في تركيا وغيرها من البلاد الإسلامية؟! فهل صحيح أن نحكم على أهل كل بلد يعيش فيه عدد من الغلاة بالكفر والإلحاد؟!
فإن اعتقادكم هذا بالإيرانيين دون غيرهم، ينبئ عن غيظ وحقد مكنون في قلوبكم ضدهم، ويكشف عن تعصب بغيض ضد الشيعة.
وأما الأبيات التي قرأتها وأمثالها، إن هي إلا من شعر الغلاة، وهم غير الشيعة، بل الشيعة الامامية وعلمائهم يكفرون الغلاة ويتبرؤن منهم، وقد أفتى علماء الشيعة في إيران وفي كل مكان بكفر الغلاة ونجاستهم وقالوا بوجوب الاجتناب عنهم والتبري منهم.

الإسلام يرفض التعصب القومي
وأما قولك: بأني سيد حجازي مكي مدني، فلماذا صرت مدافعا عن الإيرانيين؟!
فمن الواضح أني أفتخر بنسبي إلى رسول الله (ص) وانتسابي لمكة والمدينة، ولكني أحمد الله الذي لم يجعل في نفسي شيئا من النزعة القومية التي تتفرع عن جذور الجاهلية.
لأن جدي رسول الله (ص)، وإن روي عنه أنه قال: حب الوطن من الإيمان، وبهذه العبارة دعا كل قوم إلى الدفاع عن وطنه والتفاني لبلاده أمام هجوم. ولكنه حارب النزعات القومية والعصبيات القبلية بشدة(24) مثلما حارب عبادة الأصنام، وسعى جاهدا لتوحيد القوميات كلها تحت راية التوحيد والإسلام، فنادى بأعلى صوته كرارا بين أصحابه: الناس سواسية كأسنان المشط، لا فخر لعربي على عجمي، ولا أبيض على أسود، إلا بالتقوى.
وقال (ص): أيها الناس، ليبلغ الشاهد الغائب، إن الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية، والتفاخر بآبائها وعشائرها.
أيها الناس! كلكم لآدم وآدم من تراب، ألا إن خيركم عند الله وأكرمكم عليه، أتقاكم وأطوعكم له.
وقال (ص) حين فتح مكة: يا معشر قريش! إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم خلق من تراب، قال الله تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(25).
فهذا جدي وهو النبي الأكرم (ص) وسيد بني آدم، كان يحترم بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي ويساويهم في المعاملة مع أقرانهم من العرب، كأبي ذر الغفاري والمقداد الكندي وعمار بن ياسر وغيرهم.
ولكن أبا لهب الذي ولد في أشرف بيت من قريش، وهو عم النبي الكريم (ص) حين كفر بالله العظيم، تبرأ منه رسول الله (ص) والمسلمون، ونزلت سورة في ذمه فيها: (تبت يدا أبي لهب وتب)(26)... إلى آخرها.
نعم:
لقد رفع الإسلام سلمان فارسوقد وضع الشرك الشريفَ أبا لهب
التمييز العنصري سبب الحروب
كل من يطالع تاريخ العالم، يعرف أن أكثر الحروب في العالم أو كلها نشبت بسبب حمية الافتخارات الجاهلية، من نزعات قومية وتفرقة عنصرية وغيرها.
فالألمانيون يعتقدون أن قومية (الجرمن) تفوق القوميات الأخرى.
واليابنيون يريدون سيادة بني الأصفر على العالم.
والأوربيون يفضلون البيض على غيرهم.
والامريكيون يريدون السيطرة على العالم بزعمهم أنهم أفضل الخليقة، ويفضلون البيض على السود بشكل فظيع، وقد وضعوا قوانين ظالمة تسحق حقوق السود، فلا يحق لهم أن يدخلوا في الأماكن والمحلات المخصصة للبيض، حتى في الكنائس والمعابد!
وفي المعاهد العلمية، العلماء السود يجلسون في صف النعال والبيض الذين هم أنزل رتبة في العلم، يعلون عليهم في المجلس.
ولا يحق للسود مناقشة البيض في المطارحات والمناظرات العلمية، لذلك خصصوا لهم معاهد خاصة.
وحتى في القطارات والمطارات وغيرها، نجد التمييز العنصري ظاهر، وقانونه الجائر ونافذ في الدول التي تدعي التدمن والالتزام بحقوق الإنسان!
وأشد مظاهر التمييز العنصري اليوم هو في أمريكا، وهي تزعم سيادة العالم والدفاع عن حقوق البشر وحرية الانسان في كل الأقطار والأمصار، ولكنها تعامل السود الذين يشكلون نسبة عظيمة من الشعب الأمريكي كالحيوان، بل يفضلون عليهم بعض الحيوانات، فالسود في أمريكا محرومون من حقوقهم الاجتماعية والإنسانية التي منحها الله تعالى لكل البشر على الحد سواء.
ولكن الإسلام العظيم وقائده الكريم محمد (ص) منذ أكثر من ألف وثلاثمائة عام، ألغى النزعات القومية والتفرقة العنصرية، وحاربها كما حارب الكفر والشرك، وعبر عنها بالنخوة والعادات الجاهلية.
ثم إنه (ص) احتضن بلال الحبشي وصهيب الرومي بالتكريم والمحبة، كما احتضن أبا ذر وعمار وسلمان، وقال في كل واحد منهم، ما بين فيه مكانته وقربه عند الله سبحانه وتعالى.
وعين بلال الحبشي ـ الأسود ـ مؤذنا في مسجده، وهو مقام رفيع في الإسلام، فإن المؤذن: داعي الله ومناديه في عبادة المؤمنين.
وقد جعل الله عز وجل التقوى معيارا في التكريم والتفضيل، فقال عز من قائل: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(27).
وأنا ـ بعيدا عن النزعات القومية و التعصبات الجاهلية ـ ألزم نفسي بالدفاع عن الحق وإن كان أكثره من غير قومي، وأحارب الباطل وإن كان أكثر أهله من قومي، فأصر التشيع لأنه المذهب الحق وإن كان أكثر المتمسكين به إيرانيين، وأحارب الباطل وأرفضه وإن كان أكثر الحجازيين.
نحن أبناء الدليلحيثما مال نميل
الغلاة ليسوا من الشيعة
لقد نسبت أشعار الغلاة الإيرانيين إلى الشيعة الموحدين المؤمنين، فخلطت الحابل بالنابل.
فإن شيعة الإمام علي (ع)، سواء أكانوا إيرانيين أم عربا أم غيرهم، كلهم يوحدون الله تعالى ويطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا، ويشهدون بأن محمدا بن عبدالله عبده ورسوله، و خاتم النبيين، ولا نبي بعده إلى قيام يوم الدين.
ويعتقدون بأن علي بن أبي طالب ولي الله وعبده الصالح، اتخذه النبي (ص) أخا، وأوصى إليه وجعله خليفته من بعده، كل ذلك بأمر من الله تبارك وتعالى.
ويعتقدون بإمامة الحسن المجتبى (ع) بعد أبيه المرتضى، ومنم بعده إمامة الحسين الشهيد (ع)، ثم إمامة تسعة من أولاد الحسين (ع) نص عليهم رسول الله (ص) وعرفهم بأوصافهم وصفاتهم، وقد عصمهم الله تعالى من الذنب، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم عباده المكرمون، ولا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
ومن كان يقول ويعتقد غير هذا في الإمام علي وبنيه الأئمة الأحد عشر (ع) فلا تنسبوه إلى الشيعة.
ونحن الشيعة في إيران وغيره براء من الغالين في الإمام علي أو بنيه، كالسبئية والخطابية والغرابية والحلولية وغيرهم، وهذه الفرق أقليات متفرقة في أكثر البلاد الإسلامية لا إيران فقط، إلا أنه في تركيا يبلغ عددهم الملايين، مع ذلك لا تنسبون مسلمي تركيا ـ بما فيهم الشيعة الأتراك ـ إلى الغلاة!
فالشيعة في كل مكان بريئون من هذه الفرق، ويتألمون من انتسابها إليهم، كما أن المسلمون عموما يتبرءون منها عندما ينسب المستشرقون هذه الفرقة الغالية إلى الإسلام.
والشيعة: علماؤها وفقهاؤها في إيران وغيرها حكموا على الغلاة بالكفر، وأفتوا بنجاستهم ووجوب الاجتناب عنهم، ومع هذا كله، تنسبون إلينا هذه الفرق الضالة، أو تحسبوننا منهم!! إن هذا إلا بهتان عظيم.
فلو كنتم تقرءون كتبنا الكلامية، لوجدتم ردود متكلمينا وعلمائنا على عقائد الغلاة الإلحادية، بالدلائل العقلية والنقلية، وسأنقل لكم بعض الأخبار المروية في كتبنا عن أئمة الشيعة، وقد جمع قسما منها المحدث الجليل، والحبر النبيل، علامة عصره، ونابغة دهره، الشيخ المولى باقر المجلسي ـ قدس سره ـ في كتابه بحار الأنوار الذي هو أضخم دائرة معارف الشيعة الامامية وعدد أجزائه مائة وعشر مجلدات.
1ـ روي في ج 25 ص 273، حديث 19: عن أبي هاشم الجعفري قال سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الغلاة و المفوضة فقال الغلاة كفار و المفوضة مشركون من جالسهم أو خالطهم أو واكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج إليهم أو أمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز و جل و ولاية الرسول (ص) و ولايتنا أهل البيت.
2ـ وفي ج 25 ص 283، حديث 33: عن الإمام جعفر الصادق (ع) الغلاة شر خلق الله يصغرون عظمة الله و يدعون الربوبية لعباد الله و الله إن الغلاة لشر من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا.
3ـ وفي ج 25 ص 286، حديث 40: عن أبان بن عثمان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لعن الله عبد الله بن سبأ إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين و كان و الله أمير المؤمنين (ع) عبدا لله طائعا الويل لمن كذب علينا و إن قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم.
4ـ وفي ج 25 ص 286، حديث 41: عن الثمالي قال: قال علي بن الحسين (ع) لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله بن سبإ فقامت كل شعرة في جسدي لقد ادعى أمرا عظيما ما له لعنه الله كان علي ع و الله عبدا لله صالحا أخو رسول الله ص ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله و لرسوله و ما نال رسول الله ص الكرامة من الله إلا بطاعته لله عز وجل.
5ـ وفي ج 25 ص 296، حديث 55: عن المفضل بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (ع) ـ و ذكر أصحاب أبي الخطاب و الغلاة ـ فقال لي يا مفضل لا تقاعدوهم و لا تؤاكلوهم و لا تشاربوهم و لا تصافحوهم و لا توارثوهم.
6ـ ج 25 ص 297، حديث 59: عن الصادق (ع): لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا و لعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا و إليه مآبنا و معادنا و بيده نواصينا.
7ـ وفي ج 25 ص 303، حديث 69: عن صالح بن سهل قال كنت أقول في أبي عبد الله (ع) بالربوبية فدخلت فلما نظر إلي قال يا صالح إنا و الله عبيد مخلوقون لنا رب نعبده و إن لم نعبده عذبنا.
هذا أئمة الشيعة في ابن سبأ وأبي الخطاب والمفوضة والغلاة، ومع هذا كله، فإنكم وكثير من كتابكم تنسبون الشيعة إلى ابن سبأ الملعون!
فهل وجدتم كتاب واحد من كتب الشيعة الامامية الجعفرية ـ المنسوبين للإمام جعفر الصادق (ع) ـ كلمة واحدة في مدح ابن سبأ؟!
هذه كتبنا من أكثر من ألف سنة ملأت المكتبات والمدارس ـ اقرؤها بدقة، وطالعوها بتدبر، فلن تجدول شطر كلمة في تأييد ابن سبأ وعقائده وأفكاره، بل تجدون رده ولعنه، وأنه يهودي كافر.
فارجعوا عن كلامكم واعدلوا عن قولكم ورأيكم عن الشيعة، واخشوا الله وخافوا الحساب، يوم تسألون عن كل حرف مما قلتم، فقد قال تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)(28).
وقال سبحانه (فمن يعمل مثقال ذرة خير يره * ومن يفعل مثقال ذرة شرا يره)(29).
فأرجوكم أن تحاوروني بكلام نابع من الواقع والحقيقة، ولا تأخذوا ما يقول أعداؤنا وخصومنا فينا، فإن الخصم قلما ينصف خصمه.
فكما أحتج وأتكلم أنا بالاستناد إلى كتبكم وصحاحكم في إثبات ما أقول، فإن أصول المحاجة والحوار تقتضي أن تكونوا كذلك.
الحافظ: إن نصائحكم مقبولة، وإن شاء الله لا نقول إلا ما فيه رضاه، وإني حين سمعت هذه الروايات عندكم في رد الغلاة، زاد تعجبي فيكم، لأنا نسمع منكم في هذا الحوار تعابير في أئمتكم، يشم منها رائحة الغلو، وهم غير راضين بتلك الكلمات، بالرغم من أنكم تحرصون على كل كلمة تلفظونها، حتى لا يؤاخذكم بها، ولا تكون سببا للطعن فيكم.
قلت: أنا لست جاهلا معاندا، ولا متعصبا جامدا، فإذا كانت في كلامي هفوات ومغالاة، فالواجب أن تنبهوني، فإن الإنسان في معرض السهو والنسيان، وأرجوكم أن تذكروا كل ما كان في نظركم غلوا أو كفرا أو خارجا عن ميزان العقل والمنطق.
الحافظ: إن الله تعالى خص نبيه محمدا (ص) بتحية الصلاة، والسلام في الآية الكريمة: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (30) ولكن الشيعة كلهم ـ وحتى جنابكم في هذا المجلس ـ كلما ذكرتك أحد أئمتكم ألحقتم باسمه جملة (سلام الله عليه) أو (صلوات الله عليه) عوض أن تقولوا: (رضي الله عنه) فإنكم تشركون أئمتكم مع النبي في ما خصه الله تعالى من التحيات، فعملكم هذا بدعة وضلال وخلاف لنص القرآن الكريم.
قلت: إن الشيعة لم يخالفوا نصا في أي عمل من أعمالهم الدينية، ولكن أعداءهم كالخوارج والنواصب وبني أمية وأتباعهم في القرون الماضية افتروا عليهم، واعترضوا على بعض أعمالهم بأنها بدعة.
وعلماؤنا ردوا عليهم وأجابوهم بأدلة عقلية ونقلية أثبتوا بها أن الشيعة ليسوا أهل البدع والضلال، أجابوهم على الإشكال الذي أوردته بالتفصيل، ولكن رعاية للوقت، وإني أرى آثار التعب والنعاس تبدو على بعض الحاضرين، أجيبكم باختصار:
أولا: إن الله عز وجل في الآية الكريمة يأمر المؤمنين بالصلاة والسلام على النبي (ص) ولا ينهى عن الصلاة والسلام على غير النبي (ص).
ثانيا: كما أن الله تعالى قال في الآية الكريمة: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) فقد قال في سورة الصافات (سلام على آل ياسين) (31).
والله عز وجل في تلك السورة أيضا سلم على أنبيائه بقوله( سلام على نوح في العالمين)(32) (سلام على إبراهيم)(33) (سلام على موسى وهارون)(34) ولم يسلم على آل أحد الأنبياء إلا آل ياسين، و (يس) أحد أسماء نبينا (ص)، لأن الله تعالى ذكر لنبيه الكريم في القرآن، الحكيم خمسة أسماء وهي: محمد وأحمد وعبدالله ونون ويس، فقال (يس * والقرآن الكريم * إنك لمن المرسلين) (35) يا: حرف نداء، و(س) اسم رسول الله (ص) وهو إشارة إلى تساوي ظاهره وباطنه.
النواب: ما هو سبب اختيار حرف (س) من بين الحروف؟!
قلت: لأن حرف الـ (س) في حروف التهجي هو وحده يكون عدد ظاهره وباطنه متساويين، فإن لكل حرف من حروف التهجي عند المتخصصين بعلم الحروف والأعداد زُبَر وبينة، وحين تطبيق عدد: زُبِر وبينة كل حرف يكون عددهما مختلفا، إلا حرف (س) فإن زبره يساوي بينته.
نواب: عفوا يا سيد، أرجو منك التوضيح بشكل نفهمه نحن العوام، ونحن لا نعرف معنى: الزبر والبينة، فنرجو توضيحا أكثر.
قلت: أوضح:
الزبر: هو اسم الحرف الذي يخط على القرطاس: (س) وهو حرف واحد، ولكن عند التلفظ يكون: ثلاثة حروف: س ي ن فكل ما زاد على الحرف وخطه في تلفظه يكون بينته، وعدد (س) عند العلماء: ستون وعدد (ي) عشرة، و(ن) خمسون، فيكون جمعهما ستون أيضا، فيتساوى عدد: (س) وعدد: (ين) وهذا هو الحرف الوحيد بين حروف التهجي يتساوى زبره وبينته.
ولذلك فإن الله تعالى خاطب نبيه قائلا: يس، الياء: حرف نداء، و (س): إشارة إلى اعتدال ظاهره وباطنه.
وكذلك في الآية المباركة قال: (سلام على آل ياسين).
الحافظ: إنكم تريدون بسحر كلامكم أن تثبتوا شيئا لم يقله أحد من العلماء!
قلت أرجوك أن لا تتسرع في نفي ما أقول، بل فكر وتدبر ولا تعجل، فإن العجلة ندامة، لأني أثبت كلامي استنادا إلى كتبكم وصحاحكم، وعندها تُحرج أمام الحاضرين وتخجل، وأنا لا أحب لك ذلك.
وإنكم إما غير مطلعين على كتبكم، أو مطلعين عليها ولكنكم تكتمون الحق!
أما نحن، فمطلعون على كتبكم وما فيها من الروايات والأحاديث الصحيحة والمدسوسة، فنأخذ الصحيحة ونترك غيرها.
وفي خصوص هذا الموضوع نعرف روايات وأحاديث معتبرة في كثير من كتبكم، منها: في كتاب (الصواعق المحرقة) الآية الثالثة في فضائل أهل البيت.
قال إن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال: أن المراد بـ (سلام على آل ياسين) أي: سلام على أل محمد، قال وكذا قاله الكلبي.
ونقل ابن حجر أيضا عن الإمام الفخر الرازي أنه قال: إن أهل بيته (ص) يساوونه في خمسة أشياء:
1ـ في السلام، قال السلام عليك أيها النبي، وقال سلام على آل ياسين.
2ـ وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد.
3ـ وفي الطهارة، قال تعالى (طه)(36) أي: يا طاهر، وقال: ( ويطهركم تطهيرا)(37).
4ـ وفي تحريم الصدقة.
5ـ وفي المحبة، قال تعالى: (فاتبعوني يحببكم الله)(38) وقال : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)(39).
وذكر السيد أبو بكر شهاب الدين في كتابه " رشفة الصادي... " في الباب الأول ص 24: عن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس، والنقاش عن الكلبي: سلام على آل ياسين، أي: آل محمد.
ورواه أيضا في الباب الثاني: ص34.
وذكر الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير ج 7 ص 163 في تفسير الآية الكريمة: (سلام على آل ياسين) وجوها... الوجه الثاني: إن آل ياسين هم آل محمد(40).
فجواز الصلاة والتسليم على آل محمد، أمر متفق عليه بين الفريقين(41).

الصلاة والسلام على الآل السنة
روى البخاري في صحيحه ج 3.
ومسلم في صححه ج 1.
والعلامة القندوزي في ينابيع المودة ص 227 نقلا عن البخاري، وابن حجر في الصواعق المحرقة: في الباب الحادي عشر، الفصل الأول، الآية الثانية.
كلهم رووا عن كعب بن عجرة، قال لما نزلت هذه الآية، قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟
فقال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى وآل محمد... إلى آخره.
قال ابن حجر: وفي رواية الحاكم، فقلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟
قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد... إلى آخره.
قال ابن حجر: فسؤالهم بعد نزول الآية: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وإجابتهم بـ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد... إلى آخره، دليل ظاهر على أن الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقية آله مراد من هذه الآية، ولم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر، فلما أجيبوا به دل على أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به... إلى آخر كلامه في " الصواعق " فراجع.
وروى الإمام الفخر الرازي في ج6 من تفسيره الكبير ص 797: لما سأله الأصحاب: كيف نصلي عليك؟
قال (ص) قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وروى ابن حجر في الصواعق ص 87: قال (ص): لا تصلوا علي الصلاة البتراء.
فقالوا: وما الصلاة البتراء؟
قال (ص): تقولون: اللهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى لآل محمد(42).
قال: وقد أخرج الديلمي أنه (ص) قال: الدعاء محجوب حتى يصلي على محمد وأهل بيته، اللهم صل على محمد وآله.
ولابن حجر بحث مفصل ينقل آراء علمائكم وفقهائكم في وجوب الصلاة والسلام على آل محمد (ص) في التشهد في الصلوات اليومية، ثم يقول: وللشافعي رضي الله عنه:
يا أهل بيت رسول الله حبكمفرض من الله في القرآن أنزلهكفاكم من عظيم القدر أنكممن لم يصل عليكم لا صلاة له
وقد بحث الموضوع السيد أبو بكر بن شهاب الدين في كتابه رشفة الصادي، الباب الثاني: ص 29 ـ 35، ونقل دلائل في وجوب الصلاة والسلام على آل محمد في الصلاة اليومية عن النسائي والدار قطني وابن حجر والبهيقي وأبي بكر الطرطوسي وأبي اسحاق المروزي والسمهودي والنووي والشيخ سراج الدين القصيمي.
ونظرا لضيق الوقت ورعاية لحال الحاضرين أكتفي بهذا المقدار، أكتفي بهذا المقادير، وأترك الموضوع للعلماء الحاضرين حتى يفكروا ويراجعوا وجدانهم وضمائرهم، ثم يحكموا فيه وينصفوا. وبعد هذا كله ستصدقونني حتما وتقبلون بأن الصلاة والسلام على آل محمد ليست بدعة، وإنما هي عبادة وسنة أمر بها النبي الكريم (ص)، ولا ينكر هذا إلا الخوارج والنواصب المعاندون، خذلهم الله، حيث دلسوا على إخواننا العامة، وألبسوا عليهم الحق والحقيقة.
ومن الواضح أن الذين أمر النبي (ص) أن تقرن أسمائهم مع اسمه الشريف، ويصلي ويسلم عليهم في الصلوات اليومية مقدمون على غيرهم في الفضل والشرف.
ومن السفاهة والجهل والتعصب والعناد أن نرجح الآخرين عليهم.
والآن أشاهد آثار التعب والنعاس تبدوا على كثير من الإخوان، لذلك أنهي المجلس وأنتظر قدومكم في الليلة الآتية إن شاء الله.
فقام القوم وانصرفوا وشيعتهم إلى باب الدار.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:31 AM


المجلس الثالث
ليلة الأحد 25/ رجب / 1345 هجرية


حضر مجلس البحث الذي انعقد في أول الليل فضيلة الحافظ محمد رشيد مع ثلة من المشايخ والعلماء، وجمع كبير من أتباعهم، فلما استقر بهم المجلس وتناولوا الشاي والحلوى....
قال الحافظ: في الليلة البارحة لما ذهبت من هنا إلى البيت لمت نفسي كثيرا لعدم تحقيقي ومطالعتي حول المذاهب الأخرى وعقائدهم وأقوالهم، ولم اكتف بكتب مخالفيهم وبتعبيركم: المتعصبين على غيرهم!
وقد ظهر لنا ـ من جملة كلامكم ـ في الليلة الماضية: أن الشيعة يفترقون على مذاهب وطرق شتى، فأي مذهب على حق عندكم؟ بينوه حتى نعرف على أي مذهب نحاوركم، ونكون على بينة من الأمر في هذا التفاهم الديني والحوار المذهبي!
قلت: إني لم أذكر في الليلة الماضية أن الشيعة على مذاهب، وإنما الشيعة مذهب واحد، وهم المطيعون لله وللرسول محمد (ص) والأئمة الاثني عشر (ع).
ولكن ظهرت مذاهب كثيرة بدواع دنيوية وسياسية زعمت أنها من الشيعة، وتبعهم كثير من الجهال فاعتقدوا بأباطيلهم وكفرياتهم، وحسبهم الجاهلون الغافلون بأنهم من الشيعة، ونشروا كتبا على هذا الأساس الباطل من غير تحقيق وتدقيق.
وأما المذاهب التي انتسبت إلى الشيعة عن جهل أو عمد لأغراض سياسية ودنيوية، فهي أربع مذاهب أولية، وقد اضمحل منها مذهبان وبقي مذهبان، تشعبت منها مذاهب أخرى.
والمذاهب الأربعة هي: الزيدية، الكيسانية، القداحية، الغلاة.

مذهب الزيدية
وبعد وفاة علي بن الحسين (ع) ساق جماعة من الشيعة الإمامة إلى ابنه زيد وعرف هؤلاء بالزيدية وهم الذين (ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم) إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون إماما واجب الطاعة سواءً كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين(1).
ولما كان زيد الشهيد (ع) كذلك، اتخذوه إماما بعد أبيه فقد خرج ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدفع الظلم عن نفسه وعن المؤمنين، وكان سيدا شريفا، وعالما تقيا، وشجاعا سخيا وقد أخبر رسول الله (ص) عن شهادته، فقد روى الإمام الحسين (ع) أن رسول الله (ص) وضع يده على ظهري وقال: يا حسين سيخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل شهيدا، فإذا كان يوم القيامة يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس ويدخلون الجنة.
وقال الإمام علي بن موسى الرضا (ع) للمأمون وهو يحدثه عن زيد بن علي الشهيد أنه كان من علماء آل محمد غضب في الله فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفّى لله، ومن ذلك أنه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد(2).
روى الخزاز(3) في حديث طويل عن محمد بن بكير قال: دخلت على زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعنده صالح بن بشر فسلمت عليه وهو يريد الخروج إلى العراق فقلت له: يا ابن رسول الله... هل عهد إليكم رسول الله (ص) متى يقوم قائمكم؟ قال: يا ابن بكير، إنك لن تلحقه، وأن هذا الأمر تليه ستة من الأوصياء بعد هذا (ويعني الإمام الباقر) ثم يجعل الله خروج قائمنا، فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا و ظلما.
فقلت يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الأمر؟
فقال: أنا من العترة، فعدت فعاد إلي، فقلت: هذا الذي تقول عنك أو عن رسول الله (ص)؟
فقال: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله (ص).

الكيسانية
وهم أصحاب كيسان وكان عبدا اشتراه الإمام علي (ع) فأعتقه، ويقولون بإمامة محمد بن الحنفية بعد إمامة الحسن المجتبى والحسين سيد الشهداء (ع)، ولكن محمدا لم يدع الإمامة أبدا وهو عندنا سيد التابعين، ويعرف بالعلم والزهد والورع والإطاعة للإمام السجاد (ع) زين العابدين.
نعم، نقل بعض المؤرخين بعض الاختلافات بينهما، وقد اتخذ الكيساني تلك الاختلافات دليلا على ادعاء محمد بن الحنفية لمقام الإمامة.
ولكن الحقيقة أنه أراد أن يوجه أصحابه إلى عدم صلاحيته لذلك المقام الرفيع، فكان في الملأ العام يخالف رأي الإمام زين العابدين عليه السلام، وكان الإمام عليه السلام يجيبه جوابا مقنعا فيفحمه، فكان محمد يسلم للإمام ويطيعه ، وأخيرا تحاكما عند الحجر الأسود في أمر الإمامة وأقر الحجر بإمامة علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليه السلام، فبايع محمد بن الحنفية ابن أخيه الإمام السجاد، وتبعه أصحابه وعلى رأسهم أبو خالد الكابلي، فبايعوا إلا قليل منهم بقوا على عقيدتهم الباطلة بحجة أن اعتراف محمد بإمامة زين العابدين عليه السلام حدث لمصلحة لا نعرفها!!
ومن بعد موته، قالوا بأنه لم يمت! وإنما غاب في شعب جبل رضوى ، وهو الغائب المنتظر الذي أخبر عنه رسول الله (ص) وسيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا.
وقد انقسموا على أربع فرق: المختارية، الكربية، الإسحاقية، الحربية، وكلهم انقرضوا ولا نعرف اليوم أحدا يعتقد بمذهبهم.

القداحية
وهم قوم باطنيون يتظاهرون بالتمسك ببعض عقائد الشيعة ويبطنون الكفر والزندقة والإلحاد!!
ومؤسس هذا المذهب الباطل هو: ميمون بن سالم، او ديصان، وكان يعرف ويلقب بقداح، وكان ابتداء هذا المذهب في مصر، وهم فتحوا باب تأويل القرآن والأحاديث حسب رأيهم كيفما شاءوا، وجعلوا للشريعة المقدسة ظاهرا وباطنا وقالوا: إن الله تعالى علّم باطن الشريعة لنبيه، وهو علّمه عليا، وعلي عليه السلام علم أبناءه، وشيعته المخلصين.
وقالوا: بأن الذين عرفوا باطن الشريعة، تحرروا وخلصوا من الطاعة والعبودية الظاهرية!!
وقد بنوا مذهبهم على سبعة أسس، واعتقدوا بسبعة أنبياء وسبعة أئمة، فقالوا في الإمام السابع، وهو موسى بن جعفر عليه السلام: بأنه غاب ولم يمت ، وسيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا!! وهم فرقتان:
1ـ الناصرية: أي: أصحاب ناصر خسرو العلوي، الذي تمكن بقلمه وشعره أن يدفع كثيرا من الغافلين في هوة الكفر والإلحاد، وكان له أتباع في طبرستان.
2ـ الصبّاحيّة: وهم أصحاب حسن الصباح، وهو من أهل مصر، ثم هاجر إلى إيران ونشر دعوته في نواحي قزوين، وكانت واقعة قلعة " الموت " بسببه، والتي قتل فيها كثير من الناس، والتاريخ يذكرها بالتفصيل ولا مجال لذكرها.

الغلاة
وهم أخس الفرق المنسوبة إلى التشيع، وهم سبع فرق كلهم ملحدون: السّبئية، المنصورية، الغرابية، البزيغية، اليعقوبية، الإسماعيلية، الدرزية.
ولا مجال لشرح أحوالهم وعقائدهم، وإنما أشرت إليهم وذكرتهم لأقول: نحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية نبرأ من هذه الطوائف والفرق والمذاهب الباطلة ونحكم عليهم بالكفر والنجاسة، ووجوب الاجتناب عنهم.
هذا حكم أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين نقتدي بهم، وقد ذكرت لكم بعض الروايات عن أئمتنا عليهم السلام في حق أولئك الزنادقة الملحدين ـ في الليلة الماضية ـ.
ومع الأسف أن نرى كثيرا من أصحاب القلم لم يفرقوا بين الشيعة الإمامية الجعفرية وبين هذه الفرق المنتسبة للشيعة، مع العلم أن عددنا يربو على أتباع هذه المذاهب الباطلة بأضعاف مضاعفة، وهم نسبة ضئيلة جدا، وعددنا نحن اليوم أكثر من مائة مليون، وأصحابنا موجودون في كل بلاد العالم، ونعلن براءتنا من هذه العقائد الفاسدة والمذاهب الباطلة التي تنسب إلى الشيعة.

خلاصة عقائدنا
والآن أذكر لكم أصول عقائد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية باختصار ، وأرجو أن لا تنسبوا إلينا غير ما أبينه لكم.
نعتقد: بوجود الله سبحانه وتعالى، الواجب الوجود، الواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ليس له شبيه ولا نظير ، ولا جسم ولا صورة، لا يحل في جسم، ولا يحدد بمكان ليس بعرض ولا جوهر، بل هو خالق العرض والجوهر وخالق كل شيء، منزه عن جميع الصفات التي تشبهه بالممكنات، ليس له شريك في الخلق وهو الغني المطلق، والكل محتاج إليه على الإطلاق.
أرسل رسله إلى الخلق واصطفاهم من الناس واختارهم فبعثهم إليهم بآياته وأحكامه ليعرفوه ويعبدوه، فجاء كل رسول من عند الله سبحانه ما يقتضيه الحال ويحتاجه الناس، وعدد الأنبياء كثير جدا إلا أن أصحاب الشرائع خمسة، وهم أولو العزم:
1ـ نوح، نجي الله 2ـ إبراهيم، خليل الله 3ـ موسى، كليم الله 4ـ عيسى، روح الله 5ـ محمد، حبيب الله، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا.
وإن سيدهم وخاتمهم هو: نبينا محمد المصطفى (ص)، الذي جاء بالإسلام الحنيف وارتضاه الله تعالى لعباده دينا إلى يوم القيامة.
فحلال محمد (ص) حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
والناس مجزون بأعمالهم يوم الحساب، فالدنيا مزرعة الآخرة، فيحيي الله الخلائق بقدرته، ويرد الأرواح إلى الأجساد، ويحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (4).
ونعتقد: بالقرآن الحكيم كتابا، أنزله الله تبارك وتعالى على رسوله الكريم محمد (ص)، وهو الذي بين أيدي المسلمين، لم يحرف ولم يغير منه حتى حرف واحد، فيجب علينا أن نلتزم به ونعمل بما فيه من الصلاة والصوم والزكاة والخمس والحج والجهاد في سبيل الله.
ونلتزم بكل ما أمر به الرب الجليل، وبكل الواجبات والنوافل التي بلغها النبي (ص) ووصلتنا عن طريقه.
ونمتنع عن ارتكاب المعاصي، صغيرة أو كبيرة، كشرب الخمر ولعب القمار والزنا واللواط والربا وقتل النفس المحترمة والظلم والسرقة، وغيرها مما نهى الله ورسوله عنها.
ونعتقد: أن الله عز وجل هو وحده يبعث الرسل وينزل عليهم الكتاب والشريعة، ولا يحق لقوم أن يتخذوا لأنفسهم دينا ونبيا غير مبعوث من عند الله تعالى ، وكذلك هو وحده الذي ينتخب ويختار خلفاء رسوله بالنص، والرسول يعرفهم للأمة.
وكما أن جميع الأنبياء عرفوا أوصياءهم وخلفاءهم لأممهم كذلك خاتم الأنبياء محمد (ص) لم يترك الأمة من غير هاد وبلا قائد مرشد من بعده، بل نصب عليا وليا مرشدا، وعلما هاديا، وإماما لأمته، وخليفة من بعده في نشر دينه وحفظ شريعته.
وقد نص النبي (ص) ـ كما في كتبكم أيضا ـ أن خلفاءه من بعده اثنا عشر، عرفهم بأسمائهم وألقابهم، أولهم سيد الأوصياء علي بن أبى طالب عليه السلام، وبعده ابنه الحسن المجتبى، ثم الحسين سيد الشهداء ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم ابنه محمد باقر العلوم، ثم ابنه جعفر الصادق، ثم ابنه موسى الكاظم، ثم ابنه علي الرضا، ثم ابنه محمد التقي، ثم ابنه علي النقي، ثم ابنه الحسن العسكري، ثم ابنه محمد المهدي، وهو الحجة القائم المنتظر، الذي غاب عن الأنظار، وسوف يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وقد تواترت الأخبار في كتبكم وعن طرقكم أيضا، أن النبي (ص) أخبر بظهور المهدي صاحب الزمان، وهو المصلح العالمي الذي ينتظره جميع أهل العالم، ليمحو الظلم والجور ويقيم العدل والقسط على وجه البسيطة.
وبكلمة واحدة أقول: نحن نعتقد بجميع الأحكام الخمسة ـ من الحلال والحرام والمستحب والمكروه والمباح ـ التي أشار إليها القرآن الكريم، أو جاءت في الروايات والأخبار الصحيحة المعتبرة التي وصلتنا عن النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
وأنا أشكر الله ربي إذ وفقني لأعتقد بكل ذلك عن تحقيق ودراسة وعلم واستدلال، لا عن تقليد الآباء والأمهات، ولذا فإني أفتخر بهذا الدين والمذهب الذي أتمسك به، وأعلن أني مستعد لأناقش على كل صغيرة وكبيرة من عقائدي، وبحول الله وقوته أثبت حقانيتها.
(الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) (5).
ارتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء، وبعد الفراغ من الصلاة شربوا الشاي وتناولوا شيئا من الحلوى، ثم افتتح الحافظ كلامه قائلا:
نشكركم على التوضيح عن فرق الشيعة، ولكن نرى في الأخبار والأدعية المروية في كتبكم وعبارات ظاهرها يدل على الكفر!
قلت: أرجو أن تذكروا عبارة واحدة من تلك العبارات حتى نعرف.
الحافظ: إني طالعت أخبارا كثيرة في كتبكم بهذا المعنى ولكن الذي أذكره الآن ويجول في خاطري، عبارة، في " تفسير الصافي " (6) للفيض الكاشاني الذي هو أحد كبار علمائكم فقد روى: أن الحسين شهيد الطف وقف يوما بين أصحابه فقال : أيها الناس! إن الله تعالى جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه.
قال رجل من أصحابه: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله (ص) فما معرفة الله؟
قال (ص): معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته.
قلت: أولا: يجب أن ننظر إلى سند الرواية، هل كان صحيحا أو موثقا، قويا أو ضعيفا، معتبرا أو مردودا.
ثم على فرض صحة السند فهو خبر واحد، فلا يجوز الاستناد عليه والالتزام به، فمثل هذا الخبر يلغى عندنا لمناقضته للآيات القرآنية والروايات الصريحة المروية عن أهل البيت عليهم السلام في التوحيد(7).
ومن أراد أن يعرف نظر الشيعة في التوحيد فليراجع خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في)نهج البلاغة) حول التوحيد وليراجع مناظرات أئمتنا عليهم السلام ومناقشاتهم مع الماديين والدهريين المنكرين لوجود الله عز وجل، لتعرفوا كيف ردوا شبهاتهم، وأثبتوا وجود الخالق وتوحيده على أحسن وجه.
راجعوا كتاب توحيد المفضل، وتوحيد الصدوق، وكتاب التوحيد من موسوعة " بحار الأنوار " للعلامة المجلسي قدس الله أسرارهم.
وطالعوا بدقة كتاب النكت العقائدية، والمقالات في المذاهب والمختارات، وهما من تصانيف محمد بن محمد بن نعمان، المعروف بالشيخ المفيد طاب ثراه، وهو من أكبر علمائنا في القرن الرابع الهجري.
طالعوا بإمعان كتاب) الاحتجاج) للشيخ الجليل أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي رحمه الله.
راجعوا هذه الكتب القيمة حتى تعرفوا كلام أئمة الشيعة وعلمائهم في التوحيد.
ولكنكم لا تريدون معرفة الحقيقة والواقع! وإنما تبحثون في كتبنا لتجدوا أخبارا متشابهة فتتحاملون بها علينا، وتهرجون بها ضدنا.
أتبصر في العين مني القذىوفي عينك الجذع لا تـــبصر
فكأنكم لم تطالعوا كتبكم وصحاحكم فتجدوا فيها الأخبار الخرافية والموهومات، بل الكفريات التي تضحك الثكلى ويأباها العقل السليم، فلو تقرأها بإمعان لما رفعت رأسك خجلا، ولم تنظر في وجوه الحاضرين حياء!!
الحافظ: إن المضحك المخجل هو كلامكم في تخطئة الكتب العظيمة التي لم يصنف ولم يؤلف مثلها في الإسلام، خصوصا صحيح البخاري وصحيح مسلم اللذان أجمع علماء الإسلام على صحتهما، وأن الأحاديث المروية فيها صادرة عن النبي (ص) قطعا، ولو أن أحدا أنكر الصحيحين أو خطّأ بعض الأحاديث المروية فيهما فإنه ينكر وينفي مذهب السنة والجماعة، لأن مدار عقائد أهل السنة وفقههم بعد القرآن يكون على هذين الكتابين.
كما كتب ابن حجر المكي، وهو من كبار علماء الإسلام وإمام الحرمين، في كتابه " الصواعق المحرقة ": فصل في بيان كيفيتها ـ أي: كيفية خلافة أبي بكر ـ روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن ، بإجماع يعتد به: فلذلك من البديهي أن الأخبار المندرجة في الصحيحين كلها قطعية الصدور عن النبي (ص)، لأن الأمة أجمعت على قبولهما، وكل ما أجمعت الأمة على قبوله فهو مقطوع به، فكل ما في الصحيحين مقطوع بصحته!!
على هذا، كيف يتجرأ أحد أن يقول: توجد في الصحيحين خرافات وكفريات وموهومات؟!

رد الإجماع المزعوم
قلت: نحن نورد إشكالا علميا على الإجماع الذي تدعونه على صحة ما في الصحيحين وإسناد ما فيها إلى النبي (ص)! فقد ناقش كثير من علمائكم روايات الصحيحين ورفضوا كثيرا منها، أضف على أولئك جميع الشيعة، وهم أكثر من مائة مليون مسلم في العالم.
فإن إجماعكم هذا مثل الإجماع الذي زعمتم في الخلافة بعد النبي (ص)!!
فإن كثيرا من علمائكم الكبار، مثل: الدارقطني وابن حجر وشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني في (إرشاد الساري) والعلامة أبي الفضل جعفر بن ثعلب الشافعي في كتاب (الامتناع في أحكام السماع) والشيخ عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في (الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية) وشيخ الإسلام أبو زكريا النووي في شرح صحيح مسلم، وشمس الدين العلقمي في (الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير) وابن القيم في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) وأكثر علماء الحنفية انتقدوا كثيرا من الأحاديث المدرجة في الصحيحين وقالوا: إنها من الروايات الضعاف وهي غير صحيحة.
وبعض المحققين من علمائكم مثل كمال الدين جعفر بن ثعلب بالغ في بيان فضائح بعض الروايات من الصحيحين، وأقام الأدلة العقلية والنقلية على خلافها.
فلسنا وحدنا المنتقدين لصحيحي مسلم والبخاري والقائلين بوجود الخرافات فيهما حتى تهرج ضدنا!
الحافظ: بينوا لنا من خرافات الصحيحين كما تزعمون حتى نترك التحكيم في ذلك للحاضرين.
قلت: أنا لا أحب أن أخوض في هذا البحث، ولكن تلبية لطلبكم، ولكي تعرفوا أني لا أتكلم إلا عن علم وإنصاف، وعن وجدان وبرهان، اذكر بعض تلك الروايات باختصار:

رؤية الله سبحانه عند أهل السنة
إذا أردتم الاطلاع على الأخبار التي تتضمن الكفر في الحلول والاتحاد وتجسم الله سبحانه ورؤيته في الدنيا أو في الآخرة على اختلاف عقائدكم، فراجعوا: صحيح البخاري ج 1، باب فضل السجود من كتاب الصلاة، وج 4 باب الصراط من كتاب الرقاق، وصحيح مسلم ج1، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة، ومسند أحمد ج2 ص 275، وأنقل لكم نموذجين من تلك الأخبار الكفرية:
1ـ عن أبي هريرة: إن النار تزفر و تتقيظ شديدا، فلا تسكن حتى يضع الرب قدمه فيها، فتقول: قطّ قطّ، حسبي حسبي.
وعنه: إن جماعة سألوا رسول الله (ص): هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
قال (ص): نعم، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب... إلى آخرها.
بالله عليكم أنصفوا! أما تكون هذه الكلمات كفرا بالله سبحانه وتعالى.
وقد فتح مسلم بابا في صحيحه كما مر ونقل أخبار عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وسويد بن سعيد وغيرهم في رؤية الله تبارك وتعالى.
وقد رد هذه الأخبار كثير من كبار علمائكم وعدوها من الموضوعات والأكاذيب على النبي (ص)، منهم الذهبي في " ميزان الاعتدال " والسيوطي في " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " وسبط ابن الجوزي في " الموضوعات " فهؤلاء كلهم أثبتوا ـ بأدلة ذكروها ـ كذب تلك الأخبار وعدم صحتها.
وإذا لم تكن هناك أدلة على بطلانها سوى الآيات القرآنية الصريحة في دلالتها على عدم جواز رؤية الباري عز وجل لكفى، مثل: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)(8).
وفي قصة موسى بن عمران (ع) وقومه إذ طلبوا منه رؤية الله تعالى وهو يقول لهم: لا يجوز لكم هذا الطلب، ولكنهم أصروا فقال: (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)(9) و (لن) تأتي في النفي الأبدي.
قال السيد عبد الحي ـ وهو إمام جماعة المسجد ـ: ألم ترووا عن علي كرم الله وجهه أنه قال: لم أكن أعبد ربا لم أره؟!
قلت: حفظت شيئا وغابت عنك أشياء، إنك ذكرت شطرا من الخبر ولكني أذكر لك الخبر كله حتى تأخذ الجواب من نص الخبر:
روى ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني قدس سره(10) في كتاب الكافي كتاب التوحيد باب إبطال الرؤية وروى أيضا الشيخ الكبير حجة الإسلام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق طاب ثراه(11) في كتاب التوحيد باب إبطال العقيدة رؤية الله تعالى، رويا عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال: جاء حَبْرٌ إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟
فقال (ع): ويلك! ما كنت أعبد ربا لم أره.
قال: وكيف رأيته.
قال (ع): ويلك! لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.
فكلام أمير المؤمنين (ع) صريح في نفي رؤيته سبحانه بالبصر، بل يدرك بالبصيرة وبنور الإيمان.
وعندنا دلائل عقلية ونقلية أقامها علماؤنا في الموضوع، وتبعهم بعض علمائكم، مثل: القاضي البيضاوي، وجار الله الزمخشري في تفسيريهما، أثبتا أن رؤية الله سبحانه لا تمكن عقلا.
فمن يعتقد برؤية الله سواء في الدنيا أو في الآخرة، يلزم أن يعتقد بجسميته عز وجل، وبأنه محاط ومظروف، ويلزم أن يكون مادة حتى يرى بالعين المجردة، وهذا كفر كما صرح العلماء الكرام من الفرقين!!

الأخبار الخرافية في الصحيحين
ثم أني أعجب كثيرا من اعتقادكم بالصحاح الستة، وبالأخص صحيحي البخاري ومسلم على أنهما كالوحي المنزل، فلو نظرتم فيهما بعين التحقيق والنقد، لا بعين القبول والتسليم، لاعتقدتم بكلامي، ولقبلتم أن صحاحكم، وحتى صحيحي مسلم والبخاري لا تخلو من الخرافات والموهومات، وإليكم بعضها:
1ـ أخرج البخاري في كتاب الغسل، باب من اغتسل عريانا، وأخرج مسلم في ج2 باب فضائل موسى، وأخرج أحمد في مسنده ج2 ص 315 عن أبي هريرة قال: كانوا بنوا إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ـ أي ذو أدرة، وهي: الفتق ـ.
قال فذهب مرة ليغتسل فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر، بثوبه، فجعل موسى يجري بأثره ويقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى!!! فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر بعد حتى نظر إليه، فأخذ موسى ثوبه فطفق بالحجر ضربا!! فوالله إن بالحجر ندبا ستة أو سبعة!!
بالله عليكم أنصفوا.. هل يرضى أحدكم أن تنسب إليه هذه النسبة الموهنة الشنيعة؟! التي لو نسبت إلى سوقيّ عاميّ لغضب واستشاط! فكيف بنبي صاحب كتاب وشريعة، وصاحب حكم ونظام، يخرج في أمته وشعبه عريانا وهم يمنعون النظر إلى سوأته هل العقل يقبل هذا؟!
وهل من المعقول أن الحجر يسرق ملابس موسى ويفر بها وموسى يركض خلفه، والحجر يمر من فوق يده وموسى ينادي الحجر، والحجر أصم لا يسمع ولا يبصر؟!!
وهل من المعقول أن موسى بن عمران يقوم بعمل جنوني فيضرب الحجر ضربا مبرحا حتى يئن الحجر؟!!
ليت شعري أبيده كان يضرب الحجر ؟! فهو المتألم لا الحجر!!
أم كان يضربه بالسيف، فالسيف ينبو وينكسر!
أم كان الضرب بالسوط، فالسوط يتقطع!
فما تأثير الضرب بأي شكل كان، على الحجر؟!
فكل ما في الحديث من المحال الممتنع عقلا، وهو من الأحاديث المضحكة التي من التزم بها فقد استهزأ بالله ورسله!!
قال السيد عبد الحي: هل حركة الحجر أهم أم انقلاب عصا موسى إلى ثعبان وحية تسعى؟!! أتنكرون معاجز موسى بن عمران فقد نطق بها القرآن؟!
قلت نحن لا ننكر معاجز موسى ومعاجز سائر الأنبياء (ع)، بل نؤمن بصدور المعاجز من الأنبياء ولكن في محلها، وهو مقام تحديهم الخصوم في إحقاق الحق ودحض الباطل. وموضوع الحجر في غير محل الإعجاز، فأي إحقاق حق ودحض باطل في التشهير بكليم، وإبداء سوأته على رؤوس الأشهاد من قومه؟! بل هو تنقيص من مقامه! ولا سيما وهم يشاهدونه يركض وراء حجر لا يسمع فيناديه: ثوبي حجر!!، أو يشتد ويغضب على حجر لا يشعر ولا يدرك فينهال عليه ضربا!!
السيد عبد الحي: أي حق أعلى من إبراء نبي الله؟! فالناس عرفوا بذلك أن ليس فيه فتق!
قلت: على فرض أن موسى كان ذا أدرة، فما تأثير هذا المرض على مقامه ونبوته؟!
صحيح أن الأنبياء يجب أن يكونوا براء من النواقص مثل: العمى والصمم والحول، وأن النبي لا يولد فلجا أو مشلولا أو به زيادة أو نقيصة في أحد أعضائه، أما الأمراض العارضة على البشر فلا تعد نواقص، فإن يعقوب بكى حزنا لفراق يوسف حتى ابيضت عيناه، وإن أيوب أصيب بقروح في بدنه، والنبي الأكرم وهو سيد الأولين والآخرين، كسرت ثناياه في جهاده مع الأعداء في أحد، فهذه الأشياء لا تنقص شيئا من شأن الأنبياء ولا تنزل من مقامهم وقدرهم.
والفتق مرض عارض على جسم الإنسان، فما هي أهميته حتى يبرئ الله عز وجل كليمه بهذا الشكل الفظيع المهين. عن طريق خرق العادة والمعجزة، ثم تنتهي بهتك حرمة النبي وكشف سوأته أمام بني إسرائيل؟! وهل بعده يبقى شأن وقدر لموسى عند قومه؟! وهل بعد ذلك سيطيعوه ويحترموه؟!!
وهل يقتنع السيد عبد الحي ويقر بوجود أخبار خرافية في الصحيحين ،أنقل رواية أخرى عن أبي هريرة مضحكة أيضا، ولا أظن أحدا من الحاضرين ـ بعد استماع هذه الرواية ـ سيدافع عن أبي هريرة، أو يعتقد بصحة روايات البخاري ومسلم!
نقل البخاري في ج1، باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة، وج2، باب وفاة موسى، ونقل مسلم في ج2 باب فضائل موسى عن أبي هريرة، قال: جاء ملك الموت إلى موسى (ع)، فقال له أجب ربك.
قال أبو هريرة: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها!!
فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عيني!
قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياة ترد؟! فان كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج2 ص 315، عن أبي هريرة، ولفظه: إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا، فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تاريخه ج1، في ذكر وفاة موسى ولفظه : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا أتى موسى فلطمه ففقأ عينه ـ إلى أن قال: ـ إن ملك الموت إنما جاء إلى الناس خفيا بعد موت موسى!
وقد علقت فقلت لأنه يخاف من الجهال أن يفقئوا عينه الأخرى.
فضحك جمع من الحاضرين بصوت عال.
قلت بالله عليكم أنصفوا... ألم يكن هذا الخبر الذي أضحككم من الخرافات والخزعبلات؟! وإني أتعجب من رواة هذا الخبر وناقله!!
وأستغرب منكم إذ تصدقون هذا الخبر وأشباهه، ولا تسمحون لأحد أن يناقشها وينتقدها، حتى لعلمائكم!!
فإن في هذه الرواية ما لا يجوز على الله تعالى ولا على أنبيائه ولا على ملائكته!!
أيليق بالله العظيم أن يصطفي من عباده، جاهلا خشنا يبطش بملك من الملائكة المقربين وهو مبعوث من عند الله تعالى، فيلطمه لطمة يفقأ بها عينه؟!
أليس هذا العمل عمل المتمردين والطاغين الذين يذمهم الله العزيز إذ يقول: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين)(12) ؟!
فكيف يجوز هذا على من اختاره الله الحكيم لرسالته، واصطفاه لوحيه، وآثره بمناجاته، وكلمه تكليما(13) وجعله من أولي العزم؟!
وكيف يكره الموت هذه الكراهة الحمقاء فيلطم ملك الموت وهو مأمور من قبل الله تعالى، تلك اللطمة النكراء فيفقأ بها عينه مع شرف مقامه ورغبته في القرب من الله تعالى والفوز بلقائه عز وجل؟!
وما ذنب ملك الموت؟! هل هو إلا رسول الله إلى موسى؟! فبم استحق الضرب بحيث تفقأ عينه؟! وهل جاء إلا عن الله وهل قال لموسى سوى: أجب ربك؟!
أيجوز على أولي العزم من الرسل إيذاء الكروبيين من الملائكة وضربهم حينما يبلغونهم رسالة ربهم وأوامره عز وجل؟!
تعالى الله، وجلت أنبياؤه وملائكته عن كل ذلك وعما يقول المخرفون.
إن هكذا ظلم فاحش لا يصدر من آدمي جاهل فكيف بكليم الله!
ثم إن الهدف والغرض من بعثة الأنبياء وإرسال الرسل: هداية البشر وإصلاحهم، ومنعهم من الفساد والتعدي والوحشية، فلذلك فإن الله سبحانه وكل أنبيائه ورسله منعوا الإنسان من الظلم حتى بالنسبة للحيوان، فكيف بالنسبة لملك مقرب؟!
فلذا نحن نعتقد ونجزم بأن هذا الخبر افتراء على الله وكليمه، وجاعل هذا الخبر كذاب مفتر يريد الحط من شأن النبي موسى ويريد هتك حرمة الأنبياء وتحقيرهم عند الناس.
أنا لا أتعجب من أبي هريرة وأمثاله، لأنه كما كتب بعض علمائكم أنه كان يجلس على مائدة معاوية ويتناول الأطعمة الدسمة اللذيذة، ويجعل الروايات ويضعها على ما يشاء معاوية وأشباهه.
وقد جلده عمر بن الخطاب لكذبه على النبي (ص) وجعل الأحاديث عنه (ص)، فضربه بالسوط حتى أدمى ظهره!!!
ولكن أستغرب وأتعجب من الذين له مرتبة علمية بحيث لو أمعنوا ودققوا النظر لميزوا بين الصحيح والسقيم، ولكنهم أغمضوا.. أعينهم ونقلوا هذه الأخبار الوراثية في كتبهم، وأخذ الآخرون عنهم ونشروها فيكم، حتى أن جناب الحافظ رشيد يعتقد كما يزعم: أن هذه الكتب أصح الكتب بعد كلام الله المجيد، وهو لم يطالعها بدقة علمية، وإلا لما كان يبقى على الاعتقاد الذي ورثه من أسلافه عن تقليد أعمى.
وما دامت هذه الأخبار الخرافية توجد في صحاحكم وكتبكم فلا يحق لكم أن تثيروا أي إشكال على كتب الشيعة لوجود الأخبار الغريبة فيها، وهي غالبا قابلة للتأويل والتوجيه!

نرجع إلى الخبر المروي عن إمامنا الحسين عليه السلام(14)
كل عالم منصف إذا كان يسلك طريق الإصلاح، إذا وجد هكذا خبر مبهم ـ وما أكثرها في كتبكم وكتبنا ـ إن كان يمكنه أن يؤوله بالأخبار الصريحة الأخرى فليفعل، وإذا لم يكن ذلك فليطرحه ويسكت عنه، لا أنه يتخذ وسيلة لتكفير طائفة كبيرة من المسلمين.
والآن لما لم يوجد تفسير الصافي عندنا في المجلس حتى تراجع سند الخبر وندقق فيه النظر، ولربما شرحه المؤلف بشكل مقبول.
إذ لو عرف المسلم إمام زمانه فقد توصل عن طريقه إلى معرفة ربه كالخبر المشهور: من عرف نفسه فقد عرف ربه عز وجل.
أو نقول في تقريب الخبر إلى أذهان الحاضرين: إننا لو تصورنا أستاذا تخرج على يده جمع من العلماء، في مراتب مختلفة ممن العلم، فإذا أراد أحد أن يعرف مدى عظمة ذلك الأستاذ، يجب عليه أن ينظر إلى أعظم تلامذته وأعلاهم مرتبة حتى يصل من خلاله إلى حقيقة الأستاذ وعظمته العلمية.
كذلك في ما نحن فيه: فإن آيات الله كثيرة، بل كل شيء هو آية الله تعالى، إلا أن النبي (ص) هو الآية العظمى والحجة الكبرى، ومن بعده عترته الأبرار الأئمة الأطهار (ع)، فإنهم محال معرفة الله.
وقد ورد عنهم: بنا عرف الله، وبنا عبد الله، أي: بسببنا وبواسطتنا عرف الله، وبعدما عرفوه عبدوه.
فهم الطريق إلى الله، والأدلاء على الله، ومن تمسك بغيرهم فقد ضل ومن يهتد، ولذا جاء في الحديث المتفق عليه بين الفرقين، والخبر المقبول الصحيح عند الجميع، أن رسول الله (ص) قال: " أيها الناس! إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وهم لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (15).
الحافظ: لا ينحصر الدليل على كفركم وشكركم في هذه الرواية حتى تؤولها وتخلص منها، بل في كل الأدعية الواردة في كتبكم نجد أثر الكفر والشرك، من قبيل: طلب حاجاتكم من أئمتكم من غير أن تتوجهوا إلى الله رب العالمين، وهذا أكبر دليل على الكفر والشرك!!


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.34 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-01-2010 الساعة : 04:33 AM


قلت: ما كنت أظنك أن تتبع أسلافك إلى هذا الحد، فتغمض عينيك، وتتكلم من غير تحقيق بكل ما تكلموا، فإن هذا الكلام في غاية السخافة، وبعيد عن الإنصاف والحقيقة، فإما انك لا تدري ما تقول أو انك لا تعرف معنى الكفر والشرك!!
الحافظ: إن كلامي في غاية الوضوح، ولا أظنه يحتاج إلى توضيح، فأنه من البديهة أن من أقر بوجود الله عز وجل واعتقد انه هو الخالق والرازق، وأن لا مؤثر في الوجود إلا هو، لا يتوجه إلى غيره في طلب حاجة، وإذا توجه فقد أشرك بالله العظيم.
والشيعة كما نشاهدهم ونقرأ كتبهم لا يتوجهون إلى الله أبدا، بل دائما حوائجهم من أئمتهم بغير أن يذكروا الله، حتى نشاهد فقرائهم والسائلين الناس في الأسواق ذكرهم: يا علي ويا حسين، ولم أسمع من أحدهم حتى مرة يقول: يا الله!! وهكذا كله دليل على أن الشيعة مشركون، فانهم لا يذكرون الله تعالى عند حوائجهم ولا يطلبون منه قضاءها وإنما يذكرون غير الله ويطلبون حوائجهم من غيره سبحانه!!
قلت: لا أدري.. هل أنت جاهل بالحقيقة ولا تعرف مذهب الشيعة؟!
أم إنك تعرف وتحرف، وتسلك طريق اللجاج والعناد؟!
لكن أرجو أن لا تكون كذلك، فإن من شرائط العالم العامل: الإنصاف.
وفي الحديث الشريف: إن العالم بلا عمل كشجرة بلا ثمر.
ولما نسبت إلينا الشرك في حديثك كرارا والعياذ بالله! وأردت بهذه الدلائل العامية التافهة أن تثبت كلامك السخيف الواهي، وتكفر الشيعة الموحدين المخلصين في توحيد الله عز وجل غاية الخلوص، والمؤمنين بما جاء به خاتم الأنبياء (ص) فإذا كان هذا التكرار والإصرار في تكفيرنا بحضورنا فكيف هو في غيابنا؟!
واعلم أن أعداء الإسلام الذين يريدون تضعيف المسلمين وتفريقهم حتى يستولوا على ثرواتهم الطبيعية ويغصبوا أراضيهم، فهم فرحون بكلامهم هذا، ويتخذوه وسيلة لضرب المسلمين بعضهم ببعض، كما أنني أجد الآن في هذا المجلس بعض العوام الحاضرين من أتباعكم قد تأثروا بكلامكم، فبدأوا ينظرون إلينا شزرا، حاقدين علينا باعتقادهم أننا كفار فيجب قتلنا ونهب أموالنا!!!
وفي الجانب الآخر، أنظر إلى الشيعة الجالسين، وقد ظهرت على وجوههم علائم الغضب، وهم غير راضين من كلامك هذا، ونسبة الشرك والكفر إليهم، فيعتقدون أنك مفتر كذاب، وأنك رجل مغرض، وعن الحق معرض، لأنهم متيقنون ببراءة أنفسهم مما قلت فيهم ونسبت إليهم.
والآن لكي تتنور أفكار الحاضرين بنور الحقيقة واليقين، ولكي تتبدد عن أذهانهم ظلمات الجهل وشبهات المغرضين، أتكلم للحاضرين باختصار، موجزا عن الشرك ومعناه، وأقدم لكم حصيلة تحقيق علمائنا الأعلام، أمثال: العلامة الحلي، والمحقق الطوسي، والعلامة المجلسي (رضوان الله عليهم)، وهم استخرجوها واستنبطوها من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث المروية عن النبي (ص) وعترته الهادية (سلام الله عليهم).
نواب: إن انعقاد هذا المجلس كان لتفهيم العوام وإثبات الحق أمامهم، كما قلت سالفا، فأرجوكم إن تراعوا جانبهم في حديثكم، وأن تتكلموا بشكل نفهمه نحن العوام.
قلت: حضرة النواب! إنني دائما أراعي هذا الموضوع، لا في هذا المجلس فحسب، بل في جميع مجالسي ومحاضراتي ومحاوراتي العلمية والكلامية، فإني دائما أتحدث بشكل يفهمه الخاص والعام، لأن الغرض من إقامة هذه المجالس وانعقادها ـ كما قلتم ـ هو تعليم الجهلاء وتفهيم الغافلين، وهذا لا يتحقق إلا بالبيان الواضح والحديث السهل البسيط الذي يفهمه عامة الناس، والأنبياء كلهم كانوا كذلك.
فقد روي عن خاتم الأنبياء وسيدهم (ص) أنه قال: إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم(16).

أقسام الشرك
إن الحاصل من الآيات القرآنية، والأحاديث المروية، والتحقيقات العلمية، أن الشرك على قسمين، وغيرهما فروع لهذين، وهما:
الشرك الجلي، أي: الظاهر، والآخر الشرك الخفي، أي المستتر.

الشرك الجلي
أما الشرك الظاهري، فهو عبارة عن: اتخاذ الإنسان شريكا لله عز وجل، في الذات أو الصفات أو الأفعال أو العبادات.
أـ الشرك في الذات، وهو أن يشرك مع الله سبحانه وتعالى في ذاته أو توحيده، كالوثنية وهم المجوس، اعتقدوا بمبدأين: النور والظلمة.
وكذلك النصارى... فقد اعتقدوا بالأقانيم الثلاثة: الأب والابن وروح القدس، وقالوا: لكل واحد منهم قدرة وتأثيرا مستقلا عن القسمين الآخرين، ومع هذا فهم جميعا يشكلون المبدأ الأول والوجود الواجب، أي: الله، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والله عز وجل رد هذه العقيدة الباطلة في سوره المائدة، الآية 37، بقوله: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) وبعبارة أخرى فالنصارى يعتقدون: أن الألوهية مشتركة بين الأقانيم الثلاثة، وهي: جمع اقنيم ـ بالسريانية ـ ومعناها بالعربية: الوجود وقد أثبت فلاسفة الإسلام بطلان هذه النظرية عقلا، وأن الاتحاد لا يمكن سواء في ذات الله تبارك وتعالى أو في غير ذاته عز وجل.
ب ـ الشرك في الصفات... وهو: أن يعتقد بأن صفات الباري عز وجل ، كعلمه وحكمته وقدرته وحياته هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه، وهي أيضا قديمة كذاته جل وعلا، فحينئذ يلزم تعدد القديم وهو شرك، والقائلون بهذا هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري، وكثير من علمائكم التزموا بل اعتقدوا به وكتبوه في كتبهم، مثل: ابن حزم وابن رشد وغيرهما، وهذا هو شرك الصفات ... لأنهم جعلوا لذات الباري جل وعلا قرناء في القدم والأزلية وجعلوا الذات مركبا. والحال أن ذات الباري سبحانه بسيط لا ذات أجزاء، وصفاته عين ذاته.
ومثاله تقريبا للأذهان ـ ولا مناقشة في الأمثال ـ:
هل حلاوة السكر شيء غير السكر؟
وهل دهنية السمن شيء غير السمن؟
فالسكر ذاته حلو، أي: كله.
والسمن ذاته دهن، أي: كله.
وحيث لا يمكن التفريق بين السكر وحلاوته، وبين السمن ودهنه، كذلك صفات الله سبحانه، فإنها عين ذاته، بحيث لا يمكن التفريق بينها وبين ذاته عز وجل، فكلمة: " الله " التي تطلق على ذات الربوبية مستجمعة لجميع صفاته، فالله يعني: عالم، حي، قادر، حكيم... إلى آخر صفاته الجلالية والجمالية والكمالية.
ج ـ الشرك في الأفعال... وهو الاعتقاد بأن لبعض الأشخاص أثرا استقلاليا في الأفعال الربوبية والتدابير الإلهية كالخلق والرزق أو يعتقدون أن لبعض الأشياء أثرا استقلاليا في الكون، كالنجوم، أو يعتقدون بأن الله عز وجل بعدما خلق الخلائق بقدرته، وفوض تدبير الأمور وإدارة الكون إلى بعض الأشخاص، كاعتقاد المفوضة، وقد مرت روايات أئمة الشيعة في لعنهم وتكفيرهم، وكاليهود الذين قال الله تعالى في ذمهم: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)(17).
دـ الشرك في العبادات... وهو أن الإنسان أثناء عبوديته يتوجه إلى غير الله سبحانه، أو لم تكن نيته خالصة لله تعالى، كأن يرائي أو يريد جلب انتباه الآخرين إلى نفسه أو ينذر لغير الله عز وجل..!!
فكل عمل تلزم فيه نية القربة إلى الله سبحانه، ولكن العامل حين العمل إذا نواه لغير الله أو أشرك فيه مع الله غيره، فهو شرك... والله عز وجل يمنع من ذلك في القرآن الكريم إذ يقول: (فمن كان يرجو لقار ربه فليعمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)(18).
الحافظ: استنادا إلى هذا الكلام الذي صدر منكم الآن فأنتم مشركون، لأنكم قلتم: إن من نذر لغير الله فهو مشرك، والشيعة ينذرون لأئمتهم وأبناء أئمتهم.

" النذر عندنا "
قلت: العقل السليم والمنطق السليم يقضيان بأن أحدا لو أراد أن يعرف عقائد قوم، فيجب أن لا ينظر إلى أقوال وأفعال جهالهم، وإنما ينظر إلى مقال وأفعال علماء القوم.
وأنتم إذا أردتم التحقيق عن الشيعة ومعتقداتهم، فعليكم أن تنظروا إلى كتب علمائهم ومحققيهم، فتعرفوا الشيعة من خلال أقوال فقهائهم وأعمالهم.
فإذا شاهدتم بعض العوام منا قد نذر لأحد الأئمة (ع) أو لأحد أبناء الأئمة (ع) أو أحد الصالحين، عن جهل بالمسألة، فلا تحسبوه من معتقدات الشيعة، فإن كل مذهب وملة يوجد هناك عوام يجهلون مسائل دينهم، وهذا ليس عندنا فحسب.
وأنتم إذا لم تكونوا مغرضين، ولم تكونا بصدد خلق المعائب والأباطيل على الشيعة، فراجعوا كتب فقهائهم وانظروا إلى سيرة المؤمنين منهم العارفين للمسائل الدينية.
فان التوحيد الخاص والمصفى من كل شائبة لا يكون إلا عند الشيعة الإمامية.
وأرجو منكم أن تراجعوا كتابي: شرح اللمعة، وشرائع الإسلام، وأي كتاب آخر يضم المسائل الفقهية، وحتى الرسائل العلمية لفقهائنا المعاصرين، وهم مراجع الشيعة في مسائل دينهم.
راجعوا في هذه الكتب " باب النذر " فتجدون إجماع فقهائنا: أن النذر بهذا الشكل " لله علي أن: أفعل كذا وكذا، أو: أترك كذا وكذا " فيذكر بدل الجملة الأخيرة، نذره إيجابا كان أو سلبا فإذا تعذر عليه إجراء الصيغة باللغة العربية أو صعب عليه ذلك، فيترجم مفهومه إلى لغته ويجريه بلسانه.
وأما إذا نوى النذر لغير الله سبحانه أو أشرك معه آخر، سواء كان نبيا أو إماما أو غيره، فالنذر باطل.
وإذا نذر على الصورة الأخيرة عالما بالمسألة، فإن عمله حرام وشرك بالله عز وجل، فقد قال تعالى: ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)(19).
فيجب على العلماء أن يعلموا الجاهلين ويبينوا لهم كل مسائل الدين، ومنها مسائل النذر، فالنذر يكون لله وحده لا شريك له، ولكن الناذر يكون مخيرا في تعيين مصرف النذر، فمثلا:
له أن يقول: لله علي نذر أن أذبح شاة عند مرقد النبي (ص) أو عند مرقد الإمام علي (ع) أو غيرهما أو يقول: لله علي نذر أن أذبح شاة وأطعم لحمها السادة الشرفاء، أو الفقراء، أو العلماء... إلى آخره.
أو يقول: لله علي نذر أن أعطي ثوبا لفلان بالتعيين، أو لعالم ، على غير تعيين.
فكل هذه الصيغ في النذر صحيحة، ولكن إذا لم يذكر الله كأن يقول : نذرت للنبي أو الإمام أو الفقيه أو الفقير أو اليتيم... إلى آخره، كل هذه الصيغ باطلة غير صحيحة.
وكذلك إذا ذكر الله سبحانه مع آخر... كأن يقول: نذرت لله وللنبي، أو نذرت لله ولفلان... فهو باطل وغير صحيح وكان آثما إن كان عالما بالمسألة فنذره باطل وهو غير آثم.
فالواجب علينا وعلى كل فقيه وعالم أن يبلغ مسائل الدين ويكتب أحكامه الإلهية ويعرضها على العوام ليتعلموا ويعملوا بها.
ويجب على العوام أيضا استماع المسائل الدينية وتعلمها والعمل بها، فإذا ما تعلموا ولم يعملوا بتكاليفهم كما ينبغي، فالإشكال يرد عليهم لا على دينهم ومذهبهم.
وكم من أهل السنة والجماعة يشربون الخمر ويلعبون القمار ويرتكبون الفاحشة، فهل هذا دليل على أن مذهبهم يجيز لهم تلك المعاصي والذنوب؟! وهل الأشكال يرد على مذهبهم أم عليهم؟!

" الشرك الخفي "
أما القسم الثاني من الشرك، فهو الخفي، ويتحقق في نية الرياء والسمعة في العبادات.
فقد ورد في الخبر: إن من صلى أو صام أو حج، وهو يريد بذلك أن يمدحه الناس فقد أشرك في عمله(20).
وفي الخبر المروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال: لو أن عبدا عمل عملا يطلب به رحمة(21) الله والدار الآخرة ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا(22).
وروي عن النبي (ص) أنه قال: اتقوا الشرك الأصغر. فقالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟
قال: الرياء والسمعة(23).
وروى عن النبي (ص) أنه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، فإن الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء(24)، ثم قال (ص): من صلى أو صام أو تصدق أو حج للرياء فقد أشرك بالله.
فالواجب في الصلاة وغيرها من العبادات أن تكون النية فيها خاصة لوجه الله وقربة إلى الله وحده، بأن يتوجه الإنسان في حين عمله العبادي إلى ربه عز وجل، ويتكلم معه وحده، ويركز ذهنه، ويوجه قلبه إلى الذات الموصوفة بالصفات التي ذكرناها، وذلك هو الله لا إله إلا هو.
وأكتفي بهذا المقدار، وأظن بأن الحق قد انكشف للحاضرين المحترمين، بالخصوص المشايخ العلماء في المجلس، فأرجو أن لا ينسبوا الشرك إلى الشيعة بعد هذا، ولا يموهوا الحقيقة على العوام.
تبسم الشيخ عبدالسلام ضاحكا وقال: وهل بقي عندكم شيء في هذا المضمار، فاكتفيتم بهذا المقدار؟! فالرجاء إن بقي عندكم شيء في الموضوع فبينوه للحاضرين.
قلت: هناك قسم آخر جعلوه من أقسام الشرك، ولكنه مغفور، وهو:

الشرك في الأسباب
وهو الذي يتحقق في أكثر الناس من غير التفات، فانهم يتخذون الوسائط والأسباب للوصول إلى أغراضهم وتحقيق آمالهم، أو إنهم يخشون بعض الناس ويخافون من بعض الأسباب في الإحالة دون حوائجهم وآمالهم، فهذا نوع من الشرك، ولكنه معفو عنه.
والمقصود من الشرك بالأسباب: أن الإنسان يعتقد بأن الأسباب المؤثرة في الأشياء والأمور الجارية، مثلا: يعتقد أن الشمس مؤثرة في نمو النباتات ، فإذا كان اعتقاده أن هذا الأثر من الشمس بالذات من غير إرادة الله تعالى فهو شرك.
وإذا كان يعتقد أن الأثر يصدر من الله القادر القاهر فهو المؤثر والشمس سبب في ذلك، فهو ليس بشرك، بل هو حقيقة التوحيد، وهو من نوع التفكر في آيات الله وقدرته سبحانه.
وهكذا بالنسبة إلى كل الأسباب والمسببات، فالتاجر في تجارته، والزارع في زراعته، والصانع في صناعته، والطبيب في طبابته، وغيرهم، إذا كان ينظر إلى أدوات مهنته، أسباب صنعته وآثارها، نظرا استقلاليا، وأن الآثار الصادرة من تلك الأسباب والأدوات تصدر بالاستقلال من غير إرادة الله تعالى، فهو شرك، وإن كان ينظر إلى الأسباب والأدوات نظرا آليا فيعتقد أنها آلات، والله تعالى هو الذي جعل فيها تلك الآثار، فلا مؤثر في الوجود إلا الله، فهو ليس شركا بل التوحيد بعينه.

الشيعة نزيهون من أنواع الشرك
بعد أن بيّنّا أقسام الشرك وأنواعه، فأسألكم: أي أقسام الشرك تنسبوه إلى الشيعة؟!
ومن أي شيعي عالم أو عامي سمعتم أنه يشرك بالله سبحانه في ذاته أو صفاته وأفعاله؟!
وهل وجدتم في كتب الشيعة الإمامية والأخبار المروية عن أئمتهم عليهم السلام ما يدل على الشرك بالتفصيل الذي مر؟!
الحافظ: كل هذا البيان صحيح، ونحن نشكركم على ذلك، ولكنكم إذا دققتم النظر في معتقداتكم بالنسبة لأئمتكم، ستصدقونني لو قلت إنكم تطلبون الحوائج منهم، وتتوسلون بهم في نيل مقاصدكم وتحقيق مطالبكم، وهذا شرك! لأنا لا نحتاج إلى واسطة بيننا وبين ربنا، بل في أي وقت أحببنا أن نتوجه إلى الله تعالى ونطلب حاجاتنا منه فهو قريب وسميع مجيب.
قلت: أتعجب منك كثيرا! لأنك عالم متفكر، ولكنك متأثر بكلام أسلافك من غير تحقيق، وكأنك كنت نائما حينما كنت أبين أنواع الشرك! فبعد ذلك التفصيل كله، تتفوه بهذا الكلام السخيف وتقول: بأن طلب الحاجة من الأئمة شرك!!
فإذا كان طلب الحاجة من المخلوقين شرك، فكل الناس مشركون!
فإذا كانت الاستعانة بالآخرين في قضاء الحوائج شرك، فلماذا كان الأنبياء يستعينون بالناس في بعض حوائجهم.
اقرءوا القرآن الكريم بتدبر وتفكر حتى تنكشف لكم الحقيقة، راجعوا قصة سليمان عليه السلام في سورة النمل الآيات 38 ـ 40: (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ولأني عليه لقوي أمين * قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي..).
من الواضح أن الإتيان بعرش بلقيس من ذلك المكان البعيد، بأقل من لمحة بصر، لم يكن هينا وليس من عمل الإنسان العاجز الذي لا حول له ولا وقوة، فهو عمل جبار خارق للعادة، وسليمان مع علمه بأن هذا العمل لا يمكن إلا بقدرة الله تعالى وبقوة إلهية، مع ذلك ما دعا الله سبحانه في تلك الحاجة ولم يطلبها من ربه عز وجل، بل أرادها من المخلوقين، واستعان عليها بجلسائه العاجزين.
فهذا دليل على أن الاستعانة بالآخرين في الوصول إلى مرادهم، وطلب الحوائج من الناس، لا ينافي التوحيد، وليس بشرك كما تزعمون، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا دار أسباب ومسببات، وعالم العلل والمعلولات.
وحيث أن الشرك أمر قلبي، فإذا طلب الإنسان حاجته من آخر، أو استعان في تحقق مراده والوصول إلى مقصوده بمن لا يعتقد بألوهيته ولا يجعله شريكا للباري، وإنما يعتقد أنه مخلوق لله عز وجل، وهو إنسان مثله، إلا أن الله عز وجل خلقه قويا وقادرا بحيث يتمكن من إعانته في تحقق مراده وقضاء حاجته، فلا يكون شركا.
وهذا أمر دائر بين المسلمين جميعا، يعمل به المؤمنون عامة، وهناك كثير من الناس يقصدون زيدا وبكرا ويقضون ساعات على أبوابهم ليطلبوا منهم حوائجهم ويستعينوا بهم في أمورهم، من غير أن يذكروا الله تعالى.
فالمريض يذهب عند الطبيب ويتوسل به ويستغيث به ويريد منه معالجة مرضه، فهل هذا شرك؟!
والغريق وسط الأمواج يستغيث بالناس ويستعين بهم في إنقاذه من الغرق والموت، من غير أن يذكر الله عز وجل، فهل هذا شرك؟!
وإذا ظلم جبار إنسانا، فذهب المظلوم إلى الحاكم وقال: أيها الحاكم، أعنّي في إحقاق حقي، فليس لي سواك ولا أرجو أحدا غيرك في دفع الظلم عني! فهل هذا شرك؟! وهل هذا المظلوم مشرك؟!
وإذا تسلق لص الجدار وأراد أن يتعدّى على إنسان فيسرق أمواله ويهتك عرضه، فصعد صاحب الدار السطح واستغاث بالناس وطلب منهم أن يدفعوا عنه السوء ، وهو في تلك الحالة لم يذكر الله تعالى فهل هو مشرك؟!
لا أظن أن هناك عاقلا ينسب هؤلاء إلى الشرك، ومن ينسبهم إلى الشرك فهو: إما جاهل بمعنى الشرك أو مغرض!!
فأيها السادة الحاضرون أنصفوا، وأيها العلماء احكموا ولا تغالطوا في الموضوع!!

عقيدة الشيعة في التوسل
الشيعة كلهم متفقون على أن أحدا لو اعتقد بألوهية النبي أو الأئمة، أو جعلهم شركاء لله سبحانه في صفاته وأفعاله، فهو مشرك ونجس يجب الاجتناب والابتعاد عنه.
وأما قولهم: يا علي أدركني، أو يا حسين أعنّي، وما إلى ذلك، فليس معناه: يا علي أنت الله فأدركني! أو يا حسين أنت الله فأعني! بل لأن الله عز وجل جعل الدنيا دار وسائل وأسباب، وأبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها، فنعتقد أن النبي (ص) وآله هم وسيلة النجاة في الشدائد، فنتوسل بهم إلى الله سبحانه.
الحافظ: لماذا لا تطلبون حوائجكم من الله تعالى بغير واسطة؟!
فاطلبوا منه بالاستقلال لا بالوسائل.
قلت: إن توجهنا إلى عز وجل في طلب الحوائج ودفع الهموم والغموم هو بالاستقلال، ولكنا نتوسل بالنبي وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين ليشفعوا لنا عند الله سبحانه في قضاء حوائجنا، ونتوسل بهم إلى الله تعالى ليكشف عنا همومنا وغمومنا، ومستندنا في هذا الاعتقاد هو القرآن الحكيم إذ يقول (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة)(25).

آل محمد (ص) هم الوسيلة
نحن الشيعة نعتقد بأن الله عز وجل هو القاضي للحوائج، وأن آل محمد (ص) لا يحلون مشكلا ولا يقضون حاجة لأحد إلا بإذن الله وإرادته سبحانه، وهم (عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)(26).
فهم واسطة الفيض، والفياض هو الله رب العالمين.
الحافظ: بأي دليل تقولون أن المراد من الوسيلة في الآية الكريمة آل محمد (ص)؟
قلت: لقد روي ذلك كبار علمائكم منهم: الحافظ أبو نعيم، في: " نزول القرآن في علي " والحافظ أبو بكر الشيرازي في " ما نزل من القرآن في علي " والامام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة، وغير أولئك رووا عن النبي (ص): أن المراد من الوسيلة في الآية الشريفة: عترة الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.
ونقل ابن أبي الحديد المعتزلي ـ وهو من أشهر وأكبر علمائكم ـ في " شرح نهج البلاغة " تحت عنوان: ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك، الفصل الأول، ذكر خطبة فاطمة (ع).
قالت: واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه... (27).

حديث الثقلين
ومن جملة الأحاديث المعتبرة، التي نستدل بها على التمسك والتوسل بآل محمد (ص) ومتابعتهم: حديث الثقلين، وهو حديث صحيح أجمع عليه الفريقان ، وقد بلغ حد التواتر.
قال النبي (ص): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيت، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، وهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (28).
الحافظ: أظن أنكم قد أخطأتم حين قلتم: إن هذا الحديث صحيح ومتواتر! لأنه غير معتبر ومجهول عند كبار علمائنا! فهذا شيخنا الكبير محمد بن إسماعيل البخاري، وهو إمام علماء الحديث عند أهل السنة والجماعة، لم يذكر حديث الثقلين في صحيحه الذي يعد عندنا بعد القرآن الكريم أصح الكتب!
قلت إن عدم ذكر البخاري لحديث الثقلين لا يدل على ضعفه، فإن البخاري واحد، ولكن الذين ذكروا هذا الحديث وعدوه صحيحا موثقا، هم عشرات العلماء والمحدثين منكم، فهذا ابن حجر المكي مع شدة تعصبه فإنه يقول في كتابه الصواعق المحرقة، آخر الفصل، الباب الحادي عشر، الآية الرابعة: ص 89 و 90.
بعدما نقل أخبارا وأقوالا حول حديث الثقلين يقول:
اعلم أن لحديث التمسك بالثقلين طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا..إلى آخره(29).
وقد نقل الحديث عن الترمذي وأحمد بن حنبل الطبراني ومسلم... إلى آخره.

حول البخاري وصحيحه
وأما قولكم أن حديث الثقلين غير صحيح، لآن البخاري لم ينقله في صحيحه.
فإن الاسترداد مردود عند العلماء والعقلاء.
فالبخاري إن لم ينقل هذا الحديث الشريف، فقد نقله عدد كبير من مشاهير علمائكم، منهم: مسلم بن الحجاج الذي يساوي البخاري عند أهل السنة والجماعة ، وقد نقله في صحيحه، وكذلك نقله سائر أصحاب الصحاح الستة غير البخاري.
فإذا لم تعتمدوا إلا على صحيح البخاري، فأعلنوا بأن صحيح البخاري وحده صحيح، وسائر الصحاح غير مقبولة لدينا لعدم صحتها، وأن أهل السنة والجماعة مستندة إلى ما جاء في صحيح البخاري فحسب!
وإذا كنتم تعتقدون غير هذا، وتعتمدون على الصحاح الستة فيجب أن تقبلوا الأخبار والروايات المنقولة فيها حتى إذا لم ينقلها البخاري لسبب ما.
الحافظ: لم يكن أي سبب في عدم نقله لبعض الأخبار سوى أنه كان كثير الاحتياط في النقل، وكان دقيقا في الروايات، فالتي لم ينقلها البخاري إما لضعف في السند، أو لأن العقل يأبى من قبولها وصحتها.
قلت قديما قالوا: حب الشيء يعمي ويصم!
وأنتم لشدة حبكم للبخاري تغالون فيه وتقولون أنه كان دقيقا ومحتاطا، وإن الأخبار التي رواها في صحيحه كلها معتبرة وقوية، وهي كالوحي المنزل ! والحال أن في رواة صحيح البخاري أشخاصا وضاعين وكذابين وهم مردودون وغير معتبرين عند كثير من العلماء والمحققين في علم الرجال.
الحافظ: إن كلامكم هذا مردود عند جميع العلماء، وإنه إهانة لمقام العلم ومرتبة رجال الحديث وخاصة الإمام البخاري، وإنه تحامل بغيض على كل أهل السنة والجماعة!
قلت: إن كنتم تحسبون الانتقاد العلمي تحاملا بغيضا وإهانة، فكثير من كبار علمائكم، أهانوكم وأهانوا أهل مذهبهم، قبلنا!
لأن كثير من مشاهير علمائكم المحققين نقحوا الصحاح، وخاصة صحيحي مسلم والبخاري ومسلم، وميزوا بين السقيم والسليم، والغث والسمين، وأعلنوا أن رجال الصحاح وحتى صحيحي البخاري ومسلم، كثير منهم وضاعين وجعالين للحديث.
وأنا أنصحكم أن لا تعجلوا ولا تتسرعوا في إصدار الحكم علينا في ما نقوله عنكم، بل راجعوا كتب الجرح والتعديل التي كتبها علماؤكم المحققون وطالعوها بدقة وتدبر بعيدا عن التعصب والمغالاة في شأن أصحاب الصحاح، سواء البخاري وغيره، حتى تعرفوا الحقائق.
راجعوا كتاب " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " للعلامة السيوطي، و " ميزان الاعتدال " و " تلخيص المستدرك " للعلامة الذهبي، و " تذكرة الموضوعات " لابن الجوزي، و " تاريخ بغداد " لأبي بكر الخطيب البغدادي، وسائر الكتب التي كتبها علماؤكم في علم الرجال وتعريف الرواة.
راجعوا فيها أحوال: أبي هريرة الكذاب، وعكرمة الخارجي، ومحمد بن عبدة السمرقندي، ومحمد بن بيان، وإبراهيم بن مهدي الأبلي، وبنوس بن أحمد الواسطي، ومحمد بن خالد الحبلي، وأحمد بن محمد اليماني، وعبد الله بن واقد الحراني، وأبي داود سليمان بن عمرو، وعمران بن حطان، غيرهم ممن روي عنهم البخاري وأصحاب الصحاح، حتى تعرفوا آراء علمائكم ومحققيكم في أولئك، وهم نسبوهم إلى الوضع والكذب وجعل الأحاديث، فتنكشف لكم الحقائق، ولا تغالوا بعد ذلك في صحة ما نقله البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الصحاح!
وأنت أيها الحافظ! إن كنت تقرأ وتطالع هذه الكتب التي ذكرتها ـ وهي لعلمائكم ـ لما قلت: إن البخاري ما نقل حديث الثقلين في صحيحه إلا لاحتياطه في النقل.
هل العقل السليم يقبل أن عالما محتاطا، إمام محققا، ينقل روايات وأحاديث موضوعة من رواة كذابين يأبى كل ذي عقل قبولها، بل يستهزئ بها كل عاقل ذي شعور وإيمان، كالروايات التي مرت أن موسى ضرب عزرائيل على وجهه حتى فقأ عينه فشكاه إلى ربه... إلى آخره، أو أن الحجر أخذ ملابس موسى وهرب فلحقه موسى عريانا وبنو إسرائيل ينظرون إلى نبيهم وهو مكشوف العورة... إلى آخره!!
ألم تكن هذه الخزعبلات والخرافات من الأخبار الموضوعة؟!
وهل في نظركم أن نقل هذه الموهمات في صحيحه كان من باب الاحتياط في النقل والتدقيق في الرواية؟!!

هتك حرمة النبي الأكرم (ص) في الصحيحين
نجد في صحيحي البخاري ومسلم أخبار تخالف الاحتياط والحمية الإسلامية ويأباها كل مؤمن غيور!
منها: ما نقله البخاري في صحيحه ج2 ص 120، باب اللهو بالحراب ، ونقله مسلم في صحيحه: ج1 باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد، عن أبي هريرة عن عائشة، قالت: وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب في المسجد، فإما سألت رسول الله، وإما قال تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفده، حتى إذا مللت، قال: حسبك ؟! قلت: نعم، قال: فاذهبي.
بالله عليكم أيها الحاضرون! أنصفوا، هل يرضى أحدكم أن ينسب إليه هذه النسبة الفظيعة والعمل المخزي؟!
إذا قال قائل لجناب الحافظ: بأنا سمعنا أنك حملت زوجتك على ظهرك، وكان خدها على خدك وجئت في الملأ العام لتنظر إلى جماعة كانوا يلعبون، ثم كنت تقول لزوجتك: حسبك؟ وهي تقول لك: نعم، ثم إن زوجتك كانت تحدث الرجال الأجانب بهذا الموضوع.
بالله عليكم أيها الحاضرون! هل الحافظ يرضى بذلك؟! وهل غيرته تسمح لأحد أن يتكلم بهذه الأراجيف؟!
وإذا سمعت هذا الخبر من إنسان ظاهر الصلاح،ن هل ينبغي لك أن تنقله للآخرين؟!
وإذا نقلته، ألا يعترض عليك الحافظ ويقول: بأن جاهلا إذا حدثك بخبر كهذا، ولكن ـ أنت العاقل ـ لماذا تنقله بين الناس؟!
أليس العقلاء يؤيدونه على اعتراضه عليك؟! فقايسوا هذا الموضوع مع الرواية التي مر ذكرها من صحيحي مسلم والبخاري، فإن كان الأخير كما تزعمون دقيقا ومحتاطا في النقل، وكان عارفا وعالما بأصول الحديث ـ على فرض أنه سمع هكذا خبر ـ فهل ينبغي ويحق له أن ينقله في صحيحه، ويجعله خبرا صادق ومعتبرا؟!
والأعجب... أن العامة، ومنهم جناب الحافظ، يعتقدون أن صحيح البخاري هو أصح الكتب بعد القرآن الحكيم!!

" احتياطات البخاري "
إن احتياطات البخاري لم تكن في محلها، بل كانت خلافا لأصول الاحتياط، كما ذكرنا سابقا بعض الروايات التي نقلها في صحيحه.
إن العقل والإيمان يحتمان ويؤكدان على عدم نقلها، فكان من الاحتياط بل الواجب أن لا يذكرها.
ولكنه كان يحتاط فلا ينقل الأخبار التي تتضمن ولاية علي بن أبي طالب (ع) أو تبين فضائله ومناقبه ومناقب أبناءه الميامين، عترة النبي الصادق الأمين (ص)!!
نعم، كان يحتاط! بل يمتنع في نقل تلك الروايات حتى لا يستدل بها العلماء المنصفون على إمامة علي (ع) وأحقيته بالخلافة، فلو قايسنا صحيح البخاري مع غيره من الصحاح الستة لعرفنا هذا الموضوع بوضوح، فإنه لم ينقل خبرا ربما يستفاد منه في خلافة علي بن أبي طالب وإمامته، ولو كان الخبر مؤيدا بالقرآن ومتواترا ومنقولا في سائر الصحاح و مجاميع أهل الحديث، وحتى لو كان مجمعا على صحته كخبر الغدير، ونزول الآية الشريفة(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك...)(30).
وكخبر التصدق بالخاتم، ونزول الآية الكريمة: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهو راكعون)(31).
وخبر الإنذار، ونزول الآية الكريمة: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (32).
وخبر المؤاخاة، وحديث السفينة، وحديث باب حطة، وغيرها من الأحاديث التي تثبت بها ولاية أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع)، وإطاعة أهل البيت (ع)، فإن البخاري احتاط في نقل هذه الأخبار المجمع عليها ولم يذكرها في صحيحه!!!

بعض مصادر حديث الثقلين
والآن لابد لي أن أذكر لكم بعض كتبكم المعتبرة عنكم، التي ذكرت وروت حديث الثقلين عن النبي (ص)، حتى تعرفوا أن البخاري لم ينقل هذا الحديث الشريف من باب الاحتياط، لأن كبار علمائكم ومشاهيرهم نقلوا هذا الحديث، منهم: مسلم بن الحجاج، الذي لا يقل صحيحه عن صحيح البخاري في الاعتبار والوثوق عند أهل السنة والجماعة:
1ـ صحيح مسلم: 7/122.
2ـ الترمذي: 2/307.
3ـ النسائي / خصائص: 30.
4ـ أحمد بن حنبل في مسنده: 3/14 و 17 وج4/26 و 59 وج5/182 و 189، وغيرهم(33)رووا بطرقهم وبإسنادهم عن النبي (ص) أنه قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، من تمسك بهما فقد نجا، وممن تخلف عنهما فقد هلك. وفي بعضها: ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا.
فبهذا المستند الحكيم والدليل القويم لابد لنا أن نتمسك بالقرآن الكريم وبأهل البيت (ع).
الشيخ عبد السلام: إن صالح بن موسى بن عبدالله بن اسحاق بن طلحة بن عبدالله القرشي التيمي الطلحي روى بسنده عن أبي هريرة أن النبي قال: إني قد خلفت فيكم ثنتين: كتاب الله وسنتي... إلى آخره.
قلت: أيؤخذ بخبر فرد طالح ضعيف مردود عند أصحاب الجرح والتعديل والذين كتبوا في أحوال الرجال والرواة، مثل الذهبي ويحيى والإمام النسائي والبخاري وابن عدي، وغيرهم، الذين ردوه ولم يعتمدوا رواياته، أيؤخذ بقول هذا ويترك قول هذا الجمع الغفير والجمهور الكثير من علمائكم المشاهير؟! وهم رووا بإسنادهم كما مر أن النبي (ص) قال: كتاب الله وعترتي، ولم يقل " وسنتي ".
هذا من باب النقل.
وأما العقل: فلأن السنة النبوية والمروية عنه (ص) أيضا بحاجة إلى من يبينها ويفسرها كالكتاب الحكيم، فلذا قال (ص): وعترتي... لأن العترة هم الذين يبينون للأمة ما تشابه من الكتاب، ويوضحون الحديث والسنة الشريفة، لأنهم أهل بيت الوحي، أهل بيت النبوة، وأهل البيت أدرى بما في البيت.

حديث السفينة
وإن من دلائلنا المحكمة في التوسل بأهل البيت (ع) الحديث النبوي الشريف: " مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك " وهو حديث معتبر صحيح متفق ومجمع عليه، وكما يخطر الآن ببالي، أن أكثر من مائة من كبار علمائكم ومحدثيكم، أثبتوا هذا الحديث في كتبهم منهم:
مسلم بن الحجاج في صحيحه(34).
أحمد بن حنبل في مسنده: 3/14 و17 و26.


من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليالي بيشاور, الرافضه, الرد على الروافض, ابو بكر, اسلام, اهل السنه و الجماعه, muslim shia sunna, عمر, عبدة القبور



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 10:08 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية