[melika]

وصیة الإمام الباقر لولده الإمام الصادق ( علیهما السلام )

الوصیة زبدة الأفكار وخلاصة الآراء ، تتجمّع فی وجدان الإنسان بعد تجارب عدیدة فی الحیاة ، وعندما یثقل وزنها تنطلق من صدور أصحابها غنیة بمادّتها ، مصیبة فی أهدافها لأنّها صادرة من عقل راجح ، وفكر طامح ، وشعور عمیق ، وفكر دقیق .
وقد أثر عن حفید النبوّة الإمام الباقر ( علیه السلام ) وصایا كثیرة ، وجّه بعضها لأبنائه ، وبعضها الآخر لأصحابه ، وهی تزخر بآداب السلوك ، وتفیض بالقیم العظیمة ، والمثل العلیا الكریمة .
قالها ( علیه السلام ) من أجل التوجیه الصالح الذی یصون الإنسان من الانحراف ، والإرشاد الصحیح الذی یحفظ الأمّة من الانزلاق فی المتاهات المظلمة ، والمنعطفات الخطرة .
من هذه الوصایا الخالدة نذكر : وصیته لولده الإمام الصادق ( علیهما السلام ) : قال ( علیه السلام ) : ( یا بنی إنّ الله خبّأ ثلاثة أشیاء فی ثلاثة أشیاء : خبّأ رضاه فی طاعته ، فلا تحقرن من الطاعة شیئاً فلعل رضاءه فیه ، وخبّأ سخطه فی معصیته فلا تحقرن من المعصیة شیئاً فلعل سخطه فیه ، وخبّأ أولیاءه فی خلقه فلا تحقرن أحداً فلعله ذلك الولی ) .
یرشح من هذه الوصیة الأخلاق العالیة ، والترغیب فی طاعة الله تعالى والحث علیها ، كما تتضمّن التحذیر من المعصیة ، والتشدید فی أمرها ، وأنهاها بالحث على تكریم عباد الله وعدم الاستهانة بأی أحد منهم .
ثمّ روى الإمام الصادق ( علیه السلام ) إحدى وصایا أبیه إلى سفیان الثوری ، فقال له : ( یا سفیان أمرنی أبی بثلاث ، ونهانی عن ثلاث ، فكان فیما قال لی : یا بنی من یصحب صاحب السوء لا یسلم ، ومن یدخل مداخل السوء یتهم ، ومن لا یملك لسانه یندم ، ثمّ أنشدنی :
عوّد لسانك قول الخیر تحظ به إنّ اللسـان لمـا عوّدت یعتـاد
موكل بتقاضـی ما سـننت له فی الخیر والشر فانظر كیف تعتاد


فتأمّل هذه الوصایا التی تفیض الحكم الرائعة ، وتحفل بجمیع مقوّمات الآداب السلوكیة ، والآداب الأخلاقیة ، والفضائل الإنسانیة .