بسم الله الرحمن الرحيم              
       النّعيـم الإلهـي
       إنَّ       حديث الغدير، متواتر بين العامّة والخاصة       قد نُقل بأسانيد كثيرة جداً حتَّى صارت       واقعة الغدير كبعثة الرسول الأكرم صلى       الله عليه وآله وسلَّم من ناحية الأهمِّية       والوضوح. وقد ورد الحديث في أكثر كتب       العامَّة (راجع       برنامج موسوعة الحديث الشريف في الحاسب       الآلي1991-1995 عند البحث في من كنت مولاه) ، نكتفي بما يلي:              
       في مسند الإمام أحمد       بن حنبل:              
       ((حدثنا       عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا علي بن زيد       عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: كنّا       مع رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم في سفر،       فنزلنا بغدير خمٍ فنودي فينا الصلاة       جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه       وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر وأخذ بيد علي       رضي الله تعالى عنه فقال: ألستم تعلمون       أنِّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قالوا:       بلى، قال: ألستم تعلمون أنّي أولى بكل مؤمن       من نفسه، قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد عليٍّ،       فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه اللهم وال       من والاه وعاد من عاداه: قال: فلقيه عمر بعد       ذلك، فقال: هنيئًا يا ابن أبي طالب أصبحت       وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة))(مسند أحمد بن حنبل       الحديث17749).
       وفي سنن ابن ماجة:              
       ((عن       سعد بن أبى وقاص قال: قدم معاوية في بعض       حجّاته فدخل عليه سعد، فذكروا عليا فنال       منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت       رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من       كنت مولاه فعلي مولاه" وسمعته يقول: "أنت       مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي       بعدى". وسمعته يقول : "لأعطين الراية       اليوم رجلا يحب الله ورسوله"))(سننابنماجةجلد:1ص45).
       وفي سنن الترمذي       بإسناده:
       ((عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لما       رجع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم من حجة       الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن،       فقال: كأنِّي قد دعيت فأجبت إنِّي قد تركت       فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب       الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلِّفوني       فيهما فإنَّهما لن يتفرقا حتّى يردا عليَّ       الحوض. ثمَّ قال: إن الله عز وجل مولايَّ       وأنا مولى كل مؤمن ثم أخذ بيد علي رضى الله       عنه فقال من كنت مولاه فهذا وليُّه ، اللهم       وال من والاه وعاد من عاداه))(مستدركالحاكمجلد:3ص109).
       وذكر       الحديث بطوله.              
       ولم       يقتصر صدور هذا النصّ من الرسول في غدير       خم، بل صدر منه في مواقع عديدة نكتفي       بواحدٍ منها من طرق غيرنا.              
       ففي مستدرك الحاكم:              
       ((حدّثنا       الفضل بن دكين حدّثنا ابن أبي غنيّة عن       الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس عن       بريدة قال: غزوت مع عليّ اليمن، فرأيت منه       جفوة، فلمّا قدمت على رسول اللّه صلّى       اللّه عليه وسلّم ذكرت عليّا فتنقّصته       فرأيت وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه       وسلّم يتغيّر، فقال: يا بريدة ألست أولى       بالمؤمنين من أنفسهم، قلت: بلى يا رسول       اللّه، قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه))(مسند أحمد       الحديث رقم21867).
       
       ثم إن الخطيب       البغدادي قال في تاريخه:
       أنبأنا       عبدالله بن محمد بن بشران، أنبأنا علي بن       عمر الحافظ، حدثنا أبو نصر حبشون بن موسى       الخلال، حدثنا علي بن سعيد الرملي، حدثنا       ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن شوذب، عن مطر       الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة ،       قال:              
       ((من       صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام       ستين شهراً، وهو يوم غدير خم، لما أخذ       النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي بن       أبي طالب عليه السلام فقال: ألست ولي       المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال       صلى الله عليه وآله وسلم: من كنت مولاه       فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك       يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل       مسلم. فأنزل الله عز وجل: (اليوم أكملت لكم       دينكم)).              
       وقال:       أخبرنيه الأزهري، حدثنا محمد بن عبد الله       بن أخي ميمي، حدثنا أحمد بن عبد الله بن       أحمد بن العباس بن سالم بن مهران المعروف       بابن النيري -إملاء- حدثنا علي بن سعيد       الشامي، حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي، عن       ابن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب،       عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمانية عشر       من ذي الحجة، وذكر الخبر مثل ما تقدم       أو نحوه. وأخرجه الحافظ ابن عساكر بطريقه       إلى أبي بكر الخطيب، وأخرجه بالإسناد عن       أبي بكر الخطيب ابن الجوزي في العلل       الواهية، حيث قال: أخبرنا أبو منصور       القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت...الخ.(العلل       الواهية ج1 ص226 ح356). والحافظ       الحسكاني في شواهد التنزيل والعاصمي في       زين الفتى والمرشد بالله الشجري في       الأمالي من طريقين والخطيب الخوارزمي في       مناقبه والحافظ الجويني في فرائد السمطين       والحافظ ابن المغازلي في المناقب،       والحافظ أبو الحسين عبد الوهاب الكلابي       المعروف بابن أخي تبوك في مسنده،       والبلاذري في أنساب الأشراف والحافظ ابن       عدي الجرجاني في كامله، ومحمد بن سليمان       الكوفي في المناقب، والحافظ أبو القاسم       الطبراني في المعجم الأوسط والصغير.              
       وأخرجه الحافظ أبو       بكر بن أبي شيبة في المصنف قال:               
       حدثنا       شريك، عن أبي يزيد الأودي، عن أبيه، قال:       دخل أبو هريرة المسجد، فاجتمعنا إليه،       فقام إليه شاب، فقال: أنشدك بالله، أسمعت       رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:              
       ((من       كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من       والاه، وعاد من عاداه؟ قال: نعم، فقال له       الشاب: أنا منك بريء، أشهد أنك قد عاديت من       والاه، وواليت من عاداه. قال فحصبه الناس       بالحصا)).              
       وفي الأمالي للمرشد       بالله الشجري:              
       ((       فقال له الناس(أي للفتى) أسكتْ أسكتْ))              
       وذكر       ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج       البلاغة الخبر مع بعض الاختلاف في التعبير.
       ألسـت بربِّـكم              
       فلنسلط       الضوء على واحد من أهم مفردات الحديث وهو       قوله صلى الله عليه وآله :              
       ((ألست أولى بكم من أنفسكم))
       أو ((ألست       أولى بالمؤمنين من أنفسهم))              
       وأنت       إذا تأملت فستلاحظ أنَّ لسان هذا المقطع       المهم من الحديث يساوق لسان الآية الكريمة       التالية:
       (وَإِذْ       أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ       ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ       وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ       أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى       شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ       الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا       غَافِلِينَ)(الأعراف/172).
       إنَّ       الله سبحانه وتعالى ومن منطلق ربوبيته       للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم (ربك)،       طلب من بني آدم الاعتراف بربوبيته       والتسليم له، وأشهدهم على أنفسهم كي لا       يُنكروا هذه الحقيقة، ومن الطبيعي أن       يقرَّ العبد بالعبودية لربِّه.              
       ومن       المعلوم أنَّ الرسول لا ينطق عن الهوى،       فكل ما يصدر منه إنَّما هو طبقاً لما يوحى       إليه حتى استخدامه للكلمات وأسلوب تكلمه       وسياق خطبه ووصاياه.              
       فإنّنا       نشاهد نفس المضمون قد صدر منه صلى الله       عليه وآله وسلم في الغدير، فبعد أن أخذ       الاعتراف والإقرار من الناس بالنسبة إلى       نبوَّته وأولويته من أنفسهم، قال: لا بدَّ       من قبولكم ولاية عليٍّ عليه السلام الذِّي       خلَّفتْه السماء عليكم من بعدي، وكان       يؤكِّد على كلمة (اللهم اشهد)       إتماماً للحجة وإيضاحاً للمحجَّة.              
       فالقضيَّة       إذاً ليست مما يمكن التغاضي عنها وجعلها       في طيِّ النسيان، بل هي تتعلَّق بأصل خلق       الإنسان وفلسفته الوجوديَّة، حيث أنَّ       الوصاية ما هي إلا استمرارٌ للنبوَّة التي       هي مظهر حاكميّة الله على الإطلاق.              
       ولو       أردنا أن نصل إلى عمق هذه الحادثة فينبغي       لنا أن نتأمَّل في الآيات النازلة بشأنها       فهي:              
       (يَا       أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ       إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ       تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ       وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ       إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ       الْكَافِرِينَ)(المائدة/67).
       يا أيَّـها الرسـول              
       إنَّ       نبيَّنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلَّم       قد نودي في الذكر في تسعة عشر مورداً، وذلك       بتعبيرات أربعة، والملاحظ أنَّ الله       سبحانه لم يخاطبه باسمه كما خاطب سائر       الأنبياء بل في ثلاثة عشر مورداً يخاطبه       بقوله: (يا       أيها النبي) وفي موردين يخاطبه (يا أيُّها       الرسول)       وهناك خطابات أخر مثل (يا أيُّها       المُزَّمل) (يا أيُّها المدَّثر) وقوله (طه) (يس) على       ما في أحاديثنا.              
       فبالنسبة       إلى النداءات التِّي تخاطب النبي (يا أيُّها       النبيّ)       فإنها تتمحَّض في سور "الأنفال       والتوبة والأحزاب والممتحنة والتحريم"       وتنحصر في أمرين:              
       ألف: ما       يتعلق بالجهاد في سبيل الله.              
       ب  : الأمور المتعلقة بنساء النبيّ.
       والجدير       بالذكر هو أنَّ الموردين اللذين قد خاطب       الله فيهما نبيَّنا بقوله (يا       أيُّها الرسول) كليهما متعلقان بالولاية والإمامة.              
       والآيتان       في سياق واحد من حيث أنَّ هناك من يحارب       الولاية ويقف دون تحقّقها في المجتمع،       فالله سبحانه لأجل ذلك يواسي رسولَه       ويسليه كي يحقق الهدف السّامي الذي بُعث       لأجله.              
       فأمّا       قوله سبحانه وتعالى :              
       (يَا أَيُّهَا       الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ       مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا       بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ       يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ)       (المائدة/67)
{       يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ       الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ       مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا       بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ       قُلُوبُهُمْ }(المائدة/41)
{وَنُرِيدُ       أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ       اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ       وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً       وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ}(القصص5)
{فَقَاتِلْ       فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ       إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ       الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ       يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا       وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ       تَنكِيلاً}(النساء 84)
{وَأَلَّوْ       اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ       لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}(الجن/16).              
{ثُمَّ       لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ       النَّعِيمِ}(التكاثر/8)
{إلاّ أنَّه لا نبيَّ بعدي}
{إِنَّ       شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ}(الكوثر/3)
لام عـمرو باللوي مربـع طـامسة       أعـلامها بلقـع              
تـروع       عنها الطير وحشية والوحش من خيفته تفزع              
رقش       يخاف الموت من نقشها والسم في أنيابها       منقع              
برسـم       دار ما بها مونس الاصـلال في الثرى وقـع              
لما       وقفت العيس في رسمها والعين من عرفانه       تدمع              
ذكرت       من قد كنت ألهو به فبـت والقلب شج موجـع              
كأن       بالنـار لما شـفني من حب أروى كبدي لـدع              
عجـبت       من قوم أتوا أحمـدا بخطة ليس لها موضع              
قالوا       له : لو شـئت أعلمتنا إلى من الغاية       والمفزع              
إذا       توفيـت وفارقتـنا وفيهم في المـلك من       يطـمع              
فقال       : لو أعلمتكم مفزعا كنتم عسيتم فيه أن       تصنعوا              
صنيع       أهل العجل إذا فارقوا هارون فالترك له       أوسع              
وفي       الذي قال بيـان لمن كان إذا يعـقل أو يسـمع              
ثـم       أتـته بعد ذا عزمة من ربـه ليس لها مدفـع              
بلّـغ       وإلا لم تكن مبـلغا والله منهم عاصـم       يمنـع              
فعنـدها       قام النـبي الذي كان بما يأمر به يصـدع              
يخطـب       مأمـورا وفي كـفه كف علي ظاهر تلمـع              
رافـعها       أكرم بكف الذي يرفع والكف الذي تـرفع              
يقول       والأمـلاك من حوله والله فيهم شاهد يسـمع              
من       كنت مـولاه فهذا له مولى فلم يرضوا ولم       يقنع              
فاتهمـوه       وحنت فيهم على خلاف الصادق الأضـلع              
وضل       قوم غاضـهم فعـله كأنـما آنافـهم تجـدع              
حتى       إذا واروه في لحده وانصرفوا عن دفنه ضيعوا              
ما       قال بالأمس وأوصي به واشتروا الضر بما       ينفع              
فالناس       يوم البعث راياتهم خمس فمنها هالك أربـع              
قائـدها       العجل وفرعونهم وسامري الأمة المفظـع              
ومـارق       من ديـنه مخرج أسود عبد لكـع أوكـع              
وراية       قائـدها وجـهه كأنـه الشـمس إذا تطـلع              
[الحمد       لله الذي جعل كمال دينه و تمام نعمته       بولاية أمير المؤمنين على بن أبي طالب       عليه السلام]