نقد مسلسل الحسن والحسين (10) دور مروان بن الحكم والحاشية
تمهيد: في دور حاشية عثمان وخاصة مروان:
لا ريب أن كل من عنده اطلاع على مصادر التاريخ الأولى يعلم تماماًأن دور مروان بن الحكم ووالحاشية ( البطانة) المحطية بعثمان بن عفان، كان لهؤلاء أبلغ الأثر في مقتل عثمان، لدورهم السلبي في منع الإصلاح وفصل عثمان عن كبار الصحابة، وإظهارهم للناس بأن الأمر ملكهم، وأن الناس لا دخل لهم في ملكهم، وما فعله مروان تلك الحاشية في الإساءة إلى كبار الصحابة من نفي أبي ذر وإهانته، وضرب عمار ، وضرب ابن مسعود، ولسع علي بالكلام بعد الكلام، كلما خشوا أن يتأثر به عثمان، وتصرفهم بدون أمر عثمان، أو اقتطاع للمال، او تعامل بالربا، أو كتابة الكتاب والأمر على لسان عثمان والختم بخاتمه والتصرف دونه بما لم يرض ولم يعلم... حتى خشي الناس أنه باستطاعة مروان في أي وقت أن يأمر بقتل أي صحابي أو تابعي بأن يكتب على لسان عثمان ما شاء ثم لا يلحقه بذلك من عثمان عقوبة ولا عزل... وقد اعترف بعض المؤرخين النواصب ( من اصحاب النصب الخفيف) كالذهبي وابن كثير بأن مروان خان عثمان وأنه صاحب ذلك الكتاب المشئوم الذي أفقد ثقة الناس تماماً بعثمان..
وأصبح ثوار مصر في ورطة..
فإن عادوا إلى مصر لن يأمنوا أن يصل كتاب مماثل من مروان يأمر بقتلهم
وإن طلبوا عقوبة مروان أبى عثمان
وإن طلبوا عزله أبى عثمان يضاً ..
وكان النظام السياسي مهترئاً فلم يوجد الصحابة لأنفسهم نظاماً صارماً يوجب على الخليفة تحكيم جماعة ممن يختارهم الشعب مثلاً، ولا العرض على القضاء، ولا اي شيء من هذا القبيل..
كان نظاماً فردياً متخلفاً.. يأبى إسلام محمد (ص) أن يوصل الناس إلى مثل هذا التخلف القانوني..
نعم عثمان صحابي والصحابة صحابة .. لمن هذا لا يوجب علينا لا ديناً ولا عقلاً ألا نبدي رأينا في النظام القانوني الذي قام عليه النظام.. كان نظاماً بلا قانون!
لا تستطيع شريعة أن تقرب مروان إلى العدالة إذا كان عثمان لا يضرى بذلك..
ولذلك لا يجوز أن نخضع الإسلام لنظام الخلفاء الراشدين مع فضلهم وتقدمهم
وإنما لنظام الشريعة - إن وجدناه-..
لأن نظام الشريعة لا يمكن أخذه لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من هؤلاء العلماء المتعصبين الخونة الظلمة ...
وإنما تؤخذ شريعة الله من دين الله
من القرآن الكريم أولاً ثم مما فسرته السنة وشرحته..
ويمكن الاستئناس بأعمال وفتاوى أهل العلم الحق، وأهل العقل والعدل، ممن يمكن اختيارهم بعناية فائقة..
لا يجوز أن نهمل إسلامنا لمجاملة عثمان أو حماية مروان..
كان يجب تعيين لجنة قضائية تحاكم مروان بن الحكم على كتابة ذلك الكتاب المشئوم..
وما فيه من الإفتئات على الخليفة بل على الأمة..
كان يجب أن يكون جواب عثمان غير ما قرأناه..
إلا أن التصلب في الخليفة - على كبر سنه وسيطرة الحاشية عليه- كان من أكبر الأسباب لقتل عثمان.
والروايات في دور مروان والحاشية في قتل عثمان كثيرة جداً.. وصحيحة بل متواترة..
ولا أدري ماذا كان دور هؤلاء العلماء كالقرضاوي وغيره ممن أجاز المسلسل..
هل هم جهلة - وهذا ممكن ونعني الجهل الجزئي اي الجهل بالتاريخ-
أم ارتضوا أن يلعبوها مع التجار!
فاصبح لهم ثمناً كثمن رشيد عساف وغيره من الممثلين!
أم أعمتهم المذهبية والخصومة مع الشيعة فرضوا بتزييف التاريخ ليصبح أهل الفتنة اهل أصلاح، والصحابة أهل فتنة!
على كل حال هذه الروايات في دور حاشية عثمان وبطانته
ورأسها مروان بن الحكم..
- وقد سبقت كثير من الروايات في دور مروان والحاشية وسنحرص على ألا نكرر-
1- رواية إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص:
في تاريخ الطبري (2/660): قال محمد بن عمر ( هو الواقدي، إمام في المغازي مشهور) وحدثني عبدالله بن جعفر ( صدوق من رجال مسلم)، عن إسماعيل بن محمد :
أن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر فحمد الله وأثنى عليه
فقام رجل فقال أقم كتاب الله
فقال عثمان اجلس فجلس حتى قام ثلاثا فأمر به عثمان فجلس
فتحاثوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر
وحمل ( عثمان) فأدخل داره مغشيا عليه
فخرج رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي:
( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله)
ودخل علي بن أبي طالب على عثمان رضي الله عنهما وهو مغشي عليه وبنو أمية حوله
فقال مالك يا أمير المؤمنين؟
فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد!
فقالوا يا علي أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين!
أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا فقام علي مغضبا اهـ
التعليق:
الأثر مرسل قوي الإسناد، وله شواهد كثيرة جداً، وهو يبين عمل الحاشية على التفريق بين عثمان وكبار الصحابة الناصحين كعلي.. فانظر هنا كيف نطقت بكلمة واحدة! وتسببت في اعتزال علي في نهاية الأمر، بل تسببت في تفيه إلى ينبع ثم إرجاعه عند الحاجة إليه ثم نفيه ثم إرجاعه! حتى اشتكى الإمام علي إلى اب عباس وغيره بأن عثمان اتخذه كالجمل ينزع الماء رائحاً وجائياً..
والرواية هنا واضحة بأن الحاشية كان لها قوة بحيث تهين أحد زوار عثمان من الصحابة وتهدده وعثمان لا يستطيع أن يعمل لها شيئاً..
بل سنرىأ ن مروان تبلغ به الجرأة أن يتكلم بما لا يليق على امرأة عثمان نائلة بنت الفرافصة في وجود عثمان! عندما نصحته نائلة بالسماع من علي وأمثاله من الناصحين له..