|  | 
| 
| 
| عضو نشط 
 |  | 
رقم العضوية : 175
 |  | 
الإنتساب : Aug 2006
 |  | 
المشاركات : 179
 |  | 
بمعدل : 0.03 يوميا
 |  |      |  |  |  
   
 
   
 
 | كاتب الموضوع : 
صدرية.حكيمية
المنتدى : 
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام 
			 بتاريخ : 19-08-2006 الساعة : 06:34 AM 
 
 استراتيجية الصلح عند الإمام الحسن ( عليه السلام )قبل التحدث عن مبرّرات صُلح الإمام الحسن ( عليه السلام ) لا بد من توضيح معنى الاستراتيجية ، وقد شاع تعريفها على أنها : ( فن توظيف عناصر القوة للأمّة أو الأمّم ، لتحقيق أهداف الأمّة ، أو التحالف في السلم والحرب ، وهو أيضاً فن القيادة العسكرية في ساحة المعركة ) .
 لماذا الصلح ؟
 قَبِل الإمام الحسن ( عليه السلام ) الصلح مع معاوية للأسباب التالية :
 السبب الأول :
 إن نظرة أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى الحكم كانت تنبع من أنه وسيلةً لتحقيق قيم الرسالة .
 فإذا مالَ الناس عن الدين الحق ، وغلبَت المجتمع الطبقات الفاسدة ، وأرادت تحويل الدين إلى مطية لمصالحهم اللاَّمشروعة .
 فليذهب الحكم إلى الجحيم ، لتبقى شعلة الرسالة متّقدة ، ولتصب كلُّ الجهود في سبيل إصلاح المجتمع أولاً ، وبشتى الوسائل المُتاحة .
 وقد أشار الإمام علي ( عليه السلام ) عن أسلوب الحكم قائلاً : ( والله ما معاوية بأدهى منِّي ، ولكنه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس .
 ولكن كلّ غُدرة فُجرة وكلّ فُجرة كُفرة ، ولكلِّ غادرٍ لواءٌ يُعرف به يوم القيامة ، والله ما استُغفِل بالمكيدة ، ولا استُغمِز بالشديدة ) .
 أما عن نظرته ( عليه السلام ) إلى الحكم ذاته ، فقد رُوي عن عبد الله بن العباس أنه قال : دخلت على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يخصف نعله ، فقال ( عليه السلام ) لي : ( مَا قِيمَة هذا النعل ) ؟
 فقلت : لا قِيمَة لها .
 فقال ( عليه السلام ) : ( والله لَهِيَ أحبُّ إليَّ من إمرتكم ، إلاَّ أن أُقيم حقّاً أو أدفع باطلاً ) .
 السبب الثاني :
 لقد عاش الإمام الحسن ( عليه السلام ) مَرحلة هبوط الروح الإيمانية عند الناس ، وبالذات في القبائل العربية التي خرجت من جَوِّ الحجاز ، وانتشرت في أراضي الخير والبركات ، فنسيت رسالتها أو كادت .
 فهذه كوفة الجند التي تأسست في عهد الخليفة الثاني لتكون حامية الجيش ، ومنطلقاً لفتوحات المسلمين الشرقية ، أصبحت اليوم مركزاً لصراع القبائل ، وتسيس العسكر ، وأخذ يُتبَع من يُعطِي أكثر .
 فبالرغم من وجود قبائل عربية حافظت على ولائها للإسلام والحق ، ولخط أهل البيت ( عليهم السلام ) الرسالي ، إلاَّ أنَّ مُعظم القبائل التي استوطَنَت أرض السواد حيث الخصب والرفاه بدأت تبحث عن العطاء .
 حتى أنَّهم تفرّقوا عن القيادة الشرعية ، وبدأوا يراسلون المتمردين في الشام حينما عرفوا أنَّ معاوية يبذل أموال المسلمين بلا حساب .
 بل إنَّك تجد ابن عمِّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) عبيد الله بن العباس قائد قوَّات الطليعة في جيشه ( عليه السلام ) يلتحق بمعاوية طَمَعاً في دراهمه ، البالغة مليون درهمٍ .
 ونجد الكوفة تَخون مرة أخرى الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، حينما يبعث إليهم ابن عَمِّه مسلم بن عقيل ، فيأتيهم ابن زياد ويمنِّيهم بأن يزيد في عطائهم عشرة .
 فإذا بهم يميلون إليه ، ويُقاتلون سِبط رسول الله وأهل بيته ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) بِأبْشَع صورة .
 ودون أن يسألوا ابن زياد عمَّا يعنيه بكلمة ( عشرة ) ، فإذا به يزيد في عطائهم عشرة تُميرات فقط ، ولعلَّهم كانوا يمنون أنفسهم بعشرة دنانير .
 لقد تعبت الكوفة من الحروب ، وبدأت تفكر في العيش الرغيد ، وغاب عنهم أهل البصائر الذين كانوا يحومون حول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ويذكِّرون الناس باليوم الآخر ، ويبيِّنون للناس فضائل إمامهم الحق .
 لقد غاب عنهم اليوم عمَّار بن ياسر الذي كان ينادي بين الصفيْن في معركة صِفِّين : الرواحَ إلى الجنة .
 ومالك الأشتر الذي كان لعليٍ ( عليه السلام ) مثلما كان عليٌّ لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بطلاً مقداماً ، وقائداً ميدانيّاً مُحنَّكاً .
 وغاب ابن التيهان الذي يعتبره الإمام علي ( عليه السلام ) أخاً له ، ويتأوَّه لغيابه .
 بلى ، لقد غاب أهل البصائر من أصحاب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأنصار علي ( عليه السلام ) ، الذين كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يعتمد عليهم في إدارته للحروب .
 وغاب القائد المقدام ، البطل الهمام ، الإمام علي ( عليه السلام ) أيضاً ، بعد أن أنهى سيف الغدر حياته الحافلة بالأسى .
 فإنه ( عليه السلام ) كان قد صعد المنبر قبيل استشهاده ، وقد نشر المصحف فوق رأسه ، وهو يدعو ربّه ويقول : ( مَا يُحبَس أَشقاكم أن يَجيء فيقتلني ، اللَّهُمَّ إني قد سئِمتُهم وسئِمُوني ، فأَرِحْهم منِّي ، وأَرِحْني مِنهم ) .
 وبالرغم من أن الإمام عليّاً كان قد جهَّز جيشاً لمقارعة معاوية قبيل استشهاده ، وهو ذلك الجيش الذي قاده من بعده الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
 إلاَّ أنَّ خَور عزائم الجيش ، واختلاف مذاهبه ، وخيانة قُوَّاده ، كان كفيلاً بهزيمته ، حتى ولو كان الإمام علي ( عليه السلام ) هو الذي يقوده بنفسه .
 إلاَّ أن التقدير كان في استشهاد البطل ، وأن يتمَّ الصلح على يد نَجلِه العظيم الذي أخبر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، أنَّ الله سوف يُصلح به بين طَائِفَتين من أُمَّته .
 ويشهد على ذلك ما جاء في حديث مأثور عن الحارث الهمداني ، قال : لما مات علي ( عليه السلام ) جاء الناس إلى الحسن ( عليه السلام ) وقالوا : أنت خليفة أبيك ووصيِّه ، ونحن السامعون المطيعون لك ، فمرنا بأمرك .
 فقال ( عليه السلام ) : ( كَذبتُم ، والله ما وفيتُم لِمَن كان خيراً منِّي ، فكيف تَفُون لي ؟ ، وكيف أطمئنُّ إليكم ولا أثق بكم ؟ إن كنتُم صادقين فموعدٌ ما بيني وبينكم مُعَسكر المدائن ، فَوافوا هناك ) .
 وماذا كان يمكن للإمام الحسن ( عليه السلام ) أن يصنعه في مثل هذه الظروف المعاكسة ؟ فهل يسير في جيشه بسيرة معاوية ، ويوزع عليهم أموال المسلمين ، فمن رغب عنه عالجه بالعسل المسموم ؟
 أم يسير ( عليه السلام ) بسيرة أبيه حتى ولو كلَّفه ذلك سُلطته .
 لقد ترك ( عليه السلام ) السلطة حين علم بأنها لم تعد الوسيلة النظيفة لأداء الرسالة ، وأن هناك وسيلة أفضل وهي الإنسحاب إلى صفوف المعارضة ، وبَثِّ الروح الرسالية في الأمّة من جديد ، عبر تربية القيادات ، ونشر الأفكار ، وقيادة المؤمنين الصادقين ، المعارضين للسلطة ، وتوسيع نطاق المعارضة ، وهكذا فعل ( عليه السلام ) .
 السبب الثالث :
 إن شروط الصُلح التي أملاها الإمام ( عليه السلام ) على معاوية ، وجعلها مقياساً لسلامة الحكم ، تشهد على أنه ( عليه السلام ) كان يخطط لمقاومة الوضع الفاسد ، ولكن عبر وسائل أخرى .
 
 
 |  |  |  |  |  | 
 |