|  | 
| 
| 
| عضو  برونزي 
 |  | 
رقم العضوية : 69554
 |  | 
الإنتساب : Dec 2011
 |  | 
المشاركات : 518
 |  | 
بمعدل : 0.10 يوميا
 |  |      |  |  |  
   
 
   
 
 | المنتدى : 
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام 
 شهادة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) 
			 بتاريخ : 05-06-2012 الساعة : 05:31 PM 
 
شهادة فاطمة الزهراء ( عليها السلام )
 
 
  
 بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اشتدَّ عليها الحزن و الأسى  ، و نزل بها المرض ، لِمَا لاقَتْهُ من هجوم أَزْلامِ الزُمرة الحاكمة  آنذاك على دارها ، وَ عَصْرِهَا بَين الحَائطِ و البَابِ ، وَ سُقُوطِ  جَنِينِها ، المُحسِن ( عليه السلام ) ، وَ كَسْرِ ضِلعِها ، وَ غَصبِ أَرضِهَا ( فَدَك ) . فتوالت  الأمراض على وديعة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و فَتك الحزن جِسمَها  النحيلَ المُعذَّبَ ، حتى انهارت قواها ( عليه السلام ) .
 فقد  مشى إليها الموت سريعاً ، و هي ( عليها السلام ) في شبابها الغَض ، و قد  حان موعد اللقاء القريب بينها ( عليها السلام ) ، و بين أبيها ( صلى الله  عليه وآله ) الذي غاب عنها ، و غابت معه عواطفه الفَيَّاضة .
 وَ لَمَّا بدت لها طلائع الرحيل عن هذه الحياة ، طَلَبتْ حضورَ
 أمير المؤمنين ، علي ( عليه السلام ) ، فَعَهدتْ إليهِ بِوَصِيَّتِها ، و مضمون الوصية : أن  يُوارِي ( عليه السلام ) ، جثمانها ( عليها السلام ) المقدس في غَلس  اللَّيل البهيم ، و أن لا يُشَيِّعُها أحد من الذين هَضَمُوهَا ، لأنهم  أَعداؤها ( عليها السلام ) ، و أعداء أبيها ( صلى الله عليه وآله ) - على  حَدِّ تعبيرها - .
 كَما عَهدت إليه ، أن يتزوَّج من بعدها بابنة أختها أمَامَة ، لأنَّها تقوم بِرِعَايَة ولديها
 الحسن و الحسين ( عليهما السلام ) اللَّذَين هما أعزُّ عندها من الحياة . وعهدت إليه ، أن يعفي موضع قبرها ، ليكون رمزاً لِغَضَبِهَا غير قابلٍ للتأويل على مَمَرِّ الأجيال الصاعدة .
 وضمن لها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جميع ما عَهدَت إليه ، و انصرف عنها ( عليها السلام ) ، و هو غارق في الأسى و الشجون .
 و  في آخر يوم من حياتها ( عليها السلام ) ، ظهر بعض التحسّن على صحتها ،   بادية الفرح و السرور ، فقد علمت ( عليها السلام ) ، أنها في يومها تلحق  بأبيها ( صلى الله عليه وآله ) .
 و  عمدت ( عليها السلام ) إلى ولديها ( عليهما السلام ) فَغَسَلت لهما ، و  صنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم ، و أمرت ولديها بالخروج لزيارة قبر  جدّهما ، و هي تلقي عليهما نظرة الوداع ، و قلبها يذوب من اللوعة والوجد .
 
 
 فخرج الحسنان  ( عليهما السلام ) ، و قد هاما في تيار من الهواجس ، و أَحسَّا ببوادر  مخيفة ، أغرقتهما بالهموم و الأحزان ، و التفت وديعة النبي ( صلى الله عليه  وآله ) إلى أسماء بنت عميس ، و كانت تتولى تمريضها ، و خدمتها فقالت ( عليها السلام ) لها : يا أُمَّاه .فقالت أسماء : نعم يا حبيبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
 فقالت ( عليها السلام ) : اسكبي لي غسلاً .
 فانبرت أسماء ، و أتتها بالماء فاغتسلت ( عليها السلام ) فيه ، و قالت ( عليها السلام ) لها ثانياً : إيتيني بثيابي الجدد .
 فناولتها أسماء ثيابها ( عليها السلام ) .
 ثم هتفت الزهراء ( عليها السلام ) ، بها مرة أخرى : اجعلي فراشي وسط البيت .
 و عندها ذعرت أسماء ، و ارتعش قلبها ، فقد عرفت أن الموت قد حلّ بوديعة النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
 فصنعت  لها ما أرادت ، فاضطجعت الزهراء ( عليها السلام ) على فراشها ، و استقبلت  القبلة ، و التفتت إلى أسماء قائلة بصوت خافت : يا أُمَّاه ، إني مقبوضة  الآن ، و قد تَطَهَّرتُ فلا يكشفني أحد .
 و أخذت ( عليها  السلام ) تتلو آيات من الذكر الحكيم ، حتى فارقت الروحُ الجسد ، وَ سَمت  تلك الروح العظيمة إلى بارئها ، لتلتقي بأبيها ( صلى الله عليه وآله ) ،  الذي كرهت الحياة بعده .
 و كان ذلك في ( 13 من جمادي الأول )  من سنة ( 11 هـ ) ، و في رواية أخرى أنه كان في ( 13 ربيع الثاني ) من نفس  السنة ، و في رواية أخرى في ( 3 جمادي الثاني ) من نفس السنة أيضاً .
 و  رجع الحسنان ( عليهما السلام ) إلى الدار ، فلم يجدا فيها أمهما ( عليها  السلام ) ، فبادرا يسألان أسماء عن أمّهما ، ففاجئتهما ، و هي غارقة في  العويل و البكاء قائلة : يا سيدي إن أمّكما قد ماتت ، فأخبرا بذلك أباكما ،  و كان هذا الخبر كالصاعقة عليهما .
 فهرعا ( عليهما السلام )  مسرعين إلى جثمانها ، فوقع عليها الحسن ( عليه السلام ) ، و هو يقول : يا  أُمَّاه ، كلميني قبل أن تفارق روحي بدني .
 وألقى الحسين ( عليه السلام ) نفسه عليها ،و هو يَعجُّ بالبكاء قائلاً : يا أُمَّاه ، أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن ينصدع قلبي .
 و  أخذت أسماء تعزيهما وتطلب منهما أن يسرعا إلى أبيهما ( عليه السلام )  فيخبراه ، فانطلقا ( عليهما السلام ) إلى مسجد جدّهما رسول الله ( صلى الله  عليه وآله ) وهما غارقان في البكاء ، فلما قربا من المسجد رفعا صوتهما  بالبكاء ، فاستقبلهما المسلمون وقد ظنوا أنهما تذكرا جدّهما ( صلى الله  عليه وآله ) فقالوا :
 ما يبكيكما يا ابنَي رسول الله ؟ لعلّكما نظرتما موقف جدّكما ( صلى الله عليه وآله ) فبكيتما شوقاً إليه ؟
 فهرعا ( عليهما السلام ) إلى أبيهما وقالا بأعلى صوتهما : أَوَ ليس قد ماتت أُمُّنا فاطمة .
 فاضطرب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهزَّ النبأ المؤلم كِيانَه ، وطفق يقول :
 بمن العزاء يا بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟
 كنتُ بِكِ أتعزَّى ، فَفِيمَ العزاء من بعدك ؟
 وخَفَّ  ( عليه السلام ) مسرعاً إلى الدار وهو يذرف الدموع ، ولما ألقى نظرة على  جثمان حبيبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أخذ ينشد ( عليه السلام ) :
 
 لِكُلِّ اجتِمَاعٍ مِن خَلِيلَيْنِ فِرقَةٌ        وَكُلُّ الَّذي دُونَ الفِرَاقِ قَليلُوهرع  الناس من كل صوب نحو بيت الإمام ( عليه السلام ) وهم يذرفون الدموع على  وديعة نبيهم ( صلى الله عليه وآله ) ، فقد انطوت بموت الزهراء ( عليها  السلام ) آخر صفحة من صحفات النبوة ، وتذكروا بموتها عطف الرسول ( صلى الله  عليه وآله ) عليهم ، وقد ارتَجَّت المدينة المنورة من الصراخ والعويل .وَإِنَّ افتِقَادِي فَاطماً بَعدَ أَحمَد         دَلِيلٌ عَلى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ
 وعهد  الإمام ( عليه السلام ) إلى سَلمَان أن يقول للناس بأن مواراة بضعة النبي (  صلى الله عليه وآله ) تأخّر هذه العشية ، وتفرقت الجماهير .
 ولما  مضى من الليل شَطرُهُ ، قام الإمام ( عليه السلام ) فغسَّل الجسد الطاهر ،  ومعه أسماء والحسنان ( عليهما السلام ) ، وقد أخذت اللوعة بمجامع قلوبهم .
 وبعد  أن أدرجها في أكفانها دعا بأطفالها – الذين لم ينتهلوا من حنان أُمِّهم –  ليلقوا عليها النظرة الأخيرة ، وقد مادت الأرض من كثرة صراخهم وعويلهم ،  وبعد انتهاء الوداع عقد الإمام الرداء عليها .
 ولما حَلَّ  الهزيع الأخير من الليل قام ( عليه السلام ) فصلّى عليها ، وعهد إلى بني  هاشم وخُلَّصِ أصحابه أن يحملوا الجثمان المقدّس إلى مثواه الأخير .
 ولم يخبر ( عليه السلام ) أي أحد بذلك ، سوى تلك الصفوة من أصحابه الخُلَّص وأهل بيته ( عليهم السلام ) .
 وأودعها  في قبرها وأهال عليها التراب ، ووقف ( عليه السلام ) على حافة القبر ، وهو  يروي ثراه بدموع عينيه ، واندفع يُؤَبِّنها بهذه الكلمات التي تمثل لوعته  وحزنه على هذا الرزء القاصم قائلاً :
 ( السَّلام  عَليكَ يا رسولَ الله عَنِّي وعنِ ابنَتِك النَّازِلَة في جوارك ، السريعة  اللحاق بك ، قَلَّ يا رسولَ الله عن صَفِيَّتِك صَبرِي ، وَرَقَّ عنها  تَجَلُّدِي ، إِلاَّ أنَّ في التأسِّي بِعظِيم فرقَتِك وَفَادحِ مُصِبَيتِك  مَوضِعَ تَعَزٍّ ، فَلَقد وَسَّدتُكَ فِي مَلحُودَةِ قَبرِك ، وَفَاضَت  بَينَ نَحري وصَدرِي نَفسُكَ . إِنَّـا لله وإنَّا  إليه راجعون ، لقد استُرجِعَتْ الوَديعةُ ، وأُخِذَتْ الرَّهينَة ، أمَّا  حُزنِي فَسَرْمَدْ ، وَأمَّا لَيلِي فَمُسَهَّدْ ، إلى أَنْ يختارَ اللهُ  لي دارَك التي أنتَ بِها مُقيم ، وَسَتُنَبِّئُكَ ابنتُكَ بِتَضَافُرِ  أُمَّتِكَ على هَضمِها ، فَاحفِهَا السُّؤَالَ ، واستَخبِرْهَا الحَالَ ) . فأعلن  أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في هذه الكلمات شكواه للرسول ( صلى الله  عليه وآله ) على ما أَلَمَّ بابنتِه من الخطوب والنكبات ، وطَلبَ ( عليه  السلام ) منه ( صلى الله عليه وآله ) أن يَلحَّ في السُؤال منها ( عليها  السلام ) ، لتخبِرَهُ ( صلى الله عليه وآله ) بما جرى عليها ( عليها السلام  ) من الظُلم والضَيم في تلك الفترة القصيرة الأمد التي قد عاشتها ( عليها  السلام ) .
 وعاد الإمام ( عليه السلام ) إلى بيته كئيباً حزيناً ، ينظر إلى أطفاله
 
 
 |  |  |  |  |  | 
 |