عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية العـراقي
العـراقي
عضو ذهبـي
رقم العضوية : 2878
الإنتساب : Mar 2007
المشاركات : 2,682
بمعدل : 0.40 يوميا

العـراقي غير متصل

 عرض البوم صور العـراقي

  مشاركة رقم : 26  
كاتب الموضوع : العـراقي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-02-2008 الساعة : 10:59 PM


هل يجوز الدخول في أمر السابقين الأولين؟
( الوجه الثاني ) لتوجيه المدعى في السؤال: أن السابقين الأولين وإن لم يقطع لهم بالسلامة، والفوز في الآخرة، إلا أنه مهما صدر منهم من المعاصي والانحراف والشقاق، فلا ينبغي للمتأخرين النيل منهم، وجرحهم والطعن عليهم، لأن حرمة السبق تمنع من ذلك. بل يوكل أمرهم لله تعالى، ويكون حسابهم عليه، فإن شاء عذبهم بذنوبهم بعدله، وإن شاء عفا عنهم برحمته وفضله.

وبعبارة أخرى: نحن وإن لم نقطع على السابقين الأولين بالنجاة والفوز، لأن الله سبحانه قد يعذبهم بذنوبهم ويؤاخذهم بما كسبوا، إلا أنه ليس من حقنا ـ نحن المتأخرين ـ الدخول في أمرهم، والطعن عليهم، لأن حرمة السبق ترفعهم عنا، ونحن دون مستوى نقدهم. والله تعالى وحده يختص بذلك. وهذا ما قد يوحي به ذيل السؤال.

لكنه يندفع بأن ذلك يحتاج إلى إثبات، والآية الشريفة لا تدل عليه، إذ لا نظر فيها لموقف الناس من السابقين الأولين، بل قد تضمنت موقف الله سبحانه منهم. وهي وإن تضمنت وعده لهم بالفوز، إلا أنه حيث سبق تقييدها بصورة الاستقامة، وحسن الخاتمة، فهي تقصر حقيقة عمن لم يستقم منهم، وزاغ في عقيدته أو سلوكه. ويتعين الرجوع فيه للأدلة العامة، وهي تقتضي حرمة الموالاة، وجواز اللعن والطعن والتجريح، كما يناسبه قوله تعالى: ((َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ))(1).
وقوله عزوجل: ((وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ))(2).
وقوله عز اسمه: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ))(3).
وقوله جل شأنه: ((ِإنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاعِنُونَ))(4).
وقوله سبحانه: ((وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ))(5)... إلى غير ذلك.

وذلك هو المناسب لموقف الصحابة والتابعين ومن بعدهم، من السابقين الأولين ومن غيرهم من الصحابة، كما أشرنا إليه قريباً. وأحكامهم تجري علينا، مادمنا نشترك معهم في شريعة واحدة ودين واحد، كما هو ظاهر.


عدم تحديد السابقين الأولين بوجه دقيق
بقي شيء. وهو أن عنوان السابقين الأولين غير محدد بصورة دقيقة واضحة، فإن الكثرة الكاثرة من المهاجرين والأنصار متأخرون عمن قبلهم، سابقون لمن بعدهم، ولابد في تحديد منتهى السبق من دليل أخر.

بل الجمود على عنوان السابقين الأولين قد يقتضي الاقتصار على أول من دخل في الإسلام واستجاب لدعوته من المهاجرين، وأول من دخله من الأنصار. وهم أنفار معدودون، لا يتجاوزون عدد الأصابع. وربما يقطع بالسلامة لهم. لكن لا من جهة الآية الشريفة، لما سبق. بل بعد النظر لواقع حالهم، إن تيسر ذلك. وحمل السابقين الأولين على ما هو الأعم من ذلك ـ المناسب لما يريده عامة الناس من هذا العنوان ـ يحتاج إلى دليل. وإن تم فهو غير محدد بصورة دقيقة، كما سبق.


لا ميزة للسابقين الأولين في النقد والتجريح بإجماع المسلمين
على أنا لا نعهد في المسلمين القول بتميز السابقين الأولين ـ بالمعنى العام ـ بالقطع لهم بالنجاة والفوز، ولا بأنهم فوق مستوى نقدنا. أما الشيعة فظاهر. وأما الجمهور فهم بين من ميز الصحابة ـ بمعنى من رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع حديثه ـ عموماً، وبين من أخضعهم جميعاً للنقد والتمحيص، كما يظهر مما تقدم في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة.


الكلام في حمل الصحابة على خصوص السابقين الأولين
(الأمر الثاني) : تقول في سؤالك: (( وعامة ما يرد في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، من ذكر للصحابة بلفظ الصحابة أو أمثالها، يُعنى به السابقون الأول )).

ونقول: لم يرد في القرآن المجيد ذكر لصحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعنوان الصحبة إلا في قوله تعالى: (( إِلا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ))(6)، ومن الظاهر أن المراد به مجرد صحبة المكان. أما في بقية ذلك فالخطاب إنما هو للمؤمنين عموماً.

نعم قال عز من قائل: (( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ... ))(7).

وصدر الآية الشريفة يقضي بالعموم لكل من كان مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو يناسب معنى الصحبة على عمومه. كما أنه يعمّ غير السابقين الأولين ـ بالمعنى الذي يريده عامة الناس منهم ـ قطعاً، فإن سورة الفتح نزلت حين كثر المسلمون، لأنها نزلت بعد صلـح الحديبية، الصلـح الذي كاد المسلمون يهلكون بعدم استجابتهم لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيه، كما ورد في أحاديث، تقدم بعضها في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة. بل ربما كان نزول الآية الشريفة في عمرة القضاء، التي هي بعد عام من الصلـح المذكور، وهو العام الذي دخل الإسلام فيه كثير من ضعاف الإيمان.

نعم الصفات التي تضمنتها الآية الشريفة ملزمة بحملها على خصوص من كان واجداً لتلك الصفات. ولا ريب في أنهم قسم خاص من الصحابة متميز بقوة الدين وبتفاعله به، وبتأثره بسلوك النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته، المعبر عنه في عرف الناس بالخاصة. وربما يحمل عنوان الصحابة الوارد في مقام المدح عليهم. إذ كثيراً ما يطلق العرف صحابة الرئيس على خاصته الذين يعاشرونه، ويتفاعلون معه، ويسيرون على نهجه. ومن الظاهر أنه لا ملزم بالتطابق بينهم وبين السابقين الأولين، بل يمكن أن يكون في السابقين الأولين من هو فاقد لتلك الصفات أو لبعضها، كما يمكن أن يكون في غيرهم من هو واجد لها. ولابد في تشخيصهم وتعيينهم من التعرف على واقعهم وسلوكهم، ودراسة سيرتهم الذاتية.

هذا ولكن مع كل تلك الصفات العالية التي تضمنتها الآية الشريفة، لم يقطع الله سبحانه وتعالى لهم بالسلامة، ولم يعدهم بالفوز، إلا بشرط الاستقامة، والثبات على الإيمان والعمل الصالـح.

قال عز من قائل: (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ))(8). وإذا كان الله جل شأنه قد شرط الاستقامة فيهم، فكيف لا يشترطها في غيرهم؟!

أما السنة الشريفة فقد تعرضت لعنوان الصحابة في أحاديث كثيرة. ولا ندري ما هي القرينة على حمل الأحاديث المادحة على السابقين الأولين، والأحاديث الذامة ـ كأحاديث الحوض المتقدم بعضها في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة ـ على غيرهم؟ وما هو إلا تخرص وتحكم من دون دليل.

ولا سيما وأن بعض المضامين والقرائن تناسب العموم. فقد سبق في جواب السؤال الثاني من الأسئلة السابقة أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قد خاطبهم بقوله: (( لتتبعن سنن من كان من قبلكم، شبر بشبر، وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم...)). ولم ينقل عن أحد دعوى اختصاص الانحراف في الأمم السابقة بمن تأخرت استجابته للدعوة. بل ولا بذوي المقام العادي منه.

فقد انحرف قارون الذي هو ابن خالة موسى(عليه السلام) ـ كما عن الإمام الصادق(عليه السلام) (9) وابن عباس(10) ـ أو ابن عمه ـ كما عن محمد بن إسحاق(11) ـ والسامري الذي بلغ من شأنه أن ((قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي))(12).

ومن البعيد جداً تأخرهما عن الاستجابة لموسى(عليه السلام) والتصديق له، لابتناء دعوة موسى(عليه السلام)على إنقاذ بني إسرائيل. حيث يناسب ذلك مسارعتهما لاعتناقها والاستجابة لها.

وسبق هناك أيضاً عن موطأ مالك: ((وحدثني عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله: أنه بلغه أن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم... فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي...)).

وسبق عن نافع عن عبد الله أنه قال: ((قام النبي (صلى الله عليه وسلم)خطيباً، فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: ههنا الفتنة ثلاثاً، من حيث يطلع قرن الشيطان))، وقريب منه أحاديث أخر.كما سبق أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتال الناكثين، وفيهم طلحة والزبير وعائشة.وقد أمرت أم سلمة عبد الرحمن بن عوف بالإنفاق في سبيل الله، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً)). لظهور أنها إنما أمرته بالإنفاق حذراً من أن يكون من هؤلاء، مع أنه من السابقين الأولين بالمعنى الذي يريده عامة الناس من هذا العنوان، حيث يشهد ذلك بأن الحديث المذكور يشمل السابقين الأولين... إلى غير ذلك مما تقدم بعضه. ونعود فنؤكد ذلك بمواقف الصحابة من أنفسهم، ومواقف بعضهم من بعض، فإنها لا تناسب التخصيص المذكور، كما يظهر بالرجوع لما سبق هناك.

ــــــــــــــــــــ

(1) سورة الممتحنة الآية: 13.
(2) سورة هود الآية: 113.
(3) سورة محمد الآية: 22 ـ 23.
(4) سورة البقرة الآية: 159.
(5) سورة الرعد الآية: 25.
(6) سورة التوبة الآية: 40.
(7) سورة الفتح الآية: 29.
(8) سورة الفتح الآية: 29.
(9) مجمع البيان ج:7 ص:459.
(10) مجمع البيان ج:7 ص:459.
(11) تفسير القرطبي ج:13 ص:310. تفسير الطبري ج:20 ص:105. تفسير ابن كثير ج:3 ص:400.
(12) سورة طه الآية: 96.


استفد قليلا ولا تمجد كل الصحابه فمنهم من هو منافق و منهم من هو جيد

توقيع : العـراقي
من مواضيع : العـراقي 0 لا ندري ما يُفعل بنا
0 طوبى لمن غلب عقله على شهواته
0 بالدليل القاطع ابا بكر و عمر هما شر الدواب عند الله
0 و موضوع (إطاعة الله وإطاعة الرسول) تقديم "الطائر الابيض" ( العـراقي )
0 مباهلة الطائر الابيض (( العـراقي )) مع فارس الدعوة في موضوع معاوية في النار في برنامج لايت سي
رد مع اقتباس