عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,486
بمعدل : 0.41 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-12-2024 الساعة : 07:58 PM


من فقه كلمات الزهراء (عليها السلام)


وهنا نقاط:

1- (قَالَتْ (عليها السلام): أَصْبَحْتُ... ) الملفت انها بدل أن تجيب عن السؤال الشخصي (كَيْفَ أَصْبَحْتِ) إجابةً شخصية، انتقلت إلى إجابة رسالية من دائرة عالم الأفكار والقِيَم (عَائِفَةً لِدُنْيَاكُنَّ)

وحتى بغض الرجال (قَالِيَةً لِرِجَالِكُمْ) إنما هو لابتعادهم عن المبادئ والقِيَم إذ قد كلّت وَفلّت سيوفهم عن الدفاع عن الحق وضعفت قناتهم (رماحهم) عن استهداف أعداء الدين والقِيَم والرسالة، واخطأ رأيهم إذ أخذوا جانب الباطل والبهيمية وعارضوا جبهة الحق والإنسانية والرسالة السماوية.

2- (لَقِحَتْ) أي حملت، ولقاح الشجر والأزهار معروف، فلم يكن انقلاب السقيفة حدثاً مؤقتاً تنحصر آثاره في حدود ذلك الزمن أو تمتد إلى عقود أو قرون محدودة، بل ان آثاره السلبية تمتد وتشمل جميع الأزمنة الضاربة في عمق المستقبل المجهول حتى مرحلة ظهور ولي الله الأعظم (صلوات الله عليه).

3- وأما العلامات المميزة لما بين العصرين (عصر الانقلاب على الأعقاب وعصر الظهور) والثمرات المرّة الكريهة الناجمة عن ذلك فهي:

أ- (احْتَلَبُوا مِلْ‏ءَ الْقَعْبِ دَماً عَبِيطاً) والقعب هو القدح الكبير من الخشب الذي تحلب فيه الناقة أو البقرة.. فإذا حلبوها أكثر من الحد الطبيعي خرج الدم مع الحليب فإذا زادوا الضغط عليها زاد خروج الدم وكذا لو كانت مريضة.

والحاصل: ان مخرجات انقلاب السقيفة هي الدماء والأشلاء بدل الحليب والغذاء.

(وأما عبيطاً) فيعني طرياً، وهي من معاجز الكلمات والإشارات الغيبية حيث تشير (عليها السلام) إلى أن نهر الدماء سوف لا يتوقف بل يتجدد سفك الدماء على امتداد الأزمان ولذا فالأمة المنقلبة على الأعقاب تحتلب مدى الدهر دماء طرية طازجة.

وهكذا وجدنا حال الأمة الإسلامية حيث استمر شلال الدماء على أيدي الجبابرة والحكام الظلمة طوال ما بعد الانقلاب السقيفي[104] وأزمنة بني أمية وبني العباس وبني عثمان... ثم في بلادنا طوال المائة سنة الأخيرة إما في العراق أو في سوريا أو مصر أو لبنان أو إيران أو اليمن... ولئن توقف شلّال الدم فترة عاد كأشد ما يكون بعد فترة أخرى.

ب- (وَذُعَافاً مُمْقِراً) والذعاف السم والممقر أي المر المهلك، وبلادنا هي كذلك لا تزال تذوق السم بأنواعه من فقر، وبطالة، وتضخم، وجريمة وإدمان على الخمر أو المسكرات أو المخدرات... إلخ.

ج- (وَيَعْرِفُ التَّالُونَ غِبَّ) والغِب يعني العاقبة، فهل عرفنا حقاً عواقب انقلاب السقيفة؟

وموجز القول: انه إذا عرفت الأمة حقاً عواقب ذلك الانقلاب المشؤوم ورجعت إلى القرآن الكريم وإلى أهل البيت (إِنِّي‏ تَارِكٌ‏ فِيكُمُ‏ الثَّقَلَيْنِ‏ أَمَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا- كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي‏)[105] وإلى نهج البلاغة والصحيفة السجادية وأصول الكافي... حينئذٍ قد يأذن الله تعالى لوليه الأعظم بالفرج. (اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ وَعَجِّلْ فَرَجَهُ وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ وَاشْدُدْ أَزْرَهُ وَاعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلَادَكَ وَأَحْيِ بِهِ عِبَادَك‏)[106].

د- (وَأَبْشِرُوا بِسَيْفٍ صَارِم‏) وهي علامة ممتدة على مدار الألف وأربعمائة وخمسة وثلاثين سنة الماضية.. وكما ستستمر حتى نعود إلى الله تعالى وتعاليمه والقرآن وأهل البيت (عليهم السلام) والقيم والمبادئ والمثل العليا.

هـ - (وَبِهَرْجٍ شَامِلٍ) والهرج الفتنة، والأمة الإسلامية كانت ولا تزال تخوض في أنواع من فتن الضلالات في كل حدب وصوب وناحية.

و- (وَاسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ) وهي علامة واضحة شاملة، فبدل أن نفكر فيما لم نُؤت علمه (مثل من هو السفياني، ومتى يخرج) علينا أن نفكر في معضلة الاستبداد وظلم الحكام وسبل العلاج، لكننا ما دمنا راضخين لهم مبررين للتقاعس عن نهيهم عن المنكر، فسوف يستمر الاستبداد والبؤس إلى ما لا نهاية ولذلك ورد (وَلَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلِّيَ اللَّهُ أَمْرَكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ‏ لَكُمْ‏ عَلَيْهِمْ)[107].

ز- (يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيداً) وهل هنالك أزهد من فيئنا؟ كيف؟ والقوة الشرائية للعملة، في عامة بلاد الإسلام، في انخفاض مستمر، والفقر أصبح سمة عامة للشعوب الإسلامية حتى انك ترى الطبقة الفقيرة هي الأكثر عدداً مقابل الطبقة المتوسطة والغنية.

ح- (وَجَمْعَكُمْ حَصِيداً) وها هي الحروب والفتن تحصدنا باستمرار: يوماً في فلسطين ويوماً آخر في اليمن وثالثاً في سوريا ولبنان ورابعاً في مصر والسودان وهكذا وهلم جرا.

ط- (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُون)[108] كلا؛ لأن الدار دار امتحان وابتلاء، فما دمتم ماضين على مسيرة السقيفة فـ (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)[109] بل عليكم أن تغيّروا ما بكم لكي يغير الله ما دهاكم.

... وأخيراً: سترجع الدنيا لأئمة الهدى (عليهم السلام) وستحكم القِيَم العالمَ من جديد

وان ذلك كائن لا محالة إذ قال الإمام علي (عليه السلام) (لَتَعْطِفَنَّ اَلدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا عَطْفَ اَلضَّرُوسِ عَلَى وَلَدِهَا وَتَلاَ عَقِيبَ ذَلِكَ (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ)[110] )[111] ولكن الكلام متى؟ وهل أعددنا واستعددنا؟ إذ (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُم‏)[112].

و(روي: أنّ الصادق عليه السّلام كان يقول:

لكلّ اناس دولة يرقبونها ودولتنا في آخر الدّهر تظهر[113]

«وتلا عقيب ذلك» أي: شاهداً لعطف الدّنيا عليهم أخيراً: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ)[114].

وبعدها: (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون‏)[115].

قال القمي: أخبر اللَّه تعالى نبيّه صلّى اللَّه عليه وآله بما لقى موسى عليه السّلام وأصحابه من فرعون من القتل والظلم، ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من أمته، ثمّ بشّره بعد تعزيته أنّه يتفضّل عليهم بعد ذلك، ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمّة على أمّته يقول: (... مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُون‏) أي: من آل محمّد، ولو كانت نزلت في موسى لقال: منه ما كانوا يحذرون. ولم يقل منهم[116].

وقال ابن أبي الحديد: والإمامية تزعم أنّ ذلك وعد منه بالإمام الغائب الّذي يملك الأرض في آخر الزّمان، وأصحابنا يقولون إنّه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي على الممالك، ولا يلزم من ذلك أنّه لا بد أن يكون موجوداً، وأن يكون غائباً إلى أن يظهر، بل يكفي في صحّة هذا الكلام أن يخلق في آخر الوقت[117].

قلت: الإماميّة إنّما قالوا إنّه إشارة إلى الإمام المنتظر، وأمّا وجوده وغيبته فيثبتونه بأدلّة اخرى عقليّة ونقليّة، وقد مرّ من النّقليّة قوله عليه السّلام: (لَا تَخْلُو الْأَرْضُ‏ مِنْ‏ قَائِمٍ‏ بِحُجَّةٍ ظَاهِرٍ أَوْ خَافٍ مَغْمُورٍ)[118] وقوله عليه السّلام: (إِذَا خَوَى‏ نَجْمٌ‏ طَلَعَ‏ نَجْمٌ)[119].

وقال ابن أبي الحديد أيضاً: وقال بعض أصحابنا: إنّه إشارة إلى ملك السّفاح والمنصور[120].

قلت: لا بد إن كان ذاك البعض من النّصاب، وكيف يصحّ قوله ولم يكن شماس الدّنيا على أهل بيته في زمان العبّاسيين أقل من زمان الامويين؟

هذا، ومثل تلك الآية في البشارة لأهل بيته عليه السّلام قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)[121]، وقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني‏ لا يُشْرِكُونَ بي‏ شَيْئاً‏)[122].

ولم يكن عباد صالحون ولا مؤمنون عاملون للصالحات مثل أهل البيت عليهم السّلام، فلا بد بمقتضى الآيتين أن يرثوا الأرض ويستخلفوا فيها حسبما وعد تعالى، ونرى أنّ ذلك لم يتّفق في زمان الأحد عشر منهم (عليهم السلام)، فلا بد أن يكون في عصر ثاني عشرهم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وحيث إنّ الجميع بمنزلة نفس واحدة يصدق بإرثه الأرض إرثهم، وباستخلافه فيها، وتمكين اللَّه تعالى له دينه الذي ارتضاه له، وتبديل خوفه بالأمن، استخلافهم وتمكينهم وتبديل خوفهم صلوات اللَّه عليهم أجمعين).

إضافة إلى انهم (عليهم السلام) حسب روايات عديدة سيرجعون ويحكمون بعده (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى آخر الدنيا.

و(عن المولى أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) قال: ((لتعطفنَّ[123] الدنيا علينا بعد شماسها[124] عطف الضروس[125] على ولدها، وتلا عقيب ذلك: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) ))[126]، وعنه أيضًا: ((هي لنا أو فينا هذه الآية: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ...)))[127]، وعنه (صلوات الله عليه) قال: في (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ...) هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيُعزَّهم ويُذلَّ عدوهم))[128]، وعن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مبشرًا بظهور المنقذ المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) من أهل بيته قائلًا: ((لن تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلًا من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملؤها عدلًا وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا))[129]، وأيضًا: ((لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلًا من ولدي، يواطئ اسمه اسمي، يملؤها عدلًا وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا))[130].

وعن لابدِّية تحقق هذا الأمر وعدم تعلق البداء به مطلقًا[131] لأجل أنَّه من الميعاد روي عن أبي هاشم الجعفري قال: ((كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: نعم. قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم، فقال: إنّ القائم من الميعاد والله لا يخلف الميعاد))[132]، فيتحصَّل من النقل المتقدِّم أنَّ المهدي الموعود (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) من الذرية الطاهرة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حصرًا، وهو تمام عدة الخلفاء الإثني عشر للرسول (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، وإنَّ ظهوره من المحتوم؛ بل من الميعاد الذي لا خلف فيه ولا تبديل.

وأضف إلى ذلك أنَّ الخاتمة لمشروع الخلق بظهور المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) حكم عقلي آخذ بأعناق العقلاء صوب تلك الحقيقة؛ إذ إنَّ الغاية من مشروع الخلق هو هدايتهم التي بها يصلون إلى ذروة تكاملهم البشري، وإن اقتضاء الهداية يشترط وجود هادٍ، وعدم المانع من إيصال هديه إلى الناس، وإلّا سيكون إيجاد الخلق عبثًا؛ والمآل الطبيعي للخلق هو الضلال، وسيكون الخالق (وحاشاه) هو من ألجأهم إلى هذه النتيجة لعدم امدادهم بمتطلبات هدايتهم ومن ثم تكاملهم، وهذا ما سيقدح في حكمة الخالق، الذي ثبت في حقِّه أبتداءً بأنَّه منزه عن فعل ما لا ينبغي، وأنَّ اللطف سيرته مع خلقه، وعليه أصبح وجود هاد بين ظهراني الخلق ضرورة عقلية عضدها النقل مؤكِّدًا ومفصِّلًا، إضافة إلى ذلك لا يقدح في وجود الهادي أن يكون ظاهرًا معروفًا أو غائبًا مغمورًا مادام أن الهداية تتحقق على يديه، وتصل إلى الناس بنحو من الأنحاء، عن أمير المؤمنين مصرِّحًا بذلك في خطبة له من على منبر الكوفة قائلًا: ((اللهمَّ إنَّه لا بُدَّ لك من حجج في أرضك، حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون... اللهم فإنَّي لأعلم أنَّ العلم لا يأزر كله ولا ينقطع مواده، وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم))[133]، فالحجة وإن غاب لابدَّ عند ذاك من سبيل تتحصل منه هدايته وإلّا لاعترى غرض الخالق في الهداية النقض[134]، فكان العلماء العاملون سبيلًا متعينًا في توجيه الناس وهدايتهم في غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه)، فعن الإمام الهادي (صلوات الله وسلامه عليه) مشيدًا بدور العلماء قائلًا: ((لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم (عليه السلام) من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شِباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحدٌ إلاّ ارتدّ عن دين الله، ولكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أُولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ))[135].

ونختتم الكلام بعلي الكلام، وفيه أنَّهم (صلوات الله عليهم) فاتحة الهداية وخاتمتها فقال (صلوات الله عليه): ((أيها الناس! إن قريشا أئمة العرب، أبرارها لأبرارها وفجارها لفجارها، ألا! ولابد من رحى تطحن على ضلالة وتدور، فإذا قامت على قلبها طحنت بحدتها، ألا! إن لطحنيها روقا وروقها حدتها وفلها على الله، ألا! وإني وأبرار عترتي وأهل بيتي أعلم الناس صغارا، وأحلم الناس كبارا، معنا راية الحق، من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها لحق، إنا أهل الرحمة، وبنا فتحت أبواب الحكمة، وبحكم الله حكمنا، وبعلم الله علمنا، ومن صادق سمعنا، فان تتبعونا تنجوا، وإن تتولوا يعذبكم الله بأيدينا، بنا فكَّ الله ربق الذل من أعناقكم، وبنا يختم لا بكم)[136])[137].

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

آية الله السيد مرتضى الشيرازي​

من مواضيع : صدى المهدي 0 استفتاءات المرجعية.. هل يعد البكاء متعمدًا مبطلًا للصلاة؟
0 الإمام الصادق (ع) بين مرارة المحن ودواعي المسؤولية
0 التفسير الصحيح للفرق بين السور المكية والمدنية
0 جعفر الصادق الذي ملأ الدنيا - علوماً وهل لذاك خفاء
0 الشباب أنصار الإمام المهدي في عصر الظهور المبارك
رد مع اقتباس