|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,486
|
بمعدل : 0.41 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 20-12-2024 الساعة : 07:54 PM
مسيرة الأمة وحركتها على لسان الزهراء (عليها السلام)
ولقد كانت مسيرة التاريخ تصاعدية منذ أن بعث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث انتقل بالناس من أسفل دركات البهيمية إلى أعلى درجات الإنسانية فلقد كانوا كما قالت عنهم الصديقة الزهراء (عليها السلام)
هكذا كانوا:
أ- (وكنتم على شفا حفرة من النار[36]، مذقة الشارب، ونهزة الطامع[37]، وقبسة العجلان[38]، وموطئ الأقدام[39]، تشربون الطرق[40]، وتقتاتون الورق[41]، أذلة خاسئين[42]، " تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم "[43]. فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد اللتيا والتي[44]، وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب[45]، " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله")[46].
وهكذا صاروا:
ب- حتى صاروا كما قالت صلوات الله عليها (أيها الناس! اعلموا أني فاطمة، وأبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أقول عودا وبدءا[47]، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا[48] *: لقد جاءكم رسول من أنفسكم[49] عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم[50] (بالمؤمنين رؤوف رحيم)[51] *[52] فإن تعزوه[53] وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزي إليه (صلى الله عليه وآله وسلم). فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة[54] مائلا عن مدرجة المشركين[55]، ضاربا ثبجهم[56]، آخذا بأكظامهم، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة[57]، يكسر الأصنام وينكت الهام[58] حتى انهزم الجمع وولوا الدبر،
حتى تفرّى الليل عن صبحه[59] وأسفر الحق عن محضه[60]، ونطق زعيم الدين[61]، وخرست شقاشق الشياطين[62]، وطاح وشيظ النفاق[63]، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفهتم بكلمة الإخلاص[64] في نفر من البيض الخماص[65])[66].
(كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "، أو نجم قرن للشيطان[67]، وفغرت فاغرة من المشركين[68] قذف أخاه في لهواتها[69]، فلا ينكفئ[70] حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بسيفه[71]، مكدودا في ذات الله[72]، مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله سيد أولياء الله[73]، مشمرا ناصحا[74]، مجدا كادحا[75]، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون[76]، تتربصون بنا الدوائر[77]، وتتوكفون الأخبار[78]، وتنكصون عند النزال[79]، وتفرون عند القتال) ثم عادوا القهقرى: وهكذا ارتكسوا
ج- (فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة النفاق[80]، وسمل جلباب الدين[81]، ونطق كاظم الغاوين[82]، ونبغ خامل الأقلين[83]، وهدر فنيق المبطلين[84].
فخطر في عرصاتكم[85]، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفا بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين[86]، وللغرة فيه ملاحظين[87]. ثم استنهضكم[88] فوجدكم خفافا[89]، وأحمشكم فألفاكم غضابا[90]، فوسمتم[91] غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم[92]، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب[93]، والجرح لما يندمل[94]، والرسول لما يقبر[95]، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة[96]، " ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين[97])[98]
فذلك كله، وبإيجاز، عن رحلة الأمة من عالم الأشياء والأشخاص إلى عالم الأفكار والقيم ببركة رسول الإنسانية المصطفى (صلى الله عليه وآله) ووصيه المرتضى j ثم عودتهم القهقرى وانقلابهم على الأعقاب.
والمحصلة من مجمل هذا الفصل والفصل الآتي: ان الأزمة في بلادنا هي أزمة أفكار ومبادئ وقيم، وليس أزمة ثروات وأشياء كيف وان بلادنا تعد من أخصب بلاد الله وأغناها بآبار النفط والغاز ومناجم الحديد والنحاس واليورانيوم وغيره؟
ويكفي أن نعرف أن اليابان وألمانيا خسرتا في الحرب العالمية الثانية كل القدرة والقوة والسلطة والمادة والثروات، ولكنها امتلكتا الأفكار، فنهضتا وأصبحتا في مصاف الأمم الأكثر تقدماً.
وفي المقابل كان الاتحاد السوفياتي يمتلك كل الثروات والأموال والقوة العسكرية والسياسية، لكنه كان يفتقد الأفكار والقيم فتحطم وانهار شر انهيار حتى لم يبق منه شيء يذكر إلا لعنة التاريخ.
الفصل الثاني: مميّزات عصر الغيبة
السفياني واليماني أو الفتنة والاستبداد؟
وفي هذا الفصل نشير بإيجاز إلى عالم ما بعد الانقلاب على الأعقاب المستمر على امتداد الأزمنة إلى مرحلة ما قبل الظهور، وملامحه الرئيسة وعلاماته الكبرى، وذلك لأن الصديقة فاطمة (عليها السلام) اشّرت على ملامح وعلائم أخرى غير ما هو معهود لدى الناس من العلائم العامة للظهور المبارك كخروج السفياني واليماني والخراساني، وغير ذلك، سواء العلامات المحتومة أم غير المحتومة.
والفارق أن العلامات التي ذكرتها الصديقة فاطمة (عليها السلام) هي علامات واضحة جلية ظاهرة لكل أحد أولاً كما انها ممتدة على امتداد الفترة الزمنية الفاصلة بين انقلاب السقيفة والظهور المبارك، على العكس من علائم كخروج السفياني والخراساني واليماني فإنها خاصة بآخر الزمن فقط (قبل الظهور مباشرة) كما ان هذه العلائم مما لم نؤت علمه إما كبرىً وإما صغرىً.
هل لنا أن نصدق مدعي اليمانية؟
بمعنى أن العلائم حتى مثل خروج اليماني والسفياني والخراساني وإن كانت مما لا شك فيها، لكن تحديد المصداق هو من الغيب الذي لا يجوز لنا أن نقول فيه بغير علم، إذ من أين أن هذا المدعي لليمانية هو اليماني حقاً؟ وهل يتم الأمر بالادعاء؟ والغريب أن هنالك العديد ممن ادعوا انهم اليماني، في بلاد شتى، فمن أين أن هذا هو الصادق دون ذاك أو كلهم كاذبون؟ فليصفّوا الأمر بينهم وليقنع أحدهم سائر من ادعى اليمانية ثم ليدعُ سائر الناس؟
ثم أين هي العلائم القطعية؟ والمعجزة؟ خاصة وقد ورد عنهم (إِنَّ أَمْرَنَا قَدْ كَانَ أَبْيَنَ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ)[99]، بينما هؤلاء متخفّون يحيط بهم الغموض الشديد..
والغريب ان عمدة مستندهم إنما هو من قبيل مغالطة الكبرى والصغرى والتمسك بالعام في الشبهة المصداقية؛ إذ لا شك في خروج اليماني ولكن من أين أن هذا هو هو؟ انه كمن يقول يجب احترام أعلم الأطباء، فيقول أحدهم: انّ احترام أعلمهم مادام واجباً مسلّماً فاحترمني لانني هو؟ ما الدليل؟ قالوا: علامته مثلاً (ان رايته من أهدى الرايات) وهذه كبرى صحيحة، ولكن من أين إن رايتك هي أهدى الرايات، فإن قال كلماتي صدق لأنها من القرآن والعترة! قلنا: مدعي اليماني الآخر كلماته أيضاً من القرآن والسنة؟ وهل كل من كانت كلماته من القرآن والسنة فهو يماني؟ وكيف تشهد هذا الكبرى على المصداق والصغرى؟.
هذا مع قطع النظر عن أن الراية لا تعني مجرد العلم والكلمة الصحيحة، وعن ان اليماني والسفياني تفصل بينهما ستة أشهر، وان خروج اليماني مع خروج الإمام (عليه السلام) يكون في نفس السنة[100] وهؤلاء ادعوا انهم اليماني منذ سنين!!
من هو السفياني؟
وأما السفياني، فإن مغالطة العنوان والمصداق فيه ظاهرة أيضاً إذ لا شك في خروج السفياني وانه مفسد في الأرض، ولكن من أين انه هو هذا المفسد؟ فلعله سيخرج بعد مائة عام أو ألف سنة أو حتى بعد أيام؟ من أدرانا؟
والحاصل: ان القول بأن هذا يماني وذاك سفياني ما لم يكن أبين من الشمس لدى جميع العقلاء، إنما هو قول بغير علم بل افتراء على الله تعالى (قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُون)[101].
ومن هنا تظهر لنا أهمية كلمات الزهراء صلوات الله عليها، حيث ذكرت علائم ومميزات لما بين الحدين (الانقلاب على الأعقاب، والظهور المبارك) جلية واضحة مكررة على امتداد الأزمان وهي أكثر التصاقاً بنا وبواقع الأمة كما ظهر وسيظهر.
وهذا الفصل يرتبط جوهرياً بالفصل السابق حيث يشكّل العمق له والخلفية والعِلّة، وهو دراسة بعض نتائج جريمة الانقلاب على الأعقاب وموقعها في حركة التاريخ والحضارة الإسلامية بل والبشرية.
وكما سبق فبدل أن تشير الزهراء (عليها السلام) إلى علامات مثل خروج السفياني واليماني مما تحدث في آخر الزمن، ولا يد لنا فيها بل ولا علم لنا بتاريخها وخصوصياتها إلا بالقدر الإجمالي الكلي الذي أشارت إليه الروايات، أشارت (عليها السلام)، بدلاً عن ذلك، إلى علامات ممتدة بامتدد الزمن الواقع بين مرحلة الانقلاب على الأعقاب في يوم السقيفة وبين زمن الظهور المبارك، إذ انه: (لَمَّا اشْتَدَّتْ عِلَّةُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) اجْتَمَعَ عِنْدَهَا نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقُلْنَ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ أَصْبَحْتِ؟ فَقَالَتْ: أَصْبَحْتُ عَائِفَةً لِدُنْيَاكُمْ، قَالِيَةً لِرِجَالِكُمْ، لَفَظْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ عَجَمْتُهُمْ، وَسَئِمْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ سَبَرْتُهُمْ، فَقُبْحاً لِفُلُولِ الْحَدِّ، وَخَوْرِ الْقَنَاةِ وَخَطْلِ الرَّأْيِ، (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ)[102]، لَقِحَتْ، فَنَظِرَةٌ رَيْثَمَا تُنْتِجُ، ثُمَّ احْتَلِبُوا طِلَاعَ الْقَعْبِ دَماً عَبِيطاً، وَذُعَافاً مُمْقِراً، هُنَالِكَ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ، وَيَعْرِفُ التَّالُونَ غِبَّ مَا أَسَّسَ الْأَوَّلُونَ.
ثُمَّ طِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَنْفُساً، وَاطْمَئِنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأْشاً، وَأَبْشِرُوا بِسَيْفٍ صَارِمٍ، وَهَرْجٍ شَامِلٍ؛ وَاسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ، يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيداً، وَجَمْعَكُمْ حَصِيداً، فَيَا خُسْرَى لَكُمْ، وَأَنَّى بِكُمْ وَقَدْ عَمِيَتْ عَلَيْكُمْ؟ (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ)[103] وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ عَلَى أَبِي سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ).
​
|
|
|
|
|