|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.35 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الشيخ عباس محمد
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 07-01-2018 الساعة : 08:28 PM
الجواب:
أولاً: سنقدّم نقاط تحوي بعض القواعد لكي يتوضّح جوابنا طبقاً لها:
1- إنّ تصنيف الحديث ينقسم إلى: متواتر وآحاد، والمتواتر ما وصلت طرقه إلى حدّ يمتنع تواطؤ رواته على الكذب، والآحاد بخلافه، فإذا وصل الحديث إلى حدّ التواتر وحصل القطع منه، فلا يبحث في السند عندئذ، ولا يلتفت إلى صحّة أو وثاقة أو حسن أو ضعف الأسانيد؛ لأنّها من أقسام الخبر الآحاد وتتدرّج حجّيته حسبها، والمتواتر قد تجاوز ذلك إلى القطع، وهو حجّة بنفسه.
2- إنّ الشيعة لا يستدلّون في العقائد إلاّ بالقطع واليقين، فإذا كان دليلهم نقلياً فيجب أن يثبت بالقطع، كالتواتر مثلاً.
3- هناك قاعدة في علم الحديث موجودة عند الشيعة والسُنّة، وهي أنّ الضعيف ينجبر ضعفه بالضعيف, فكلّما كثرت الطرق الضعيفة فسوف تجبر السند، وأنّ السند الذي يوجد فيه وضّاع أو كذّاب لا ينجبر بسند فيه وضّاع أو كذاب مثله بل يزداد ضعفاً وسقوطاً.
4- إنّ مناقشة أي مذهب أو فرقة يجب أن يكون حسب مبانيها، ومناقشة الشيعة الإمامية في حديثهم يجب أن يكون حسب مبانيهم في علمي الرجال والحديث.
ثانياً: الجواب على ما جاء في السؤال كالآتي:
1- ذكر المستشكل نفسه ثلاثة وعشرين طريقاً مختلفاً، كان في ما أحصيناه منها على عجالة: خمسة عن الإمام الباقر(عليه السلام)، وثلاثةً عن الإمام الصادق(عليه السلام)، واثنين عن أمير المؤمنين(عليه السلام)، واثنين عن أبي ذرّ(رضي الله عنه)، وواحداً عن عمّار بن ياسر(رضي الله عنه)، وخمسةً عن ابن عبّاس(رضي الله عنه)، ثلاثةً منها ترجع إلى طريق واحد، واثنين عن محمد بن الحنفية(رضي الله عنه) بطريق واحد، واثنين عن أبي رافع(رضي الله عنه) بطريق واحد، وواحداً عن ابن عامر.
وترك العديد من الطرق نقتصر على ذكر مصادر بعضها على نحو العجالة؛ لحصول الغرض منها:
- (الكافي2/513ح1 باب المباهلة).
- (الخصال/479ح36 أبواب الاثني عشر).
- (تحف العقول/458 ماروي عن الإمام الحسن بن علي بن محمد(عليه السلام)).
- (روضة الواعظين/92 مجلس في ذكر الإمامة).
- (شرح الأخبار1/228ح217 ولاية عليّ(عليه السلام)، 2/193ح529 احتجاجه(عليه السلام) في الشورى، 2/346ح697 عليّ في القرآن).
- (الاحتجاج1/66 احتجاج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم الغدير).
- (تفسير العسكري/460 قصّة عبد الله بن سلام).
- (تفسير فرات1/125 حديثان، 1/126 سورة المائدة).
- (فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة/188 الفصل الثاني والعشرون قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ... )) ).
صارفين النظر عن البحث في أسانيدها على فرض ضعفها المدّعى أو ما قد يدّعى فيها، فإنّها تكفي في إثبات التواتر وحصول القطع بسبب نزول الآية، بخصوص تصدّق أمير المؤمنين(عليه السلام) بخاتمه وهو راكع؛ إذ لو كان كلّ هذا العدد من الطرق المختلفة غير المتّحدة بجميع الطبقات لا يكفي لإثبات التواتر، فلا ندري كيف سيثبت تواتر العديد من الأحاديث التي ادُّعي لها التواتر!!
هذا بالاقتصار على طرق الشيعة الإمامية،أمّا بإضافة طرق أهل السُنّة فإنّه سيصل إلى ما فوق التواتر، ولا خصوصية لرواة مذهب معيّن في ذلك.
هذا فضلاً عن العشرات من الشواهد الداعمة لسبب النزول عن طريق بيان المعنى، نذكر بعض مصادرها على سبيل المثال لا الحصر:
- (الكافي 1/146ح11 باب النوادر، 1/187ح7، 1/189ح16 باب فرض طاعة الأئمّة(عليهم السلام)، 1/289ح4 باب ما نصّ الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة(عليهم السلام) واحداً فواحداً، 1/427ح77 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية).
- (دعائم الإسلام1/14 ذكر ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، 12/20 ذكر ولاية الأئمّة).
- (أمالي الصدوق/624ح843 المجلس التاسع والسبعون).
- (كمال الدين/336ح9 الباب الثالث والثلاثون).
- (كتاب سليم/198 أمير المؤمنين يقيم الحجّة على المسلمين في عصر عثمان، و296 رسائل بين أمير المؤمنين(عليه السلام) ومعاوية اثناء حرب صفّين).
- (شرح الأخبار1/104 قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من كنت مولاه فعليّ مولاه)، 219ح199، 238ح245 ولاية عليّ(عليه السلام)).
- (الاختصاص /277).
- (أمالي الطوسي/355ح738).
- (تفسير العيّاشي1/327 قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ... )) ).
وتركنا الأكثر.
فبعد هذا لا يردّ التواتر إلاّ معاند!!
2- وبغضّ النظر عن التواتر الثابت الحاصل ممّا ذكرنا في النقطة السابقة، فإنّ هذا المستشكل ادّعى ضعف جميع الطرق التي ذكرها، ونفترض أنّه سيدّعي ضعف الطرق التي أوردناها ولم يذكرها, فأين هو من قاعدة أنّ الضعيف ينجبر بالضعيف على ما لهذه الطرق المفروض ضعفها من كثرة، فعددها الذي يفوق عدّة عشرات ألا يكفي في جبران الضعف وليس فيها كذّاب أو وضّاع؟! بل حتى لو كان ادُّعي الكذب على بعض الرواة فإنّ الضعف المدّعى في الأغلب سوف يجبر بعضها بعضاً.
3- إنّنا سنغضّ الطرف عن المناقشة في تفاصيل ما ذكره من الجرح والتعديل في رجال أسانيد الروايات التي ذكرها؛ لأنّه لا كثير فائدة في البحث فيهم إذا كان أحدهم غير مؤثّر في الحكم على كلّ السند، مع وجود راو ٍ واحد ضعيف أو مهمل أو مجهول، فيدخل السند كلّه في قسم الضعيف، ولكن سنناقشه في الأسانيد التي يدور الكلام فيها على راوٍ أو راويين، يكون الحكم عليه أو عليهما مؤثّراً في صحّة السند أو وثاقته أو حُسنه.
وسيكون الكلام هنا تنزّلاً مع المستشكل على مبناه من جعل الخبر الواحد حجّة في العقائد، وإلاّ فقد ذكرنا سابقاً أنّ هذا غير معتمد عند الإمامية..
فقد ذكر تحت رقم (الرواية السادسة) رواية علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره، عن أبيه، عن صفوان، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)، و رجال السند كلّهم ثقات؛ فأبو حمزة الثمالي: صفي عليّ(عليه السلام)، وأبان بن عثمان: من المجمع على الأخذ عنه، وصفوان بن يحيى: ثقة ثقة، وإبراهيم بن هاشم القمّي المعروف: ناشر حديث الكوفيين بقم، لا يشك أحد بوثاقته، وإن لم ينصّوا عليها، وابنه علي بن إبراهيم: ثقة، صاحب التفسير.
فلمّا لم يجد مطعناً في أحد، تشبّث بالقشّة! وبدأ بمناقشة علمائنا في الرجال في توثيقهم لإبراهيم بن هاشم القمّي، وأنّه لم يُذكر له توثيق، مع أنّ المفروض أن تكون المناقشة في المباني الرجالية لدى الشيعة الإمامية، وإبراهيم بن هاشم متفّق على توثيقه.
بل نصّ علماؤنا على أنّه أعلى شأناً من التوثيق:
قال السيّد ابن طاووس في سند فيه إبراهيم بن هاشم، رواه الصدوق: (ورواة الحديث ثقات بالاتّفاق)(1)؛ فالسيّد أوّلاً وثّق إبراهيم بن هاشم الواقع في السند, ثمّ أنّه نسب ذلك لاتّفاق العلماء؛ فلاحظ!
وذكره ابن داود الحلّي في القسم الأوّل من كتابه الخاص بالممدوحين ومن لم يضعفهم الأصحاب(2).
وقال العلاّمة في حقّه: ((ولم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه، ولا على تعديله بالتنصيص، والروايات عنه كثيرة، والأرجح قبول قوله))(3).
وقال أبو علي الحائري: ((وإنّما قيّد بالتنصيص - أي العلاّمة في الخلاصة - لأنّ ظاهر الأصحاب تلقّيهم روايته بالقبول، كما ينبه عليه قولهم: أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيين بقم)).
وقال أيضاً: ((إنّ العلاّمة (ره) صحّح جملة من طرق الصدوق هو فيها، كطريقه إلى: عامر بن نعيم، وكردويه، وياسر الخادم، وكثيراً ما يعدّ أخباره في الصحاح، كما في (المختلف)، بل قال جدّي: جماعة من أصحابنا يعدّون أخباره من الصحاح.
ونقل المحقّق البحراني عن بعض معاصريه - والظاهر من طريقته أنّه خالي (ره) - توثيقه عن جماعته وقوّاه؛ لأنّ اعتماد جلّ أئمّة الحديث من القمّيين على حديثه لا يتأتّى مع عدم علمهم بثقته، مع أنّهم كانوا يقدحون بأدنى شيء، كما أنّهم غمزوا في أحمد بن محمد بن خالد مع ثقته وجلالته بأنّه يروي عن الضعفاء ويعتمد المجاهيل، مع أنّ ولده الثقة الجليل اعتمد في نقل الأخبار جلّها عنه، واعتمد ثقة الإسلام عليه مع قرب عهده به في أكثر أخباره.
قلت: وكذا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد ين يحيى وغيرهم من الأجلاء، وكذا كونه شيخ الإجازة، وكذا رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه وعدم استثنائه، وعن والد شيخنا البهائي (ره): إنّي لأستحي أن لا أعدّ حديثه صحيحاً))(4). ومثل هذا القول وأوسع منه ما قاله المامقاني في (تنقيح المقال)(5).
ومن ذاك ما نقله عن السيّد الداماد في (الرواشح): ((والصحيح الصريح عندي: أنّ الطريق من جهته صحيح؛ فأمره أجلّ وحاله أعظم من أن يتعدّل ويتوثّق بمعدّل وموثّق غيره، بل غيره يتعدّل ويتوثّق بتعديله وتوثيقه إيّاه، كيف؟! وأعاظم أشياخنا الفخام - كرئيس المحدّثين، والصدوق، والمفيد، وشيخ الطائفة، ونظائرهم ومن في طبقتهم ودرجتهم، ورتبتهم، ومرتبتهم، من الأقدمين والأحدثين - شأنّهم أجلّ وخطبهم أكبر من أن يظنّ بأحد منهم قد حاج إلى تنصيص ناص، وتوثيق موثّق، وهو شيخ الشيوخ، وقطب الأشياخ، ووتد الأوتاد، وسند الأسانيد، فهو أحقّ وأجدر بأن يستغني عن ذلك))(6).
إضافة إلى توثيق السيّد الخوئي إيّاه، الذي اعترف به هذا المستشكل، وغيره من علمائنا الكثير، فبعد ذلك لا فائدة في محاولة الاستماتة في ردّ كلمات علمائنا في توثيقة مع أنّ المفروض أن يكون الكلام حسب مباني الإمامية وأعلامهم في الرجال.
والعجب من هذا المستشكل! أنّه نسي أو تناسى أنّه على رغم ممّا ذكره العلماء في توثيقه، إلاّ أنّه لا اختلاف في مدحه وحسنه، ونصّهم على أنّ رواياته مقبولة معتبرة، فبعد اعتبار روايته وقبولها لا مجال لمحاولة ردّ رواية ابنه في تفسيره عنه, وهل التوثيق إلاّ من أجل هذا؟!
والأعجب من ذلك: أنّه حاول تضعيف الرجل لنقله روايات يعتقد هو بطلانها، حسب مذهبه، بعد أن لم يفهم مدلولها وفقهها الذي بيّنه علماؤنا في كتبهم!! وهذا من أعجب أساليب الجرح والتعديل، أن يعرض روايات الرجل على ما يعتقده من مذهب، فإذا لم توافقه جرح الرجل ورماه بالضعف ورواية المناكير؛ فتأمل!
وأمّا الكلام عن (تفسير القمّي) فسوف يأتي التفصيل فيه ضمن عنوان: (علم الكلام/بحث حول وثاقة رجال تفسير القمّي).
وذكر في (الرواية الحادية عشرة) رواية فرات الكوفي: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثنا محمد بن الحسين (الحسن) بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن سليمان بن طريف، عن محمد بن مسلم: أنّ سلاماً الجعفي قال لأبي جعفر(عليه السلام)... الرواية.
وحاول تضعيفها كما فعل في كلّ الروايات التي أوردها؛ إذ طعن على فرات الكوفي وتفسيره بما لم نجده في غير مقاله هذا، فقد قال: ((قد أوقفناك على قيمته وحال مؤلّفه))، وحكم على سليمان بن طريف وسلام الجعفي بالجهالة، وإسماعيل بن إبراهيم بعدم وجود ترجمة له.
وستعرف قيمة ما ذكر:
فأمّا (تفسير فرات) فهو من التفاسير الروائية القديمة، أسندت معظم رواياته إلى إلإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، أورد عنه الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل)، والمجلسي في (البحار)، والحر العاملي في (إثبات الهداة)، وذكر طرقه إليه في (خاتمة الوسائل30/159، الفائدة الرابعة).
وتوجد منه عدّة نسخ، تاريخ إحداها بين أوائل القرن التاسع إلى أوائل القرن الحادي عشر، وهي ملخّصة غير كاملة، ونسخة أُخرى استنسخت على نسخة تاريخها 1083هـ.
والمطبوع الموجود الآن، هو على نسخة في مكتبة أمير المؤمنين(عليه السلام) في النجف الأشرف، كتبت في بداية القرن الرابع عشر، راويها: أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني، عن أبي قاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العلوي الحسني أو الحسيني عن فرات(7).
وأمّا راوي التفسير فرات الكوفي؛ فقد ورد في أسانيد الصدوق، وتفسير القمّي، وفضل زيارة الحسين(عليه السلام) لابن الشجري، ونقل عنه الحاكم الحسكاني، كما ذكرنا.
ويظهر من مضمون روايته أنّه إمامي المذهب، خلافاً لما ذكره محقّق الكتاب، اعتماداً على استحسانات واهية، من أنّه زيدي المذهب.
قال عنه المجلسي: ((وتفسير فرات؛ وإن لم يتعرّض الأصحاب لمؤلّفه بمدح ولا قدح، ولكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الأحاديث المعتبرة، وحسن الضبط في نقلها، ممّا يعطي الوثوق بمؤلّفه وحسن الظنّ به))(8).
ونقل الخوانساري عن بعض المحقّقين في حواشيه على (منهج المقال)، قوله: له كتاب تفسير القرآن، وهو يروي عن الحسين بن سعيد من مشايخ الشيخ أبي الحسن علي بن بابويه، وقد روى عنه الصدوق بواسطة، ونقل في تفسيره أحاديث كثيرة في كتبه. وهذا التفسير يتضمّن ما يدلّ على حسن اعتقاده، وجودة انتقائه، ووفور علمه، وحسن حاله، ومضمونه موافق للكتب المعتمدة(9).
وقال المامقاني: إنّ أقلّ ما يفيده كونه من مشايخ علي بن بابويه، وإكثار الصدوق (ره) الرواية عنه، وكذا رواية الشيخ الحر (ره) والفاضل المجلسي (ره) عنه، هو كون الرجل في أعلى درجات الحسن، بعد استفادة كونه إمامياً من الأخبار التي رواها، والعلم عند الله تعالى(10).
وممّا نقلنا يظهر لك اعتماد علمائنا على الكتاب أوّلاً، والتصريح بحسن حال مؤلفه فرات الكوفي ثانياً.
وأمّا إسماعيل بن إبراهيم، فهو: إسماعيل (بن إسحاق) بن إبراهيم، فيكفي في حسنه أنّه أحد مشايخ فرات الكوفي؛ لما تقرّر عندهم من تحسين مشايخ المشهورين بالرواية وأصحاب الإجازة.
ومحمد بن الحسن بن أبي الخطّاب ثقة، وأحمد بن محمد بن أبي نصر ثقة، وثعلبة بن ميمون ثقة, وسليمان بن طريف عدّه الشيخ في أصحاب الصادق(عليه السلام)، وهو كافٍ في حسنه، خاصّة مع رواية الثقات عنه، كثعلبة في هذا السند، ومحمد بن مسلم ثقة، وسلام الجعفي، وهو: سلام بن المستنير الجعفي الكوفي الذي يروي عنه ابن محبوب بالواسطة، وروايته عنه ولو بالواسطة تكشف عن وثاقته، أو لا أقل عن حسنه(11)، فالرواية حسنة على أقل تقدير.
وذكر تحت (الرواية السابعة عشرة) رواية الطوسي في (أماليه) عن المفيد، وهي رواية أبي رافع المشهورة، المروية عند الخاصة والعامّة، ولها طرق عديدة؛ فقد ذكر نفسه في (الرواية التاسعة عشرة) طريقاً آخر إليها برواية النجاشي في رجاله.
فرواية الطوسي بسنده: عن عون بن عبيد الله، عن عبيد الله، عن أبي رافع، ورواية النجاشي: عن عبد الله بن عبيد الله أخو عون، عن أبيه عبيد الله، عن جدّه أبو رافع، والمستشكل لم يتكلّم عن السند إلى هنا في الروايتين وإنّما تكلّم على ما بعدهم من الرجال، ولكنّه نسي طريقاً ثالثاً ذكره ابن طاووس نقلاً عن تفسير ابن الجُحام الثقة(12)، وهذا السند يرجع إلى عون بن عبيد الله، كما في سند الطوسي، والراوي عن عون عند ابن الجُحام هو محمد بن عبيد الله عن أخيه عون، ومن محمد هذا يفترق طريق ابن أبي شيبة الذي رواه الطبراني في الكبير(13) عن طريق ابن جحام، بل مجموع الطرق عن محمد بن عبيد الله هذا أربعة: ثلاثة منها في كتب أهل السُنّة، والأوّل عند الشيعة، وهو طريق ابن الجحام، وإن يحتمل الإتّحاد في بعضها؛ لما وقع من تصحيف في الأسانيد.
وعلى كلّ، فإنّ عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري الراوي عن عون في سند الطوسي، تابعه محمد بن عبيد الله عن عون، وافترق الطريق من محمد هذا إلى أربعة طرق: مخول، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن محمد بن عبيد الله، وحصين، عن هارون بن سعيد، عن محمد بن عبيد الله، ويحيى بن الحسن بن الفرات، عن علي بن الهاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله، وإسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن يحيى بن هاشم المغاني، عن محمد بن عبيد الله, وإذا قلنا بإتّحاد الطريق الرابع والثالث لوجود التصحيف، فالطرق عن محمد بن عبيد الله ثلاثة.
وبالنتيجة فإنّ أغلب من تكلّم عليهم في هذه الطرق لهم متابعون، فضلاً عن كفاية تعدّد الطرق في استفاضة الحديث وحسنه.
إلى هنا ظهر أنّ عندنا ثلاث روايات، إحداها صحيحة، وهي: رواية علي بن إبراهيم في تفسيره، واثنتان حسنتان، وهما: رواية فرات الكوفي، والرواية المعروفة المشهورة عن أبي رافع, وهذا يكفي للتمسّك بالحديث تنزّلاً منّا على مبنى القوم، وإلاّ فإنّنا قد أشرنا إلى عدم الحاجة إلى مثل هذا التصحيح في النقطتين السابقتين، وللمستدل أن يعكس الاستدلال ويبدأ من النقطة الثالثة ثمّ ينتهي بالأولى، - أي: يترقّى من تصحيح أحد الطرق إلى إثبات التواتر-.
وممّا قدمنا؛ يظهر ما في قول المستشكل ((وبعد فهذه حال كلّ الروايات المسندة التي وقفنا عليها من كتب القوم، إلى قوله: وقد رأيت أنّه لم يصحّ منها شيء أصلاً من طرق الشيعة فضلاً عن طرق أهل السُنّة)).
فأوّلاً: أنّه لم يذكر كلّ الطرق، وقد أشرنا إلى مصادر العديد منها.
وثانياً: قد رأيت أنّه قد صحّ طريق واحد منها وحسن طريقان على الأقل، مع أنّا قد غضضنا الطرف عن مناقشته عمّا جاء من أخطاء واشتباهات في الجرح والتعديل لبقية الأسانيد؛ روماً للاختصار.
وثالثاً: إنّ الكلام في طرق الشيعة لا في طرق السُنّة، وإلاّ لذكرنا له ما يمكن تصحيحه على مبانيهم، مثل رواية ابن أبي حاتم في تفسيره(14)، والطبري في تفسيره(15)، وغيرها.
وأمّا قوله: ((رغم كلّ التهويلات التي استخدمها القوم، عند الكلام في هذا الاستدلال، من تواتر وصحّة القصّة في طرق أهل السُنّة... الخ)).
فلا ندري؛ هل الكلام في روايات أهل السُنّة وعدم صحّتها وعدم تواترها؟ فهذا ممّا لم يتحدّث عنه، وإلاّ لكان من السهل علينا إثبات تواترها عندهم، فضلاً عن صحّة بعض طرقها!
وإن كان الكلام في روايات الشيعة، فما في هذه العبارة لا علاقة له بها، أو هو من الخلط وسبق القلم.
وعلى كلّ، فقد أثبتنا تواتر الحديث عند الشيعة فقط، فضلاً عن بقية الطرق عند المذاهب الأُخرى، ولو جمعنا كلّ الطرق عند كلّ المذاهب لأصبح الحديث فوق التواتر بمراتب، وكلامنا هنا عن الطرق المستقلّة، لا عن عموم التخريج في الكتب، كما يحاول أن يوهمه هذا المستشكل.
ومن السماجة الادّعاء بأنّ كثير من علماء أهل السُنّة قد ذكروا حادثة التصدّق لبيان ضعفها، أو إيراد كلّ ما له شأن بنزول الآية! ولو كان الكلام في طرقهم لبيّنا له العدد الوفير من علمائه الذين أخرجوها مسندة، بل اعتمدوا على أسانيدها ولم يعلّقوا بشيء عليها، مع أنّ إيراد كلّ ما له شأن بالنزول مع ذكر الأسانيد كافٍ في الباب، ولعلّ ما في جملته الأخير من قوله: ((أو إيرادها بأسانيدها مبرئين الذمّة بذلك)) ما يبيّن لك حال علمائه.
وأمّا قوله: ((لكن لم يصحّ منها شيء)) فهو على عهدته، وقد بيّنا ما فيه.
وأمّا أنّ الأميني لم يناقش في الأسانيد، فلأنّ الأمر مفروغ منه عند العلماء لا يحتمل المناقشة، وإن كان بعض من ينتسب لهم يحاول تكذيب الحادثة، كأمثال ابن تيمية.
وأمّا طلبه السند الصحيح من كتبنا، فقد دللناه عليه, فهل يا ترى سيكتفي أم يبقى يلج في عناده؟!
وأمّا السند الصحيح من كتبهم، فله مكانه الخاص به.
ثالثاً: الكلام على ما استشكله في متون الروايات:
أ - إنّ ما ذكره من اختلاف واضطراب المتون ليس بشيء؛ إذ من الواضح أنّ التواتر الثابت لمجموعة من التفاصيل يغني عن الالتفات إلى الاختلاف في التفاصيل الأُخرى، فقد حصل التواتر بوقوع التصدّق من شخص الإمام عليّ(عليه السلام) في حالة الركوع، لسائل سئل في المسجد، ولم يعطه أحد شيئاً، فنزلت الآية تخبر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك، وتثبت صفة الولاية لله ولرسوله وللمتصدّق، وهذا يكفي في ردّ كلّ التخرصات، مع أنّ في التفاصيل كلاماً كثيراً مع هذا المستشكل، تركناه كرهاً للتطويل ولعدم الحاجة إليه.
ب - ما ذكره من الإشكالات على استدلال الشيعة بالآية، فهي إشكالات مكرّرة من أسلافه قد أجاب عليها علماؤنا بالتفصيل، وأجبنا عليها كلّها في هذا الباب (آية الولاية)، خاصّة الجواب الخاص بالردّ على الآلوسي؛ فليراجع!
(1) فلاح السائل: 158 الفصل التاسع عشر.
(2) رجال ابن داود: 34 (43) باب الهمزة.
(3) الخلاصة: 49 (9) باب الهمزة باب إبراهيم.
(4) منتهى المقال 1: 214 (92) باب الألف/إبراهيم.
(5) تنقيح المقال 5: 72 (621) باب إبراهيم.
(6) الرواشح السماوية: 83 الراشحة الرابعة.
(7) انظر: مقدمة تفسير فرات.
(8) بحار الأنوار 1: 37 الفصل الثاني توثيق المصادر.
(9) روضات الجنات 5: 354 (542).
(10) تنقيح المقال 2: 3 من أبواب الفاء الطبعة الحجرية.
(11) تنقيح المقال 2: 43 من أبواب السين الطبعة الحجرية.
(12) سعد السعود: 95 فصل في ما يذكره من الجزء الثالث من كتاب ابن الجحام.
(13) المعجم الكبير 1: 320 (955) عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه.
(14) تفسير ابن أبي حاتم 4: 1161(6549)(6551) قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ... )).
(15) تفسير الطبري 6: 390 قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ... )).
يتبع
|
|
|
|
|