عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2013 الساعة : 02:53 PM




بسم الله الرحمن الرحيم

لقد ارتفعت ولا تزال راية الجدل بين المذاهب الاسلامية في شأن زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله - فاختلفوا الى ثلاثة آراء رئيسية:
الاول: أضفى عليهن مسحة من العصمة متابعة لبعض النصوص ، كقول الله : "النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم" (الاحزاب / 6)، و كونهن مشمولات باية التطهير واخبار وردت، ولأنهن زوجات افضل خلق الله - صلى الله عليه وآله - الذي لا يعقلان يختار لنفسه من الزوجات الا خير النساء، وقد دعمت هذا الرأي اعتبارات مذهبية اخرى.
الثاني: وتطرف فريق الى حد الطعن فيهن لدوافع مصلحية او مذهبية، كالمنافقين الذين نالوا بالإفـك والبهتان من بعض زوجات الرسول - صلى الله عليه و آله - .
الثالث: وبين هذا وذلك اخذ فريق سبيلا وسطا، فلا تبرير للأخطاء، ولا تضخيم لها: ولكي يصل الباحث الى الرأي الموضوعي لابد ان يدرس أمرين اساسيين:
احدهما: تاريخ زوجات الرسول - صلى الله عليه وآله - دراسة موضوعية، والآخر: موقف القرآن عبر دراسة شاملة لكل ما أوردته آياته في الموضوع، ولكن بما ان في التاريخ اختلافا وتزويرا فان القرآن يبقى هو الميزان الثابت والفرقان الاعظم وبالخصوص في القضايا الحساسة كالموقف من زوجات سيد الرسل - صلى الله عليه و آله - ، فما هو موقف القرآن؟
لقد سجلت الآيات القرآنية موقف الرسالة الالهية في هذه القضية، ويكفينا ان نعرض هنا ما جاءت به سورة التحريم التي يبدو انها تحدثنا فيما تحدثنا عن هذا الموضوع كخط عام لاياتها.
1 - ففي البداية تبين ان الرسول - صلى الله عليه وآله - كان يتعرض للضغط من قبل بعـض ازواجه ، حتى يضطر في بعض الاحيان ان يحرم على نفسه ما احله الله له، فيضيق عليها طمعا في مرضاتهن (الايات 1 / 2)، وهاتان الآيتان تعريض ببعض زوجات الرسول وليس به- صلى الله عليه وآله - .
2 - ان اثنتين منهن خانتا النبي بإفشاء بعض ما أفضى اليهما من الاسرار (الاية 3).
3 - انهن او بعضهن كمن يملن عن الحق في بعض الاحيان (تصغي قلوبهن) ويمكن ان يتبن عن ذلك الى الله، كما يمكن ان يتمادين في الميل الى حد المظاهرة ضد - الرسول - صلى الله عليه وآله - ، وبالتالي الوقوف ضد جبهة الحق التي مثلها الله، وأمين وحيه (جبرئيل)، وخيرة المؤمنين، والملائكة الذين ينصرون النبي (الاية 4).
4 - ان نساء النبي لسن أفضل النساء على الاطلاق، فهو لو طلقهن فقد يجد خيرا منهن بين الناس ممن جمعت فيهن بصورة أفضل صفات الخير والفضيلة كالاسلام والايمان والقنوت والتوبة والعبادة والسياحة، (الاية 5).
5 - ويفصل القرآن بين الزوج وزوجته في التقييم، لان قيمة كل انسان ما يحسنه هو لا ما يحسنه الآخرون مهما كانت الرابطة بينه وبينهم قريبة وحميمة، كما ان مقياس القبح هو ما يقوم به الفرد من السيئات لا ما يقوم به الاخرون مهما قربوا منه، اذن فالتقييم الموضوعي الدقيق لأي أحد بتقييمه كفرد منقطع عن اي أحد، وهذا ما يجعل زوجتي نوح ولوط مثلا للكفار فتدخلان النار لا فرق بينهما وبين سائر الناس عند الله من جهة، ومن جهة أخرى نفس هذه الحقيقة هي التي تجعل آسية بنت مزاحم زوجة فرعون الذي ادعى الربوبية مثلا للمؤمنين عبر التاريخ، وكذلك مريم التي احصنت فرجها وصدقت بكلمات الله وكتبه وقنتت له مع القانتين (الايات 10، 11، 12).
6 - وهكذا كانت سورة التحريم تدور حول علاقة الزوج بزوجته حيث ينبغي ان تكون وفق المقاييس الالهية، فلا يجوز لاحد ان يقيم الزوجة على اساس زوجها سلبا او ايجابا، فقد كانتا زوجتا لوط ونوح خائنتين وكانت آسية صالحة .. ولا يجوز للمرأة انى كانت ان تنشر أسرار البيت خارجه.
وهكذا تتواصل آيات سورة التحريم لتكمل بصائر آيات سورة الطلاق في مراعاة التقوى في سائر ابعاد الحياة الزوجية.
....
[3] ويكشف لنا الوحي بعد الكلام عن حادث التحريم الذي جاء نتيجة ضغوط بعض ازواج النبي عن صورة اخرى سلبية من تعاملهن معه - صلى الله عليه وآله - حيث يفشين اسراره الى الاخرين. الامر الذي ينطوي على خيانتين: خيانة له كزوج فالزوجة المخلصة يجب ان تكون مستودع سر زوجها ولا يليق بها اشاعته لاحد مهما كان قرابته ومكانته، وخيانة له كنبي وقائد للامة.
[واذ أسر النبي الى بعض أزواجه حديثا]
قيل انه تحريم مارية على نفسه، وقيل انه تحدث عن التيارات السياسية والاجتماعية التي كانت في الامة، وعن مستقبل السلطة السياسية فيها، وهو الاقرب والأهم، لان تحريم مارية لم يكن في الخفاء، ولا يحتاج الكلام عن افشاء هكذا حديث الى التأكيد على مظاهرة الله والملائكة وصالح المؤمنين للنبي. وفي مجمع البيان قال العلامة الطبرسي (رض) : ولما حرم مارية القبطية اخبر حفصة انه يملك من بعده ابو بكر وعمر(مجمع البيان / ج 10 عند الاية).
[فلما نبأت به]
قيل ان كلا من حفصة وعائشة اخبرتا ابواهما بالامر، اما بسبب العلاقات العاطفية المتينة بين البنت وابيها، او لحب التظاهر بالحضوة عند الرسول، وهذان من اوسع الابواب التي تخرج منها اسرار الانسان الى الآخرين. واذا كان الانباء باسرار النبي يتم بعيدا عن سمعه ونظره فانه لن يكون بعيدا عن رقابة الله الذي اخبر رسوله بالأمر.
[وأظهره الله عليه]
اي كشف له ان هذه الزوجة لم تصن سره.
....
[فلما نبأها به قالت من انبأك هذا]
ولعلها حينئذ كانت مرتابة في ان من اطلعته على السر هو الذي اخبر النبي - صلى الله عليه وآله - وغاب عن بالها وايمانها انه متصل بالوحي ومؤيد من عند الله سبحانه، فاجابها - صلى الله عليه وآله - :
[قال نبأني العليم الخبير]
الذي يحيط بكل شيء. وموقف الرسول - صلى الله عليه وآله - تجاه زوجته التي اذاعت سره ينبغي ان يدرسه كل زوج قائد، ويتخذه منهجا في امثال تلك المواقف وظروفها.
[4] ويؤكد القرآن ان ما حدث من اثنتين من نسائه كان زيغا عن الحق وميلا الى الباطل، وانه بالتالي يحتاج الى الاصلاح والتوبة.
[ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما]
اي انكما تحتاجان الى غسل دون الانحراف، واصلاح الخطأ بالتوبة الى الله والاعتذار من الرسول - صلى الله عليه وآله - لان قلوبكما قد صغت اي مالت، واصغى سمعه لفلان اي مال به الى كلامه. وتأكيد الله على انحراف القلب يبين ان ما حدث لم يكن خطأ عابرا، انما هو انحراف له جذور تمتد الى اعماق القلب، بلى. ان كشف اسرار النبي ليس الا علامة على انحراف داخلي في الجذور، وهكذا الكثير من مواقف وسلوكيات الانسان الخاطئة. انها مرة تكون سطحية واخرى جذرية.
ويحذر الله الاثنتين من انهما لو رفضتا التوبة وتماديا في التظاهر ضد الرسول - صلى الله عليه وآله - فان العاقبة ستكون للخط الرسالي السليم لانه مدعوم بقوة لا تقهر.
....
[والملائكة بعد ذلك ظهير]
قال ابن عباس: سألت عمر بن الخطاب عن اللتان تظاهرتا على رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟ فقال: حفصة وعائشة. اورده البخاري في الصحيح (مجمع البيان / ج 10 عند الاية).
....
[10] وبمناسبة الحديث عن زوجات الرسول الذي يحدد لنا سياق هذه السورة الموقف السليم منهن تأتي الآيات الثلاث الاخيرة لتؤكد على حقيقة هامة يجب الالتفات اليها في تقييم الناس، وهي ان قيمة كل انسان باعماله ومواقفه هو صالحة او فاسدة، بغض النظر عمن حوله ومن ينتمي اليه. اذن لا يصح ان نفسر التاريخ والقران والمواقف تفسيرا تبريريا توفيقيا عند الحديث عن اخطاء اقرباء الانبياء نسبا او صحابة او زواجا لان ذلك يجعلنا في غموض، فقد يكون اقرب الناس الى نبي من الانبياء مثلا للكفار كزوجتي نوح ولوط - عليهما السلام - ، بينما يصبح اقرب الناس الى بؤر الانحراف امثال فرعون والبيئات الفاسدة مثلا للمؤمنين كآسية بنت مزاحم ومريم ابنة عمران، دون ان يكون في ذلك اساءة الى الانبياء والصالحين ولا احسان الى المنحرفين الذين ينتمي اليهم كلا المثلين.
[ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا]
لان الشفيع الحقيقي للانسان عمله الصالح لا القرابات ولو كانت من الانبياء والاولياء، واعمالهما كانت سيئة لما انطوت عليه من خيانة لزوجيهما باذاعة السر والتظاهر لجبهة الكفر (1) وخيانة للرسالة والقيم التي جاءا بهما، فما نفعتهما القرابات وما بقي لهما شيء يتميزان به عن الناس، فالقرابة وحدها ليست ذات قيمة عند الله انما العمل، بل ان انتماء الانسان الى اي شخص او أية جبهة لا يقاس بالحسابات المادية كالمسافة والنسب انما بنوع العمل، وانتماء هاتين الزوجتين كان الى جبهة الكفار في الدنيا واهل النار في الاخرة لتجانس الاعمال لذلك لم يغني عنهما نوح ولوط شيئا.

(1) في المجمع ج 10 قال ابن عباس: كانت امراة نوح كافرة تقول للناس انه مجنون، واذا آمن بنوح احد اخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وكانت امراة لوط تدل على اضيافه.

[وقيل ادخلا النار مع الداخلين]
وقد اعتبر الله هاتين المرءاتين مثلا للذين كفروا لانهما كان يفترض ان تكونا قمة في الايمان حيث كانت تحت عبدين صالحين من الانبياء، الا انهما اختارتا الكفر بدل الايمان رغم الظروف المساعدة، وهذا المثل يهدينا الى ان سعي المؤمنين لوقاية اهليهم من النار ليس بالضرورة ان يؤدي الى نتيجة ايجابية، وانه من الخطا تقييم احد كالانبياء من خلال زوجاتهم ومن حولهم، انما التقييم السليم يكون عبر اعمالهم ورسالتهم.
ولنا في الاية وقفة عند كلمة الخيانة فهي - كما اعتقد - خيانة بالمقياس الرسالي اي خيانة لحركة الرسول ومبادئه، وليس كما قد يتقول البعض لما فيه من عقد جنسية او لاعتماده على الاسرائيليات بانها خيانة جنسية، كلا .. انها خيانة في رسالة النبي بدليلين:
الاول: بدلالة السياق، فقد وقع الحديث عن الخيانة في سياق الحديث عن افشاء السر من قبل زوجات النبي، وحينما تكلم عن زوجتي نوح ولوط ضربهما مثلا للجبهة المضادة للحق "الذين كفروا"، ولو كانت الخيانة جنسية لضربهم مثلا للذين فسدوا او مثلا للزناة.
الثاني: لان تفسير الخيانة هنا بالخيانة الزوجية ليس يمس زوجات الانبياء وحسب بل يمس الانبياء انفسهم ويصور بيوتهم محلا للفاحشة والدعارة، حاشا الانبياء - عليهم السلام - (وهذا ما سعى اليه الكاتب الضال سلمان رشدي في احد فصول كتابه: (الايات الشيطانية).

[11 - 12] ويضرب الله مثلا معاكسا للذين امنوا، احدهما من بيت فرعون الطاغية، والاخر من بيئة بني اسرائيل المنحرفة مريم بنت عمران.
....
وهذه الايات الثلاث تهدينا الى حقيقة رئيسية هي ان الانسان قادر على الاستقلال بارادته وقراره وعمله مهما كانت الظروف مساعدة او معاكسة لما يختاره لنفسه، فالكفر والايمان يبدآن من داخل الانسان وليس من الظروف والعوامل المحيطة، وبالتالي يمكن القول ان هذه الآيات بما ضربته من الامثال تنسف الفلسفات الضالة القائمة على اساس الايمان بالحتميات اقتصادية او اجتماعية او وراثية او .. او .. فيما يتصل بقرار الايمان والكفر في حياة الانسان، فهذه اسية بنت مزاحم ومريم ابنة عمران تحديتا الظروف والضغوط وامنتا بالله، بينما كفرت زوجة نوح ولوط رغم العوامل الايجابية والمساعدة على الايمان، واذا كانت هذه البصيرة صادقة في المراة فان صدقها بالنسبة الى الرجل اوضح واجلى اليست المراة ضعيفة امام الرجل؟


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس