بسم الله الرحمن الرحيم
2- قلوا في خروجه مفسدة وقد غرر به ع
اعتبر هؤلاء ان في خروج الحسين(ع)مفسدة وان اهل الكوفة غرروا به وصوروا الامر وكأنه خارج الى الملك فلم يصل الى مراده(ع).
ولو كان القائل لهذا القول انسان عادي غير مطلع فلا غرابة ولكن ان يتفوه به من مثل مفتي السعودية عبد العزيز الشيخ فهنا يكون العجب والاستغراب كون هذا الشيخ مطلع على كتب علمائه وفيها ما يظهر الحقيقة ونحن نذكر هنا ما يبين بطلان هذا القول وكون الخروج ليس فيه مفسدة:
ذكرنا في البحث كون الحسين(ع) عالما بمصرعه وبهذا يبطل قول القائل بكون الامام اراد الملك وذكرنا ان الله اذهب عنه الرجس والفساد وطهره تطهيرا وبهذا يتضح ان خروجه ليس فيه مفسدة.
وذكرنا النصوص الشرعية التي اوجبت على الامام الخروج وفي ذلك كفاية لاولي الالباب ونضيف هنا ايضا:
ان الجهاد يعني الايثار وتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة , فالشهيد يقدم نفسه وماله فيقتل وينفق المال ولكن هذا لا يعتبر مفسدة بل مدحه الله ايما مدح وذلك كون هذا الجود في المال والنفس فيه مصالح كبيرة للمجتمع , وللشهيد ايضا بدخوله الجنان.
فإذا كان قصدهم بالمفسدة كون الحسين(ع) استشهد وسبيت عياله فهذا مردود كونه سقى شجرة شريعة جده بدمه فأحياها من ان تكون هشيما تذرها الرياح على يد الاغيلمة الذين اخبر عنهم النبي(ص) , ثم الم نرى انبياء الله يقتلون في احياء شريعتهم فهل في ذلك مفسدة خذ يحيى(ع) مثلا فهو قتل بسبب مسألة شرعية فهل نقول انه اخطأ وما نتج من عمله مفسدة وليس مصلحة؟.
واذا كان القصد من المفسدة كونه ازعج الدولة الظالمة فهو مردود بالنصوص التي مرت بوجوب مناهضة الطغاة.
واذا كانت المفسدة كون الحسين(ع) لم يبلغ مراده ولم يحقق شيئا كما يصورون فهذه نظرة قاصرة, كونها ناظرة الى النصر العسكري فقط, ونحن قلنا ان الحسين(ع) يعلم باستشهاده فلم يخرج الى النصر الآني ولكن النصر الذي حققه على مدى الاجيال المتعاقبة لشريعة جده(ص) وهو القائل (وانى لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ( ص ) ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ..)
راجع معالم المدرستين.
فهو يعلم باستشهاده ويعتبر خروجه صلاح وهذا منه(ع) ردا على من قال بفساد الخروج وهو على اقل تقدير صحابي تربى بحجر اقضى الامة علي بن ابي طالب(ع)
ومن النتائج الاصلاحية التي حققها الامام بشهادته:
احياء ارادة الامة التي اماتها بني امية فقد استسلمت الامة للظلم والاستبداد واصبحت امة منقادة لحكامها يعملون فيها بما ارادوا خلاف الموازين الشرعية وبذلك تهديد لاصل الرسالة ومحو لمعالمها التي جاهد من اجلها النبي(ص) واصحابة وضحوا من اجل ارسائها في الغالي والنفيس, فالحسين(ع) بدمه الطاهر حرك ارادة الامة ولذا نرى الثورات الاصلاحية كثرت بعد خروج الامام(ع) حتى سقطت دولة بني امية .
فكان الحسين(ع) مصداق لقول الله تعالى: (..ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا..)
ثم ان منزلة الحسين (ع) الدينية والاجتماعية اوجبت عليه الخروج فهو ابن بنت النبي(ص) وابن خليفته(ص) وسيد شباب اهل الجنة فاذا كان مثل يزيد الفاسق حاكما ومثل الحسين(ص) راض بهذا ومنقاد اليه لكانت حجة على الامة بعدم شرعية الخروج على الطغاة مهما بلغ من الطغيان وتغيير الشريعة وبهذا يكون سببا لمحو الشريعة اما بخروجه وخروج نسائه للسبي فكان علما يقتدى به للتضحية في كل شيئ, للدفاع عن بيضة الاسلام