بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
في ذكرى ولادتك سيدنا يارسول الله صلى الله عليه وآلك ماعسى القلم أن يسطر وقد تبعثرت حروفه
نور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في والده ووالدته :
كِتَابُ هَوَاتِفِ الْجِنَانِ وَعَجِيبِ مَا يُحْكَى عَنِ الْكُهَّانِ مِمَّا يُبَشِّرُ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَيَدُلُّ مِنْهُ بِوَاضِحِ الْبُرْهَانِ تَأْلِيفُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ السَّامَرِّيِّ , عُرِفَ بِالْخَرَائِطِيِّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ. :
(حديث موقوف) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ ، قَالَ : ثَنَا ابْنُ جُرَيْحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابن عباس، قَالَ : لَمَّا انْطَلَقَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ ، مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ مُتَهَوِّدَةٍ ، قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ ، يُقَالَ لَهَا : فَاطِمَةُ ابْنَةُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّةُ ،
فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الآنَ وَأُعْطِيكَ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهُ وَالْحِلُّ لا حِلَّ فَأَسْتَبْيِنُهُ فَكَيْفَ بِالأَمْرِ الَّذِي تَبْغِينَهُ . ثُمَّ مَضَى مَعَ أَبِيهِ ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ ابْنَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا ، ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْكَاهِنَةُ ، فَأَتَاهَا ، فَقَالَتْ : يَا فَتَى مَا صَنَعْتَ بَعْدِي ، فَأَخْبَرَهَا ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رَيْبَةٍ وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ , وَأَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ فَاطِمَةُ تَقُولُ : إِنِّي رَأَيْتُ مُخَيَّلَةً لَمَعَتْ فَتَلأْلأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ فَلَمَأْتِهَا نُورٌ يُضِئُ لَهُ مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ وَرَجَوْتُهَا فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ مَا كُلُّ قَادِحٍ زَنْدُهُ يُورِي للَّهِ مَا زُهْرِيَّةٌ سَلَبَتْ ثَوْبَيْكَ مَا اسْتَلَبْتَ وَمَا تَدْرِي وَقَالَتْ فَاطِمَةُ أَيْضًا : بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أَخِيكُمْ أَمِينَةُ إِذْ لِلْبَاهِ يَعْتَرِكَانِ كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحُ عِنْدَ خُمُودِهِ فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ وَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ تِلادِهِ بِحَزْمٍ وَلا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِي فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجَانِ سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعَلَّةٌ وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ وَلَمَّا حَوَتْ مِنْهُ أَمِينَةُ مَا حَوَتْ حَوَتْ مِنْهُ فَخْرًا مَا لِذَلِكَ ثَانِي .
- إنِّي عندَ اللَّهِ لمَكتوبٌ خاتمِ النَّبيِّينَ وإنَّ آدمَ لمنجَدلٌ في طينتِهِ سأنبئِّكُم بأوَّلِ أمري دعوةُ أبي إبراهيمَ وبُشرى عيسى ورُؤيا أمِّيَ
رأَت حينَ ولدَتني كأنها خرجَ منها نورٌ أضاءَتْ لَه قصورُ الشَّامِ
الراوي: العرباض بن سارية المحدث: ابن تيمية - المصدر: الرد على البكري - الصفحة أو الرقم: 61 خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
وجاء في دلائل النبوة للبيهقي/الْمَدْخَلُ إِلَى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَمَعْرِفَةِ .../ جُمَّاعُ أَبْوَابِ غَزْوَةِ تَبُوكَ/
بَابُ : مَا جَاءَ فِي تَحَدُّثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى ...
رقم الحديث: 2240
(حديث قدسي) أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِيمَاءَ الْمُقْرِئُ ، قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجًّا ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي السِّجْزِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ خَيَّرَ لآدَمَ بَنِيهِ ، فَجَعَلَ يَرَى فَضَائِلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ، قَالَ :
فَرَآنِي نُورًا سَاطِعًا فِي أَسْفَلِهِمْ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ! مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا ابْنُكَ أَحْمَدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الأَوَّلُ وَالآخَرُ وَهُوَ أَوَّلُ شَافِعٍ " .
الحكم المبدئي: إسناده حسن رجاله ثقات عدا الخليل بن أحمد القاضي وهو صدوق حسن الحديث، ومبارك بن فضالة القرشي وهو صدوق يدلس ويسوي
أقول : مبارك هنا صرح بالتحديث يعني لامشكله في حديثه ، قال يحيى :ولم أقبل منه شيئا إلا شيئا يقول فيه حدثنا ، وقال الإمام العجلي: لا بأس به ، وقال أبو زرعة الرازي :يدلس كثيرا فإذا قال حدثنا فهو ثقة ،وقد روى له البخاري تعليقآ
وقد نقل السبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص عن الإمام أحمد التالي :
قال أحمد في الفضائل: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
كنت أنا وعلي بن أبي طالب نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق آدم قسم ذلك النور جزئين: فجزء أنا وجزء علي.
وقال تعليقآ عليه :
فإن قيل: قد ضعفوا هذا الحديث. فالجواب: إن الحديث الذي ضعفوه غير هذه الألفاظ وغير هذا الاسناد، أما اللفظ: خلقت أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من طينة واحدة. وفي رواية: خلقت أنا وعلي من نور كنا عن يمين العرش قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، فجعلنا ننقلب في أصلاب الرجال إلى عبد المطلب. وأما الاسناد فقالوا: في إسناده محمد بن خلف المروزي وكان مغفلا، وفيه أيضا جعفر بن أحمد بن بيان وكان شيعيا. والحديث الذي رويته يخالف هذا اللفظ والإسناد، لأن رجاله ثقات. فإن قيل: فعبد الرزاق كان يتشيع. قلنا: هو أكبر شيوخ أحمد بن حنبل، ومشى إلى صنعاء من بغداد حتى سمع منه وقال: ما رأيت مثل عبد الرزاق، ولو كان فيه بدعة لما روى عنه، وما زال إلى أن مات يروي عنه، ومعظم الأحاديث التي في المسند رواها من طريقه، وقد أخرج عنه في الصحيحين (1).
- الكرامات التي حدثت لوالدته الطاهره المسلمه المحدثه من الملائكه :
- كان من دلالات حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
كل دابة كانت لقريش نطقت تلك الليلة وقالت : حمل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة ، وهو أمان الدنيا وسراج أهلها ، ولم تبق كاهنة في قريش ولا في قبيلة من قبائل العرب إلا حجبت عن صاحبتها وانتزع علم الكهنة منها ، ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا والملك مخرسا لا ينطق يومه ذلك ، ومرت وحش المشرق إلى وحش المغرب بالبشارات وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضا له في كل شهر من شهوره نداء في الأرض ونداء في السماء أن أبشروا فقد آن لأبي القاسم أن يخرج إلى الأرض ميمونا مباركا ، قال : وبقي في بطن أمه تسعة أشهر كملا لا تشكو وجعا ولا ريحا ولا مغصا ولا ما يعرض للنساء ذوات الحمل ، وهلك أبوه عبد الله وهو في بطن أمه فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا بقي نبيك هذا يتيما ، فقال الله : أنا له ولي وحافظ ونصير ، وتبركوا بمولده فمولده ميمون مبارك ، وفتح الله لمولده أبواب السماء وجنانه فكانت آمنة تحدث عن نفسها وتقول : أتاني آت حين مر بي من حمله ستة أشهر فوكزني برجله في المنام وقال لي : يا آمنة إنك قد حملت بخير العالمين طرا فإذا ولدتيه فسميه محمدا ، فكانت تحدث عن نفاسها وتقول : لقد أخذني ما يأخذ النساء ولم يعلم بي أحد من القوم فسمعت وجبة شديدة وأمرا عظيما فهالني ذلك فرأيت كأن جناح طير أبيض قد مسح على فؤادي فذهب عني كل رعب وكل وجع كنت أجد ، ثم التفت فإذا أنا بشربة بيضاء لبنا وكنت عطشى فتناولتها فشربتها فأضاء مني نور عال ثم رأيت نسوة كالنخل الطوال كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي ، فبينا أنا أعجب وإذا بديباج أبيض قد مد بين السماء والأرض وإذا بقائل يقول : خذوه من أعين الناس ، قالت : ورأيت رجالا قد وقفوا في الهواء بأيدهم أباريق فضة ورأيت قطعة من الطير قد أقبلت حتى غطت حجري ، مناقيرها من الزمرد وأجنحتها من اليواقيت ، فكشف الله عن بصري وأبصرت تلك الساعة مشارق الأرض ومغاربها ورأيت ثلاثة أعلام مضروبات علما في المشرق وعلما في المغرب وعلما على ظهر الكعبة فأخذني المخاض فولدت محمدا صلى الله عليه وسلم ، فلما خرج من بطني نظرت إليه فإذا أنا به ساجد ا قد رفع أصبعيه كالمتضرع المبتهل ، ثم رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء حتى غشيته فغيب عن وجهي وسمعت مناديا ينادي : طوفوا بمحمد شرق الأرض وغربها وأدخلوه البحار ليعرفوه باسمه ونعته وصورته ويعلمون أنه سمي فيها الماحي لا يبقى شيء من الشرك إلا محي في زمنه ثم تجلت عنه في السرع وقت فإذا أنا به مدرج في ثوب صوف أبيض وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب وإذا قائل يقول : قبض محمد على مفاتيح النصرة ومفاتيح الريح ومفاتيح النبوة ثم أقبلت سحابة أخرى يسمع منها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة حتى غشيته فغيب عن عيني ، فسمعت مناديا ينادي طوفوا بمحمد الشرق والغرب وعلى مواليد النبيين واعرضوه على كل روحاني من الجن والإنس والطير والسباع وأعطوه صفاء آدم ورقة نوح وخلة إبراهيم ولسان إسماعيل وبشرى يعقوب وجمال يوسف وصوت داود وصبر أيوب وزهد يحيى وكرم عيسى واعمروه في أخلاق الأنبياء ، ثم تجلت عنه فإذا أنا به قد قبض على حريرة خضراء مطوية وإذا قائل يقول : بخ بخ قبض محمد صلى الله عليه وسلم على الدنيا كلها لم يبق خلق من أهلها إلا دخل في قبضته ، وإذا أنا بثلاثة نفر في يد أحدهم إبريق من فضة وفي يد الثاني طست من زمرد أخضر وفي يد الثالث حريرة بيضاء فنشرها فأخرج منها خاتما تحار أبصار الناظرين دونه فغسله من ذلك الإبريق سبع مرات ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ولفه في الحريرة ثم حمله فأدخله بين أجنحته ساعة ثم رده إلي
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: السيوطي - المصدر: الخصائص الكبرى - الصفحة أو الرقم: 1/47 خلاصة حكم المحدث: هذا الحكم هو الصحيح فيترك كما هو
قال الشيخ الأزهري جمال قطب في مقالته : وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ
نوقن جميعا أن معجزة محمد هى «القرآن الكريم» تلك الرسالة الباقية والخالدة إلى أبد الدهر دون تحريف أو تصحيف، ومع بروز تلك المعجزة ودوامها حية مؤثرة، فإن الرسول لم يُحرم من معجزات أخرى كثيرة رافقته من قبل مولده وأثناء مولده، وفى طفولته وصباه حتى ختاره الله نبيا ورسولا واختصه بالمعجزة الاكبر على الإطلاق وهى «القرآن الكريم» يبقى بقاء الدهور يُتلى ولا يمل، كتاب فريد لا يرتقى لمستواه أى كتاب آخر، قال تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَرَحْمَة وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (51:العنكبوت).
(2)
وقد روت كتب التاريخ والسيرة ما سبق مولده الشريف من تكريم إلهى له، كما أكد القرآن ذلك فها هو شيخ الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو ربه أن يبعث رسولا من أهل مكة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) وها هو النبى السابق مباشرة قبله عيسى عليه السلام يبشر بقدومه من بعده (وَمُبَشِّرا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ)
وقد جعل الله رسالة محمد رحمة لجميع العالمين، تعنى: عالم الجماد وعالم الحيوان وعالم النبات وعالم البشر.. إلخ. فكان من الطبيعى أن تبتهج كل تلك العوالم لمولد الرحمة المهداة من الله لهم. فها نحن نقرأ فى تاريخ البشرية أن «إيوان كسرى» (ديوان حكم الإمبراطورية الفارسية) قد ارتج ليلة الميلاد وسقطت شرفات نوافذه وأطفأت أنواره كإشارة إلهية لقرب تزلزل تلك الإمبراطورية وزوال ملكها إلى الأبد.
(3)
كما ساقت الأقدار الإلهية معجزة مزدوجة الأثر فى ليلة الميلاد الشريف إذ كانت تلك المعجزة إنذارا للقوتين العظيمتين فى ذلك الزمان إمبراطورية الرومان بعقيدتهم المحرفة وإمبراطورية الفرس بعقيدتهم المفتراة. ومضمون تلك المعجزة أن الرومان كانوا يُعمّدون مواليدهم فى بحيرة ساوة بطبرية (فى أرض الشام)، وكان الفرس يعبدون نارا يوقدونها ليل نهار ويقوم على استمرار إشعالها جنود مخصصون لهذا العمل. فلما كانت ليلة الميلاد فوجئ الفرس بإنطفاء نارهم عنوة دون سبب ظاهر، وفى تلك اللحظة غاصت «نضبت» بحيرة ساوة بطبرية وغار ماؤها جفافا مفاجئا.. وقد عبر الإمام البوصيرى فى بردته الشهيرة ببلاغة رفيعة المستوى عن ازدواج المعجزة متصورا أن نار الفرس قد سلطت على ماء بحيرة ساوة حتى تبخر ماء البحيرة ففرغت البحيرة، ثم عاد يتصور صورة أخرى كأن بخار الماء الذى نتج عن البحيرة قد تجمع وتكثف ثم سقط فوق نار الفرس فأطفأها قائلا: كَأَنَّ بِالنَّارِ مَا بِالْمَاءِ مِنْ بَلَلٍ... حُزْنا وَبِالْمَاءِ مَا بِالنَّارِ مِنْ ضَرَمٍ. هكذا زالت معالم الشرك دُفعة واحدة احتفالا من تلك الجمادات بميلاد محرر الكون وخاتم الأنبياء والمرسليم محمد
(4)
وكانت آمنة بنت وهب أم الرسول منذ حملها لوحيدها تشعر أنه موضع رعاية إلهية خاصة، فهى لم تعانِ من آلام الحمل مثل سائر النساء، كما أن حزنها على ترملها ــ بوفاة زوجها ــ قد خفّ عن بالها وأخذت تنشغل بما تراه سواء من أطياف اليقظة أو المنام، فكثيرا ما زارها فى المنام أنبياء ورسل (عليهم السلام) يبشرونها بأنها تحمل زميلهم الخاتم، وها هى تحكى للقريبات منها ما سمعته من آدم ونوح من بشارات وهكذا حتى رأت فى غُرة ربيع الأول منْ عرفعا بنفسه قائلا «أنا عيسى المسيح جئت مُهنئا لك إذ حملت بصاحب الدين الصحيح».
(5)
ولما دنا حين الولادة وحضرت القابلة: «الشفاء أم عبدالرحمن»
رأت حولها فى حجرتها ملائكة كرام ومعهم آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران، فوضعته مختونا مدهونا مكحولا فنزل ساجدا ثم شَخص ببصره إلى السماء وأخبرت جده عبدالمطلب فأخذه وطاف به حول الكعبة فإذا به يشعر بارتجاج الأصنام وفقدها لتوازنها وسمع هاتفا يقول (جاء الحق وظهر الباطل إن الباطل كان زهوقا) فإذا كان شهر ربيع هو ربيع المناخ فإن مولده هو ربيع الأنفس والقلوب البشرية صلوات الله عليه فإذا أنشد أمير الشعراء شوقى: وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ, وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ فهو يُعبر عن حقيقة فرح الكون كله والكائنات كلها بمولد الهدى الجامع الدائم
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تذكرة خواص الأمة 46 – 47 .