|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 39419
|
الإنتساب : Jul 2009
|
المشاركات : 256
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
(...سيجعل لهم الرحمن ودّا.....)
بتاريخ : 07-05-2010 الساعة : 02:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وأل محمد وعجل فرجهم
استيقظت في الصباح وقمت بتشغيل التلفاز كالعادة بانتظار محاضرات التفسير التي
يقدّمها سماحة السيد (مرتضى القزويني) حفظه الله.
تناهى إلى سمعي لحن التلاوة المجيدة للقران الكريم، وأنا منشغلة بتهيأة الفطور وإعداده، وإذابي ألمح اسم سماحة السيد (محمد رضا الشيرازي) رحمه الله على الشريط المعروض، فشد انتباهي حيث اني كنت أتابع محاضراته القيّمة باستمرار وقد أتممت دورة منها قبل سنتين من ذلك اليوم. احتملت موعداً لإحداها قد يعرض مباشرة، رحت أترقب وأنتظر وإذا بوقع الخبر المفجع بدأ يظهر شيئاً فشيئاً (إنا لله وإنا إليه راجعون).
تذكّرت رواية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عندما يوصي بهذا الذكر عند المصيبة. يا الله، يا للمصيبة العظمى، إنهم ينعون لنا خبر وفاة سماحة السيد.
انهارت قواي تماماً، وسرت رعشة الموت في كل أطرافي ، تهالكت على الكرسي بجانبي ورحت أقرأ الخبر مرة أخرى، ثم قرأته مرة أخرى، ومرة أخرى، ...لا أعرف كم مرّة قمت بذلك، شيئاً بداخلي يرفض التصديق أبداً.
بعد ساعة تماماً لما سلّمت بالخبر أحسست بدفء الدموع وغزارتها حيث أنها كانت تنساب بكرم ودونما استئذان.
حملت سماعة الهاتف لاؤدي واجب التعازي لسماحة الوالد الذي كان صديقاً حميماً لسماحة السيد الراحل وكذا لأمّي ذلك الملاذ الوحيد في تلك اللحظات، فقد كنت بأمسّ الحاجة للمواسي، وإذا بهما يصعقا بالخبر الفجيع، ونسيت أنهما ما زالا يعايشان مرارة الظروف وصعوبة الحياة في قلب وطني الجريح، حيث انهما لم يطلعا على الخبر لانقطاع التيار الكهربائي.
غريب ذلك الشعور الذي انتابني حينها لم يكن شعوراً بالحزن بل إحساس بالخسارة الفادحة التي لا يمكن تفاديها مطلقاً.
كنت أتخيّل أول محاضرة مكرّرة أسمعها للسيد الراحل وجبل الهمّ الذي سينتابني حينها.
أما الآن بعد مرور عام من ذلك اليوم الأسود لا تزال مرارة الساعة تجول في خاطري وكأني أعيشها بلحظتها.
يقول الله عزّ وجلّ: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً}هنا يكمن السر العظيم حيث ان الكثير منا لم يلتق بسماحته إلا بواسطة، .. ولكن أبى الله عزّ وجلّ إلاّ أن يقيم حكمه بعدالة وخلوص.
لما كانت هذه الشجرة ممن آمنت بالله عزّ وجلّ وأبت إلا أن تعمل الصالحات في شتى بقاع العالم رغم العوائق الصعبة والقاهرة في بعض الأحيان، فجعل لهم الرحمن ودّاً خفيّاً ومكنوناً وباطناً في كل قلب عرفهم.
عن النبي صلى الله عليه وآله:{والذي نفسي بيده ما أنفق الناس نفقة أحبّ من قول الخير}.
لقد كان الفقيه الراحل يتميّز بسعة الاطلاع، وعمق التفكير، ودقّة الفهم، وكان كريم الأخلاق، فكان مثالاً رائعاً لهذا الحديث الشريف، حيث بذل خير ما لديه وهو الكلام الرائع الذي نشره كمحاضرات أغتنت بإضافة عناصر جديدة، وتطوير عناصر قديمة لتستمر في مواكبة ركب الحياة الحديثة في طرائق التفكير، والتعبير وفي وسائل العمل والتنفيذ بأسلوب سلس وبسيط استهدف فكر الإنسان وروحه وعقله.
كل من تطرّق لكلامه تلمّس ذلك الوهج في أعماقه، حرارة الشعور بالمسؤولية ومحاولة الارتقاء بالأمة بشتی الطرق والأساليب.
كان يقول قدّس سرّهالمستحيل غيرموجود أبداً، المستحيل هو اجتماع النقيضين وارتفاعهما فقط، وكل ما عدا ذلك فهو ممكن).
إن الموت بالنسبة لشخصية سامية كشخصية المقدّس الراحل نفحات وردة يشمّها، أو أنها كشربة ماء في صحراء قاحله، ولكن المأساة أنه (إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء) وإلا فالموت راحة لهؤلاء العظام وجليل ما كابدوه من صعاب في خشونة أرض الحياة وتلبّد غمائم الظلم في سمائها.
كان حقّاً من المصاديق العظيمة التي تنحني أمامه هامات الرجال إجلالاً وإكباراً، عالماً من الصبر والصمود والعطاء الزاخر.
هل يا تری نعايش مظاهر غضب الربّ علی هذه الأمة ليسلب منها علمائها وقادتها، ونسرح باحثين عن بديل؟!!
إلهنا بعزّتك وجلالك تجاوز عنّا واغفر ذنوبنا وارحم ضعفنا.
نعزّي صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف بحلول هذه الذكری الأليمة سائلين المولی عزّ وجلّ أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
جميل ما قاله أحد الأدباء :
قد تموت الورود ظمآی ولكن أن يموت الربيع شيء عجاب.
منقول
|
|
|
|
|