|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 05-06-2010 الساعة : 08:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد الإجزاء ويقع البحث تحت هذا العنوان عن مسائل ثلاث :
الأولى : عن إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره ، أي إجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي عن الامر الواقعي ، واجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن الامر الظاهري ، واجزاء المأمور به بالامر الاضطراري عن الامر الاضطراري .
الثانية : عن إجزاء المأمور به بالامر الاضطراري عن الامر الواقعي .
الثالثة : عن إجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن الامر الواقعي ، وحتى تتضح معالم البحث لابد من بيان امور :
الأمر الأول : انَّ المراد من عنوان الإجزاء هو معناه اللغوي ، وهو الكفاية والإغناء فحينما يقال أجزأ فعل عن آخر فهو يعني انَّه أغنى عنه ، غايته انَّ ما يُجزي عنه الفعل يختلف تبعاً للدليل، فقد يُجزي الفعل عن الإعادة والقضاء كمن صلَّى جهراً في موضع الاخفاة ، فإنَّ صلاته تُجزي عن الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه، وقد يُجزي الفعل عن القضاء دون الإعادة ، كمن صلَّى في السفر تماماً ناسياً ، فإن صلاته تُجزي عن القضاء لو تذكر خارج الوقت دون الإعادة لو تذكر في الوقت ، وقد يُطلق الإجزاء ويُراد منه كفاية المأتي عن غير المأتي به ، كإجزاء ذبح الهدي عن العقيقة واجزاء الاطعام عن العتق في بعض الموارد .
والمتحصل ان المراد من الإجزاء في استعمالات الفقهاء هو عينه المراد منه عند اللغويين .
الأمر الثاني : انَّ بحث الإجزاء من المسائل العقلية وليس من مباحث الالفاظ ، وذلك يتضح بملاحظة الجهة المتصدية للإجابة عن ثبوت الإجزاء أو عدم ثبوته ، فإن كانت الجهة المتصدية لذلك هي الدلالة اللفظية فالمسألة من مباحث الالفاظ ، وان كانت الجهة المتصدية لذلك هي مدركات العقل فالبحث يكون معها عقلياً ، وواضح بهذه الضابطة ان مبحث الإجزاء من المباحث العقلية ، إذ انَّ الذي يُحدِّد إجزاء الاتيان بالمأمور به عن أمره أو عدم إجزائه انَّما هو العقل ، وأما صيغة الأمر مثلا أو مادته فليست لها دلالة على أكثر من بعث المكلف نحو المأمور به ، أما انَّه لو انبعث عن الامر وجاء بالمأمور به على وجهه فهل ذلك يقتضي الإجزاء وسقوط الأمر أو فاعليته فهذا مالا يمكن استفادته بواسطة نفس الامر نعم هو مستفاد بواسطة العقل ، وذلك بأحد بيانين ، كما أفاد السيد الشهيد الصدر(رحمه الله).
البيان الأول : ان العقل يستقلُّ بإدراك الكفاية عندما يأتي المكلف بالمأمور به ، وذلك لأنَّ الاتيان بالمأمور به محقق لغرض المولى ، وهذا موجب لخروج المكلف عن عهدة التكليف المدركة بواسطة حكم العقل بحق الطاعة للمولى جلَّ وعلا ، فحق الطاعة للمولى ينتفي بتحقق غرضه بواسطة الإتيان بالمأمور به .
البيان الثاني : انَّ الإتيان بالمأمور به بعد امتثاله من تحصيل الحاصل ، وهذا ما يُعبِّر عن كفاية الإتيان به في المرة الاولى وبتعبير آخر : انَّ الامر حينما يتعلَّق بالجامع يكون الاتيان بأحد أفراده محقق للجامع ، فلا معنى للإتيان بفرد آخر ، لأنَّه إذا كان الغرض هو تحقق الجامع فقد تحقق بفرده الاول لان الطبيعة تنوجد بأول وجودات أفرادها ، فيكون الاتيان بفرد آخر من تحصيل الحاصل ، وإن كان الغرض هو تحقيق فرد آخر لجامع آخر أو لنفس الجامع فهذا مالا موجب له إلا ان يكون ثمة أمر جديد وهو خُلف الفرض .
وبهذا يتنقح انَّ مبحث الإجزاء من المباحث العقلية .
الأمر الثالث : بعد اتضاح ان جهة البحث في مسألة الإجزاء هي ثبوت الملازمة العقلية بين الاتيان بالمأمور به وبين الإجزاء عن الامر أو عدم ثبوت الملازمة ، بعد اتضاح ذلك يتضح استقلالية هذه المسألة عن مسألة دلالة الامر على المرة والتكرار ومسألة تبعية القضاء للأداء ، إذ انَّ جهة البحث في مسألة المرة والتكرار هو ما تقتضيه دلالة الامر ، وانَّ الامر هل وضع للدلالة على البعث نحو الطبيعة المقيدة بالمرة أو وضع للدلالة على الطبيعة المقيدة بالتكرار ، أو انّه لم يوضع إلاَّ للدلالة على البعث نحو الطبيعة دون ان يكون قيد المرة والتكرار دخيلا فيما هو الموضوع له لفظ الامر .وواضح أجنبية هذا البحث عن مسألة الإجزاء ، إذ اننا نبحث في المقام عن الملازمة العقلية بين الاتيان بالمأمور به وبين الإجزاء بعد الفراغ عن حدود ما تدل عليه صيغة الامر ، واتحاد نتيجة القول بالإجزاء مع القول بدلالة الامر على المرة ، واتحاد القول بعدم الاجزاء مع القول بدلالة الامر على التكرار لا يوجب اتحاد البحثين بعد تباينهما من حيث الجهة المبحوث عنها في المسألتين ، اِذ هي الضابطة في تباين المسائل واتحادها ، وليس للنتيجة دخل في تصنيف المسائل كما هو واضح .
وأما مبحث تبعية القضاء للأداء فجهته انَّ صيغة الأمر هل تدل باطلاقها على تعدد المطلوب والذي يقتضي القضاء ـ أو وحدته والذي يستوجب عدم وجوب القضاء بعد انتهاء الوقت وعدم الإتيان بالمأمور به .واتحاد القول بالإجزاء مع القول بعدم التبعية واتحاد القول بعدم الإجزاء مع القول بالتبعية لا يُصيِّر البحثان بحثاً واحداً ، على انَّ موضوع كل واحد من البحثين مباين لموضوع البحث الآخر . فموضوع بحث تبعية القضاء لللأداء هو عدم الاتيان بالمأمور به في الوقت ، وموضوع بحث الإجزاء هو الإتيان بالمأمور به ، فالبحثان متباينان جهة وموضوعاً .هذا حاصل ما أفاده السيد الخوئي(رحمه الله) .
الأمر الرابع : جرت عادة الاُصوليين على عنونة هذا البحث بقولهم « ان الاتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أولا ؟ » .
ومن هنا لابدَّ من ايضاح معنى قولهم « على وجهه » وكذلك ايضاح معنى «الإقتضاء » .
أما قولهم « على وجهه » فقد ذُكر له ثلاثة احتمالات :
الإحتمال الاول : وهو الذي ذكره صاحب الكفاية (رحمه الله) وتبنَّاه ، وحاصله انَّ المراد من الإتيان بالمأمور به على وجهه هو الإتيان به موافقاً لمقتضيات الشرع والعقل .
فالموافقة لمقتضيات الشرع معناه الاتيان بالمأمور به واجداً لتمام الأجزاء والشرائط المستفادة بواسطة الشارع .
والموافقة لمقتضيات العقل تعني الإتيان بالشرائط أو الأجزاء التي لا يمكن استفادتها إلا بواسطة العقل ، وذلك مثل قصد إمتثال الامر ، حيث ثبت بالدليل استحالة استفادته بواسطة الشرع كما هو منقح في بحث التوصلي والتعبدي .
واستدل صاحب الكفاية (رحمه الله) على هذه الدعوى بأنّه لو كان المراد من قولهم « على وجهه » هو خصوص الأجزاء والشرائط المعتبرة شرعاً لكان التقييد بقولهم « على وجهه » توضيحياً، وهو خلاف الأصل ، إذ انَّ الاصل في القيود الإحترازية ، هذا أولا وثانياً يلزم من عدم القول بإرادة مجموع ما يُعتبر شرعاً وعقلا خروج التعبديات عن محل البحث ، وذلك لانَّ قصد الامر المعتبر في التعبديات لا يستفاد إلا بواسطة العقل ، فالعقل هو المحدد لكيفية الإطاعة في التعبديات ، فإذا لم يكن ما يُعتبر عقلا مراداً من قولهم « على وجهه » فهذا معناه خروج التعبديات عن محل البحث ، وهو ما لا يمكن الالتزام به .
الإحتمال الثاني : انَّ المراد من قولهم « على وجهه » هو الإتيان بالمأمور به مع قصد الوجه ، كقصد الوجوب أو الإستحباب .
وأجاب صاحب الكفاية (رحمه الله) عن هذا الإحتمال انَّ المعروف بين الفقهاء عدم اعتبار قصد الوجه مطلقاً ، وانَّ من ذهب من الفقهاء الى اعتباره حصره في العبادات وهذا يقتضي خروج التوصليات عن محل البحث .
ثم انه لا مبرر للتنصيص عليه لو كنا نبني على اعتباره ، وذلك لدخوله تحت عنوان ما يُعتبر شرعاً ، فيكفي التعبير بالإتيان بالمأمور به ، إذ انَّه يشمل قصد الوجه لو قيل باعتباره شرعاً .
الإحتمال الثالث : انَّ المراد من قولهم « على وجهه » هو الاتيان بالمأمور به موافقاً لما يُعتبر شرعاً ، وعليه يكون التقييد توضيحياً ، ومع ذلك لا يلزم خروج التعبديات عن محل البحث ، إذ انَّ ذلك مبني على استحالة اعتبار قصد الامر شرعاً أما مع القول بعدم الإستحالة كما هو مذهب السيد الخوئي (رحمه الله)والمحقق النائيني (رحمه الله) فلا معنى لإرادة الأعم مما يُعتبر شرعاً وعقلا ، وأما مخالفة ذلك للاصل وانَّه يقتضي الاحترازية فلا بأس به إذا كان ذلك هو مقتضى القرينة، حيث قام الدليل على إمكان اعتبار قصد الأمر شرعاً .
وأما المراد من الإقتضاء : فهو العلية والتأثير كما أفاد صاحب الكفاية(رحمه الله) . وبيان ذلك :
انَّ الاقتضاء تارة يُضاف الى الصيغة واُخرى الى الفعل ، فإذا ما اُضيف الى الصيغة كان بمعنى الكشف والدلالة ، فحينما يُقال ان صيغة الأمر هل تقتضي الوجوب فهذا معناه البحث عن دلالتها على الوجوب ، أما اذا اُضيف الإقتضاء الى الفعل فإنَّه يكون بمعنى العلية والتأثير ، فإذا قيل ان الصوم هل يقتضي الثواب أولا ؟ فإنَّ البحث عندئذ عن علِّية فعل الصوم لترتُّب الثواب ، وهكذا.
وهكذا البحث في المقام ، فإنَّ الاقتضاء اُضيف الى الإتيان بالمأمور به، ومن هنا كان بمعنى تأثير الإتيان بالمأمور به للإجزاء .
ثم أورد صاحب الكفاية على نفسه فقال ما حاصله : انَّه وإن سلِّم انَّ اقتضاء الإجزاء عن الأمر عند الإتيان بنفس متعلق الأمر وان سلِّم انه بمعنى التأثير والعلِّية إلا انَّه غير مسلَّم عندما يقال انَّ الإتيان بالمأمور به بالامر الإضطراري أو الظاهري يقتضي الإجزاء عن الامر الواقعي ، فإنَّ الاقتضاء هنا ليس بمعنى التأثير وإنما هو بمعنى الدلالة والكشف، أي انَّ دليل الامر الاضطراري هل يدل على الإجزاء عن الأمر الواقعي ، فالاقتضاء إذن بمعنى الدلالة لا بمعنى التأثير والسببيَّة .
وقد أجاب صاحب الكفاية عن ذلكبأنَّ البحث في موارد الإتيان بالمأمور به بالأمر الإضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي ينحل الى بحثين ، الاول كبروي والآخر صغروي، أما الكبروي فهو انَّ محض الاتيان بالمأمور به هل يقتضي الإجزاء أولا ؟ ، وهنا يكون الإقتضاء بمعنى التأثير والعلِّية .
والبحث الصغروي هو عن دلالة الامر الاضطراري والامر الظاهري على الإجزاء ، إلا انَّ هذا البحث متفرع على إقتضاء وتأثير الاتيان بالمأمور به للإجزاء وإلا لو لم يكن الإتيان بالمأمور به مقتضياً ومؤثراً للإجزاء لم يكن ثمة موقع للبحث الصغروي .
وبهذا يتضح انَّ البحث عن إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره لا يكون إلاّ بحثاً كبروياً ، أما البحث عن إجزاء الاتيان بالمأمور بالامر الاضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي لا ينتهي عند الوصول الى اقتضائهما للإجزاء كبروياً بل لابدَّ من البحث عن انَّ صيغة الأمر الاضطراري أو الظاهري هل تدلُّ على الإجزاء عن الامر الواقعي أولا ؟ .
ولو انتهى بنا البحث الى عدم الإجزاء فإنه لا معنى للبحث الصغروي.
تقبلوا تحيتي
|
|
|
|
|