قالوا تغزّلْ قلـتُ: هذي كربـلا = تركـتْ فـؤاديَ للنّـوازلِ مَنـزِلا(1)
 
لم تُبقِ لـيْ ممـا يَـروقُ لناظـرٍ = مَرأى فقلبـي باللواعِـجِِ مُصطلى
 
نَسختْ بها في ناظـريّ مدامعي = سُـوَراً تلاهـا العاشقـونَ تَبتّـلا
 
فمرابعُ اللـذاتِ قَفْـرٌ رُغْمَ مـا = فيها بمـا يُهنيـكَ عيشاً مُخضِلا
 
فإذا ذكرتُ منـازلاً أبكى شَجَـاً = لديارِ أحمدَ حين طاف بهـا البِلى
 
وإذا ذكرتُ العيسَ تجتابُ السّـرى = وَخْـداً يُبلّغهـا الدَّخـولَ فحَوْمَـلا
 
يجري بعيني القلبُ أذكـرُ ظعنَهُمْ = من مكّـةَ الغَـرَا لـوادي كربـلا
 
ساروا وما سـارت بهـم آمالُهُـمْ = إلا وكـان المـوتُ أسنـى مَأمَـلا
 
وإذا أفـاض المُستهـامُ بزيـنـبٍ = أو حـبّ ليلـى والربـابِ تغـزُّلا
 
أبكي لهنّ لما لقيـنَ من الأسى = يومَ الطفوفِ وما لقينَ مـن البَـلا
 
أبكي الرّبـابَ وفقدَهـا لرضيعِهـا = ظـامٍ سقـوهُ دمـاهُ حتـى أنْهَـلا
 
ولِذِكْـرِ ليلى أسبلـتْ عَبَراتِهـا = عيني كماء المُـزْنِ أنـدبُ مُعـوِلا
 
تبكي عليـاً إذ أحـاط بـه العِدى = من كلِّ صَـوْبٍ ثائـراً مُستبسِلا
 
شِبْـهُ النبيّ بخَلـقِـهِ وبخُلـقِـهِ = أضحى لظامئةِ المواضـي مَنْهَـلا
 
أوَ مـا رَعَـوا حـقّ النبـي بآلـه = وبَنيـهِ أربـابِ المكـارمِ والعُـلا
 
وإذا أتى ذكـرٌ لزينبَ أمطـرت = عيني بما أذوى الخـدودَ وأمْحَـلا
 
أيّ المصائبِ لـم تجـد بفؤادِهـا = معنىً يُفَصّـلُ للرّزايـا مُجْمَـلا
 
حملتْ بوادي الطـفِّ كـلَّ رَزِيّـةٍ = أزْرَتْ بما للشّيب ضُـرّاً أشعـلا
 
يوماً ترى سبطََ الرسولِِ على الثرى =- من دونِ رأسٍ - بالدماءِ مُغسّـلا
 
ملقىً على الرّمضاءِ تصهرُ جسمَهُ = شمسُ الظهيـرةِ عافِـراً مُتجـدّلا
 
والرأسُ فوق الرُّمحِ طافَ به العِدى = وبـ (أمْ حَسِبْتَ..) من المواعظِ رتّلا(2)
 
وكأنّ أهلَ الكهفِ أعجـبُ مَخْبَـراً = من رأسِ سبطِ محمّدٍ رمحـاً عَـلا
 
ماذا يُري الرّحمـنُ مـن إعجـازِهِ = قوماً بهم جـدّ الضـلالُ فأوغـلا؟
 
يـا مُدّعي سَفَهـاً مَـودّةَ أحمـدٍ = أ بقتلِـهِ تبغي إلـيـه تـوسُّـلا؟
 
هـذا حسيـنٌ للنبـي المصطفـى = مَثَـلٌ بـه الذكرُ الحكيـمُ تمثّـلا
 
لـولا مودتُـهُ لمـا نـال الهدى = عبدٌ أ يغدو بالطفـوفِ مُرمّـلا؟
 
مـاذا يُقـالُ لأحمـدٍ يـومَ الجّـزا = أ يُقالُ: فِعْـلُ يزيـدَ كـان تـأوُّلا؟
 
أ يَسُـرُّ أحمـدَ قتـلُـهُ وقتـالُـهُ؟ = يا قومُ أم سـاءَ النبـيَّ المُرسَـلا؟
 
حَـمْـداً لك اللهمَّ أذ أوليتَـنـا = حبَّ الحسيـنِ فلم نُشايـعْ نََْعثـلا
 
فأميّـةٌ هـي رأسُ كـلِّ خطيـئـةٍ = عادوا النبـيَّ وآلَـهُ خيـرَ المَـلا
 
إني بـريءٌ مـن جميـعِ فعالِهـم = وكلعـنِ آخرِهِـم لعـنـتُ الأوّلا
 
فالعنْ إلهي كـلَّ من والاهُـمُ = واسلكْ بهمْ في النارِ مَهْوىً أسفلا
 
واغفـرْ إلهي بالحسيـنِ ذنوبَنـا = فسواهُ لم نملكْ هنالكَ مَوْئِـلا
 
ولوالـديَّ اغـفـرْ فـأني وارثٌ = من طيبِ ذاتِهما مواريثَ الـوِلا
..
.
 
(1) النوازل: مفردها نازلة وهي المصيبة.
(2) أم حسبتَ أنّ أصحاب الكهف والرقيم إنهم كانوا من آياتنا عجبا. سورة الكهف.
عادل الكاظمي