سلـّـمت عليها سلام عابر ، و مشيت عنها ! تجاهلتها أول الساعات ( أمثل دور الزعلانة )
لكن بعد كذا ... رحنا الكافاتيريا سوى ، أنا و قمر و شوق و زميلات غيرنا ، و جلسنا في لمـّـة حلوة ...
و عشان أأكد أن الأمور بيننا ( صافي يا لبن ) مهما تهاوشنا ، طلبت منها بكل مرح و جرأة :
- قمورة بـ اجيب لك بحثي و أنت ِ اكتبيه بالكمبيوتر ، خلصيه و جيبيه لي خلال يومين مو توهقيني !
- حاضر يا ستـّـي ، بس إن شاء الله ما يكون ( ثامر ) لاعب بجهازي زي المرة اللي فاتت !
أخوها ثامر ما شاء الله مولع بالكمبيوتر ، و أكيد رح يلتحق بها التخصص بعد الثانوية !
تطمنت ، جوابها كان يعني أن كل الأمور بيننا ( سمن على عسل ) ، و يعني بعد أن روحتنا للسوق الخميس الجاي ما انحذفت .
و احنا جالسين نسولف مع بعض ، شوق قالت لقمر :
- ( أبيك بشغلة )
و راحوا ثنتينهم عنا ...
إن جيتوا للحق ، أنا ما اكترثت لشي و لا كنت باكترث ، لولا الوجه اللي رجعت به قمر بعد دقايق ....
العيون تبرق ...
الشفايف متقوسة مفتحة ...
الخدود محمرة متوهجة ...
الابتسامه لاصقة بوجهها و الأسارير منفرجه عليه ... !
الأمر فيه ( سر ) !
و إذا ما خابت ظنوني ، الأمر فيه (( سلطـــان )) !
طبعا رح تقولوا أن مالي حق أتدخل ، بس هذه صديقتي اللي أعزها أكثر من أخواتي ، و أعطي نفسي الحق في أني أسوي الشي اللي من صالحها ...
كانت مجرد شكوك ، بس بعدين ، لما شفتها رايحة تجري مكالمة بالتلفون ، و سمعتها بعد تقول – تكلم خطيبها على
الطرف الثاني – (بارجع مع زميلتي ... )
تأكدت ... شوق قالت لها شي عن سلطان أكيد ، وأنا لازم أعرفه ...
أمس كنت متهاوشة معها و ما أبي أواجهها مرة ثانية اليوم ، كنت قاسية معها كثير ... قمر بعدها تتكلم بالتلفون ، و شوق موجودة قريب مني ...
تركت قمر ، و جيت لعند شوق ، و أنا مصرة أعرف .. ايش السالفة ؟؟
- شوق
- هلا ؟
- ممكن سؤال ؟
- أكيد سلمى !
- إيش قلت ِ لقمر ؟
طالعتني بنظرة استغراب ، و عاد أنا أسلوبي ما به لف و لا دوران ، قلتها مباشرة :
- إيش قلت ِ لقمر قبل شوي ؟ إش بينك و بينها ؟ ممكن أعرف ؟
اسنكرت سؤالي و ظهرت تعابير الاستياء على وجهها ، بس ، رضيت على نفسي ها لمرة أكون ( وحقة ) شوي ، و لا أن سلطانوه الزفت يرجع يظهر بحياة قمر ، يعذبها من جديد ...
- إذا ما خانتني توقعاتي يا شوق ، أنت ِ قلت ِ لها شي له علاقة بأخوك ...
رفعت حاجبها الأيسر ، في نظرة تجمع بين التنبيه ، و الدهشة و الاعجاب !
اللي زادني يقين فوق يقين ، أن الزفت له ضلع في الموضوع .
- قمر بـ ترجع معك اليوم ؟
- نعم
- و اللي يوديك البيت طبعا أخوك
- نعم
- يعني ... قمر رح تلتقي بـ أخوك
- ........
- ليه يا شوق ؟
- عفوا سلمى بس ما تلاحظي أن الأمر ، ما له صلة بك ؟
- إلا ، قمر صديقي و أختي الحبيبة الغالية ، و اللي ما اسمح لأي مكروه يصير لها و أنا أتفرج ! نسيتي اللي صار
ببيتكم قبل كم يوم ؟؟؟
أنا ما ابي أقول شي لقمر لأني توني متهاوشة معها أمس ، امنعي أنها تشوفه فورا .
ناظرتني بنظرة غضب ، و شاحت بوججها عني ... يعني هي تأيد هذا اللقاء و تبيه يصير ...
- قمر هي اللي طلبت منك توصليها ؟
- لا
- أنت ِ ؟ انت ِ اللي تبينها تشوفه ؟ تعتقدي أن هذا رح يفرحها ؟
- أخوي يبي يقول لها حمد الله على السلامة ، لا أكثر .
- يعني سلطانوه هو اللي طلب !؟
طلعت الجملة من لساني عفويا ، و لفت علي و طالعت بي شوق بغضب ، ليه أسمي أخوها سلطانوه ! زين ما قلت :
( الزفت ) بعد !
- شوفي يا شوق ، أحسن لك تقولي لأخوك يبتعد عن قمر نهائيا ، يكفيها اللي قاسته بسببه طول المدة اللي فاتت ، و هو لا حاس و لا كأنه واحد من البشر
- ما اسمح لك يا سلمى ، ما اسمح لك تقولي عن أخوي أي كلمة غلط ، رجاءا انتبهي لكلامك ...
- لكن هذه الحقيقة ، أخوك مثله مثل الكرسي اللي أنت ِ جالسة عليه ، بس للكرسي فوائد أكثر ...
وقفت شوق فجأة بعصبية ، و صرخت بوجهي ، و زين ما كان أحد قريب منا و الا كان سمع ..
- سلمى اسحبي جملتك بسرعة ، إش تعرفي انت ِ عن أخوي ؟ ما أقبل أي أحد يقول عنه كذا ، لا أنت ِ و لا قمر و لا
غيركم ، اسحبي كلامك ...
و جت قمر ، منبسطة الأسارير مشروحة الصدر ، كأنها طفلة بريئة تحلـّـق في السماء ... بعفوية و بلا قيود ...
فرحتها ما خلتها تقدر تلاحظ الجو المشحون بيننا أنا و شوق ، حضورها خلانا نقطع الموضوع ، و ما عاد قدرت أفتحه مرة ثانية ...
دقايق و ألتقي بالعسل ...
ما أصدق ...هذا حلم وإلا حقيقة ... ؟؟؟ سلطان يبي يشوفني ...؟؟؟
آه يا سلطان ...
المحاضرة أنا ما ركـّـزت عليها ....
مسكت القلم و فتحت الدفتر ، و حلقت بخيالي بعيد ... بعيد ... في عالمي الخاص ...
كتبت كم بيت شعر ... زمان لي ما كتبت ... عسل غاب ... و الالهام غاب معه ...
سلطان يحب يقرأ أشعاري ... و رح أهديه هذه الأبيات ، لما أشوفه بعد شوي ...
الوقت بطيء ...
ليه يا عقارب الساعة تخاذلت ِ عن المشي ؟؟
ليه يا شمس طولت ِ الزيارة ...؟؟
ما بغيت أصدق أنها جت الساعة 3 أخيرا ...
تفكيري مشلول ، ما فيه أي شي ثاني ببالي ، بس عسل و عسل بس ...
ودي بس أشوفه ، لو نظرة وحدة ...
بس أسمعه ، لو كلمة وحدة ...
أحس بوجوده ، لو لحظة وحدة ...
كثير علي ؟ لحظة وحدة بس ، من عمر الزمن ؟؟؟ كثير علي ؟؟؟
- هذا هو وصل !
انتبهت فجأة على صوت شوق ، اللي كانت واقفه جنبي عند المواقف ، ننتظر وصول سلطان ...
ما طاوعتني رجلي ، ما قدرت أخطو ... حسيت بنفسي مشلولة ...
مسكت شوق إيدي ، و سحبتني معها ، للسيارة ...
شوق فتحت لي الباب الخلفي ، و راحت تجلس قدّام ، جنب أخوها ...
ما أذكر وشلون جلست ، بس شفت نفسي على الكرسي ، ورا سلطان مباشرة ...
أول ما وصلني ، كانت ريحة عطره الفواحة الجذابة ... اقتحمت أنفاسي و سرت في جسمي كله ...
ما انسى ريحة ذاك العطر ... مهما حييت ...
أبدا ...
عيني ثبتت على يديني ، يديني كانت ترتجف ، كانت باردة و متوترة ، رغم أن جسمي حار .. و صدري ملتهب ...
- السلام عليكم ، كيف الحال قمره ؟
هو اللي بدأ السلام ، أنا صوتي تلاشى فجأة ، شديت حبالي الصوتية شوي ، لا ، شديتها كثير ، بغيت أقطعها من كثر الشد ، بس خانتني ، و طلع صوتي مبحوح و أقرب للهمس ...
- و... عليكم السلام
- كيف حالك الآن ؟ حمد الله على سلامتك
- ااالله يسلللمك ...
- ما تشوفين شر ، الله يعافيك و يقومك بالسلامة يا قمره
رفعت عيني ، طالعت في المراية ... و جت عيني على عينه ....
سرت رعشة بجسمي ، مثل صدمة الكهربا ...
بسرعة بعدت انظاري و بعثرتها يمين و شمال ...
من زمان ما شفتها ... في لمحة وحدة ، تذكرت كل شي شفته في ذيك العيون ...
و آه من ذيك العيون ...
حسيت بلهيب حار يطلع من صدري ، و صرت أهف على نفسي بيدي ، سلطان انتبه لي ، و رفع التكييف بالسيارة لأقصى حد ...
ما قدرت أقاوم ... تسللت نظارتي خلسه ناحية المراية ، و مرة ثانية ... اصطدمت به ...
عيني بعين العسل ... و ريحته تداعب أنفاسي ... و هو جالس قدامي ما يفصلني عنه إلا مقعد ...
إذا كان هذا حلم ... أرجوكم ... أرجوكم لا تصحوني ....
و إذا كانت حقيقة ... فتكفون ... خلوني ...
روحوا و خلوني ...
.........................
- سلطان ... وقـّـف عند محل الآيسكريم ! مشتهية واحد !
قالت شوق لما قربنا من محل آيس كريم في طريقنا ...
و وقف سلطان السيارة ، و نزلنا إحنا الثلاثة ، و دخلنا المحل ...
و احنا طالعين ، و كل واحد بإيده نصيبه من الآيس كريم ، التفتت شوق ناحية البحر ...
- الله ! بالمرة بديع ! وش رايكم ، خلونا نجلس عند البحر شوي !
مو من اعتباط ، كانت تقصد شي ، و الفكرة راقت لنا كثير ... و مشينا لعند البحر ...
الشمس ، مازالت في كبد السماء ... نورها يسطع على الوجوه مباشرة ....
يتخلل عدسات العيون ...
و يبرق لونها العسلي الجذاب ...
و من الناحية الثانية ، يترك ضياها ظل طويل ممدود ... يتراقص على الرمال الناعمة ... مثل ما تتراقص القوارب الخشبية على أمواج البحر ...
أحسد الرمال اللي قدرت تعانق ظله و هو يمشي عليها ...
ما أذكر كيف كان طعم الآيس كريم ... حواسي كلها فقدتها ذيك اللحظات ... كان بارد و الا حار ؟ كان حلو و الا مر ؟
كان آيس كريم و الا قهوة ؟ ما اذكر ...
وقفنا عند الساحل ... نراقب الأمواج و هي تضرب بالرمال ... بدون كره أو نقمة ، و كانت رمال الشاطيء مستسلمة لضرباتها ، مثل استسلام الرضيع لضربات راحة يد أمه على ظهره ، و هو نايم بحضنها ...
شوق ، عشان تتيح لنا فرصة نتكلم ، مشت بمحاذاة الساحل ، و ابتعدت كم خطوة ...
- ألف حمد الله على سلامتك يا قمره ، عدّاك الشر و كل مكروه ...
- الله يسلمك ... الشر ما يجيك ...
- إن شاء الله كل شي بخير ؟ وش قالوا الأطباء ؟
- كل شي تمام ، عندي موعد بعد كم أسبوع ، للمتابعة لا أكثر ...
- الحمد لله ...
كأنّ البحر ، كان فرحان بلقائنا ؟ كأنّ أمواجه هاجت شوي ، تغني و تتراقص احتفالا بنا ؟
ليه تهيأ لي أن كل الكون ... جاي يحضر لقاءنا و يحتفل ...؟
الشمس ... الطيور .. الأمواج ... الرياح ... كل الكون ... يشهد لقاء المحبين ، بعد طول فراق ....
اشهدوا معي كلكم ... أحبه ، و مشتاقة له و ولهانة عليه ...
الشعور الـّـي أحس به ، لما يكون العسل قريب مني ، شعور ... أعجز و لو كنت أملك قدرات العالم كلها ، عن إني أوصفه ...
-متى زواجكم ؟
اخترقت هذه الجملة الدخيلة المشؤومة جمال اللحظات ... و توقف كل شي عن الغناء و الرقص ... و افسدت الحفلة ...
طالعت بسلطان ... و نظراتي كلها لوم و اتهام ... ليه خرب علي حفلتي ؟؟؟
سلطان ، طالعني ينتظر مني الجواب ...
قلت بصوت مخنوق :
- ما تحدد
سكت شوي ، بعدين قلت و أنا مقهورة منه :
- ليه تسأل ؟
- مجرد سؤال ...
- مو في مكانه
هزته جملتي الأخيرة ... و طالع فيني بعمق ، كأنه يبي يقرأ المكتوب على عيوني ، و كأن اللغة كانت غريبه عليه ...
ما عرف يقراها ...
- ليه ؟
- تسألني ليه ؟!
ابتعد بانظاره صوب البحر ... ما كان يبي يقرا أكثر ...
- سلطان ...
ناديته بصوت ... كله حنين و مشاعر ... التفت لي ...
- نعم ؟
- تتوقع ، أني ... خلال الشهرين اللي فاتوا ... قدرت أحب بسـّـام ... و أنساك ؟؟
ما عرف يجاوب ... أو يمكن ما بغى يجاوب ...
- سلطان ... أنا ... بعدني .... أحبك أنت ...
تنهد تنهيدة طويلة ، و قال ... ببرود ... أبرد من الآيس كريم اللي كان بايدي ...
- إش الفايدة يا قمره ؟ ... إش الفايدة ؟ ....
قمر ... قمر ... لازم تنسيني ... لا تخلي ... تعلـّـقك بي يكون السبب ... في أي مكروه يصيبك ... مو أنا ... اللي
استحق ... مشاعرك ... أرجوك ... وجهي مشاعرك لزوجك ... زي ما أنا ... وجهتها لزوجتي ...
دارت بي الدنيا ، امتلكتني رغبة مفاجئة في ( التقيؤ ) ، صرت اتلفت يمين و شمال ، قلق سلطان ، و حس أن فيه شي ...
قلتها بكل غضب ، و بحدة جارحة ... و أنا متأكدة ، أن المخلوق التمثال الجامد قدامي ، اللي مصنفينه بالغلط ضمن البشر ، مستحيل يحس ...
محاولة أخيرة ، اختبر فيها ( حيوية ) هذا المخلوق ، من عدمها ...
قلت :
-أحبك ...
ما تحرك ، كل شي من حولي تحرك ، الهوا تحرك ... الموج تحرك ... الشمس تحركت ... حتى الظل ... تحرك ...
لكن هو ... ما تحرك تيقنت تماما ، أن هذا ... مخلوق أجمد حتى من الجماد ...
فجأة ، رن هاتفه الجوال ...
أخذه من جيبه ، و رد ...
ما كان صعب علي ، أني اعرف من كان المتصل ...
بعد ثواني ، انهى المكالمة ، و حط الجوال بجيبه ...
- المدام ؟
- .... نعم ، تقول تأخرنا ...
و طالع بشوق ، اللي كانت جالسة عند الشاطي على بعد كم متر منا ، تناظر البحر ...
- تحبها ؟
سألته ، سؤال ما توقعه ... و تلكأ في الإجابة ...
- مو الحب بس ، هو اللي لازم عشان ينجح الزواج يا قمر ... هي مسألة تعود ، و رح تتعودي على زوجك ، مثل ما أنا ... تعودت على منال
- ... و يصير بينك و بينه عشرة و مودة و حياة ، مثل ما صار بيني و بين منال ... و يصير
يعني لك ، مثل ما صارت تعني لي منال ...
غمضت عيني بقوة ، بألم ، بمرارة ، أبي أمنعها من شوفة صورة منال ، انعصرت دموعي ، و انشدت أعصابي ، ما أبيه يذكر اسمها قدامي ، أكرهها قبل ما أشوفها ، و يوم شفتها أكرهها أكثر ... و لا جاب طاريها أكرهها أكثر و أكثر و
أكثر ...
أبي أمحي صورتها من بالي نهائيا ...
ناداني سلطان بصوت متعاطف و قلق في نفس الوقت :
- قمره ؟؟
فتحت عيني ، طالعت فيه ، الحين ، ما أشوفه هو ، أشوف صورة منال مرسومة على وجهه ... مخلوطة مع صورة
الزبد ... و صورة الفصوص الفضية و هي تتبعثر في الغرفة ....
صحت بوجهه :
- أكرهك ...
قلتها ، من نار صدري ، من حرقة فؤادي ، من عصرة قلبي ...
- أكرهك يا سلطان ...
فجعت قلبي ... الله يفجع قلبك ...
و رميت ( كوب ) الآيس كريم عند رجله ، و رحت أجري صوب السيارة ...
وصلت السيارة ، و فتحت الباب ، و طلـّـعت شنطتي ...
وصلت شوق و سلطان لعندي ، و كل واحد يناديني من جهة ، و أنا ما أرد عليهم ...
فتحت الشنطة ، و دوّرت على المحفظة ، شفتها و شفت جنبها الورقة اللي كتبت فيها آخر شعر لي اليوم وقت المحاضرة ...
طلـّـعتهم اثنينهم ، فتحت المحفظة و طلعت ( خمسة ريال ) ، سعر الآيسكريم ، و قطـّـيتها على سلطان ، و الورقة ،
مزعتها و رميتها صوبه ...
كانوا اثنينهم يكلموني ، لكني ما اسمع أي واحد منهم ... جيت بامشي أبتعد عن سلطان
-
... و عن الحيز اللي فيه سلطان ...
و عن الدنيا اللي فيها سلطان ...
و عن اللحظة اللي عرفت فيها سلطان ...
و عن القلب اللي ما حب واحد في هالعالم ...
غير سلطان ....
اللي اسرقت مني حبيبي و باقت أحلامي
اللي بسببها تبددت في الكون أيامي
اللي كرهت أنا اسـ مها من بد الأسامي
لا عاد ابيك تجيب لها أي طاري قدامي
*
* *
*
لا جيت تذكر اسمها أوصالي تتقطع
و النار اللي بتنخمد ، ترجع و تتولع
إهي العزيزة الغالية تامر و تتدلع
و انا الوحيدة الباكية أصرخ و اتوجع
*
**
*
يكفيها كل وقتك لها كل حبك و خيرك
حتى فدقايق لي أنا ، محتلة تفكيرك ؟
ارحمني يا ابن الناس أنا ما حبيت غيرك
شكرا ( لفهم) مشاعري ، شكرا ( لتقديرك )
كنت جالسة أحفر حفرة صغيرة في رمل الشاطىء ، بملعقة كوب الآيس كريم ، اللي أكلته قبل شوي ...
قمر و سلطان ، كانوا قريبين مني ، بس بمسافة ما تسمح لصوتهم أنه يوصلني و انا طبعا ما تعمدت أسمع ...
فجأة ، شفت قمر تمشي بسرعة صوب السيارة ، و أخوي رايح وراها ، و جيت معهم و أنا متوقعة أن مشاحنة حصلت
بينهم ...
قمر كانت كل شوي تمسح دموعها ، و فتحت باب السيارة و سحبت شنطتها و طلعت (خمسة ريال ) و رمتها على
سلطان ، و بعدها مزعت ورقة و رمتها صوبه ... !
تركت باب السيارة مفتوح و راحت تمشي بسرعة ...
كانت ، تبي تروح البيت مشي !
أنا ما أدري وش اللي دار بينهم بالضبط ، بس صرخت بوجه أخوي :
- ( وش سويت ؟؟؟ )
سلطان ، كل علامات الهلع و الفزع كانت متفجرة على وجهه ، و هو ينادي :
- ( قمره أرجوك ... )
ابتعدت قمر عن موقف السيارات و راحت تمشي بسرعة على الشارع ، و أنا امشي وراها و انادي عليها
و لا ترد ، لين مسكتها ...
- قمر اصبري ! وين رايحة !!؟؟
- تركيني ... بـ ارد البيت
- جنـّـيتي يا قمر ؟ الله يهديك ، تعالي بس ...
و حاولت اسحبها معي ، لكنها تملـّـصت مني ، و راحت تبي تكمل طريقها ...
- أرجوك قمر اهدئي شوي ...
في ذي اللحظة ، مرت علينا سيارة ( ليموزين ) ، و لا شفت إلا قمر تأشر عليها ...
وقفت سيارة الليموزين جنبنا ، و جت قمر بسرعة و فتحت الباب ... تبي تدخل ... و أنا مسكتها ...
أخوي سلطان ، و اللي كان قريب منا جا مسرع و قبل ما تدخل قمر السيارة صك الباب اللي كان مفتوح و هو يصرخ
على ( السواق ) :
-( خلاص روح )
- لا انتظر
صرخت قمر و هي تمد إيدها مرة ثانية لباب السيارة تبي تفتحه
تحركت يد سلطان ، يمكن لا إراديا ، و مسك إيدها يبعدها عن الباب بقوة ...
- اتركني
- ما أخليك تروحين يا قمر أبدا
- مو بكيفك ، وش دخلك أنت؟ من تظن نفسك ؟
و هي تسحب إيدها و تحاول تمسك (مقبض ) الباب ، و تفتحه شوي ، و يرد سلطان يصكه بالقوة ، و يصرخ على
السواق :
- قلت لك روح خلاص يالله...
السواق الهندي ، مسكين شكله تخرّع ، بسرعة فلت ...
- ليه؟
صرخت قمر
-مجنون أنا أخليك تروحي معه؟ يالله نرد السيارة
- ما أبي أروح معك ، غصب هي؟ ما أبي أركب سيارتك ، أكرهك يا سلطان ، أكرهك ، أكرهك أكـــرهــــــــــــــــك
و التفتت لي ، و ارتمت بحضني و صارت تبكي بكا يقطع القلب ، و انا أحاول أهديها
- قمر ، خلينا نروح السيارة كذا وقفتنا بالشارع غلط ... الله يخليك قمر...
قالت بشكل متقطع ، بين الكلام و الشهق و البكاء و الدموع :
- ما... أبي ...... أركب ........ معه .....
- أرجوك قمر ، عشان خاطري أنا أرجوك ...
بصعوبة أجبرتها ترجع للسيارة ، بعد مدة ، خلها توصل البيت ، و بعدين اللي تبي تسويه تسويه ...
جلست معها على المقاعد الخلفية و هي تبكي بشكل مو طبيعي ، خفت يصير لها شي ، و الله ما اسامح نفسي لو صار لها أي شي ...
سلطان في البداية ظل واقف برى السيارة ، بعيد عنا شوي ، لين بدت قمر تهدأ شوي ، و بعدين ركب ...
أول ما جلس على المقعد و صك الباب قال :
- قمر أنا آسف...
و تمر ، ردت بسرعة و بحنق و انفعال :
- ما ابي أسمع صوتك ، اسكت ... اكرهك...
طالعت بعين أخوي من خلال المرايا ، حسيته يبي يقول شي ، لكن أنا قطعت أي محاولة نقاش بينهم :
- بعدين سلطان ، يالله نمشي...
سلطان قاد بسرعة ، و كذا مرة كان يسأل :
- (أنتوا بخير؟ )
لما وصلنا عند بيت بو ثامر ، رد قال :
- قمر ... أنا ... أنا آسف ...
قمر فتحت الباب ، دون ما تقول كلمة وحدة ، و نزلت من السيارة صكته بقوّه هزّت السيارة كلها !
التفت سلطان علي و قال :
- روحي معها
نزلت فتحت باب السيارة و نزّلت رجلي على الأرض ، أبي أنزل ، لكن قمر – وهي تطلّع مفاتحيها من الشنطة –
قالت لي بحدة :
-خليك يا شوق ، مع السلامة.
و دخلت البيت ، و صكـّـت الباب ....
نزلت من السيارة و وقفت لحظة ، و رديت ركبت جنب أخوي ...
- وش صار يا سلطان؟
- كان لازم تكرهني ... عشان تعيش حياتها ...
و مشى بالسيارة ، أنا ما رديت سألته عن شي ...
مشى ببطء ، كان شارذ الذهن ، و متوتر ، و لما وصلنا عند الإشارة ، خذ اللفة و رجع نفس الطريق !
طالعت فيه و انا مستغربة ، و لا سألته لين وصل عند بيت بو ثامر مرة ثانية و وقف عند بابهم و قال :
- انزلي شوفيها يا شوق...
-نعم؟
- انزلي شوفيها يا شوق لا تذبحيني...
ما شفتها عدلة ، ترددت ، تفشلت أروح لها الحين ، بعدين وش أقول لها و لأمها ؟ و وش تقول هي عني ؟
لما شافني أخوي جالسة بمكاني ما تحركت طالع فيني بنفاذ صبر ...
- زين خلني بس أتصل و اسأل ... جيب جوالك...
- انزلي شوفيها يا شوق لا يكون صابها شي...
خوفتني جملته ، قمر كانت منفعلة بالمرة ، و يمكن لا قدر الله يتكرر اللي صار قبل كم يوم ..
و أنا جاية بانزل وفتحت الباب ، شفنا سيارة ( بسـّـام ) ، جاي لبيت بو ثامر ، و أول ما شافها سلطان ، قال لي
( خلاص )
و انطلق بنا ...
.............................
تغيبت قمر عن الجامعة اليوم التالي ، لما ما شفتها في الصباح ، فزعت ، خفت يكون صار لها شي ، ما قدرت أتصل عليها بعد اللي صار ... ما تجرأت ...
رحت لسلمى اسألها عن قمر ، و قالت لي أنها كانت تحاول تتصل عليها الليل و لا قدرت تكلمها ...
وجهت لي سلمى سؤال مباشر :
- (صار شي أمس؟ )
و لا عرفت بإيش أجاوبها ...
سلمى يمكن كانت على حق ، لما حاولت تمنع لقاء قمر بسلطان ... لكن ...
كانت عيونها كافية ، ما كانت بحاجة للكلام ...
( لو يصير لقمر أي شي ، يا ويل سلطان مني )
تكرهه ، بمقدار حبها لقمر ... و بديت أشك أنها تكرهني أنا بعد ، و تعتبرني المسؤولة عن اللي صار لقمر ، ذيك الليلة ... مع أني ، ما دبرت أي لقاء بين قمر و منال ، و تفاجأت بها مثلهم بالضبط ...
الكره ، عمى قلبها ... و جردها من انسانيتها ، و خلاها تتصرف بلا رحمة ، مثل وحش ... يشمت بفريسته ... و يتلذذ بعذابها ...
.................
ليلة الخميس ، هي ليلة الخطيب الخاصة ...
و الليلة جاي لي بسـّـام ، للمرة الأخيرة ....
قراري ، كان إني أنفصل عنه ، مو لأنه عندي أي أمل في أن العسل يرجع لي ، أو أني أحب بسـّـام ، إنما لأني شفت
في بسـّـام إنسان أفضل من أنه يستحق انسانة مثلي ...
ما عدت فتحت الموضوع قدام سلمى ، قراري الخاص و ما بغيت أي شخص يشاركني فيه ...
الأيام الثلاثة اللي فاتت ، تغيبت عن الجامعة ، مو من تعب ، بس اعتبرتها فترة نقاهة ، و فاصل بين أحداث الأمس و اليوم ..
قضيت كثير من الوقت ، أكتب في بحث سلمى على الكمبيوتر ، و لما جهز ، أرسلته مع ثامر لبيتها ... ما كنت أبي التقيها و أظن هي بعد حست بكذا ، و اكتفت بشكري على الهاتف ، دون أيه أسئلة ....
استقبلت بسـّـام بشكل طبيعي ، و هو كان ( مشتاق ) لأنه ما شافني من يوم السبت ...
يوم الأحد ، يوم لقائي الأخير بالعسل ، كانت أمي طالعة مع أمه السوق سوى ، و هو وصلهم مشوارهم ، مر على بيتنا بس ما نزل شافني ...
و هذا أفضل ، لأني يومها ، لو كنت شفته بوجهي ، كنت رميت الدبلة عليه بعنف ...
أما الحين ، أعصابي هادئة و أقدر اشرح له بهدوء ... و بطيب خاطر ...
- تصدقي يا قمر ، توحشيني بسرعة ! الأسبوع طويل و ما فيه غير ليلة خميس وحدة ! ما تكفي ...
قلت في بالي :
- ( أجل لما تعرف أنها الليلة الأخيرة ! وش رح تسوي ؟؟؟ )
قررت اللحظة ذي إني أدخل في الموضوع ، كرهت نفسي و أنا فاتحة له المجال للتعبير عن مشاعره ، فيما أنا أخفي ( السكين ) ورا ظهري ...
- بسـّـام ....
- عيون بسـّـام ؟
- .... تسلم عيونك ...
- غمضي عيونك !
اندهشت ، و طالعته باستغراب ، و رد قال :
- يالله قمر حلوة ، غمضي عيونك !
ما ادري ليه ! بس جاريته و غمضت عيني ...
فجأة ، حسيت بشي يتحرك حول رقبتي ، بغيت افتح ، جا صوته يأكد علي :
- لا تفتحي !
و ثواني ، و قال :
- الحين افتحي !
فتحت عيني ، و جت على عينه مباشرة ، كانت مليانة حب و تقدير ...
و نزلت بعيني أبي أشوف الشي اللي علقه على رقبتي ، جيت أبي أحرك إيدى أتحسسه ، لقيتها مضومة بين يديه ...
رديت أطالع بعينه ، ابتسم لي ابتسامه عذبة و رفع إيدي إلى شفايفه ... و قبلها ....
- إن شاء الله يعجبك !
كان عقد ذهبي جميل جدا ... به حجرة بالمنتصف ، محفور على خلفيتها :
(( حبيبتي قمر حلوة ))
نقلت بصري بين العقد و بسام ... و فاضت عيني بالدموع غصبا علي ....
الإنسان اللي شاريني و يبيني ... إللي يحبني و يقدرني ... اللي يتودد لي و يتقرب مني ...
و أنا اللي كنت ، ناوية أغرز سكين بقلبه ....
ما قدرت اتحمل ...
ظهرت صورة سلطان ، و احنا عند البحر ، و هو يقول :
- ( اعتبريني موجه عدت ... و ما بقى إلا الزبد ) ....
تلاشت كل معاني الحب اللي حملتها لسلطان ... تبددت كل مشاعر العشق اللي خزنتها لسلطان .... تبعثرت آخر أطياف الأمل ...و تجمدت آخر قطرات الدموع ... و انطفت آخر ألهبة الشموع ... و انطلقت آخر صرخات القلب المفجوع ...
..... وداعا يا سلطان ....
... وداعا يا العسل ...
و داعا بلا رجوع....
كنت أبي استعير كم ورقة من عند أخوي سلطان ، أطبع عليهم بحثي ، و اللي رح يكون الدور علي أقدمة السبت الجاي .
بحث ( سلمى ) كان حلو ! معد بالكمبيوتر ! قمر ساعدتها فيه ... يا ليت أقدر أسوي مثله ! بس مستحيل أطلب من قمر أنها تساعدني ... !
دقيت الباب ، و ما جاني جواب ، فتحته و دخلت .
ما كان أخوي موجود بالمكتب ، و رحت لعند أوراقه و أخذت رزمة .
على نفس المكتب ، لفتت نظري ورقة نصف مطوية ، كانت ممزقة ، و بشريط لاصق جمعت أجزاءها ...
بفضول أخذت الورقة و فتحتها ... و عرفت على الفور ، أنها من قمر ! ...
يا سالبني و ناسي الدين ..... و زي داين تعاملني ...
حبيبي فيك طبع ٍ شين ..... تـواعدني و تماطلني...
تغيب و ما اعرفك وين ..... تفر مني و تغافلني ...
و لا منّي بعدت يومين ..... تصر أنك تقابلني ...
و لا مرة اجتمعنا اثنين ..... تمل منّي و تعاجلني ...
كلامك ينقسم نصّين ..... تذم فيني و تغازلني ...
حبايب حنّا لو ندّين ..... اعــاتبك و تــراددني ...
تبيني و الا حاير بين ..... تهدني و الا تاخذني ؟...
تلاعبني على الحبلين ..... تقرّبني و تبـاعدني ...
تحمّلتك و طبعك لين ..... كرهتك ، لا تواخذني ...
ظهر أخوي فجأة ، طالع من دورة المياه ، و شافني و شاف رزمة الورق الأبيض تحت ذراعي ، و الورقة الممزقة بإيدي ...
- هلا شوق..
- هلا ، بغيت كم ورقة أطبع عليها بحثي ...
- تفضلي أكيد...
و دنا مني ، ومد إيده ، و أخذ ورقة قمر من يدّي ....
- أنا آسفة !
- ما فيه داعي ...
- تامر بشي أخوي؟ بـ أروح أكمل شغلتي ...
- ما ردت للجامعة؟
- لا ...
جلس سلطان عن كرسي المكتب الدوار ... و تنهد بضيقة صدر ... و رفع الورقة قدام عيونه ، فما قدرت أشوف تعابيره بعدها ...
انسحبت من الغرفة بهدوء ... و تركت سلطان ... يلملم أجزاء قلبه ، مثل ما لملم أجزاء الورقة الممزقة .....
........
يوم السبت اللي بعده ، رجعت قمر للجامعة ...
لا ، في الواقع ... ما رجعت قمر ...
اللي رجعت وحدة غير ... اكتشفنا انها ما هي قمر اللي نعرف مع مرور الأيام ...
فيها شي تغير ...
صارت أميل للجدية ، و العصبية ، و نفاذ الصبر ... و تشاحنت أكثر من مرة مع زميلاتنا ، و لأسباب ما كانت تعبرها في الماضي ...
و لاحظت ، أنه و لو بالصدفة جا طاري سلطان أو منال قدامها ، يضيق صدرها و تتأفف و تعابير وجهها تمتلي كره و بغض و تعلق أحيانا تعليق جارح ، أو تغير الموضوع بشكل غير لائق ...
هل ممكن للحب ، أنه يغير الانسان بذا الشكل ...؟؟
كان أول خبر تفاجأنا به يوم السبت ذاك ، هو أن موعد زواجها خلاص تحدد بعد كم أسبوع ...
أنا تحاشيت أتكلم معها عن أي شي من اللي صار مع أخوي سلطان ، و هي بدورها بعد ما أشارت للموضوع و لا بحرف واحد ...
أنا صارت عندي عقدة الذنب ... حسيت أنني تسببت بتحطيم حب قمر لسلطان ، بحسن نية ...
في نفس اليوم ، بعدين لما سألني أخوي عنها :
- ردت للجامعة ؟
- نعم ...
- و كيفها ؟
- خلاص يا سلطان ، نصف شوال الجاي ... حفلة زواجها .
طالعت بسلطان ، مثل اللي يطالع بمتهم ... و قلت :
- ارتحت الحين ؟
و عطيته ظهري و طلعت .
أنا ما عمري سألته عن اللي صار بينهم ذاك اليوم ، بس منها عرفت ... أنها كانت خاتمة القصة ... قصة الحب المأساوية ، اللي انكتب عليها أنها تنذبح و هي في المهد ...
و بكذا ، كانت نهاية حب قمر حنا لسلطان ...
.....................
خلصنا الدوام ، و جت الساعة 5 و نص ، و أنا و سلطان لسا موجودين بمكتبه نملم أوراقنا .
كان يوم أربعاء ، و كنت أبي ألحق أروح ارتاح و اقضي لي كم شغلة ، قبل ما اروح عرس بسـّـام .
أنا و بسـّـام معرفة قديمة و الرجال عزيز علي ، و لازم احضر زواجه .
- يالله سلطان يكفي ! نكمل بكرة .
- بكرة الخميس يا ياسر ، ما فيه دوام . أبي أخلص الشغلة و تكون جاهزة للسبت .
- أجل أنا بـ اطلع ، وراي عزومة الليلة و عندي كم شغلة أنجزها ...
يعني أنا مو قوي الملاحظة لذيك الدرجة ، بس كأنه وجه الرجـّـال انعفس ، و قط القلم من إيده ، و قال :
- يالله ، أنا بعد طالع خلاص ...
و في نفس اللحظة ، جا العامل و بايده علبة صغيرة ، و عطاها سلطان ...
-إش هذه ؟
- جاية بالبريد
بعد ما طلع العامل ، صار سلطان يقلب بذيك علبة ، مستغرب ... و شاف اسمه و بريده الخاص مسجل عليها ...
- افتحها شوف !
قلت و أنا كلي فضول ، لأن العلبة الصغيرة شكلها كان غريب ... !
فتح سلطان العلبة ، و أنا جنبه ، و اندهشنا لما شفنا اللي فيها ...
أنا كان اندهاشي اندهاش تعجب و تساؤل ، لكن هو ...
كانت دهشته دهشة ذهول ... و وجهه اعتفس كلـّـش ... و تعابيره صارت مخيفة و مهولة ... مفزعة ، إن صح تعبيري ...
داخل العلبة ، كان فيه سلسلة فضية مقطوعة ... و جنبها ... كان فيه ورقة صغيرة مكتوب عليها :
((( القمر يقول لك الوداع ... )))
.............................
" فاجعـــة "
مرت سنتين من زواج قمر و بسام ، و تقريبا سنة من زواج شوق و ياسر ، و أربع شهور من خطوبتي أنا و ( يوسف ) .
احنا في بداية العطلة الصيفية و زواجنا رح يكون بعد 25 يوم ...
علاقتنا أنا و قمر و شوق ، استمرت مثل ماهي ، أخوات و صديقات و زميلات دراسة ...
كانت المرة الأخيرة اللي تهاوشت فيها مع شوق هي قبل سنتين ، لما دبرت لقاء بين قمر و سلطانوه ، بعدها ،
و لما شفت النتائج الإيجابية ، و قرار قمر باتمام زواجها من بسام ، و طردها سلطانوه من حياتها نهائيا ،
بعدها ، حمدت ربي أن شوق قدرت تدبر بينهم هاللقاء ، و صرت مدينة لها بالشكر !
أكبر دليل على أن سلطانوه انتهى من حياة قمر ، هو تقبلها لمنال بشكل طبيعي ، و خصوصا في حفلة زفاف
شوق ، حتى أن اللي يشوفهم سوى يفكرهم من الأصحاب ...
... تقريـــــــــبا من الـ (( أصحاب )) ! !
بعد كذا ، التقت قمر بمنال مرة أو مرتين ، في بيت شوق ، و الأمور سارت بشكل طبيعي .
... تقريـــــــــبا (( طبيعي )) ! !
آخر الأيام أنا كنت مشغولة بالتحضير لزواجي ، و ما شفتهم أو كلمتهم من أكثر من أسبوعين ، إلا البارحة ،
اتصلت علي شوق و سمعتها تقول انها مخططة تروح رحلة للبحر مع زوجها ...
.....
نجحنا احنا الثلاث ، و كنا مبسوطين ... و قلت لياسر أبي أسافر سفرة حلوة ، بس ما شجعني ..، عنده شغل
كثير .... و بالمقابل ، وعدني انه طول الأجازة يوديني رحلات ...
كنا مقررين نروح رحلة بحرية بكرة ... و اليوم ما عندي شي و رحت بيت أهلي ..
كنت في البيت ، ملانة و ودي اغير جو ... اتصلت على سلمى لقيتها مشغولة
و اتصلت على قمر أبي أشوف إذا فاضية تطلع السوق معي ؟
-متى ؟
- الحين ! أمرك و نروح ؟
- خليها لبكرة شوق ، عندي شغلة العصرية ذي .
- بكرة باروح البحر مع ياسر ! يمكن ما نرد غير آخر الليل ...
- الله ! حلو ! زمان ما رحت البحر ...
- تجوا معنا ؟ و الله فكرة ! إش رايك قمر ؟
و على كذا تواعدنا نلتقي هناك ...
يوم ثاني ، و أنا أجهز بالأغراض ، قال لي ياسر :
- كثري من كل شي بعد زود ...
- تبالغ ياسر ! كلنا أربعة أشخاص ! هذا إذا جا بسام و قمر و شفناهم !
- سلطان و زوجته و ولده جايين معنا .
اندهشت ، طالعت فيه باساغراب متفاجأة :
-سلطان و منال جايين ؟ من قال ؟
- أنا جبت طاري الرحلة قدام سلطان و عجبته الفكرة و قلت له يجي معنا !
الحين ، صرت بحيرة ...
صحيح ... أن سنتين مروا ... عمر مر ... و ذكريات انست ... بس ... ما ارتحت للفكرة ..
- ياسر .... قمر رح تكون معنا ....
كأني أبي ألفت انتباهه لشي يمكن يكون غفل عنه ؟
- و إذا ؟ أهلا و سهلا ... إحنا أولاد اليوم ....
للحق ، ما ارتحت ، كان ودي أتصل على قمر أقول لها ، سلطان و منال جايين ، أو حتى أقول لها ، لغينا
الرحلة ... ما ادري ، بس حسيت أنهم لو التقوا ... رح يصير شي ... و شي ... الله يستر منه ... !
من قبل ، في مرة من المرات ، كنت اسأل أخوي إذا كان يحبها ، و هو جاوبني بأنه يعشقها ...
بعدها بكم شهر ، سألتني منال بشكل مفاجىء :
-( سلطان كان يحب وحدة قبل ما يتزوجني ؟ )
و اعترفت لي بانها سمعت كلام بيني و بينه ليلة من الليالي ، و ما كان اسم قمر انذكر ذيك الليلة ، و ظلت منال في داخلها تتساءل الى الآن :
-( من هي ؟ )
هذا السؤال شفته بعيونها بأكثر من مناسبة ، تقريبا ، في كل مرة أشوفها فيها ...
و لا أنا جاوبت ، و لا هي ردت سألت ...
.........................
وصلنا عند البحر ، احنا و أخوي سلطان قبل قمر و بسـّـام .
منال أصرت تجيب معها ( نواف ) الصغير ، و ما تركته عند امي بالبيت .
ياسر استأجر قارب آلي ( طرّاد ) ، و ناوي ياخذنا بقلب البحر فيه ...
لمحنا سيارة بسـّـام و هي تعبر ، و أشر ياسر عليهم ...
سلطان ، و حتى منال ، ما كانوا عارفين ان قمر و بسام جايين معنا
و حسيت بحرج الموقف ، و انقهرت في ياسر ، كيف يتصرف كذا ؟؟؟
بسام و ياسر تصافحوا بكل ترحيب و بساطة ، و رد سلطان تحية بسام من بعيد !
أما قمر ، فأول ما نزلت من السيارة وقفت بمكانها ...
جيت لعندها و سلمت عليها ، و شفت بعينها نظرة الاستنكار و اللوم و الاستياء ...
- بعدين أقل لك وش صار ، غصبا علي ...
ما حسيتها مرتاحة ، و لولا الحرج ... يمكن قالت لزوجها :
- ( خلاص رجعنا البيت ) !
ماجد و رائد ، أخوان بسام التوأم بعد كانوا موجودين ... و أول ما نزلوا من السيارة على طول هجموا على
كان اليوم نصف الشهر ... الواحد و الثلاثين ، و سلطان كالعادة جالس ينتظر (الجرعة) التالية ....
انتظر ... و انتظر ... لكن الجرعة تأخرت ....
و الرجّال صار ما له حال ...
تأخر الوقت بالليل ، و ما وصلتنا العلبة المنتظرة ....
أنا بصراحة كنت تعبان ، و قلت له :
- يالله أنا ماشي ، ما بتروح ؟
صار يناظر الساعة ... بقلق و ضيق صدر ... و تالي قام وراح بنفسه يتأكد من صندوق البريد ... و ما لقى شي ...
اتصلت عليه زوجته بعد شوي تسأل عنه و ليه متأخر ، و سمعته يقول لها إنه يبي يروح مشوار و يرد بعدين ...
رجعت أنا البيت ، و قلت لشوق أنه أخوها مو بعلى بعضه ... و أن القمر ما سلم عليه الليلة !
شوق كانت قلقة ، لكنها ما علقت على الموضوع ...
يوم ثاني ، كان أسوأ و أسوأ ....
أنا قلت يمكن البريد متأخر أو حصل خلل أو شيء ... و أكيد القمر بيوصله اليوم !
اللي صار ... أن اليوم عدى ، و عدت بعده أيام و أيام .... و رحل الهلال ... من غير سلام ...
سلطان كان مثل المجنون .... كل شوي يسأل عن البريد ... يدخل يفتح الصندوق ، و يطلع يفتحه ...
أعصابه صارت مشدودة و تركيزه متشتت ... و كل اللي بالعمل ، و أكيد بالبيت ، لاحظوا ....
كان ينتظر الشهر الجديد ... يمكن القمر نسى الشهر الماضي ، و جل ما لا يسهو ؟
لكن ... اللي صار ... أن البدر اكتمل ... و ما سلم عليه ...
في ذاك اليوم أنا كنت مو موجود بالمدينة ، طالع مشوار عمل ... و شوق و حدها مع الأطفال بالبيت ...
................................
كانت الساعة وحدة الليل ... و كنا نايمين ، و رن جرس الباب ....
صحيت من النوم مفزوعة ، من يمرنا هالساعة ؟؟؟
زوجي ياسر ما كان موجود ، و مستحيل يكون هو رد و ما معه مفاتيح البيت ....
الجرس ظل يقرع باصرار و أنا قمت من سريري متوجسه ... و رحت أبي أطل من النافذة أشوف من يكون ؟
في نفس اللحظة رن الهاتف ، و طلع رقم جوال أخوي بالكاشف ...
رفعت السماعة و كلي خوف ... وش صاير ... ؟ الله يستر ...
- ألو ..
- هلا شوق ، أنا عند الباب ...
- عند الباب ؟؟؟
- افتحي شوق ....
طليت من النافذة و قدرت أشوف سيارة أخوي ، و أنا أرد عليه ..
-طيب تفضل ...
ثواني ، و كان أخوي قدامي ....
مثله ... مثل شبح ... مثل مومياء ... و الله أني ما أنسى حالته ذي ... طاح قلبي يوم شفته حسبت صار شي بالأولاد أو منال ...
بلعت ريقي و همست بصوت مختفي ...
- خير ؟؟
تنهد أخوي ، قال يطمني ...
- بسم الله ... لا تخافي شوق ما صاير شي .... كلنا بخير ...
ما تطمن قلبي ... رديت أسأله :
-وش فيه ؟؟
فجأة ، ارتمى على الكنبة ... و سند ظهره عليها بتثاقل ... و رفع راسه و غمض عينه ....و مسح براحه إيده على جبينه و هو يتأوه بألم ....
أنا ظليت واقفة مثل التمثال ... مذعورة ... و لساني مو قادر يقول شي ....
فتح عينه و قال لي ... بدون أي مقدمات ....
-قمر رجعت الديرة ؟ وين هي ؟
انفجر قلبي بنبضة قوة كبيرة ، بعد انحباس .... و سرى دم حار متوهج بجسمي كله ... و ما قدرت ركبتي تشيلني ...
جيت و جلست جنبه اجمع شوية أنفاس ... و اهدىء نفسي من الفزعة ....
طالعت فيه ، و أنا صامته ... للحين لساني مشلول ... لكن نظراتي كانت تعبر بكل شرح و توضيح ....
أخوي ظل يناظرني و يقرأ تعابير وجهي ... طبعا ... الموقف صاير فوق مستوى التبرير ... و أنسب تعليق كان له ... هو شلال من الدموع فاضت من عينه قطّعت قلبي قبل تقطع طريقها على خدينه ....
مسكت راسه و قمت أمسح الدموع ... و مد إيده و مسك إيديني ... ونطق ... بالجملة الأخيرة اللي قدر ينطق بها لسانه ذيك ليلة ....
- أرجوك شوق ... شوفي لي وين هي ...؟؟؟
........................
" وتجدّد اللقاء "
أخيرا قرر أخوي ثامر أنه يتزوج ، بعد ما مرت سنة و نص من رجعنا البلد و أمي تلح عليه كل يوم !
و الاختيار كان على وحدة من معارفنا القدامى...
حفلة الخطوبة رح تكون عقب كم يوم ، و الوالدة ما خلت أحد بالديرة إلا و عزمته !
في الواقع انشغلت كثير أواخر الأيام .... و قررت آخذ أجازة كم يوم ...
ولدي بدر ... صار ما بين كل يومين ثلاثة يروح يتغذى أو يتعشى أو حتى يبات في بيت جدته ، أم بسام الله يرحمه ...
الولد صار يتعلق بعمينه ، ماجد و رائد كل يوم بعد يوم ... خصوصا بعد ما قرر ثامر أنه يرتبط ...
الولدين اثنيهم يدرسوا بالجامعة ، و فارق السن بينهم و بين بدر حول تسع سنين ... بس صاروا عنده أقرب أصحابه...
بصراحة ... أنا بديت أقلق ...
كبر الولد ... و صار شوي شوي يبتعد عني و يتعلق بأصحابه ... و بالأخص عمينه ...
أكيد هذا الشي الطبيعي ... لكن ... أنا اللي وضعي مو طبيعي ...ما أبي ولدي يبتعد عني ... هو كل اللي بقى لي من الدنيا ....
بُعد بدر عني أواخر الأيام ... يمكن أعطاني فرصة إني ... إني... أفكر في...سلطان..
ثلاث صديقات ... كانوا يوم من الأيام ... زميلات بالجامعة .... من أعز الناس على بعض ... ياما كنا مع
بعض ... نروح و نجي مع بعض ... ناكل و نشرب مع بعض ... نسولف و نضحك مع بعض ... نحزن و
نبكي مع بعض ...
الحين ... و بعد ما مر على تفرقنا حول 13 سنة ... ردينا اجتمعنا مع بعض في مكان واحد ....
كل وحدة تناظر الثانية ... بمنتهى البرود ... كأنها تتعرف عليها للمرة الأولى ...
اجتمعنا احنا الثلاث ... للمرة الأولى ... بعد كل ذاك العمر ....
الأيام تمر ... و أنا انتظر أي اتصال من قمر ... دون فايدة ...
و أخيرا اتصلت أنا بها أذكرها بوعد الزيارة ... و اعتذار بعد اعتذار ، لين في النهاية انحرجت و قررت تجيني في يوم معين ...
و جا اليوم الموعود .......
.......................
وصلت بيت شوق .... اللي ما جيته من سنين و سنين .... تغيرت فيه أشياء كثيرة
و عرفت أنهم يبنون لهم بيت ثاني ....
ما كنت أبي اجي و اسمح لذكريات الماضي أنها تظهر من جديد ...
بس إصرار شوق أحرجني و خلاني أجيها غصبا علي ، و الله يستر ... !
اللقاء كان طبيعي و عادي جدا طول الوقت ....
سألنا عن أخبار بعض ... أخبار البيت و الأطفال و العمل ...
و شفت أولادها ... ولدين اثنين ... ما عندها بنات ، و عرفت أن ( منال ) جابت بنت وحدة بعد ( نواف )
الأمور مرت طبيعية لين جيت أبي أتصل على السواق يجيني ، لما قالت لي فجأة ...
- قمر ودي أسألك سؤال ... إذا سمحت ...؟؟
- خير ؟؟؟
و من ملامح وجهها عرفت أن الموضوع ... ... ... ؟
- سبحة سلطان لسه عندك ...؟؟؟
تفاجأت ... و وقف قلبي ... حاصرتني بزاوية ما قدرت أهرب منها
وقفت و كملت اتصالي و كلمت السواق يجيني ... و حاولت اشغل نفسي بترتيب عبايتي علي ....
مسكت الشنطة ، و مدت شوق إيدها و مسكتها ... و طالعتني بنظرات كلها ألم ... كلها رجاء ... كلها
عتاب ....
- قمر الله يخليك ... سلطان أخوي تعبان ... لا تسوين فيه كذا ....
و لا تكلمت بكلمة وحدة ... و شوق ... واصلت كلامها بنبرة حزينة ...
- أنتِ أنقذتِ حياته في يوم من الأيام ... أرجوك ... لا تدمريها ...
-مع السلامة
قلتها ، و طلعت .... أنتظر السواق عند الباب ...
ما كنت أبي شوق تشوف دموعي اللي تفجرت بعيني ...
اللي تدمرت هي حياتي أنا ... مو حياتك أنت يا سلطان ...
الفصوص كانت توصل له ... و تأثر بها أكيد ...
سلطان أنت تألمت ؟؟
خلاص .... ما عاد أظهر بحياتك مرة ثانية ... و بقية الفصوص ... باتخلص منها و انتهينا....
.................... ....
النهاية ذي ما أقنعت أخوي سلطان ، لكنها على الأقل ريحت باله بعد حول سنتين من العذاب ... مع ذيك
الفصوص ...الحين صارت الشهور تمر ، و لا يعني له يوم النص منها شيء ... و لا عاد فيه قمر ... يسلم عليه ....
القصة بكذا وصلت لـ (((( النهاية )))) أخيرا ، و الحمد لله ............
الشي الجديد اللي شغل بال أخوي و بالنا كلنا هو هبة ...
صحتها أواخر الأيام صارت في تدهور ... دوم رافضة الأكل ، دوم خملانة ... دوم تعبانة أو مريضة ...
كأنها عين و صابتها ، بعد كل خفة الدم و المرح و الحيوية اللي كانت عليها ...
كنت بالمستشفى ، لما وصلتني مكالمة من ( منال ) تقول لي أنها موجودة بقسم الطوارىء و معها هبه ،
و الطبيب يقول عندها جفاف و محتاجة تنويم كم يوم ...
جيت بنفسي للطوارىء و شفت بنت أخوي ، كانت بالمرة تعبانة ، تقول أمها صار لها يومين ما تاكل شي و عندها (اسهال و تقيؤ) ... أخوي ما كان موجود ، كان بالعمل ...
تنومت هبه مع أمها بالمستشفى و بدت حالتها تتحسن شوي شوي ...
أخوي طبعا فزع لما عرف أنها بالمستشفى و جا مثل المجنون ... بس الحمد لله حالتها صارت أفضل ... نزلة معوية و تعدي على خير إن شاء الله ....
بعد يومين طلعت من المستشفى بصحة طيبة ... و استعادت نشاطها كم يوم ، قبل ما ترجع تتدهور مرة ثانية أسوأ من اللي قبلها ... و تتنوم من جديد ...
أخوي عاد ما كان له حال .... ما كان يقدر تصيبها ذرة غبار ... و كل شوي يقول لي توصي بها و وصي عيلها الأطباء ... و هم مو مقصرين ...
بعد ما استقرت حالتها ... شاف الطبيب أنه يسوي لها فحوصات أشمل ... اللي خلاني حاطة إيدي على قلبي ... و كاتمة أنفاسي ... لين صرخت بكل قوة ... صرخة هزّت جدران المستشفى ... و كسّرت النوافذ ... و زلزلت الأطوابق ... لما قال لي عقبها بيوم ...
- (سرطان الدم ..)..
طحت ... و ما دريت بحالي ...
مستحيل ... مستحيل يكون ... صحيح ... فيه خطأ ... هبة بنت أخوي ... البنت الوحيدة ... دلوعة العيلة ... مهجة قلوبنا كلنا ... عندها ... سرطان في الدم ....؟؟؟ !!!