فبادرته بالسؤ ال :
لماذا اتيت الى مزرعتى اذا ، فردّ قائلا :
ان كنت قد ضايقتك فساءعود من حيث اتيت ، قلت :
ما كـنـت ارمـى الى ذلك ، الاّ انـّى ارجـو مـنـك ان تـجـيـب عـلى اسـئلتـى بـدون احـراج ؛ لانّ هـذا الامـر يـهـمـّنى كثيرا .
فـقـال :
لقـد فـادتـنـى قـدمـاى الى هـذا المكان ، فتعلّق قلبى به تعلّقا شديدا ، ولا اعلم ما الباعث على ذلك ، فاستاءذنتك لدخول المزرعة .
ثـمّ اردف حـديـثـه بـالقـول :
ومـمـّا يـثـيـر دهـشـتـى هـو انـّى اتـصـوّر شكل هذه المزرعة كان مغايرا لما هو عليه الا ن ، ولا اجد تحليلا لتصوّرى هذا . فقلت :
حسنا ، كيف كان شكلها مثلا ؟ قـال :
كـانـت المـزرعـة تـحـفـل بـجـنـبـة الشـاى ، امـّا الا ن فـقـد حـلّت الاشـجـار مـحـلّهـا ، اليـس مـن الافـضـل ان تـسـتـاءصـل الاشـجـار وتـغـرس الشـاى مـحـلّهـا ؟ فـقـلت :
كـان الامـر كـمـا تـقول قبل عشرين سنة ، الاّ انّ الاشجار كانت غراسا فنمت ، فالشجرة سادت والجنبة بادت ، وسوف اجتثّ الاشجار واغـرس الشـاى ثـانـيـة عـملا باقتراحك ، وسوف تعود المزرعة الى سابق عهدها ان شاءاللّه بشرط ان تضيفنى كلّما زرت " لاهج " . قال :
تسرّنى رؤ يتك والا قامة فى منزلك ، ولكن يجب ان استاءذن ابى فى هذا الامر .
ثـمّ قـلت له :
مـا اسـمـك ؟ قـال :
كـمـا تـرانـى الا ن بهذه الهيئة امامك ، ان ابى اطلق علىّ اسم " مهدى " . فتداركت جـوابـه بـسـؤ الى :
مـاذا تـعـنـى بـقـولك :
كـمـا تـرانـى الا ن بـهـذه الهـيـئة امـامـك ؟ قال :
لااعلم ، انّ ذلك جرى على لسانى .
وهـنـا تـبـادر الى ذهـنـى انـّى سـاءلتـه قـبـل عـشـريـن سـنـة عـن اسـمـه فـقـال حينها :
لازلت فى هيئة لاتخطر على بالك ، فلذا لايمكننى ان اسمّى نفسى باسم . وتذكّرت انّه بيّن لى احـكـامـا ومسائل دينية ، وكان العلماء حولها مختلفين . فساءلته عن بعضها ، فاءبدى جهله بها بحركة من كتفيه ، وعقّب بالقول :
انا لا ادرك ما تقول ؛ لانّى ما درست العلوم الدينية . فقلت له :
صارحنى بكلّ ما يخطر على بالك ؛ لانّ ذلك يـعـنـيـنـى عـناية فائقة . قال :
ان كان الموضوع بهذه الخطورة فالاولى برايى ان يكون الاستجواب مطابقا لما حدث لى سابقا بدون ادنى تفاوت واختلاف . فساءلته :
اىّ المواقع من المزرعة يثير اعجابك وتركن اليـه نـفـسـك ؟ قـال :
انّى آنس بتلك الزاوية ( واشار بيده الى باب المزرعة ) ولا ادرى ما السبب ؟ اذ حين قدومى الى هنا دفعنى دافع للوقوف فيه ! وهـنـا انـجـلى الريـب ، فـهـذا الشـابّ هـو نـفـسـه الّذى كـان يـتـردّد الىّ قـبـل عـشـريـن سـنـة ؛ فـلقـد دلّ عـلى المـوضـع الّذى اعـتـاد الوقـوف فـيـه خـلال الايـّام العـشـرة . فـقـلت له :
ايـمـكـنـنـى الالتـقـاء بـاءبـيـك ؟ قال :
نعم . ذهبنا معا الى بيت مضيّفه ، وهو احد اصدقائى .
سـاءلت ابـاه :
مـا عـمـر ولدك ؟ قـال :
سـبـع عـشرة سنة ، فقلت :
ارجو منك ان تذكر لى نبذة مختصرة عن حياته .
قال :
ولكن لماذا هذا الطلب ؟ فقلت :
لى قصد وراء ذلك ، وربّما ساءشرحه لك . فاستعرض لى لمحة من حياته مـنذ ولادته حتّى لحظة لقائى معه ، ولم تكن فى حياته مواقف تثير الاهتمام . وانّى عزفت عن اخباره بحقيقة الامر ؛ لانـى لا اسـتـطـيـع تـفـهـيـمـه بـذلك ، وكـلّ مـا ذكـرتـه له هـو رؤ يـتـى لابـنـه فـى الحـلم قبل عشرين عاما بصورة مختصرة ، وانّه لقّننى بعض العلوم ولازلت احفظها ، فهو بمثابة الاستاذ بالنسبة الىّ ، واحبّ ان تبقى هذه الصلة بيننا دوما .
وخـتـم رسـالتـه بـالقـول :
ارجـو مـنـك ان تـوافـيـنـى بـتـخـريـج وتحليل لهذه الحادثة العجيبة .
وانا بدورى كتبت له جوابا مفصّلا ، اليك ملخّصه :
انّ ارواح البـشـر - طـبـق مـا روى عـن ائمـّة المـسـلمـيـن الاوائل - كـانـت تـحـيـى قبل عالمنا هذا بسنين ، ولها علم جمّ وقدرة على التصرّف كيفما تشاء . وكانت تتالف و تتعاشر فى ذلك العالم ، ولهـا ابـدان صـغـيـرة نـظـيـر ابـدان هـذا العالم . ويستفاد من الروايات انّها تاءنس فى هذا العالم اكثر بالبقاع والاشخاص الّذين راتهم او عاشرتهم فى ذلك العالم حتّى وان لم تتذكّر مكان وزمان رؤ يتهم .