عرض مشاركة واحدة

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.08 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العام
افتراضي استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام 4
قديم بتاريخ : 19-02-2014 الساعة : 10:44 AM


لقد اعترى الحديث عن ارتجاع أعراب الجاهلية مبالغات كثيرة

عادة ما ينطلق المؤرخون في دراسة تاريخ الإسلام من موضوع «جاهليّة العرب» ويتمّ الحديث بمبالغة فائقة عمّا كان يعيشه العرب قبل الإسلام وفي زمان الجاهلية من ارتجاع ووضع متدهور. طبعا وبالتأكيد إن عبارة «زمن الجاهلية» عبارة صحيحة ولكن قد تمّ تحريف من قبل المستشرقين في تحليل الظروف التي كانت تحكم العرب في أيّام الجاهليّة. فقد صوّروا صورة الحجاز قبل الإسلام صورة سوداء لا بياض فيها؛ فقالوا: قبل أن يظهر نبي الإسلام في مكه، كانت أوضاع المجتمع سيئة جدا، كان الجميع يدسّون بناتهم في التراب ويأكلون الحشرات ويتقاتلون بين أنفسهم و...

النتائج السلبية التي تؤدي إليها المبالغة في ارتجاع أعراب الجاهلية

لا شك في أن أوضاع العرب قبل الإسلام كانت سيئة جدا، ولكن لا بقدر ما يروّجه المستشرقون.
إذا اعتقدنا بارتجاع العرب قبل الإسلام بقدر ما يسوّق إليه المستشرقون، فذلك قد يؤدي إلى نتائج سلبية، غير أننا قد وقعنا عند ذلك في خطأ حَسَب الحقائق التاريخية. النتيجة الأولى لهذه المبالغة هي أن يقلّ شأن النبي(ص) وقيمة إنجازه المتمثل بتأسيس الحضارة الإسلامية وهداية ذاك المجتمع. كما سوف يستبعد الناس مدى عمق رسالة الإسلام ما ينجرّ إلى تحديد زمن الإسلام ودوره في نطاق ظرفه الجاهلي الخاصّ.
إذا كان المجتمع متدهورا ومرتجعا جدا ومن جميع الأنحاء، فسوف يبرز فيه ما كان يحظى بشيء يسير من الصلاح، بل قد يعرف فيه كمنقذ لذاك المجتمع ويحقق بعض الإنجازات والتغييرات فيه. وهذه هي النتيجة التي أراد أن يخرج بها المستشرقون. حيث قالوا: إن الدين الذي جاء به هذا الرجل كان مفيدا لذاك المجتمع المتوحش المرتجع البائس، أما الشعوب المثقفة اليوم فهي بغنى عمّا أنقذ نبي الإسلام به الوحوش.

إن عالم الغرب والشرق اليوم، يعاني من أكثر سلبيات أعراب الجاهلية ولديهم المزيد، بلا أن يحظى بأغلب إيجابياتهم

في الواقع إن مشركي مكة لم يكونوا في حضيض البربرية والوحشية بل كانت فيهم بعض الإيجابيات والفضائل التي لم تسلّط الأضواء عليها كما بالغ الكثير عند نقل سلبياتهم. في البداية أقولها بصراحة لكم؛ إن أكثر السلبيات التي كان يعاني منها العرب في الجاهلية، هي موجودة في عالمنا اليوم كما هناك المزيد من نماذج الدناءة والانحطاط التي نجدها اليوم ولا أثر لها في أيّام الجاهلية. ومن جانب آخر كان العرب في الجاهلية يحظون ببعض الفضائل والمحاسن التي إمّا لا نراها في العالم الغربي اليوم وإما لها أثر خفيف ورقيق جدا بالنسبة لما كان في أيّام الجاهلية.

الوفاء بالعهد/ أي بلد من هذه البلدان الغربية الوحشيّة يوفي بالعهد كما كان يوفي أعراب الجاهلية بعهدهم

أحد محاسن أعراب الجاهلية وفضائلهم هو الوفاء بالعهد. لقد كانت تقرع طبول الحرب بين قبائل وعشائر العرب بين الحين والآخر وبأبسط حجة وذريعة، ولكنهم كانوا ملتزمين أشدّ التزام بعهودهم وعقودهم. فأي بلد من هذه البلدان الغربية الوحشية يوفي بالعهد كما كان يوفي أعراب الجاهلية بعهدهم؟!
لقد روى المؤرّخون: لم ترأس مدينة مكة آنذاك حكومة ولا سلطة فما كان وجود لقوات السلطة والشرطة كي تتصدى لحفظ نظم البلد. فكان قد ملأ أهلها هذا الفراغ بعهودهم وعقودهم وأيمانهم وحق الجوار، وهذا ما كانت تلتزم به قريش أشدّ التزام. [علي دواني، تاريخ اسلام از آغاز تا هجرت (تاريخ الإسلام من البدء إلى الهجرة) ص14]

أعراف الزواج/ إن الأعراف السائدة على موضوع الزواج في أيام الجاهلية قبل الإسلام ليست بأسوأ مما يعيشه الغرب في هذا العصر

كان لأعراب الجاهلية أعراف خاطئة في قضية الزواج، ولكنهم على الأقلّ كانوا قد أقرّوا بقواعد وأصول في الزواج وإن كانت خاطئة، فلم يتسافلوا إلى ما تسافل إليه الغرب الآن. فإن لم يكن حال أعراب الجاهلية بأفضل من الغرب في أمر الزواج، فليس بأسوأ منه.

المأكل والمشرب/ لقد اعتاد الناس في مشرق العالم ومغربه على بعض الأطعمة الملوثة والقذرة التي لم يذقها حتى أعراب الجاهلية

كان أعراب الجاهلية يأكلون بعض الأكلات الملوّثة والقذرة وبعض الحيوانات غير المأكولة ولعلهم أغلب ما كانوا يأكلونه من الأكلات غير الصحية هو في أيام القحط والمجاعة. أما اليوم فأصبحت أمثال هذه الأكلات وما هي دونها تعرض في أسواق بعض ما تسمّى بالبلدان المتقدّمة الشرقية والغربيّة ولا يستحيون من أكلها.

يتبع إن شاء الله...


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان
رد مع اقتباس