عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية نسايم
نسايم
شيعي حسيني
رقم العضوية : 18676
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 7,218
بمعدل : 1.15 يوميا

نسايم غير متصل

 عرض البوم صور نسايم

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : نسايم المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-12-2009 الساعة : 05:32 AM


في المساء حلّ الدكتور "هاني" و"جمال" ضيوفاً على "أبي باسم" الذي استقبلهما بالحفاوة والتكريم، وبعد أن استقّر بهما المجلس وقدّم لهما أبو باسم شيئاً من الفاكهة وعصير البرتقال ،عرّف الدكتور هاني نفسه لأبي باسم قائلاً:
أنا الدكتور هاني أحد أساتذة ابنك باسم في الجامعة.
- أهلاً وسهلاً بك يا دكتور، لقد تشرّفنا بزيارتك الكريمة.
- بل لي الشرف بالتعرف على رجل طيب مثلك ،وأرجو أن تعذرني على تطفلي ولكن حبي لباسم وحرصي على مستقبله دفعني إلى التطفل والفضول بزيارتكم من أجل السؤال عن باسم وسبب تغيبه؟؟!!.
تأوه أبو باسم،وظهرت عليه علامات التأثر،وأجاب بحسرة وألم:
ليتني أعرف يا دكتور لكنت قد أجبتك،فإن قضية باسم لم تقف عند حد تغيبه عن الجامعة فقط،،بل أنه تغيّر كليّاً،ولم يعد باسم الذي تعرفه.
فمنذ فترة من الزمن وهو حابس نفسه في غرفته
لا يخرج منها إلاّ للضرورة،وقد حرّم على نفسه الطعام والشراب،حتى تدهورت صحته،كما أنه لم يعد يجلس معنا و يمتعنا بحديثه ونكاته وطرائفه كما كان يفعل من قبل،وأصبحت الوحدة والعزلة أحب إليه.
تأثر الدكتور هاني لهذا الكلام،حتى بان الألم على صفحات وجه،وراح يسأل باهتمام بالغ:
وما الذي أوصله إلى هذه الحالة؟!!!.
- قلت لك أنني أجهل السبب تماماً، فقد تغيّر فجأة.
- ألم تحاول أن تجلس معه وتكشف سرّه.
- لقد حاولت حتى كللت ومللت،كما حاولت معه أمه أيضاً ،ولكن دون جدوى.
- هل تسمح لي أن أتدخل في الموضوع؟
- بل يسعدني ذلك ،فكل ما يهمني هوأن تنتهي هذه المشكلة ويعود ابني إلى طبيعته الأولى.
- وأين باسم الآن؟
- في غرفته كعادته.
- هل من الممكن أن تناديه ليجلس معنا.
- لن يستجيب لأنه لا يحب أن يقابل أحداً من الناس.
- حاول معه، وقل له أنني موجود هنا وأود رؤيته.
- سأحاول رغم معرفتي بالنتيجة مسبقاً.
تركهما في المجلس ودخل إلى داخل البيت،وطال غيابه إلى ما يقرب من نصف ساعة، ثم عاد وعلامات الخيبة بادية على محياه،جلس متأوهاً وقال بحسرة وتأثر:
أنا آسف يا دكتور،فقد رفض باسم مقابلتك؟؟
طأطأ الدكتور رأسه إلى الأرض مدهوشاً متفكرا،وبعد برهة من الزمن رفع رأسه وقال ملتفتاً إلى أبي باسم:
أتأذن لي بالذهاب إليه في غرفته؟؟.
ــ ليس لدي مانع ولكني أخشى أن......
قطعه الدكتور هاني قبل أن يتم كلامه:
لا تخش شيئأً، فأنا واثق أني سأصل معه إلى نتيجة.
ــ كما تشاء يادكتور.
هكذا أجابه أبو باسم،ثم مهّد له الطريق إلى غرفة ولده.طرق الدكتور الباب مستأذناً،وقبل أن يأتيه الإذن فتح الباب ودخل،فهاله وأدهشه ما رأى!!!.
فقد رأى شخصاً آخر يختلف تماماً عن الشخص الذي يعرفه!!،رأى شخصاً كثّ اللحية،طويل الشعر، شاحب اللون هزيل البدن،ذابل النضارة......قابع على كرسيه الصغير يتطلّع إلى أعلى السقف بعينين غائرتين،وهو شارد الذهن مستسلم للهموم والأحزان....
حاول الدكتور -هاني- أن يخفي ما أصابه من الهول والروع, وتقدم نحو باسم بخطى بطيئة وثقيلة، إلى أن وصل إليه ووضع يده على كتفه ملقيا التحية عليه بقوله:
كيف حالك يا باسم؟.
رفع باسم طرفه إلى الدكتور وأطال النظر في وجهه بصمت رهيب , ثم أشاح بوجهه عنه إلى الجهة الأخرى، دون أن يرد التحية , أو يتكلم ببنت شفة.... استدار إليه الدكتور من الجهة الأخرى وبدأ يتأمل في وجهه من جديد، وهما في صمت قاتل حزين... طأطأ باسم رأسه إلى الأرض , فمد الدكتور إليه يده وهي ترتعش من التأثر , وضعها تحت ذقته ورفع وجهه فلاحظ
دمعة خرساء تسيل من عين باسم على خده... مسحها الدكتور بلطف وراح يقول بنبرات حزينة مؤثرة :
ما بك يا باسم؟ ما الذي أصابك؟ وماذا دهاك؟
تأوه بقوة , ولم يجب بشئ , وإنما قام عن كرسيه . ووقف مقابلا الحائط واضعا يديه خلفه معطيا الدكتور ظهره .... بدأ الدكتور يتأفف ويتضجر من باسم وتصرفاته . ولكنه ما زال يحلّي نفسه بالصبر , ويمنيها بالأمل ... وقف خلف باسم ووضع يده على كتفه وادار وجهه إليه , وهزّ كتفيه برفق وراح يقول وهو يتطلع في وجهه :
ما ظننتك هكذا يا باسم ! أبهذه الطريقة تقابلني ؟! أنسيت من أنا؟! ألست أنا أستاذك الدكتور ‘‘هاني‘‘ وأقرب الأساتذة إليك من بين الدكاترة ؟!
طأطأ رأسه إلى الأرض قليلاً، ثم رفعه وقال بصوت حزين:
أرجوك يا دكتور،اذهب واتركني وشأني.
مسك الدكتور يده وضغطها بلطف وراح يقول:
وكيف أتركك وأنت.....
ــ أرجوك يا دكتورلا تكمل،قلت لك:
اتركني وشأني،ولو سمحت تفضل مع السلامة،فإني أريد أن أخلو بنفسي قليلاً.
تأثر الدكتور هاني كثيراً،وتغيّرت ملامح وجه،وأصابته الحيرة والإرتباك،حتى أنه لم يدر ماذا يفعل.....تأوه بألم و قال:
الله!!،أإلى هذا الحد يا باسم؟؟!!،تطردني من بيتك وأنا قد جئت من أجلك؟؟!!،حسناً..حسناً،كما تشاء يا باسم..كما تشاء.
قال ذلك لباسم،ثم أدار وجهه مولّيا شطر الباب وقد عزم على الخروج...وصل إلى باب الغرفة ووضع يده عليه ليفتحه،وما أن همّ بفتحه،حتى سمع صوتاً حزيناً تكاد تخنقه العبرة،يناديه من خلفه:
دكتور هاني..،أرجوك لا تذهب،أنا آسف جدا،ارجع من فضلك.
استوقف الصوت الحزين الدكتور هاني،وجعله يطأطىء رأسه إلى الأرض متأوهاً، لتمضي عليه لحظات ولحظات وهو على تلك الحالة....رفع رأسه ليفاجأ بباسم وهو يرمي نفسه على صدره وقد استسلم للبكاء،حتى علا نشيجه وارتفع صوته وغرق في بحر دموعه...منحه الدكتور هاني فرصة ليخفّف أحزانه ،ويغسل آلامه بدموع عينيه،مرّت عليه لحظت وهويبكي..ويبكي..ويبكي..والدكتور هاني يربت على كتفه،إلى أن هدأ من بكائه قليلاً،فرفع الدكتور رأسه عن صدره،وجعل وجهه بين راحتي يديه،وراح يمسح دموع عينيه عن خديه،محاولاً أن يُهدء من روعه ويخفّف من حزنه،وهو يردد:
اهدأ يا باسم،أرجوك اهدا يا حبيبي،يكفيك بكاءً يا عزيزي...
ثم أخذ بيديه وأجلسه على كرسي خشبي صغير،وقد هدأ باسم قليلاً...توجه الدكتور هاني إلى باب الغرفة فتحه قليلاً وصاح رافعاً صوته:
يا أبا باسم..يا ابا باسم..أين أنت؟؟،أرجوك احضر بسرعة.
أقبل أبو باسم مسرعاً حتى كاد يسقط من فرط سرعته،ومن تلهفه لمعرفة أخبار ولده،لم يلتقط أنفاسه،بل راح يسأل:
ها أنا قد أقبلت،بشرني يا دكتور،ما هي أخبار ولدي؟؟،وهل تعرّفت على مشكلته؟؟.
ــ اطمئن يا أبا باسم،كل الأمور إلى خير،فقط قدم لنا
الآن قدحين من الماء،وكأسين من عصير الليمون،وكن مطمئناً.
ــ حالاً يا دكتور،حالاً.
غاب قليلاً ثم عاد يحمل صينية متوسطة الحجم،في وسطها قدحي الماء وكأسي العصير.
دفع الصينية إلى الدكتور وعاد يسأل:
أرجوك يا دكتور طمئني عن ولدي،فإني متشوق لمعرفة الأخبار.
ــ قلت لك: اطمئن يا أبا باسم،فليس هناك ما يدعو إلى القلق والانزعاج؟
ــ اسمح لي أن أكون معكما.
ــ من الأفضل أن تدعنا وحدنا،صدقني،فاذهب وكن مطمئن القلب،هادىء النفس.
ـ آه،ومن أين أهدأ؟؟!!،ولكن كما تحب،سأذهب،وأرجو أن لا تتأخر عليّ،فإني في غاية القلق والشوق لمعرفة أخبار ولدي وحبيبي.
ــ ما هي إلاّ دقائق معدودة،وستأتيك الأخبار السارة إن شاء الله.
انصرف أبو باسم وهو يتمتم:
إن شاء الله،إن شاء الله
أغلق الدكتور هاني باب الغرفة،ووضع صينية العصير على طاولة مكتبية كان باسم يستذكر عليها دروسه ويكتب واجباته،وجلس بالقرب من باسم على كرسي آخر،وقدم له قدحاً من الماء.
أخذه باسم شاكراً وشرب منه قليلاً ثم وضعه مكانه..التفت إلى الدكتور خجلاً،وراح يقول محاولاً الإعتذار:
أنا آسف جدا يا دكتورهاني،فلم يكن قصدي أن...
تبسم الدكتور هاني،ووضع يده على كتف باسم وهزّه برفق،وقال وهو يتطلع في وجهه الشاحب:
لا داعي للأسف يا باسم،فلم يحدث أي شيء إطلاقاً،فدعك من الإعتذار،وكل ما أريده منك الآن أن تتناسى أنني أستاذك،وحدثني كصديق وفيّّ مخلص،فأنت تعلم كم أنا أحبك وأتمنى لك الخير والسعادة،فافتح لي قلبك،وأخبرني عن مشكلتك،فلعلي أستطيع مساعدتك؟.
- فات الأوان يا دكتور ، فقد تحطمت حياتي ولم يعد هناك جدوى من الحديث .
- ما عهدتك يائساً مستسلماً؟؟!!.
- إلاّ في مشكلتي هذه، فأنا يائس فعلاً، ليقيني بأنه ليس لها حلّ.
- ليست هناك مشكلة ليس لها حلّ ، صدقني يا باسم ،فقط افتح لي قلبك ، وسترى أننا سنصل إلى نتيجة بإذن الله تعالى.
يتبع


توقيع : نسايم

يا باب الحوائــج حاجتي يمكــ
عليك اقسم بضلع الطاهرة امــكـ


إلهي أسئلك العفو والعافية

عافية الدنيا والأخرة
من مواضيع : نسايم 0 رائحة القهوة
0 فلكي يصف إمكانية رؤية قمرين بـ«كذبة أغسطس»
0 سحابة «سـوداء» أخفت برج سـاعة مكـة
0 بالورد والياسمين نرحب بالأخ العزيز الرادود علي حامد الكاظمي
0 الشاعر واثق العيساوي والملا باسم الكربلائي في قصيدة ماجينه
رد مع اقتباس