|
شيعي محمدي
|
رقم العضوية : 30624
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 3,716
|
بمعدل : 0.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
تشرين ربيعة
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 04-10-2009 الساعة : 11:35 PM
الحلقة التاسعة والعشرون
(مجزرة كركوك 1959: الحقيقة والحدث)
الجزء الخامس
موقف الحزب الشيوعي العراقي بشأن مجزرة كركوك
تباينت ردود الفعل على المجزرة التي ارتكبت في كركوك ففي الوهلة الأولى أتخذ الحزب موقفا دفاعيا يلقي باللائمة على (الجهات الاستعمارية والموتورة والحاقدة) كما دأبت أدبيات الحزب على الترديد.
وقد رفع ممثلو الهيئات والمنظمات الشيوعية في كركوك مذكرة إلى عبد الكريم قاسم وصفوا فيها ما حدث في كركوك بالصيغة التي أرادوها وشنوا هجوما على ضحايا المجزرة فاتهموهم بالتآمر والرجعية والتحرك في ركاب شركات النفط الاحتكارية وتعريض مكاسب الجمهورية للخطر، وطالبوا عبد الكريم قاسم بالوقوف ضد العناصر المتآمرة، وكتبت جريدة (اتحاد الشعب) مقالا بعنوان (مزيدا من الحزم إزاء العابثين في كركوك) ومقالا آخر بعنوان (مغزى قمع المؤامرة الاستعمارية في كركوك) وذلك في الثامن عشر من شهر تموز(يوليو) 1959.
ونشرت الجريدة ذاتها مقالا آخر في 22 تموز(يوليو) 1959 ادعت فيه أن مدينة كركوك هي مركز لهيمنة ونشاطات عملائها وعملاء بعض دول حلف بغداد، وبعد أن ادعى المقال بأن مؤامرة كانت تحاك في المدينة فإنها أفادت بأن: قوى الجمهورية اليقظة قد أظهرت قدرتها الجبارة، فأنزلت ضربتها القوية الحازمة (في مدينة كركوك) بنفس الطريقة المحنكة عند سحقها مؤامرة الشواف!
وبعد تصريحات عبد الكريم قاسم التي شجبت الأعمال الوحشية في كركوك وبعد المؤتمر الصحفي الذي عقده فقد سعى الحزب إلى امتصاص النقمة الشعبية وعقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اجتماعا موسعا اعتبرت فيه ما جرى في كركوك وغيرها من مدن العراق "اندفاعات خاطئة نشأت عن جزع جماهير الحزب على خسران مكاسبها وأدت إلى تجاوزات وأعمال تنكيل خاطئة" .
وتراوحت المواقف الرسمية للحزب الشيوعي بين رفض المسؤولية عن الأحداث إلى اعتبارها اندفاعا خاطئا ثم إلى الرجوع عن هذه البيانات وإلقاء اللوم على الضحية مجددا.
ومن شهود العيان وقياديي الحزب آنذاك، عزيز محمد والذي كان مسؤولا عن منطقة الشمال في الحزب فهو يقول في شهادة له:
" أستطيع أن أعطي شهادة دقيقة عما حصل. كان الجو في كركوك عشية الذكرى الأولى للثورة متوترا. وتقرر إقامة موكب موحد للاحتفال بالذكرى. الأخوة التركمان أرادوا الإنفراد بموكب مستقل، وهو من حقهم.غير أنه في أجواء التوتر تلك بدا غير مقبول لأطراف أخرى لسنا من بينها."
" وتعرض الموكب لإطلاق الرصاص، ولم تعرف الجهة التي أطلقت منها وسببت الفوضى، بل الهستيريا، حتى الآن. ففقدت السيطرة على الوضع وحدثت انتهاكات وأعمال تصفية ضد التركمان، لم يكن لنا فيها كمنظمة أي دور، بالعكس بذلنا أقصى ما نستطيع من جهود لحقن الدماء ولم نوفق."
ولا تتفق هذه الشهادة مع شهادة أخرى أوردها عضو الحزب الشيوعي العراقي عادل مصري(أبو سرود) الذي كان في وقت مجزرة كركوك عضوا في لجنة الحزب الشيوعي المحلية في كركوك، فيذكر :
"أثارت مشاركة أبناء جميع القوميات المتعايشة في كركوك دون استثناء حنق عملاء شركة النفط الذين فشلوا حتى تلك اللحظة في القيام بأي عمل تخريبي ضد المسيرة، إلا أنهم وكما تبين فيما بعد كانوا يبيتون لمجزرة ضد المواطنين العزل المشاركين في المسيرة السلمية فبعد دخول المسيرة شارع أطلس ومع وصولها كازينو الشباب(!) وسينما أطلس انهالت عليها من السطوح الحجارة وقطع الآجر ثم سرعان ما انهمرت زخات الرصاص من سطح أحد المنازل المطلة على الشارع وفوجيء الناس بهذا العمل العدواني الغادر فتزاحموا مندفعين من الشارع الضيق وشق البعض طريقه مفتشا عن مصدر النيران لإسكاته وفاض الشارع بالجموع التي راحت تزحف فوق بعضها في جو من الفزع والفوضى وتوالت المشاهد المفجعة خاصة منظر الأطفال الهلعين المولولين والأقدام تدوسهم. ولحسن الحظ لم يمت أحد منهم وسقطت النساء أيضا تحت الأقدام.
وتطورت الأمور بسرعة ولم يمكن السيطرة عليها وانطلقت عناصر يبدو أنها كانت مهيأة سلفا من قبل عملاء شركة النفط تشيع وتؤجج الفوضى وتحرض الناس على كسر أبواب الدكاكين وعلى القتل والنهب وإشعال الحرائق خاصة في بعض المتاجر العائدة للمالكين من التركمان وغيرهم وبلغ هياج الناس حدا أصبح كل إنسان في الشارع أيا كان مهددا بالموت لمجرد أن يرتفع بوجهه إصبع اتهام مهما كان مصدره."
"وبقي الرصاص يطلق من قلعة كركوك القديمة بصورة متقطعة طيلة ثلاثة أيام ولم يمكن إسكاته إلا بعد تمشيط القلعة من قبل الجيش والمقاومة الشعبية وجاءت مشاركة المقاومة الشعبية في عملية التمشيط استجابة لطلب تقدمت به قيادة الفرقة الثانية ولتوجيهات وصلت من بغداد بوضع حد لإجرام العناصر الرجعية المعادية للجمهورية.إن ما حدث في كركوك وما تعرضت له مسيرة الذكرى الأولى لثورة تموز فيها، لم يكن غير عدوان آثم دبره عملاء شركة النفط وقوى الردة في المدينة."
يتبين من شهادة السياسي المذكور أن الحجارة والرصاص قد انهالت على المواطنين العزل المشاركين في المسيرة ولكن الذين قتلوا وسحلوا هم المعتدون وليس الضحايا، ولم يجب عادل مصري على السؤال الذي أورده عبد الكريم قاسم نفسه إثر أحداث المجزرة بقوله: أرني شخصا واحدا قتل من الطرف المقابل، لماذا كل القتلى من التركمان؟
وبذلك فقد فوت الكثير من شهود الحادث آنذاك على أنفسهم فرصة النقد الذاتي وشجب عمليات القتل والسحل والتنكيل لأسباب سياسية متناسين الجانب الإنساني من الموضوع وتجاهلهم لكل التقارير المحايدة التي شخصت الموضوع والمعتدين بصورة دقيقة.
|
|
|
|
|