|
محـــــاور عقائدي
|
رقم العضوية : 7206
|
الإنتساب : Jul 2007
|
المشاركات : 3,190
|
بمعدل : 0.49 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حيــــــــــدرة
المنتدى :
منتدى الشبهات والردود
بتاريخ : 16-05-2009 الساعة : 02:58 AM
الشــــــــــــبهة :
ان الكليني لم يروِ عن المعصوم مباشرة :
لماذا لم يروِ الكليني كتابه الكافي عن المعصوم مباشرة رغم انه كان معاصراً لثلاثة من الأئمة وهم الإمام الهادي والعسكري والمهدي (ع)، ولماذا لم يروِ عن السفراء الأربعة وروى عن رواة غير معصومين مما تسبب في تطويل السند بلا طائل وتسبب ذلك في الرواية عن غير الثقاة من الفطحية والواقفة وتسبب ذلك في وقوع الانقطاع والإرسال والاضطراب في رواياته.
--------------------------------------------------------------------------------
الجواب:
أولاً...:
لم يَّدع أحد من المؤرخين وعلماء الرجال من الفريقين أن الشيخ الكليني رحمه الله تعالى كان معاصراً للإمام الهادي (ع) على أن احتمال ذلك مستبعد، وذلك لان الإمام الهادي (ع) ولد سنة 212هـ وتُوفي سنة 254 هـ، والشيخ الكليني وان لم تُذكر سنة ولادته إلا أنَّ سنة وفاته محرزة، فهي مردَّدة بين سنة 328 هـ وبين سنة 329 هـ فالاختلاف بين التاريخيين لا يتعدى سنة واحدة، وعليه لو افترضنا أن الشيخ الكليني قد وُلد سنة وفاة الإمام الهادي (ع) لكان عمره حين وفاته سنة 328هـ أربعة وسبعين سنة أو خمسة وسبعين سنة بناءً على التاريخ الثاني، فإذا افترضناه معاصراً للإمام الهادي (ع) فهذا يقتضي انه وُلد قبل وفاة الإمام (ع) بعشرين سنة أو أقل أو أكثر بقليل حتى يتمكن من تحمُّل الرواية عنه، وعليه يكون عمر الشيخ الكليني يوم وفاته قرابة الأربعة والتسعين سنة، وهذا يعني انه من المعمرين ولم يدَّع أحد له ذلك.
وكذلك لم يذكر المؤرخون وعلماء الرجال انَّه كان معاصراً للإمام العسكري (ع) والذي توفي سنة 260 هـ نعم يمكن أن يكون قد أدركه أما انه قد عاصره وأمكنه تحمُّل الرواية عنه فذلك شيء لم يذكره المؤرخون وعلماء الرجال خصوصاً وانَّ الكليني رحمه الله ولد في الري وبقي فيها أكثر عمره ولم يؤثر عن أحد المؤرخين انه كان قد سافر إلى سامراء موطن إقامة الإمام العسكري (ع) طوال حياته الشريفة.
على انه لو قبلنا بفرضية أنَّ الشيخ الكليني رحمه الله كان معاصراً للإمام العسكري (ع) ورغم ذلك لم يرو عنه مباشرةً فما الضير في ذلك، وقد كان المتعارف بين الصحابة الرواية عن بعضهم البعض رغم معاصرتهم جميعاً للرسول الكريم (ص) وقد كان أحدهم يعتمد على ما يرويه الآخر عن الرسول (ص) فيرويه بواسطته ويتديَّن به في معاملاته وعباداته.
وثانياً ...:
ان معاصرة الكليني رحمه الله تعالى للسفراء الأربعة لا تقتضي التقاءه بهم, وإذا كان قد التقى بهم فإنَّ ذلك لا يقتضي انه كانت له معهم صحبة بل لم نقف على أحد ذكر انَّ أحدهم كان من مشايخ الكليني رحمه الله تعالى، بل المُستظهر من كلام الشيخ النجاشي انَّ محل إقامة الشيخ كان في مسقط رأسه وهي مدينة الري حيث أفاد: "محمد بن يعقوب بن اسحاق أبو جعفر الكليني شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يُسمَّى الكافي في عشرين سنة...".(1)
ثالثاً ...:
إنَّ الإشكال المذكور يتجه على كتب الحديث التي دوّنها علماء السنة ومحدِّثوهم، فلماذا لا نجد كتاباً جامعاً لأحاديث الرسول (ص) مأخوذاً عن الخلفاء الثلاثة بدلاً من هذه المجاميع الحديثية المشتملة على الضعيف والمقطوع والمرسل والمضطرب، والمليئة بالمتناقضات والموضوعات.
فأحسنْ مدوِّناتهم في الحديث وأوثقها بنظرهم هما صحيح البخاري وصحيح مسلم, وقد كانت الفاصلة بينهما وبين وفاة الرسول تزيد على المائة والخمسين سنة فقد وُلد الأول سنة 194 هـ وولد مسلم سنة 204 هـ فلم يكونا قد أدركا عصر الصحابة بل ولم يُدركا عصر التابعين والذي كان قد انتهى عند حدود خمسين ومائة للهجرة.
على ان السنَّة بمجملها لم تكن قد دوِّنت إلا في صدر القرن الثاني من الهجرة وكان قد تمّ الشروع في تدوينها بعد انْ أمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز أبا بكر بن حزم وقال له: "انظر ما كان من حديث رسول الله (ص) أو سننه فاكتبه لي فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء" الموطأ إلا انه لم يتيسر لهذا الرجل انجاز الأمر بل لم يكد يشرع فيه حتى عاجلت المنيةُ عمر بن عبد العزيز فعُزل هذا الكاتب بمجرَّد تولِّي الخليفة يزيد بن عبد الملك شئون الحكم سنة 101 هـ وبقيت السُنَّة دون تدوينٍ يُذكر إلى ان تولَّى الحكم هشام بن عبد الملك سنة 105 هـ فتصدّى للتدوين ابن شهاب الزهري على كراهية منه، فقد ذكر الخطيب البغدادي عن الزهري انه قال: "كنا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء فرأينا ألا نمنعه أحداً من المسلمين"(2)، ونقل ابن عبد البر عن الزهري انه قال: "استكتبني الملوك فأكتبتُهم فاستحييت الله إذ كتبها الملوك ألا أكتبها لغيرهم".(3)
ورغم إنَّ ابن شهاب الزهري يُعتبر أول مَن دوَّن الحديث عندهم إلا ان ما دوَّنه لم يكن يرقى لمستوى التصنيف فلم يكن مبوباً ولم يكن جامعاً، ولهذا ذكر ابن حجر في مقدمة كتابه فتح الباري: "ان آثار النبي (ص) لم تكن في عصر أصحابه وكبار تابيعهم مدوّنة في الجوامع ولا مرتبة، لأنهم نُهوا عن ذلك كما في صحيح مسلم ثمّ حدث في أواخر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار".
وقد أفاد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين: "بل الكتب والتصانيف محدثة لم يكن شيء منها في زمن الصحابة وصدر التابعين وإنما حدث بعد سنة مائة وعشرين من الهجرة وبعد وفاة جميع الصحابة وجملة التابعين رضي الله عنهم وبعد وفاة سعيد بن المسيب والحسن وخيار التابعين بل كان الأولون يكرهون كتب الأحاديث وتصنيف الكتب لئلا يشتغل الناس عنها عن الحفظ وعن القرآن وعن التدبُّر والتذكر".(4)
وبذلك يتضح انَّ مجمل ما دوَّنه المحدثون مما روي عن الرسول (ص) إنما أُخذ من صدور الرواة الذين لم يكونوا من الصحابة وأكثرهم لم يكونوا من التابعين.
وأما ما أورده الكليني في كتابه فقد أخذه من أصحاب الأئمة ممن عاصرهم وممن سمعوا من الأئمة (ع) بلا واسطة أو بواسطة أو أكثر وكان ما أخذه منهم بالسماع والقراءة مدوَّناً، فقد كان ذلك هو دأب أصحاب الأئمة (ع) ولهذا لم يكن في كتاب الكافي إلا ما كان في مدَّونات أصحاب الأئمة المعبَّر عنها بالأصول الأربعمائة المشتهرة بين الشيعة والتي كان عليها العمل في الفترة ما بين عصر الإمام الصادق (ع) وزمان الإمامين العسكريين (ع) وقد ذكر طريقه إلى كل رواية أخذها من تلك الأصول، فحتى لو كان قد أخذ من ذلك الأصل عشرين رواية أو أكثر فإنَّه يذكر طريقه في كل مرة إلى صاحب ذلك الأصل وذلك واضح لمن لاحظ الكتاب.
فغاية ما يمتاز به كتاب الكافي عن الأصول هو التبويب والتصنيف وبيان طرقه إلى كل روايةٍ أخذها من تلك الأصول وبذلك يكون الكليني قد ساهم في حفظ الأصول عن الضياع فالأصول وإن كان قد ضاع بعضها إلا انه يمكن انتزاع الكثير منها من مجموع الكتب الأربعة التي صنّفها المحمدون الثلاثة الكليني والصدوق وأبو جعفر الطوسي.
وأما القول بأن الكليني لم يأخذ الرواية عن المعصومين مباشرة فإنَّ جوابه انَّه وإنْ لم يكن قد أخذها من المعصومين مباشرة نظراً لتأخره عن زمانهم ونظراً لظروف التقية والغيبة المانعة من أخذها عن الإمام الحجة (عج) مباشرة إلا انه أخذها ممن أخذها مباشرة عن المعصومين بواسطة أو بوسائط قليلة جداً، على إنها كانت مدوَّنة ومنضبطة ولم تكن محفوظة في الصدور فيدخل عليها الوهم والنسيان والنقل بالمعنى ثم إنَّ هذا الإشكال لو كان تاماً وكان الكليني قد أخذها من المعصوم مباشرة لجاء الإشكال في الكليني نفسه حيث لم يكن معصوماً ولكان الإشكال مطرداً فيمن ينقل عن الكليني وهكذا، وعلى ذلك يلزم أن يكون رواة الحديث معصومين.
والعجيب انَّ المُورِد لهذا الإشكال السقيم يغضُّ الطرف عن المجاميع الروائية التي دوَّنها محدثوا السنة، فهم لم يأخذوها عن المعصومين مباشرة ولا عن الصحابة بل ولا حتى عن التابعين، فقد انقضى جيل التابعين قبل أن يُولد البخاري ومسلم بأكثر من أربعة عقود فضلاً عن أصحاب المجاميع الحديثية الأخرى، وإذا كان ثمة مدَّونات قبلها فإنها إنما دوّنت في نهاية عصر التابعين ولم يمكن مجموعها جامعاً لأحاديث الرسول (ص) وكانت من القلة بحيث لم يتيسّر لأصحاب المجاميع الحديثية الاعتماد عليهما، فلذلك كانوا يأخذون الحديث من صدور الرواة. فالوسائط بين أصحاب المجاميع وبين الرسول (ص) كانت متعددة ولم تكن قصيرة ولم يكن الرواة من المعصومين بل ولم يكن جميعهم من الثقاة فكان فيهم الضعيف والكذاب والمدلس وغير الثبت.
وإذا كان ما انتخبه البخاري ومسلم من مجموع الروايات كانا قد أخذاه من الثقاة فذلك إنما كان بنظرهما، فليس ثمة إجماع على وثاقة كلِّ مَن روى عنه البخاري ومسلم بحسب الضوابط الرجالية المعتمدة عندهما وعند علماء السنة.
ذكر ابن حجر في مقدمة كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري: "ان الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضع وثلاثون رجلاً المُتكلَّم فيهم بالضعف منهم ثمانون رجلاً، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة رجلاً، المُتكلَّم فيه بالضعف مائة وستون رجلاً... وأما ما يتعلق بعدم العلة وهو الوجه السادس فإن الأحاديث التي اُنتُقدت عليهما بلغت مائتي حديث وعشرة أحاديث كما سيأتي ذكر ذلك مفصّلاً في فصل مفرد اختص البخاري منها بأقل من ثمانين وباقي ذلك يختص بمسلم، ولا شك ان ما قل الانتقاد فيه أرجح مما كثر".(5)
فابن حجر العسقلاني أفاد في هذا الذي ذكره انَّ ثمانين رجلاً ممن روى عنهم البخاري كانوا مورد خلاف بين العلماء فمن العلماء من رماهم بالضعف ومنهم قال بتوثقيهم, فليس ثمة إجماع على وثاقتهم, وأما مَن روى عنهم مسلم واعتمدهم ففيهم مائة وستون رجلاً اختلف العلماء فيهم بين مضعِّفٍ وموثِّق. وأفاد ان مائتين وعشرة من الأحاديث كانت مورداً لنقد العلماء اختص منها البخاري بأقل من ثمانين والباقي اختص بها مسلم، هذا وقد عقد ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه فتح الباري فصلاً كاملاً ذكر فيه أسماء من طُعِنَ فيهم من رجال البخاري وذكر منشأ الطعن وأجاب عنه بحسب رأيه، وقد انتهى عدد مَن ذكرهم أربعمائة اسم كلهم قد طُعن فيهم.(6)
وفي كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي قال: "قال سعيد البرذعي شهدت أبا زرعة ذكر صحيح مسلم وان الفضل الصائغ ألف على مثاله فقل: هؤلاء أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوَّقون به، وأتاه يوماً رجل بكتاب مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث لأسباط بن نصر فقال: ما أبعد هذا من الصحيح ثم رأى قطن بن نسير فقال لي: وهذا أطم ثم نظر وقال: يروي عن أحمد بن عيسى وأشار إلى لسانه كأنه يقول الكذب، ثم قال: يُحدّث عن أمثال هؤلاء ويترك ابن عجلان ونظراءه ويطرق لأهل البدع علينا فيقولوا ليس حديثهم من الصحيح..".(7)
وورد في حاشية العطار على شرح الجلال: "احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة وعمرو بن مرزوق واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم وهكذا فعل أبو داود".(8)
وفي مقدمة ابن صلاح قال: "ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح فيهم كعكرمة مولى ابن عباس وكإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم".(9)
وفي كتاب عمدة القاري للعيني قال: "في الصحيح جماعة جرحهم بعض المتقدمين وهو محمول على انه لم يثبت جرحهم بشرطه، فإن الجرح لا يثبت إلا مفسَّراً مبيَّن السبب عند الجمهور ومثَّل ذلك ابن صلاح بعكرمة وإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم ، قال: واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة ممن اشتهر الطعن فيهم، قال: وذلك دال على ان الجرح لا يُقبل إلا إذا فسِّر سببه، قلتُ: قد فسِّر الجرح في هؤلاء، أما عكرمة فقال ابن عمر لنافع لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس، وكذَّبه مجاهد وابن سيرين ومالك، وقال أحمد يرى رأي الخوارج الصفرية، وقال ابن المديني: يرى رأي نجدة ويقال كان يرى السيف، والجمهور وثَّقوه واحتجوا به ولعله لم يكن داعية.
وأما إسماعيل بن أويس فإنه أقرَّ على نفسه بالوضع كما حكاه النسائي عن سلمة بن شعيب عنه، وقال ابن معين: لا يساوي فلسين هو وأبوه يسرقان الحديث، وقال النضر بن مسلمة المروزي فيما حكاه الدولابي عنه: كذاب كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب.
وأما عاصم بن علي فقال ابن معين: لاشيء، وقال غيره: كذاب ابن كذاب، وأما أحمد قصدقه وصدق أباه.
وأما عمرو بن مرزوق فنسبه أبو الوليد الطيالسي إلى الكذب، وأما أبو حاتم فصدقه وصدق أباه فوثقه.
وأما سويد بن سعيد فمعروف بالتلقين، وقال ابن معين: كذاب ساقط، وقال أبو داود: سمعت يحيى يقول هو حلال الدم.
وقد طعن الدارقطني في كتابه المسمى بالاستدراكات والتتبع على البخاري ومسلم في مائتي حديث فيهما، ولأبي مسعود الدمشقي عليهما استدراك وكذا لأبي سعيد الغساني في تقييده".(10)
هذه بعض كلمات كبار علماء السنة في الصحيحين، ولولا خشية الإطالة لنقلنا الكثير منها، فإذا كان هذا هو شان الصحيحين فما هو حال المجاميع الحديثية الأخرى والتي هي دونها في الإتقان والضبط.
والخـــــــــــــــــلاصة فيه كله :
مما ذكرناه ان الإيراد على الكليني بأنَّه لم يأخذ عن المعصوم مباشرة وارد على جميع مدوَّناتهم الحديثية بل ورود الإشكال عليها أظهر نظراً لبعد الفاصلة الزمنية بينهم وبين المعصوم (ع) فإذا كان ذلك لا يضر بصحة الاعتماد على الروايات إذا كان رواتها ثقاة فليكن ذلك بالنسبة لروايات الكليني في الكافي، على انَّ احتمال الخطأ والسهو والتدليس بالنسبة للروايات التي أوردها الكليني في كتابه أضعف من احتماله بالنسبة لمدوناتهم لان الكليني اعتمد فيما رواه على أصول مشتهرة وكانت له طرق إليها، ولم يكن ينقل بالمعنى كما هو ذلك دأب البخاري في صحيحه(11).
وأما القول بأنَّ في أسانيد الكليني تطويلاً بلا طائل فهذا لو صحَّ فإنه لا يضر بصحة الرواية إذا كان رجال السند من العدول، على ان أسانيد الكليني ليست بأطول من أسانيد البخاري ومسلم بل كان كثير منها لا يتجاوز الأربعة وسائط وفيها ما هو أقل وفيها ما هو أكثر بقليل، وأما الوسائط التي كانت بين البخاري ومسلم وبين الرسول (ص) فهي لا تقل عن أربع وسائط غالباً وكثيراً ما كانت تزيد على ذلك.
وأما اشتمال كتاب الكافي على المرسل والمنقطع والضعيف فهو مسلَّم ونحن لم ندَّعِ انَّ كل ما ورد في كتاب الكافي صحيح، ورغم ذلك فإنه اشتمل على أكثر من أربعة آلاف رواية صحيحة السند متصلة الإسناد وأكثر من خمسة آلاف بين صحيح وقوي وموثَّق، وما بقي من رواياته فهو بين ضعيف ومختلف في صحته وضعفه.
فمجموع الروايات الصحيحة والموثقة والحسنة القوية التي أوردها الكليني في كتابه تزيد على أورده البخاري في جامعه بعد حذف المكرر.
فما ورد في صحيح البخاري لا يتجاوز الأربعة آلاف رواية بعد حذف المكرر.
ثم انَّه لا يصح الطعن على الكليني لأنه أورد في كتابه روايات ضعيفة الإسناد فهو لم يدَّع انَّ كل ما أورده في كتابه فهو صحيح أو موثَّق بل أفاد في خطبة الكتاب بما يعبِّر عن عدم التزامه بذلك، فكما لا يصح الطعن على الإمام أحمد بن حنبل لإيراده في مسنده الكثير من الروايات الضعيفة لأنه لم يلتزم بنقل ما هو صحيح وحسن فكذلك لا يصح الطعن على الشيخ الكليني، نعم يصح الطعن على مثل البخاري ومسلم لأنهما التزما بصحة كل ما أورداه في كتابيهما رغم ان الواقع لم يكن كذلك كما اتضح مما تقدم.
هذا والحمد لله رب العالمين
__________________________
1- رجال النجاشي: 377.
2- تقييد العلم: ج1/256.
3- جامع بيان العلم وفصله: ج1/360.
4- إحياء علوم الدين: ج1/84.
5- مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري: ج1/9.
6- مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري: ج1/382-461.
7- سير أعلام النبلاء: ج12/571.
8- حاشية العطار على شرح الجلال: ج4/221.
9- مقدمة ابن صلاح: ج1/20.
10- عمدة القاري: ج1/18.
11- فتح الباري لابن حجر: ج16/296، مقدمة الفتح لابن حجر: ج1/488، سير أعلام النبلاء: ج12/411، الإرشاد في معرفة علماء الحديث: ج3/175، مقدمة الفتح: ج1/479.
__( حيـــــــــــــــــــــــدرة )__
|
|
|
|
|