|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 18676
|
الإنتساب : Apr 2008
|
المشاركات : 7,218
|
بمعدل : 1.16 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نسايم
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 06:03 PM
صرخت بوجهها و اتهمتها أنها المسؤولة ، مع أن ما لها يد في اللي صار بس و أنا أشوف قمر قدامي مثل
المجنونة ... فقدت كل أعصابي ... تهاوشت معها هوشة حقيقية و منعتها تدخل الغرفة ، و أنا اصرخ :
- (وش تبون بعد أكثر ؟ موتوا الرجـّـال و رمـّـلوتها و فجعتوها و عشتوا أنتوا ...
ابعدوا عنها الله لا يبارك فيك يا سلطان ، الله لا يهنيك يا سلطان ،
الله ياخذك و يريحنا منك يا سلطان الزفت )
بعدها ، علاقتي بشوق تدهورت ، و كل وحدة راحت لحالها ...
ظلت قمر على ذا الحال بين انتكاس و تحسن ، لين جابت ولدها اليتيم الوحيد ( بدر )
في البداية انتكست حالتها أكثر ، لكن مع مرور الأيام ... بدا ولدها يثير انتباهها و اهتمامها شوي شوي ،
و بدت تتعلق به كلما كبر ....
طبعا زواجي أنا و يوسف تأجل إلى أجل غير مسمى ، و في الواقع ما تزوجنا إلا بعد ما مرت سنة ، من الحادث المشؤوم ، و لا قمر ، و لا شوق ... حضروا الزواج .
.........................
ما كانت الفاجعة بس مقتصرة على قمر ، كلنا انفجعنا ...
أخوي سلطان ظل بالمستشفى 12 يوم ، جاه التهاب رئوي حاد ، و احتاج يدخل العناية المركزة و ينحط تحت الملاحظة ثلاثة أيام .
كانت قمر، و هي بعدها بالمستشفى ، تطلع و تجي تشوفه من وقت لوقت
ما شكلها استوعبت أن زوجها مات ، إلا بعد فترة ... كانت في بداية الصدمة ، مهووسة بس على سلطان ...
و كانت سلمى بعد تجي تلقي عليه نظرة ، لكني ما أنسى نظرة الشماته الوحشية اللي كانت تنبعث من عينها ، بكل كره و بغض ... و قسوة ...
سلمى كانت تمنعني أشوف قمر ، كل كرهها لأخوي سلطان صبته علي أنا ، و صرت أنا أمثل سلطان قدامها ،
و بدت علاقتنا تتدهور بشكل سريع ... و في النهاية تجمدت ...
اختلت الموازين عندنا بالبيت و انعفس النظام ...
الشعور ، بأنه هو حي لأن قمر انقذته ، و لأنها انقذته هو تركت زوجها يغرق في البحر و تصير أرملة ، هذا
الشعور ذبح أخوي سلطان أكثر مما ذبحه الغرق ، و الالتهاب الرؤي الحاد ...
أما منال ، و اللي عرفت ( من هي ) ، حبيبة سلطان الأولى ، و اللي هي نفسها ، اللي انقذت زوجها من الموت بالتالي من أنها تترمل ، و ولدها يتيتم ، و اللي ترملت هي بدورها في لعبة قدر فظيعة ، و تيتم طفلها قبل ما ينولد ، ما كان منها إلا انها استسلمت بلا إرادة ، لأي شي يكتبه القدر و يقرره عليها ، مهما يكون .....
سلطان أخوي , ما قدر يشوفها ... ما قدر حتى يقول لها كلمة شكر ، أو كلمة تعزية
عاش بعذاب ... و مرارة و حزن طويل ... حالته كانت أصعب من أن يتحملها انسان ... لدرجة أن ...
في مرة من المرات ، صحـّـتني منال من النوم آخر الليل ، و هي تبكي و ما لها حال ... و قالت لي :
- (خله يشوفها يمكن ترد له روحه ، بيموت إن ظل على ذي الحال )
ما كان أخوي يسألني عنها ، ما كان يجرأ يسألني عنها ، لكن أنا كنت أطمنه عليها كلما تطمنت أن حالتها تحسنت شوي ...
قمر ما عاد رجعت بيت أهل زوجها ، و بيتها الجديد اللي كان ينبني باعوه على حاله ...
رائد و ماجد ، فقدوا (أبوهم ) مرة ثانية ، و ها المرة بشكل أعنف ...
كانوا لابسين ملابس عوم ، بالتالي ظلوا طافين على سطح البحر ، ماسكين بأخوهم الكبير اللي ما يعرف يسبح ،
لين طغى الموج ، و فلت منهم ... و غرق ....
احنا ما شفنا اللي صار له و لا كيف صار ...
ياسر كان ماسكني ، و أنا عيني على نواف كلى كتف أمه و هي تحاول تسبح صوب الساحل ... ، بعدها ياسر شال الولد و أنا مسكت منال ، و صار ياسر يسبح بسرعة و احنا نسبح وراه ...
كان هو أول واحد وصل الساحل و الولد على كتفه ، حطه على الرمل و جا بسرعة يمسكني ...
قبل ما نوصل البر ، شفت قمر و هي تسحب سلطان لين وصلت الشاطي ... صرخت ...
- (أخوي سلطان غرق)
شفتها و هي تهز فيه ... تنعشه ... تحضنه ... تصرخ ... ( لا تموت يا سلطان )
(سلطان حبيبي رد علي )
أتعجب ، كيف قدرت أتذكر مثل هالتفاصيل في مثل ذاك الوضع ؟
يمكن الحين ، بعد ما هدأت الأمور و استقر الوضع ، بدت ذاكرتي تستعيد الأحداث ....
أذكر ، لما وصلنا للساحل ، و جينا نركض صوب سلطان ... كان هو جالس ، و عنده واقفه قمر ... تطالع حواليها ... جت عينها على عيني ، بس ما كأنها شافتني
نظرتها كانت تايهة ... ما كأنها موجوده ... كأنها لاشيء ...
و بعد ثانيتين أو ثلاث ، انهارت قمر فاقدة الوعي ...
منال أول ما وصلت الساحل راحت لولدها و شالته عن الرمل و ضمته لصدرها بقوة ...
و جت بعدها لعندنا و سلطان ماسك قمر على ذراعه و هو جالس بمكانه ما تحرك يحاول يصحيها
- (قمره ... قمره ... )
و احنا بها الوضع ، ما جا ببالنا أن فيه ثلاث أشخاص من اللي كانوا معنا ما ظهروا
لين وصلنا بعد شوي صياح الولدين ، و هو عايمين في البحر ...
-( لحقوا علينا ... بسام غرق )
قمر كانت آخر وحدة عرفت أن بـسـّـام غرق ...
كانت آخر مرة شافته فيها وهم وسط البحر ...
مع ذلك ، هاجسها كان بأن سلطان حي ، أكبر من هاجسها بأن بسـّـام مات ...
من أول لحظة ، لما بدأ القارب يهتز فجأة ، و احنا متمسكين به بالقوة ، وقفت قمر فجأة و صرخت :
- (اقفز يا سلطان ) ...
سنتين و هي ما تطيق يجي طاريه قدامها ، و تتظاهر بانها نسته و حتى كرهته ... و أنا صدقت أنه ما عاد يعني لها شي ...
لكن يوم الحادث ...
ما كان همها إلا أنها تنقذ سلطان من بين كل الموجودين ....
أخوي عايش ، لأن قمر انقذت حياته ...
و هذا اللي مستحيل ننساه يوم من الأيام ....
.........................
سافرت قمر مع أخوها ثامر ، يكملوا دراستهم برّى ، و معها طبعا ولدها اليتيم بدر ...
و مرت سنين ، و انقطعت الأخبار ، و انشغل كل واحد بحياته ، و اندفنت ذكريات الحادثة المفجعة تحت أكوام
و أكوام من الحوادث اليومية ، و انسيت أو بالأحري تتوسيت ... و ما عاد أحد يجيب ذكرها أبدا ....
................................
|
|
|
|
|