|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 18676
|
الإنتساب : Apr 2008
|
المشاركات : 7,218
|
بمعدل : 1.16 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نسايم
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 06:01 PM
عرفنا أن حنا رايحين فيها لا محالة ، و الضوء الأحمر توهج قدامنا ... و دقت أجراس الخطر ... و كل ٍ علق
يده عند قلبه ...
-اقفزوا كلكم ... بسرعة .......
صرخ ياسر صرخة النداء الأخير ... و فزعنا الفزعة الأخيرة ...
ما اذكر ... إش اللي صار بالضبط ...
الفزع و الذعر اللي عشته ، كان أعظم من انه يسمح لذاكرتي أنها تسجل تفاصيله
أو حتى تلحق تشوف تفاصيله ...
أذكر ، أني كنت أشوف القارب العائم يقترب ... و أن قاربنا كان يتأرجح بعنف ...
ما اذكر ، من اللي قفز ... و إذا كان أحد قفز أو لا ... بس أذكر ... أن سلطان كان بعده واقف ....
- سلطان اقفز ....
قلت له بفزع ، و التفت سلطان لي ، و جت عيني بعينه ...
-اقفز يا سلطان بسرعة ...
ما اذكر ، كيف كانت تعابير وجهه ، اظن كان مذعور ؟ لا ... كان يبتسم ؟ تهيأ لي أنه ابتسم ... أو يمكن
اختلطت علي الأمور ...
ما عاد بيننا و بين القارب إلا ثواني ...
كأني سمعت صوت بسـّـام يناديني ؟؟؟
- قمر ... يا قمر ... انزلي ...
خلاص ... القارب الثاني قدّام عيوني على طول ...
خلاص رح نصطدم به ...
خلاص هذه النهاية ...
صرخت ... بكل قوة الصراخ اللي سمح بها الكون تطلع من حنجرة بشر ...
صرخة زلزلت الأرض ، و هزت البحر ، صدعت السماء و دوت الكون ...
- اقفز يا ســـــــــــلــــــــــــطـــــــــااااااااان
فجأة شفت روحي وسط الماء ، داخل في عمق البحر ... شوي و أختنق ...
بلعت ماء كثير ... و انكتمت انفاسي ...
سبحت لفوق لين وصلت سطح الماء ، هجمت الأنفاس على صدري بقوة ...
طالعت صوب القارب ، شفته و نصه غارق و نصه طافي ، و بعده يمشي صوب القارب الثاني ، و سلطان
واقف فوقه ....
- سـلـطـان ... سـلـطـااااان ... ســـلـــطــــــــااااااااااااان ....
سلطان قفز للماء في اللحظة الأخيرة ...
شفته و هو يبتلعه البحر ... ، و شفته و هو يطلع مرة ثانية على سطحه ، بعد ما ارتطم القاربين و جلجلوا
الأجواء بضجة قوية ....
و يرد يختفي ...
الشمس تخلت عني في أحوج ألأوقات لها ... النور كانت خافت ... دورت على سلطان ما لقيته ...
سبحت تجاه المكان اللي شفته به قبل شوي ، أدور عليه و انادي ... و أصرخ ....
طلع سلطان من قلب البحر ، يصارع الموج ، يصارع الموت ، سلطان ما يعرف يسبح ....
سبحت بكل قوتي ، بأكثر من كل قوتي ، ما خليت فيني غضلة وحدة الا و حركتها بالقوة ... بالجبروت ...
بالغصب ...
أطالع بسلطان ، و هو مرة يطفو و مرة يغرق ... عيونه مفتوحة لحدها ، شهقاته قوية و مقطوعة ، و إيده تحاول
تمسك الماء ... و روحه تهدد بالنزع ......
- تماسك سلطان تماسك ... تماسك أرجــــــــــــــــــــوك ....
أمواج البحر كانت تعاندني ، اخترقتها غصبا عنها ... سبحت و سبحت ... استرجعت كل دروسي و خبرتي
بالسباحة ، و أخيرا ... وصلت لسلطان ....
مسكت سلطان ، و رفعته فوق ... فوق ... و هو تشبث بي مثل ما يتشبث أي غريق بأي طوق نجاه ....
- تنفس سلطان تنفس ... تنفس ...
تنفس سلطان بنهم ... بشراهه ... و هو يضغط بيده علي ، خايف ينفلت و يبلعه البحر مرة ثانية ....
رفعت ذراعه على كتفي ، و صرت أدوّر ... وين الساحل ...
آخر بصيص للشمس كان من ناحية ، يعني الساحل من الناحية الثانية ... و سبحت بسلطان ، بكل قوتي و بأسرع ما سمحت لي به الأمواج ....
فجأة ، فلت سلطان من إيدي و سحبه عمق البحر ...
لااااااااااا
غطست وراه و مسكته ، كنت أشوف بقايا فقاعات الهواء اللي كان بصده ، تتخلى عنه و تطلع من صدره ، من فمه و أنفه بكل غدر ...
شديته لي و رفعته فوق ، صرخت ...
- سلطان تنفس ... تماسك سلطان ...أجوك تماسك ... تماسك الحين نوصل ...
تعبت ، خارت قواي كلها ، و احنا بعد ما وصلنا ... ما ادري كم من الزمن مر ... يمكن شهر ؟ يمكن سنة ؟؟؟
البحر كان متعطش للفتك ، للغدر ... أمواجه تلاعبت بنا ... فوق و تحت ... يمين و شمال ... قدام و ورا ...
ما بدا لي أن البر موجود ....
ما لازم استسلم ، لازم أوصل ... تمسك يا سلطان ... باقي قليل ...
سحبته معي ، و أنا أسمع أنفاسه مرة ، و مرة لا ... و أشوف عينه مفتوحة مرة ، و مرة لا ... و أحس بإيده
تمسكني مرة ، و مرة لا ...
أخيرا قربنا من البر ... شوي ... و حسيت رجلي تلامس القاع ... وصلنا بر الأمان يا سلطان ... تمسك ...
ارتميت على الرمل ، بين البر و البحر ، عند مضرب الأمواج ... التقط أنفاسي ... ارخي عضلاتي المنهكة ...
و أحس بالألم في كل جسمي ...
التفت لسلطان اللي جنبي .... كان ملقى على بطنه ، و راسه على الرمل المبلل ، و أمواج البحر توصل طرف أنفه ...
قمت و سحبته ، ابعدته عن الماء ... و قلبته على ظهره ... و رفعته على رجلي و ذراعي ...
كان مغمض ... و فاقد الوعي ...
صرخت ،
-سلطان ... سلطان تسمعني ؟
سلطان رد علي ؟؟؟
و صرت أضرب بوجهه و صدره ، و اهز أكتافه بعنف ....
-رد علي يا سلطان ... رد علي ... تكلم ... أرجوك ...
قلبته بسرعة على بطنه مرة ثانية ، و ضربته على ظهره ..
طلع ماء كثير ... كثير ... من صدره .... يا بعد عمري يا سلطان ...
صار يكح ... و يطلع ماء من صدره ... من أنفه و من فمه ... و تالي توقف ...
- سلطان لا تموت ... سلطان حبيبي لا تموت أرجوك لا ... لا ... لا ...
رديت عدلته على ظهره ، و صرت أنعشه بأنفاسي ، ما توقعت أني رح استخدم الانعاش اللي تعلمناه بالجامعة يوم من الأيام ، و استخدمه ، لسلطان ...
صار يكح ، رفعته على رجلي و سويته جالس ، و أحنيته لقدام شوي .... و أنا أضرب ظهره .... و هو يكح ، بين الواعي و المغمى عليه ...
-سلطان لا تموت ...
أرجوك لا تموت حبيبي لا ...إلا أنت أرجوك لا ... أرجوك ...
فتح سلطان عينه ، و أخذت راسه بين يديني ...
الماء يقطر من شعره الناعم مثل ما تقطر الدموع من عيوني الحمراء ...
عيونه هو بعد كانت حمراء من ملوحة الماء ...
- سلطان حبيبي أنت حي ؟ رد علي أرجوك ؟؟
كان يتنفس ، و عينه كانت تطالعني ...
- رد علي يا سلطان ؟ أنت حي ؟؟ كلمني جاوبني سلطاااان ...
- آه ...
طلعت آهة من حنجرته ... سلطان بعده حي ... ما مات ....
سلطان حي ... حي ... حي ...
أخذته بحضني ، و لفيته بذاعيني ، و ضميته بقوة ، بقوة ، بقوة ....
ما أدري من وين جبت ها القوة بعد ذاك التعب ...
ضغطت عليه ضغطة ، يمكن بغت تكتم نفسه من جديد ...
|
|
|
|
|