|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 18676
|
الإنتساب : Apr 2008
|
المشاركات : 7,218
|
بمعدل : 1.16 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نسايم
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 06:00 PM
حاولنا كلنا نتصرف بشكل (( طبيعي )) ، ما كأنه فيه ( شي ) مو في محله !
الطبيعيين كانوا ياسر و بسام و منال ، و الأطفال طبعا ...
أما الباقي ، لو يدقق الواحد النظر ، كان لاحظ الشحنات الغير مريحة اللي دارت حوالينهم ... !
........................
كنا متواعدين أنا و شوق ، نطلع رحلة بحرية مع بسام و ياسر ، نغير جو و ننبسط شوي ...
رائد و ماجد ما صدقوا خبر ، على طول جهزوا عدتهم و لباس العوم يبوا يروحوا معنا ، و طبعا ما كسرنا
بخاطرهم ، و أخذناهم ...
الولدين اليتيمين متعلقين بأخوهم بسام ، تعلقهم بالأب ، اللي فقدوه من سنين ...
لما وصلنا المكان اللي اتفقنا عليه ، انصدمت ...
كان فيه سيارة ثانية ... أعرفها زين ....
سيارة ما ركبتها من سنتين ...
و صاحبها شخص ... ما شفته من سنتين ... و لا أبي أشوفه أبدا ....
حسيت أنها حفرة و طحت فيها و ما قدرت أطلع ، بسام وقف السيارة جنب سيارتينهم ، و ماجد و رائد قفزوا
على طول للبحر ...
و أنا ... تدبّست ... و ما قدرت أنسحب ...
جت شوق لعندي تسلم علي ، و طالعتها بنظرة غضب و استياء ، و لسان حالي يقول :
- ( وش جابهم هذولا بعد ؟ )
شوق فهمت علي و قالت لي أنه صار غصبا عنها ...
ما كان عندي خيار ، ليتني قدرت أرجع ...
يا ليت ...
بعدين ، لو انسحبت ، رح يظن ( صاحب السيارة ) أن وجوده أثر علي ...
رفعت عيني للسماء ، الله يعدي الوقت بسرعة و بخير ...
و بعدها ناظرت المرأة الثانية ، اللي كانت مع شوق ...
كانت زوجة ( صاحب السيارة ) جالسة على سجادة مفروشة على الرمل ، و بيدها ولدها الصغير نواف ...
و الله يعيني عليها ...
رحنا و جلسنا معها ، و بدينا نسولف و أنا مو طايقة أسمعها ..
من بد كل البشر اللي خلقهم ربي ، هذه الانسانة أنا ما أطيقها بالمرة ... !
غصب هي ؟ ...
ما أقدر أستحملها أبدا !
-الجو حلو كثير ! ليتنا نجي كل اسبوع هنا !
قالت منال ، و ردت شوق :
- ياليت ! بس وين ؟ ! ياسر كله مشغول بعمله ، ما قدر ياخذ أجازة نسافر لنا كم يوم، اذا بغيته لازم أحجز قبل اسبوع على الأقل !
- يعني سلطان اللي فاضي ؟ و الله ما ادري كيف صادفت فرصة نجي معكم !
يا حظك يا قمر ، زوجك يقدر يأجز وقت ما يبي !
استثقلتها ، وش قصدها يعني ؟ عشان بسام شغله حر ، و مو صاحب منصب مثل أزواجهم ؟
رديت بلهجة حادة :
- بسام بعد مو فاضي ، و الحين نبني بيت جديد و ماخذ كل وقته ... و بعدين عنده مسؤوليات كثيرة في البيت و العيلة ، و لا يقدر يأجز أو يسافر بكيفه ...
و على هالحال ، كلما قالت شي وقفت لها برد اعتراض ، يمكن هي ما حست ، أو ما اهتمت ، بس شوق كل
شوي تناظرني ( هدّي الجو شوي ) ... !
حتى و أنا أتكلم ، عيوني ما كنت أجيبها بعينها ! أسوي حالي منبهرة بالبحر و السماء ...
ما أبي أشوفها ...
و لأني كنت اناظر البحر ... كان لابد إن عيني تجي على ... ( صاحب السيارة ) ... تلقائيا ....
و بسرعة ، أبعدها ...
أصرفها أي مكان ...
يا ليت مركبة فوق راسي عشان ما أشوف إلا السماء !
جا الجماعة من جولتهم الأولى بالقارب ، مبسوطين ، و أصروا ياخذونا معهم في الجولة الثانية ، قبل ما تغرب الشمس ...
الفكرة كانت فكرة ياسر ، أنا طبعا ما عجبتني ، ما بغيت أركب مع ذاك الشخص في زورق واحد ، و بعد معنا
زوجته و ولده ... ؟؟ هذا اللي ناقص !
ما ابي اقترب منه مسافة أقل من عشرين متر .... ما أبي أحس بوجوده و أكون في الحيز اللي تقدر فيه أنسام الهواء تعبر عليه و تجيني ...
ما أبي صوته يهز طبلتي ...
يا ليتني جبت معي ( سدّادة آذان ) !
أو حتى ...
سدادة حناجر أبلعه إياها !
ما كنت أبي أركب معهم أبدا ...
لكن ، لما شفتهم كلهم راكبين ، اضطريت أركب غصبا علي ...
جلسنا احنا الثلاث في مؤخرة القارب ، و الرجال كانوا قدام ، و رائد و ماجد يتنقلوا من جهة لجهه و معهم
كورة صغيرة ...
انطلق القارب بسرعة معتدلة ، كان ياسر هو اللي يقود ، و جت الأنسام تلفح الوجوه و تداعب الرموش ، و
تشرح الصدور ...
كانت الشمس تقرأ خواتيم السورة ، قريب تودع ...
أمواج البحر كانت هائجة نوعا ما ... و كان القارب يتراقص مع رقصتها المستمرة ، فوق و تحت ...
يمين و شمال ...
شوق كانت تتأمل الموجات اللي يتركها القارب وراه ، و منال كانت تداعب طفلها الصغير ...
بعد شوي ، وقــّـف ياسر القارب وسط البحر ...
صرنا كأننا بجزيرة صغيرة ، الماء يحيط بنا من كل الجهات ، و السماء تعانق البحر عند الأفق ، الساحل
بعيد ... قرص الشمي ( يذوب ) داخل البحر شوي شوي ...
المنظر الجميل ، و وجوده هو على نفس القارب ، على بعد كم متر مني ، خلى الذكريات تدور براسي رغما
عني ....
تذكرته ، و هو يقول لي :
- ( اعتبريني موجه و عدت ، و ما بقى الا الزبد )
انتهزت فرصة انشغال الكل بجمال المنظر ، و تسللت بنظري ... و القيت نظرة خاطفة عليه ...
كان جالس على يسار ياسر ، و بسـّـام على الطرف اليمين ، كانوا يتكلموا و يضحكوا ...
صوت المحرك اللي غاب – بعد ما وقف ياسر القارب – عطى فرصة لصوته أنه يوصلني ...
جهور و رنان و واضح ... مثل ما كان ...
يا ليت ياسر يشغل المحرك مرة ثانية ، ما أبي أسمع صوته ، ما ابي أشوفه ، ما ابي أكون و هو بمكان واحد ....
شحت بوجهي بعيد ، و على وسع البحر و السماء ، ضاق صدري ... الكل كان مبسوط و أنا كنت أبي بس يمر الوقت بسرعة ، و أرجع لبيتي ....
آه يا بيتي ...
رائد ، و هو يلعب – يسوي حاله يقود – ما ادري اش سوى و ضرب بالمحرك و انكسر شي منه بدون
قصد ...
جا ياسر يبي يشغل المحرك ، ما اشتغل ...
كرر المحاولة مرة و ثنتين و عشر ... دون فايدة ....
المحرك تعطل ، و احنا علقنا في وسط البحر ....
تسعة أشخاص ... على قارب صغير يتأرجح على الموجات الغاضبة ، وسط البحر
ما كان في القارب أية مجاديف ، و المسافة بيننا و بين الساحل ، مو قصيرة ...
بدا التوتر يسود الأجواء ، بدل الانبساط و المرح اللي كانوا قبل شوي ..
ياسر مازال يحاول و المحرك عنيد ...
إش يصير لو ظلينا كذا ....؟؟؟
الشمس ، كانت تنذرنا بالرحيل الموشك ، لازم نرجع الساحل و إلا ...
بعد مدة ، و ياسر و البقية يحاولوا يسووا اي شي بالمحرك ، و بعد ضربات متكررة ، كسر ياسر منه جزء ثاني ما ادري وش صار له و فجأة اشتغل ....
اشتغل المحرك ، و انطلق القارب فجأة بسرعة مذهلة ، بأقصى سرعة يقدر عليها ...
اهتز و كلنا اهتزينا معه ، و الأولاد طاحوا و تعوروا ......
حاول ياسر يخفف من السرعة ، لكن المقود المكسور ، و المحرك الخربان عصوا الأوامر ...
بدا كل واحد يصرخ من جهه ، ( وقفوه ... وقفوه ) ، و القارب منطلق بلا مبالاه مصر يكمل مشواره
للآخر ....
أي شي يطلع قدامنا رح نصطدم به ، و تكون العواقب وخيمة ...
و هذا الـ ( أي شي ) ، كان قارب كبير مهجور ، عايم وسط البحر ...
صرنا نقترب من القارب ، و لا نقدر نروح يمين و لا شمال ، و قاربنا ( مفلوت من غير فرامل ) ....
ترافعت الصرخات ، و وقفنا كلنا مرة وحدة ، و اهتز القارب و اختل توازنه ، و اللي قدر يمسك بشي مسك ، و اللي ما لحق ... طار ...
|
|
|
|
|