عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية جندي المنتظر
جندي المنتظر
عضو فضي
رقم العضوية : 508
الإنتساب : Oct 2006
المشاركات : 2,476
بمعدل : 0.37 يوميا

جندي المنتظر غير متصل

 عرض البوم صور جندي المنتظر

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : جندي المنتظر المنتدى : المنتدى العام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-05-2008 الساعة : 04:12 PM


دورها في الشام
وأما في الشام: فلما ادخلت هي والأسارى على مجلس يزيد الطاغية, فمن هنا بدأ المشهد الثاني والرهيب, والدور التاريخي العجيب.
فبينما يزيد بن معاوية يكشف عن رؤوس الشهداء, ويثني عابثاً بقضيب في يده ثنايا سيد الشهداء عليه السلام وينشد قائلا:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
الى آخر أقواله التي لا يستطيع الفرد تصورها وكيف أنها خرجت من فم من يدعي انه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبينما يلاحظ ان نساء بني هاشم تصرخ بالبكاء والعويل, يشاهد العقيلة زينب عليها السلام غير باكية ولا متذللة أبدا, بل تنتفض صارخة بوجهه قائلة له في غير مبالاة ولا إهتمام وبكل جرأة وصراحة:
"صدق الله, يا يزيد ـ ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوىء. أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن".
وهنا يتجلى بكل وضوح ذكاء السيدة وعبقريتها. فهي تسمع أبيات يزيد الشعرية وكلماته, فتحفظها أولاً, ثم تستعد للإجابة عليها بصورة دقيقة ودقيقة جداً. بحيث تعد لكل بيت آية جوابية مسكتة مناسبة ترده بها, وتدعم قولها بها, دون تكلف. حتى أسكتت يزيداً ولم ير بدّاً من السكوت والإذعان التام أمام أقوالها البليغة المنطقية المستشهدة بتلك الآيات القرآنية الكريمة. فتصرخ في وجهه قائلة:
"أ ظننت يا يزيد أنه حيث أخذت علينا بأقطار الأرض وآفاق السماء, فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى, ان بنا هواناً على الله, وأن بك عليه كرامة, وتوهمت ان هذا لعظيم خطرك فشمخت بأنفك, ونظرت في عطفيك, جذلان فرحا, حين رأيت الدنيا مستوثقة لك, والأمور متسقة عليك؟ ان الله ان أمهلك فهو قوله: ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين."
ثم تخاطبه بكل جرأة دون أي خوف أو وجل, بكلمة صريحة لم يجرأ أحد غيرها من مخاطبة يزيد بها أبداً, فتقول له:
أمن العدل يا ابن الطلقاء! وتقصد السيدة هنا من كلمة العدل: المساواة والمجاراة, لا العدالة.
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك بناتك وأمهاتك, وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالأسارى, قد هتكت ستورهن وأصلحت أصواتهن, مكتئبات تجري بهن الاباعر وتحدوا بهن الأعادي من بلد الى بلد, لا يراقبن ولا يؤوين, ينظر اليهن القريب والبعيد. ليس معهن قريب من رجالهن؟!
الى أن تقول:
ولتردن على الله وشيكاً موردهم, وعند ذلك تود لو كنت أبكم وأعمى.
أيزيد, والله ما فريت إلا في جلدك, ولا حززت إلا في لحمك, وسترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برغمك. ولتجدن عترته ولحمته من حوله في حظيرة القدس يوم يجمع الله شملهم من الشعث.
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون.
وستعلم أنت ومن بوأك ومكنك من رقاب المؤمنين. إذا كان الحكم ربنا والخصم جدنا, وجوارحك شاهدة عليك, أينا شرّ مكاناً وأضعف جنداً؟!!.
فلئن اتخذتنا في هذه الحياة مغنما, لتجدننا عليك مغرما, حين لا تجد إلا ما قدمت يداك تستصرخ بابن مرجانة, عبيد الله بن زياد, ويستصرخ بك, وتتعادى وأتباعك عند الميزان وقد وجدت أفضل زاد تزودت به قتل ذرية محمد صلى الله عليه وآله.
فوالله ما اتقيت غير الله, وما شكوت إلا الله, فكد كيدك, واسع سعيك, وناصب جهدك, فوالله لا يرحض عنك عار ما أتيت الينا أبداً.
فأستطاعت السيدة بهذه الكلمات الصارمة التي نزلت كالصاعقة على يزيد أن تسكته من الكلام وان تجعله يطرق برأسه وكل من كان معه, وكان على رؤوسهم الطير, يضرب الاخماس في الاسداس ويفكر فيما يفعل وماذا يعمل؟
وقد ضيقت على يزيد الأمر وهوعلى عرش أمارته, وكرسي عظمته, وهي أسيرة بين يديه.


مسيرتها الى المدينة ومصر
دخل ركب أهل البيت النبوي الكريم المدينة عائدين من الشام, فزار علي بن الحسين عليه السلام قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم خطب الناس وأخبرهم عما جرى لآل الرسول, ثم دخل منزله وهو شديد الحزن على ما أصاب اهل البيت, وبكى بكاء شديدا, بل ظل يبكي على هذا الحادث سنين طويلة.
اما العقيلة الطاهرة السيدة زينب عليها السلام فقد تجلي حزنها لما دخلت المدينة المنورة, وذلك عندما أخذت بعضادتي باب مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعيناها تسيل بالدموع باكية منتحبة وتنادي:
ـ يا جداه اني ناعية اليك أخي الحسين.
وما ان استقر المقام بها بالمدينة المنورة, حتى أخذت تنتبر المنابر, تخطب الجماعات مظهرة عدوان يزيد بن معاوية وبغي عبيد الله بن زياد وطغيان أعوانهما على أهل البيت النبوي الكريم. فأثارت الثائرة, وهيجت الخواطر والمشاعر, وألهبت الجماهير على حزب الشر, وذلك من قوة بيانها وجزيل بلاغتها, مما جعل عمرو بن سعيد والي المدينة من قبل يزيد, يستنجد به خوفا على ولايته من غضبه الناس, اذا ظلت السيدة العقيلة زينب تخطب الناس وتثير حماستهم.
ولذلك امر يزيد بن معاوية, بأن تغادر السيدة الطاهرة, المدينة الى حيث تشاء من أرض الله غير الحرمين الشريفين.
وقد عز عليها تنفيذ ذلك الأمر, وأبت عنه.
فاجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطفن معها في الكلام وواسينها حتى قبلت الرحيل عن أرض الحجاز.
وقد اختارت السيدة العقيلة زينب عليها السلام مصر دارا لاقامتها, لما سمعته عن أهلها من محبتهم لأهل البيت النبوي الكريم, وعظيم عطفهم ومودتهم وولائهم لذوي القربى, ولما تعرفه من أن مصر كنانة الله في أرضه.
وقد صحب السيدة الكريمة في مجيئها الى مصر بعض أهل البيت الكرام. وكان فيمن صحبها من أهل البيت النبوي الكريم ـ كما يروي البعض ـ السيدة فاطمة ابنة مولانا الامام الحسين ومسجدها معروف بالقاهرة باسم مسجد السيدة فاطمة النبوية, وكذلك السيدة سكينة ابنة مولانا الامام الحسين عليه السلام ومسجدها معروف بالقاهرة كذلك باسمها.
وقد وافق دخول السيدة الطاهرة مصر, بزوغ هلال شعبان سنة احدى وستين هجرية.
وقد انزلها الوالي هي ومن معها في داره بالحمراء القصوي ترويحا لها, اذ كانت تشكو ضعفا من أثر ما مر بها, فنزلت بتلك الدار معززة مكرمة, وبقيت فيها موضع اجلال المصريين وتقديرهم, حيث كانوا يفدون الى منزلها الكريم ملتمسين بركتها ودعواتها, مستمعين الى ما ترويه من الاحاديث النبوية الشريفة والأدب الديني الرفيع.


توقيع : جندي المنتظر
من مواضيع : جندي المنتظر 0 {سورة الطور} إهداء الى مؤسس المذهب الجعفري
0 زيارة الامام جعفر الصادق (عليه السلام)
0 استفتاء حول الحج وانفلونزا الخنازير
0 اعداد الشيعه في العالم ؟؟
0 القرآن والهاتف النقال ؟
رد مع اقتباس