|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 13762
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 227
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الثابت
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 06-01-2008 الساعة : 02:29 PM
مشكور اخي العزيز حسن
على المتابعة
22- توبة لصّ ذكر الاصمعي وكان من علماء وعرفاء عصره ، وقال : كنت ذات يوم ماراً قرب قرية ، فما شعرت الاّ ورجل اسود وثب من وراء الشجر مجرداً سيفه وشهره بوجهي وقال : اخلع ثيابك وناولني كل ما لديك ، والاّ قتلتك وثكلت بك اهلك وعيالك.. قلت : يا رجل ، وهل تعرف من أنا حتى تكلمني بهذه اللهجة ؟!..
قال : نحن معشر اللصوص ، لا معنى عندنا للمعرفة ، لانًّ قلوبنا خالية من الرأفة والشفقة .
قلت : انا ابن سبيل ، ولا شيء عندي ، الاّ هذه الثياب التي تستر بدني .
قال : لا افهم معنىً لكلامك هذا .. انا بحاجة إلى نفقة ومال ورزق .
قلت : يا أخ العرب ، ان النفقة والمال والرزق الذي تطلبه ليس عندي ، ولكني ادلك على كنز فيه أثمن وافضل من ثيابي هذه .
وقال : وما هذا الكنز ، واين هو؟..
قلت : ألم تقرأ في القرآن قوله تعالى : { وفي السماء رزقكم وما توعدون }.سورة الذاريات: 22
لاحظت فجاة ان الاعرابي الامي الاسود الكالح الصعلوك ، قد ارتعدت فرائصه عند سماعه لهذه الاية ، فسقط سيفه ورمحه من يده ونظر إلى السماء وقال : الهي!.. انت جعلت رزقي في السماء ،وتركتني حائراً على الارض ، اجوب الصحاري، واقطع الطرق ، واسرق مال الناس.. اللهم !.. اعطني رزقي .
وما ان نطق بهذا الكلام عن اخلاص وصفاء نية ، حتى رأيت طبقاً فيه طعام ورغيفين من الخبز ظهرا أمامه في الهواء .. فاخذهما الأعرابي وجلس على الأرض يأكل ، ولما شبع قال : الحمد لك يا ربي .
ثم تحدثنا بعض الوقت ، وارشدته ونصحته، فبكى وابدى ندومه وتوبته.. افترقنا فذهبت انا في طريقي وهو الى شأنه ..وبعد سنتين رأيته اثناء الطواف حول الكعبة فسالته : أنت فلان ؟.. قال نعم ، ولكني والحمد لله تبت منذ تلك الساعة وندمت على ما سلف مني .. جزاك الله خيراً لقاء ارشادي الى الطريق القويم .
سألته : كيف اصبحت الآن ؟ ..
قال : الحمد لله ، مذ تبت وذلك الرزق يأتي من السماء بعد صلاة العشاء، فآكل الطعام واخفي الأواني في شق جبل .
قلت : لماذا لا تتصرف بها ؟ ..
قال : ليس من المروءة ان تاكل من مائدة الكرام وتأخذ أوانيهم .
قلت : لماذا لا تعطيها للفقراء ؟..
قال : لا أتصرف فيها بلا أذنه .
قال الاصمعي : استحسنت حاله وعلو مقامه ، فاردت تقبيل يديه ورجليه .
لكنه قال : لاتفعل هذا يا شيخ ، ولكن اذا اردت التقرب الى ربّك ، فاقرأ لي شيئاً من ما قرأته علىَّ يومذاك .
قلت : { فورب السماء والأرض انه لحق مثل ما انكم تنطقون } . سورة الذاريات: 23
قال : واي جاهل هذا الذي ينكر كلام الله حتى يحتاج الى القسم . إقرأ!.. اقرا نفسي لهذه الاية الفدى ما اجملها من آية !..
قرأت له تلك الآية فرأيته تأوه وأسلم نفسه الى بارئها ..فحملوه وغسلوه وكفنوه ، ثم صلوا على جنازته ودفنوه .
وبعد اسبوع من وفاته مرَّ علي َّ طيفه في عالم الرؤيا ، وهو مبتهج وعليه ثياب جميلة ، فقلت له : كيف بلغت هذا المقام يا صديقي ؟..
قال : لأني صدقت كلام الله ، وسمعته بصفاء ، وتلقيته باخلاص ويقين .
قال الشاعر :
اتق الله بحمدك قاصداً او بعض جهدك
ايها العبد إلى كم تشتري الغي برشدك
كم وكم عاهدت مولاك فلم توفي بعهدك
اعِط مولاك لما تطا لب من طاعة ربك .
ديوان أبي العتاهية: 148
|
|
|
|
|