|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 149
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 1,952
|
بمعدل : 0.29 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نور الزهراء
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 06-09-2006 الساعة : 12:00 AM
تابع
التسلل إلى النظام :
ولعل أوضح شواهد القوة عند الحركة الرسالية في عصر الإمام الكاظم ( عليه السلام ) هو حجم تسلل عناصرها في أجهزة النظام ، والذي يدل على مدى نفوذهم في مجمل المؤسسات الرسمية ، ولعلّ رأس النظام كان على علم وإن بصورة إجمالية بولاء رجاله لآل البيت ، لكنه كان عاجزاً عن الانقلاب عليهم لسبب أو لآخر ، وقبل أن نورد بعض القصص التاريخية لهذا التسلل ، يجدر أن نعلم أن متانة الشبكة التنظيمية التي كانت تتمتع بها الحركة الرسالية التي أوجدت هذا المدى الواسع من العناصر في مختلـف أجهزة النظام الحساسة ، لتعتبر نموذجاً لما ينبغي أن تكون عليه التنظيمات الرسالية في كل مكان .
1 - يبدو أن بعض رؤساء المحافظات أو حسب تعبيرهم يومئذ ( الولاة ) كانوا منتمين إلى الحركة ، فمثلاً مدينة ( الري ) وهي طهران الحالية ، كانت من الحواضر العامة في ذلك اليوم ، ومع ذلك كان واليها واحداً من موالي أهل البيت ، كما تذكر الرواية التالية من كتاب قضاء حقوق المؤمنين لأبي علي بن طاهر الصوري بإسناده عن رجل من أهل الري قال : ولّي علينا بعض كتاب يحيى بن خالد ، وكان عليّ بقايا يطالبني بها ، وخفت من إلزامي إيّاها خروجاً عن نعمتي ، وقيل لي : أنه ينتحل هذا المذهب ، فخفت أن أمضي إليه فلا يكون كذلك فأقع فيما لا أحب ، فاجتمع رأيي على أني هربت إلى اللـه تعالى ، وحججت ولقيت مولاي الصابر - يعني موسى بن جعفر (ع) - فشكوت حالي إليه فأصحبني مكتوباً نسخته : بسم اللـه الرحمن الرحيم اعلم أن لله تحت عرشه ظِلاً لا يسكنه إلاّ من أسدى إلى أخيه معروفاً أو نفّس عنه كربة ، أو أدخل على قلبه سروراً ، وهذا أخوك والسلام .
قال : فعدت من الحجّ إلى بلدي ، ومضيت إلى الرجل ليلاً ، واستأذنت عليه وقلت : رسول الصابر (ع) فخرج إليّ حافياً ماشياً ، ففتح لي بابه ، وقبّلني وضمني إليه ، وجعل يقبّل بين عيني ، ويكرّر ذلك كلما سألني عن رؤيته (ع) ، وكلما أخبرته بسلامته وصلاح أحواله استبشر وشكر اللـه ، ثمّ أدخلني داره وصدّرنــي في مجلسه وجلس بين يدي ، فأخرجت إليه كتابه (ع) فقبّله قائماً وقرأه ثم استدعى بماله وثيابــه ، فقاسمني ديناراً ديناراً ، ودرهماً درهماً ، وثوباً ثوباً ، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قسمته ، وفي كلّ شيء من ذلك يقول : يا أخي هل سررتك ؟ فأقول : أي واللـه ، وزدت على السرور ، ثم استدعى العمل فأسقط ما كان باسمي وأعطاني براءة مما يتوجّه عليّ منه ، وودّعته ، وانصرفت عنه .
فقلت : لا أقدر على مكافأة هذا الرّجل إلاّ بأن أحج في قابل وأدعو له وألقى الصّابر (ع) وأعرّفه فعله ، ففعلت ولقيت مولاي الصابر (ع) وجعلت أحدّثه ووجهه يتهلّل فرحاً ، فقلت : يا مولاي هل سرّك ذلك ؟ فقال : أي واللـه لقد سرني وسرّ أمير المؤمنين ، واللـه لقد سرّ جدي رسول اللـه (ص) ، ولقد سرّ اللـه تعالى (8) .
2 - كان علي بن يقطين وزيراً للخليفة وكان يشرف على بلاد واسعة وكان من أقرب المستشارين لهارون الرشيد وفي الوقت ذاته كان من الموالين لأهل البيت (ع) (9) وسنذكر بإذن اللـه بعض الأحاديث التي تبين لنا مواقف علي بن يقطين والتي تكشف أن سياسة التقية أو العمل السري لم تكن سياسة مرحلية مؤقتة ، بل كانت بمثابة استراتيجية عمل بعيدة المدى ، فلعل أئمة الهدى رأوا أن تمكين رجالهم من مراكز الحكم بصورة أو بأخرى ، أفضل وسيلة لإصلاح أمر الأمة ، ولم يجدوا حاجة إلى التغيير السريع في قمة الهرم السلطوي ، وتحمل مسؤوليات الحكم بصورة مباشرة وحتى ولو لم يكن بناء الأمة الحضاري قد بلغ من النصج ما يحتمل نظاماً إلهيّاً ، كالذي كان أهل البيت (ع) يريدونه .
وبتعبير آخر : إن استراتيجية ( التقاطع ) مع نظام الحكم وذلك بالسيطرة على مراكزه الهامة ، وشل قدرته من الداخل عن المعارضة ربما كانت الاستراتيجية المثلى لتلك الظروف .
ألف : قصة الدرّاعة :
في الوقت الذي كان علي بن يقطين مقرباً إلى الرشيد ، كان جواسيسه لا يفتأون يحيطون به وبسائر الوزراء ، إذ كان هاجس موالاة وزراءه للإمام الحق موسى بن جعفر (ع) يلاحق الرشيد ليل نهار ، إلاّ أن العلم الإلهي الذي كان لأئمة آل البيت (ع) منع الرشيد من إثبات أي شيء بحق علي بن يقطين ، كما أن انضباط علي بن يقطين وشدة التزامه بالأوامر القيادية فوّتت على الرشيد فرصاً كثيرة ، ومنها ما ذكرت قصة الدرّاعة التي نبيِّنها فيما يلي : -
روى إبراهيم بن الحسن بن راشد ، عن ابن يقطين قال : ( كنت واقفاً عند هارون الرشيد إذ جاءته هدايا ملك الروم ، وكان فيها درّاعة ديباج سوداء منسوجة بالذهب لم أر أحسن منها ، فرآني أنظر إليها فوهبها لي ، وبعثتها إلى أبي إبراهيم (ع) ومضت عليها برهة تسعة أشهر وانصرفت يوماً من عند هارون بعد أن تغدّيت بين يديه ، فلمّا دخلت داري قام إليّ خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل على يده وكتاب لطيف ختمه رطب ، فقال : أتاني بهذا رجل الساعة فقال : أوصله إلى مولاك ساعة يدخل ، ففضضتُ الكتاب وإذ به كتاب مولاي أبي إبراهيم (ع) وفيه : يا علي هذا وقت حاجتك إلى الدرّاعة وقد بعثت بها إليك ، فكشفت طرف المنديل عنها ورأيتها وعرفتها ، ودخل عليّ خادم هارون بغير إذن فقال : أجب أمير المؤمنين .
قلت : أيًّ شيء حدث ؟ قال لا أدري .
فركبت ودخلت عليه ، وعنده عمر بن بزيع واقفاً بين يديه فقال : ما فعلت بالدرّاعة الّتي وهبتك ، قلت : خلع أمير المؤمنين عليّ كثير من دراريع وغيرها فعن أيّها يسألني ؟ قال : درّاعة الديباج السوداء الرّومية المذهّبة ، فقلت : ما عسى أن أصنع بها ألبسها في أوقات وأصلّي فيها ركعات ، وقد كنت دعوت بها عند منصرفي من دار أمير المؤمنين السّاعة لألبسها ، فنظر إلى عمر بن بزيع فقال : قل يحُضرها ، فأرسلت خادمي جاء بها ، فلمّا رآها قال : يا عمر ما ينبغي أن تنقل على عليّ بعد هذا شيئاً ، قال : فأمر لي بخمسين ألف درهم حملت مع الدرّاعة إلى داري ، قال عليّ بن يقطين : وكان الساّعي ابن عم لي فسوَّد اللـه وجهه وكذَّبه والحمد لله ) (10).
|
|
|
|
|