|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,630
|
بمعدل : 0.44 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : يوم أمس الساعة : 09:23 AM
الصنف الرابع: عامَّة الشيعة وهو أهمّ الأصناف:
كلُّ إنسان بطبيعته له علائق دنيوية من عائلة ومسكن وأموال واسم وموقع اجتماعي، وربَّما تتشعَّب هذه العلائق إلى مئات الأصناف، بالإضافة إلى وجودنا وحياتنا في هذه الدنيا، فلو تقاطعت نصرة الإمام عليه السلام مع أحد هذه العلائق أو قسم منها أو أغلبها، فما هو مدى ثبات موقفنا تجاه الإمام عليه السلام؟ هل سوف تتراجع؟ أو هل ستختفي تماماً؟ وإن تعرَّض كلُّ ما ذُكِرَ إلى التهديد، فهل سنزداد صلابةً في موقفنا حبَّاً وطاعةً وولاءً لإمامنا عليه السلام؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب أن نصدق مع أنفسنا بالإجابة عليه. وهل هناك دروس يمكن أن يستلهم الإنسان منها ليُقوّي علاقته بإمامه؟
لا يكاد يخلو إنسان من ابتلاء في نفسه أو أهله أو ماله، فلو صحَّحنا علاقتنا بالله سبحانه وقوَّمنا طريقة تعاملنا وردود أفعالنا تجاه تلك الابتلاءات نحو إرادته من خلال تلمّس وجه الحكمة من هذا البلاء أو ذاك، لأنتجت هذه السلسلة من المصاعب - والتي لم يتعرَّض لها الإنسان إلَّا لوجه حكمة منه سبحانه -، نتيجة طيّبة كالصبر والتسليم أو حتَّى الرضا بقضاء الله وقدره.
ومن هنا أكَّدت كثير من الروايات على هذا المعنى، منها:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام الْبَلَاءُ ومَا يَخُصُّ اللهُ (عَزَّ وجَلَّ) بِهِ المُؤْمِنَ. فَقَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلم: مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: النَّبِيُّونَ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، ويُبْتَلَى المُؤْمِنُ بَعْدُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ وحُسْنِ أَعْمَالِهِ، مَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَمَنْ سَخُفَ إِيمَانُهُ وَضَعُفَ عَمَلُهُ قَلَّ بَلَاؤُهُ»(ظ،ظ©).
ومن أهمّ مراتب الإيمان وعلاماته هو نصرة وليّ الله الأعظم عليه السلام. والذي من المحتمل أن يتعرَّض المؤمنون لأشدّ حالات الابتلاء ساعة ظهوره عليه السلام، ومن هنا يأتي دور التمحيص الشديد وثمرة الثبات في الابتلاءات التي سبقت الظهور المقدَّس. ليلتقي حينئذٍ البلاء في أشدّ حالاته والإيمان في أقوى صوره، ليتجسَّد أمام القائد المعظَّم في أُناس قلوبهم كزبر الحديد ليوث في النهار ورهبان في الليل.
ويمكن تقسيم المنتظرين من هذا الصنف إلى أربعة أقسام:
القسم الأوَّل: الفاشلون في التمحيص والابتلاء الإلهي:
من أهمّ أوجه الابتلاءات التي يمرُّ بها المنتظر هو مدى استعداد تنازله عن مواقعه الاجتماعي أو السياسي أو الديني أو الاقتصادي إذا ما اقتضت مصلحة الدولة العادلة ذلك وقت الظهور المقدَّس، وأنَّ لقبول فكرة التنازل من عدمها تأثيراً على استعداده لنصرة المهدي عليه السلام ورؤيته لقرب أو بعد ظهوره المبارك.
فيكون التعلّق بالدنيا وتلك المناصب مانعاً متقدِّماً يعمل من خلال لا وعينا برفض فكرة ورغبة الظهور القريب، وتتولَّد لدى هذا المتعلّق المسكين ازدواجية في رغبته بفكرة الظهور. ويكون الظهور لديه حقيقة أمراً مشروطاً في أعماق وجدانه، وذلك بمعنى: إن كان الظهور يُجرِّدنا من مميِّزاتنا فلا نرغب بهذا الظهور حالياً. فهذا الشرط وإن لم يظهر على صفحة ذهنه في بادئ الأمر بهذا الوضوح إلَّا أنَّه يتجلّى بقلَّة تفاعله ونشاطه بفكرة الظهور إلى أن ينتهي بالفتور الكامل عن الاستعداد فضلاً عن الشوق للقاء الإمام عليه السلام، ثمّ يتحوَّل عكسياً في التدريج إلى الرغبة بعدم الظهور.
وما نراه ممَّن يكونون في مواقع مميّزة فعلاً، من بُعد عن الانسجام مع عقيدة المهدي عليه السلام هو نابع من هذا الشعور، والمكاسب الآنية والمواقع التي اعتلوها سيطرت شيئاً فشيئاً على تفكيرهم وهمومهم وآمالهم، واستأنسوا بها، بحيث يحاولون أن يُبعِدوا (تدريجياً) من عقولهم وطموحهم كلَّ ما يُهدِّد هذه المكاسب التي ارتضوها حتَّى وإن كان ذلك قدوم إمامهم عليه السلام الذي طالما توسَّلوا لله تعالى بقرب ظهوره.
وهذا هو أحد مصاديق قول المعصوم عليه السلام: «اللّهمّ اكشف هذه الغمَّة عن هذه الأُمَّة بحضوره، وعجِّل لنا ظهوره، إنَّهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، برحمتك يا أرحم الراحمين»(ظ¢ظ*)، تأويلاً لقول الله تعالى: (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَراهُ قَرِيباً) (المعارج: ظ¥ - ظ§).
إنَّ عقيدة المهدي تحوَّلت عند هؤلاء إلى مستويين:
الأوَّل: هو ما يجب أن يحافظوا على صورهم ومكانتهم أمام من يعتقدون به، ممَّن لم يقعوا في فخّ أسر حبِّ الدنيا أو ممَّن لا يملكون شيئاً فعلاً منها، وربَّما الأمر أعقد من ذلك وهو أنَّهم يبقون على هذه المفاهيم إلى مرحلة ما، إذا لم ينزاحوا تماماً عن هذه العقيدة ولم تكبَّلهم هذه المناصب والشعور بالتميّز تماماً، ليُقنِعوا أنفسهم بأنَّهم لا زالوا من أتباع هذه العقيدة إلى أن يفرغوا تماماً من محتواها الحقيقي، وذلك بالأسر التامّ، وحينها فهم على استعداد تامّ للتخلّي عن هذه المفاهيم، فيخرجوا على أصحابهم في العقيدة سابقاً من خلال أفكار مفبركة وبرّاقة كالحداثة والعقلانية، يحاولون أن يُؤطِّروا بها انحرافهم وتخلّيهم عن عقيدتهم السابقة، ليُخفِّفوا عن صدمة الانتقال المفاجئ بالنسبة إلى من لا يعرف حقيقة تحوّلهم، وليحافظوا على صورتهم أمام الفئة الاجتماعية التي ينتمون إليها. وهنا للعقيدة مستوى ووجود عقلي ومفاهيمي.
والثاني: وهو الحقيقي وما يلقى الله سبحانه به وعلى أساسه يتمُّ تحديد موقفه من نصرة وخذلان الإمام المهدي عليه السلام في ظهوره المبارك، وهو ما أوصله إلى رغبته وحبّه بعدم تعجيل ذلك الظهور لشعوره، واعتباره أنَّه يُهدِّد مكانته التي استبعدته تماماً عن قبول فكرة الفرج القريب، لأنَّ ذلك حقيقة بالنسبة له يساوي الضياع القريب.
فإنَّ أمثال هؤلاء لهم عقيدتان في المهدي واحدة مجرَّد مفاهيم عقلية يُزيِّن بها شخصيته أمام المجتمع، والثانية وهي ما يتعلَّق بمكانته ومكاسبه الدنيوية، وهنا يستبعد ولا يتمنّى تماماً فكرة الظهور التي ربَّما ألَّف الكتب والمحاضرات في التعريف بها والتحضّر والاستعداد لاستقبالها.
كثير من روايات المعصومين عليهم السلام تشير إلى وقوع تمايز وتبدّل في مسألة الانتماء والنصرة للإمام المهدي عليه السلام. روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنَّه قال: «... حتَّى يأتي - المهدي -، والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة ، حتَّى إذا التقوا ... يخرج أُناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمّد عليهم السلام، ويخرج ناس كانوا مع آل محمّد إلى السفياني، فهم من شيعته حتَّى يلحقوا بهم، ويخرج كلّ ناس إلى رايتهم، وهو يوم الأبدال»(ظ¢ظ،).
وذلك لأنَّ فترة الظهور وما يرافقها سوف تنتج أحداثاً تدفع فئة من الناس ممَّن كانوا يُعرَفون ويُوصَفون بالانحراف بتهيئة ظروف صلاحهم، ممَّا تجعلهم يتخطّون عدَّة مراحل من الاصلاح في فترة وجيزة، وأبرز مثال لهؤلاء هو الحرّ بن يزيد الرياحي، فتحوَّل بعد تهيئة ظروف صلاحه من قائد ضدّ الحسين عليه السلام إلى شهيد في ركب الحسين عليه السلام.
والعكس صحيح إذ ربَّما ينحرف عن نصرة المهدي عليه السلام فئات ممَّن كانت تعرف بقربها من هذه العقيدة، وذلك ببعد سلوكها وممارساتها عن جوهر حكم الإمام عليه السلام، وهذا ما لا يناسب الكثيرين ممَّن اعتادوا على المجاملات والتسويف والاحتيال والتهاون، وإن استطاعوا أن يحافظوا إلى تلك الفترة على سمعتهم العقائدية ظاهراً والتي ينتمون بها إلى عقيدة المهدي عليه السلام، فهؤلاء يعلمون وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الإمام سوف يستأصلهم ويستبعدهم تماماً عن مهامِّ بناء دولته المباركة.
القسم الثاني: أتباع أئمَّة الضلال:
وممَّن يُحسَبون على أصناف المنتظرين ولو ظاهراً: المستغرقون في شخصيات قادتهم المنحرفين، بحيث أخذوا يتعصَّبون لتلك الشخصيات لدرجة أنَّهم يُفضِّلونها واقعاً على الإمام نفسه، فهم يُفكِّرون بنفس طريقة قائدهم ويعيشون أهدافه وتطلّعاته، وقد تربّوا على ضوء شخصيته وأخلاقه، وكذلك على مستوى ارتباطه وعقيدته بالإمام المهدي عليه السلام. فكثير ممَّن تسلَّقوا على بعض الفئات الدينية وأسَّسوا فرقاً خاصَّةً بهم في داخل الجسد الشيعي، وللأسف الشديد وبعد انسلاخ عقيدة المهدي لديهم يضمرون ويتمنّون مكانته الدينية لما لها من قداسة لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام، فتارةً يُصرِّحون بذلك وأُخرى يبثّون إشارات لا تخفى على اللبيب المتتبّع.
فهؤلاء لم يألوا جهداً في ترويض واستدراج أتباعهم بشتّى السبل الشيطانية لإخلاص الولاء لهم على حساب الولاء للمعصوم عليه السلام، فهؤلاء الأتباع ليس لهم موعد للظهور ينتظرونه، ولم يبقَ منه إلَّا تصوّرات خاوية على عروش ولائهم الجديد.
القسم الثالث: المؤمنون الذين اشتبهت عليهم أولويات الولاء:
من المؤمنين من لديه نسبة جيّدة من الإخلاص، ولكنَّه مستغرق جدَّاً في ارتباطه بأحد الرموز الدينية سواء أكان تحت عنوان مرجعية أو قائد أو أيّ عنوان ديني آخر، واستغرق في ارتباطه هذا على حساب علاقته بإمام زمانه، نعم الارتباط بحدِّ ذاته مطلوب، بل واجب حسب ما ثبت في أبواب التقليد، فبالإضافة للاتِّباع الفقهي، يُوفِّر المرجع شعوراً نفسياً بوجود علاقة حسّية، لمن يتأثَّرون بفقدها، تربطهم بإمامهم عليه السلام، وأيّ فراغ من هذا النوع ربَّما يستغلّه ضعاف النفوس، من أئمَّة الضلال، ولذلك نرى كلّ أصحاب رايات الضلال التي برزت على الساحة الشيعية وأحد أهمّ وسائلها هو محاولة قطع علاقة الناس بعلمائها ومراجعها، لتخلو لهم قلوبهم.
ولكن يجب أن تكون حدود الارتباط والعلاقة واضحة، فما للإمام للإمام من ولاء واعتقاد وتقديس، ويفترض أن لا ينافسه أحد عليه، مهما كان حجمه، وللفقيه الحبّ والاحترام والطاعة. في حدود ما ثبت في الشريعة.
وإنَّ هذه الطبقة من المؤمنين، ولبساطتهم تختلط عليهم تلك الحدود فيجعلون ما للإمام لمرجعهم، لجهلهم بضرورة الوقوف عند تلك الحدود فيذوبون شيئاً فشيئاً في حبِّ مراجعهم إلى أن يتحوَّل هذا الحبّ إلى تقديس، وربَّما إلى اعتقادات أُخرى، كما لدى بعض الفِرَق الإماميَّة كالشيخية.
وبسبب نقطة التحوّل تلك، في عدم ترتيب أولويات ولائهم، والتوجّه بكلِّ كيانه إلى قائده القريب على حساب الإمام الفعلي عليه السلام، ينسلخ من قلبه مبدأ الانتظار، وذلك بسبب أنَّ هذا القائد الديني مهما بلغ به العمر والهدف والتخطيط، فهو محدود قياساً بقضيَّة الإمام عليه السلام، فينحصر طموح وأهداف ورؤى هذا المؤمن بحدود قائده الذي ذاب فيه، وغالباً أصحاب هذا الصنف من المؤمنين لم يشعروا باستدراجهم إلى هذه النقطة، لأنَّه أمر يحصل بالتدريج. بسبب جهلهم، وقلَّة معرفتهم بقدر إمامهم، وهشاشة إيمانهم به عليه السلام.
فتتلاشى لدى هؤلاء ملامح أمل قرب الظهور شيئاً فشيئاً، إلى أن يرونه بعيداً أو لا يرونه إلَّا من خلال تصوّرات ليس لها علاقة بالإيمان والارتباط الحقيقي، بإمامهم، القائم على الانتظار صباحاً ومساءً، حسب وصف الأئمَّة الأطهار عليهم السلام.
القسم الرابع:
وهناك قسم من المؤمنين قد حافظوا في ذواتهم على مساحة خاصَّة للإمام عليه السلام بقيت مهيمنة ومسيطرة على جميع علائقهم الدينية الأُخرى، ولم يستغرقوا في علاقتهم بأشخاص قياداتهم الدينية على حساب علاقتهم بإمامهم وقائدهم الأعلى أرواحنا فداه، فهناك فوائد عظيمة في الحفاظ على هذا الارتباط:
منها: التأثّر بخلق وصفات من نعتبره القدوة الأعلى لنا، فالإمام لا يقاس به أحد مهما بلغ من الشرف والتقوى والعلم.
ومنها: أنَّ الإمام عليه السلام يُمثِّل التجسيد الحقيقي للإسلام وشموليته ومستقبله، والارتباط القلبي الفعلي به عليه السلام، يُوسِّع من هذه الآفاق لدى المؤمن.
ومنها: أنَّ من آثار هذا الارتباط القلبي المباشر بالإمام عليه السلام هو التوكّل والثقة بكلام الله تعالى ووعد الأئمَّة الأطهار عليهم السلام في توقّع وتحسّس الفرج صباحاً ومساءً، فإنَّ المقادير بيد الله تعالى ومرتبطة بإرادته سبحانه، إذ لعلَّه يحدث بعض التغيّرات على بعض القوانين الكونية، فتحدث كما مرَّ علينا تغييراً شاملاً في نفوس وعقول وقناعات البشرية ونظرتها للوجود، فتسقط بأعينهم كلّ الفلسفات المادّية للكون والحياة، فيكون هو المسرِّع الذي ذكرناه آنفاً، لتقبّل فكرة الدين أو المنهج الجديد للحياة، فيقترَّب بذلك وعد الله تعالى في ظهور وليّه الأعظم عليه السلام.
وفي هذه النقطة يلتقي هذا الصنف من المؤمنين مع النوع الرابع من أصحاب رؤيا فلسفة التاريخ، إلَّا أنَّ أُولئك اعتمدوا على قراءة التاريخ ومجريات أحداثه، وكان ينقصهم الرؤية القلبية لتحسّس قرب الفرج، وهؤلاء انطلقوا من نقاء سريرتهم وصدق ارتباطهم بإمامهم عليه السلام، وربَّما من يجمع بين هذين الرؤيتين، تكون لديه الصورة أوضح، في توقّع الظهور وليس تحديده الحتمي.
وتبقى المقادير مرتبطة بالله سبحانه هو وحده من يعلم ويُقدِّر يوم وساعة اطلالة أملنا وقائدنا عليه السلام.
ومنها: ولعلَّ هذه الفائدة على الصعيد العملي هي الأكثر فاعلية للمؤمن المنتظر، وهي أنَّ الشعور بالارتباط القلبي الدائم بالإمام عليه السلام يُعطي زخماً كبيراً من الطاقة للعمل الرسالي لتأدية الإنسان تكليفه، وتزوّده بقدر كبير جدَّاً من الحيوية، لخدمة دينه وقضيَّته، فيبحث عن القيادة الدينية المناسبة لتطلّعاته، وفق الأُطر العامَّة للمذهب وما ثبت في فقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فيترجم تلك التطلّعات والتعبير عنها ضمن منهج المرجعية التي ثبت لديه أنَّها تتناسب مع أهدافه، وذلك ببركة حفاظه على تلك المساحة الخاصَّة لإمامه ولم تختلط عليه أولويات الولاء والارتباط.
وهذا الصنف من المؤمنين هم الأكثر فاعلية في العمل الرسالي، والأنشط حركة في خدمة الأُمَّة، والأصوب والأدقّ تشخيصاً للخلل الذي يواجه مسيرة الرسالة، وأكثر نفعاً لقادتهم ومراجعهم، وذلك لشمولية رؤيتهم وللفوائد التي مرَّ ذكرها.
المقوّمات والعوامل الذاتية في مدرسة أهل البيت عليهم السلام بإبقاء أو ولادة الأمل بعد اليأس لتطبيق العدل الكامل:
بقي أمر مهمّ لا بدَّ من التعرّض له وهو: ما هي العوامل والمقوّمات التي تمتلكها مدرسة أهل البيت عليهم السلام والتي من خلالها يمكن أن يُرسِل رسائل اطمئنان ويعطي انطباعاً إيجابياً لشعوب العالم وللمسلمين الذين لم يندكّوا كثيراً بأفكار قادتهم الدينيين، بوجود أملٍ يمكن من خلاله أن تستعيد الإنسانية إنسانيتها، ويعود الله (جلَّ وعلا) محطَّاً لاهتمام المتعطّشين لمعرفته، بعد يأسهم من كلِّ الحلول السابقة الدينية منها والوضعية، وببركة هذه العوامل يمكن أن يتجدَّد أمل سيادة العدل ليكون من أولويات رؤاهم للمستقبل السعيد؟
ومن هنا يمكن أن ندرك أهمّية وحجم تكليفنا كأُمَّة تنتمي إلى هذا الخطّ الإلهي الأصيل، وهو أعمّ مصداق لتكليفنا كأتباع لأهل البيت عليهم السلام والذي أثبته في أعناقنا المعصوم عليه السلام بقوله: «كونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم».
فكلُّ ما يصدر عنّا كشيعة له تأثيره على حركة المعصوم عليه السلام سواءً سلباً أو إيجاباً.​
|
|
|
|
|