|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 81005
|
الإنتساب : Jun 2014
|
المشاركات : 28
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
جعفر صادق الحسيني
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
الخيار الأتمّ لرواية (يجفلون عنه إجفال الغنم)2
بتاريخ : 13-04-2025 الساعة : 01:12 PM
ألف- هم الأُمّة المعدودة والعدّة الموصوفة بالإخلاص، وأنّهم ولدوا بعد قانون المزايلة. فقد أخرج الشيخ العيّاشي في تفسيره بسنده عن عبد الأعلى الجبلي أو الحلبي عن الإمام الباقر، في حديث طويل نأخذ بعضه، قال عليه السلام: (أصحاب القائم الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، قال: هم والله الأُمّة المعدودة التي قال الله في كتابه: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٍۢ مَّعْدُودَةٍۢ} سورة هود:8، قال: يُجمعون في ساعة واحدة قزعاً كقزع الخريف). تفسير العيّاشي للشيخ محمد بن مسعود العيّاشي السمرقندي:2/ 57/ح49، والتفسير الصافي للفيض الكاشاني:2/ 433.
وبأدنى تفاوت في الغيبة للشيخ محمد بن إبراهيم النعماني:247-348/ب13/ ح36، ومجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي:5/ 246، والبرهان في تفسير القرآن للسيّد هاشم البحراني:3/84/ح7.
وفي معتبر أبي خالد عن الإمام أبي جعفر في قول الله عزّ وجلّ: {فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَٰتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا ۚ}سورة البقرة:148، قال عليه السلام: (الخيرات الولاية، وقوله تبارك وتعالى: {ۚأَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا} يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم والله الأُمّة المعدودة، قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف). روضة الكافي:8/ 313/ح487.
وفي معتبر أبي خالد الكابلي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قال: (المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر فيصبحون بمكّة، وهو قول الله عزّ وجلّ: {ۚأَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا}، وهم أصحاب القائم عليه السلام). كمال الدين وتمام النعمة للصدوق:2/ 593/ب57/ح21. ونحوه في غيبة النعماني:327/ب20/ح3.
وفي خبر عبد العظيم الحسني عن الإمام الجواد عليه السلام، في حديث عن القائم، قال: (وهو الذي تطوى له الأرض، ويذلّ له كلّ صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عزّ وجلّ: {أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ ۚقَدِيرٌ} فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره). كمال الدين:2/ 352/ب36/ح2.
هذا التوصيف بالإخلاص لبيان حالهم تكرّر في حقّ المؤمنين بالإمام المهديّ عليه السلام وغيبته الثابتين على عقيدته وولايته كما يعرب عنه معتبر الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام. راجع: كمال الدين:1/ 287/ب26/ح16.
واللافت للنظر أنّ السيّد محمّد الصدر ذكر عدّة أسباب لتميّز هؤلاء (313) عن غيرهم وعدّ السبب الأوّل منها: اتّصافهم بالاخلاص من الدرجة الأولى. فراجع: تاريخ ما بعد الظهور:294.
وفي معتبر محمد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام في قوله سبحانه: {أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} سورة النمل:62، قال: (نزلت في القائم عليه السلام ... فيكون أوّل خلق الله مبايعة له- أعني جبرئيل-، ويبايعه النّاس الثلاثمائة والثلاثة عشر، فمن كان ابتلي بالمسير وافى في تلك الساعة، ومن لم يبتل بالمسير فُقد من فراشه، وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: المفقودون من فرشهم، وهو قول الله عزّ وجلّ: {فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَٰتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا}، قال: الخيرات الولاية لنا أهل البيت). غيبة النعماني:328/ب20/ح6، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي:3/ 546/ح537.
وفي خبر أبي بصير عن الإمام الصادق في تفسير قوله سبحانه: {أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا ۚ} قال عليه السلام: (نزلت في القائم عليه السلام وأصحابه، يجتمعون على غير معاد). غيبة النعماني:248/ب13/ح37.
وفي خبر أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إنّ القائم يهبط من ثنيّة ذي طوى في عدّة أهل بدر-ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً- حتّى يسند ظهره إلى الحجر الأسود، ويهزّ الراية الغالبة). غيبة النعماني:329/ب20/ح9، إثبات الهداة:3/ 547/ح541.
وفي معتبرا علقمة الحضرمي عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عن الإمام علي عليه السلام قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا علي، إنّ قائمنا إذا خرج اجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدد رجال بدر، إلى آخر ما جاء في الخبر). كفاية الأثر في النصوص على الأئمّة الإثني عشر للشيخ علي الخزّاز القمّي:267.
وفي معتبر جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام، في حديث طويل عن علامات ظهور الحجّة نأخذ قطعة منه، قال: (فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويجمعهم الله له على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، وهي- يا جابر- الآية التي ذكرها الله في كتابه: {أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ ۚقَدِيرٌ}، فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد توارثه الأبناء عن الآباء). غيبة النعماني:289/ب14/ح67، البحار:52/ 239/ب25/ح150.
لقد تكلّم الشيخ علي الكوراني في هذه الدائرة فقال: أنّه تعالى قدّر له أصحاباً خاصّين، من أقاصي الأرض، يأتيه بهم فيوافونه معجزة في ليلة واحدة، هم وزراؤه وحواريّوه>>. المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهديّ عليه السلام:305.
وجاء في خبر أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا يزال النّاس ينقصون حتّى لا يُقال الله، فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدِّين بذنبه، فيبعث الله قوماً من أطرافها، يجيئون قزعاً كقزع الخريف، والله إنّي لأعرفهم وأعرف أسمائهم وقبائلهم واسم أميرهم ومناخ ركابهم، وهم قوم يحملهم الله كيف شاء من القبيلة الرجل والرجلين حتّى بلغ تسعة، فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدّة أهل بدر، وهو قول الله: {ۚأَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ ۚقَدِيرٌ}، حتّى أنّ الرجل ليحتبى فلا يحلّ حبوته حتّى يبلغه الله ذلك). الغيبة للشيخ محمد بن الحسن الطوسي:498/ح503.
قيل عن معنى (ضرب يعسوب الدّين بذنبه) أي: إنّه فارق أهل الفتنة، فيضرب في الأرض ذاهباً في أهل دينه وأتباعه الذين يتّبعونه على رأيه، وهم الأذناب، أو أنّ الضرب بالذنب كناية عن وثبته وتجريده سيفه، وليس المراد من الذنب إلّا الأصحاب، أو أنّ الضرب بالذنب ههنا مثل للإقامة والثبات، يعني أنّه يثبت هو ومن تبعه على دينه.
والحبوة: من الإحتباء والذي هو ضمّ الساقين إلى البطن بالثوب أو اليدين، والمعنى أنّهم يُحملون على الحالة التي كانوا عليها حتّى يبلغهم الله عزّ وجلّ مكّة المكرّمة بلا تعب ولا نصب. راجع: عوالم العلوم:4/ 67 هامش، وبشارة الإسلام في علامات المهديّ عليه السلام للسيّد مصطفى الحيدري:279.
الكلام في هذه الناحية يستدعي التذكير أنّ بعض الفضلاء يرى أنّهم هم المقصودون في حديث عبد الله بن مسعود معن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إنّي لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ). صحيح مسلم:8/ 178/كتاب الفتن وأشراط الساعة/باب إقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجّال. راجع: تاريخ ما بعد الظهور:261، وأسئلة معاصرة حول الإمام المهدي:82، ومعجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام:1/374/ح241.
وعلى أيّة حال، هذه العدّة الفذّة جاء توصيفها بالإيمان في خبر الحارث الهمداني عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: (إذا هلك الخطاب، وزاغ صاحب العصر، وبقيت قلوب تتقلّب من مخصب ومجدب، هلك المتمنّون، واضمحلّ المضمحلّون، وبقي المؤمنون وقليل مايكونون ثلاثمائة أو يزيدون، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم بدر لم تُقتل ولم تمت). غيبة النعماني:202/ب11/ح4.
وفي مجال تعليقه على شرح فقراته قال النعماني: أنّ الله عزّ وجلّ يؤيّد أصحاب القائم عليه السلام هؤلاء الثلاثمائة والنيف الخلّص بملائكة بدر>>. غيبة النعماني:202.
وربما يندرج في هذا المستوى ما رواه الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، في ذيل حديث يصف به شيعته، قال: (وكذلك أنتم تُميّزون حتّى لا يبقى منكم إلّا عصابة لا تضرّها الفتنة شيئاً). غيبة النعماني:218/ب12/ح17، البحار:52/ 116/ب21/ح37.
وما رواه سدير الصيرفي عن الإمام الصادق، في حديث، يقول عليه السلام: (وكذلك القائم فإنّه تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام). كمال الدين:2/ 334/ب33/ ح51.
وما رواه أبو بصير عن باقر العلم عليه السلام، في حديث، قال: (وكذلك شيعتنا يُميّزون ويُمحّصون حتّى تبقى منهم عصابة لا تضرّها الفتنة). غيبة النعماني:218/ب12/ح18.
وما رواه الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن الإمام علي عليه السلام، في حديث ذكر فيه القائم، قال: (فلا يثبت على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عزّ وجلّ ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيّدهم بروح منه). كمال الدّين:1/ 337/ب26/ح
وحيث إنّ مجموعة الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً هي من خلّص شيعة أهل البيت الموقنين والشريحة المسلّمة والقمّة الشامخة، ناهيك عن أنّها ثابتة على مبادئها، صلبة في عقيدتها، راسخة في إيمانها، فينبغي بقدر مرضي أن لا تضرّها الفتنة ولا يعصف بها الهرج ولا تزعزعها المحنة كما تصوّرها الرواية، بل لعلّ ذلك من لوازمه حينما نراجع مجمل المعطيّات الخاصّة بهم بنظرة فاحصة. وبتعبير بعضهم: هم خيرة الأرض يومذاك، فهم الصفوة المختارة الذين يختارهم الله عزّ وجلّ لهذا اليوم، فهم ليسوا من بلد واحد، بل من بلاد متعدّدة ومن قوميّات مختلفة، بل هم من قارات وأقاليم مختلفة أيضاً كما صرّحت عنهم الروايات والأحاديث الكثيرة>>. الإمام المنتظر وعلامات الظهور للسيّد قاسم الموسوي:202.
وفي سياق متّصل يضيف آخر فيقول: الواضح أنّ الله تعالى انتخب هذا العدد من الأفراد- ليكونوا من أصحاب الإمام المهديّ عليه السلام- لمزايا توفّرت فيهم وأَهّلتهم لهذا الشرف الخالد>>. الإمام المهديّ عليه السلام من المهد إلى الظهور للسيّد محمد كاظم القرويني:491، مستقبل البشريّة في زمن حكومة المهديّ (عج) العالميّة للسيّد حسن زلزلي الحسني:307.
أقول: إنّ التعابير الروائيّة بصيغها المتعدّدة إن لم تكن مصرّحة فهي مشعرة بأنّهم لم يكونوا منتظمين ضمن تيّار مقاوم أو حركة مُمهّدة أو دولة دينيّة (ثيوقراطيّة)، وقد أومأ الصدر إلى لزومهم التقيّة خلال عصر التمحيص السابق على عصر الظهور، كما في تاريخ ما بعد الظهور للصدر:498.
علاوة على ذلك فإنّ هذه الأوصاف الراقية والمدارج العالية التي يتحلّون بها يُمكن أبضاً انتزاعها من غير الآخبار الآنفة الذكر ، كخبر عبد الله بن حمّاد الأنصاري عن رجل عن الإمام الصادق عليه السلام جاء فيه أنّه دخل عليه بعض أصحابه، فقال له: جعلت فداك، إنّي والله أُحبّك وأُحبّ من يُحبّك، يا سيّدي ما أكثر شيعتكم، فقال له: (اذكرهم، فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما لو كملت العدّة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تُريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا مُعلناً، ولا يخاصم بنا قالياً، ولا يُجالس لنا عائباً، ولا يُحدّث لنا ثالباً، ولا يُحبّ لنا مُبغضاً، ولا يبغض لنا مُحبّاً). غيبة النعماني:210-211/ب12/ح4.
وكذلك لا استطيع نفي الاحتمال بأنّهم هم المقصود بهم (عصابة الحقّ) التي تجتمع مع القائم عليه السلام كما في خبر الصقر بن أبي دلف عن الإمام الهادي عليه السلام المروي في كمال الدين:2/ 356/ب37/ح9، فلاحظ.
باء- هم العدّة المحفوظة التي يحبّها الله تبارك وتعالى ويحبّونه، ففي رواية سليمان بن هارون البجلي او العجلي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إنّ صاحب هذا الأمر محفوظة له أصحابه، لو ذهب النّاس جميعاً أتى الله له بأصحابه، وهم الذين قال الله عزّ وجلّ: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰٓؤُلَآءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَٰفِرِينَ} سورة الأنعام:89، وهم الذين قال الله فيهم: {فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥۤ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِينَ} سورة المائدة:54). غيبة النعماني:330/ب20/ح12.
وفي معرض التعليق على الخبر ذكر الشيخ محمد النجفي أنّ في هذا الخبر بشارة لمن كان مُسجّلاً في دفتر الإمام القائم عليه السلام وكان اسمه في صحيفته، وإنّ هؤلاء يحفظهم الله سبحانه وتعالى من جميع فتن آخر الزمان، ويدفع عنهم البلاء، ويأتي بهم للإمام حتّى لو تلف النّاس كلّهم، ويُحضرهم له في مكّة بأجمعهم. راجع: بيان الأئمة للوقائع الغريبة والأسرار العجيبة للشيخ محمد مهدي النجفي:3/ 251-252.
ولا ريب في أنّ التبديل حادث وواقع في كافة الفرق والنحل، وسوف يطال جميع المذاهب والملل ولا يُستثنى أيّ صنف منها، غاية ما هنالك أنّ النسب قد تختلف من طائفة لأُخرى، والأمر المثير أنّه قد أّشير إلى وقوع التبديل في الذين يتشيّعون لأهل البيت كما في المروي عن الامام الصادق عليه السلام قال : (فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل). غيبة النعماني:211/ب12/ح4. هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإنّ من مظاهر التبديل ومصاديقه ما جاء في الخبر المروي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أيضاً أنّه قال: (لا يخرج من شيعتنا أحد إلّا أبدلنا الله به من هو خير منه، وذلك لأنّ الله يقول: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاٰ يَكُونُوا أَمْثٰالَكُمْ} سورة محمّد:38). تفسير البرهان:5/ 57/ح5، البحار:23/ 387/ب22/ح94.
وفي ميدان هذه القضيّة المرتبطة بالرواية الكسيحة تساءل الأستاذ علي الزيدي: <<فهل يعقل بعد هذا أن ينحرفوا عن جادّة الحقّ لمجرد عروض شبهة عليهم أراد إمامهم المهديّ عليه السلام عرضها لهم على نحو الامتحان والاختبار لما بعد الظهور؟ علماً أنّهم على يقين تامّ بأنّه الإمام الحجّة بن الحسن وطاعته واجبة، لأنّه إمام مفترض الطاعة، كونهم قد نجحوا في كلّ تمحيصات وبلاءات ما قبل الظهور، فكان استحقاقهم معرفة الإمام فأطاعوه كطاعة الأمة لسيّدها.
ثمّ تحدّث عن دلالة الآية قائلاً: إنّ هؤلاء الأبدال هم اختيار الله تعالى لعلمه بأنّهم أفضل ما موجود ضمن نظاق التكامل الإنسي في عهد الإمام المهديّ عليه السلام ...إنّ الله تعالى قد أحبّ هؤلاء القوم وقد أضفى عليهم صفة الحبّ ... ومن يحبّه الله لا يمكن أن يبغضه على الإطلاق، ولذلك فهذا دليلاً عمليّاً على أنّ هذا العبد المحبوب لن يقوم بايّة معصية، يغضب لها الربّ الجليل ... وإذا كان الأمر كذلك، كيف يأتي الله تعالى بقوم هم بدلاء عن المرتدّين بحيث تحدّى بهم الفاشلين، ومن ثمّ يقوم أولئك البدلاء بالانقلاب والإرتداد بمخالفتهم أوامر إمامهم>>. أسئلة معاصرة حول الإمام المهدي (ع):85-87.
ويستمرّ في رسم الصورة المعبّرة عن تكاملهم قائلاً: <<عاشوا أعلى مراحل التمحيص والبلاءات في عصر غيبة الإمام المهديّ عليه السلام ونجحوا بها على أكمل وجه، فيكون حينها من الطبيعي أن يكملوا مسيرهم في تمحيص وبلاءات ما بعد الظهور، لأنّهم الأولى بذلك، ولا يُعقل حينها فشلهم بحيث يأتي آخرون لم يعيشوا ويعاصروا مرحلة الاختبارات الصعبة والمكثّفة أو عاشوا ولم ينجحوا بها، ليكونوا بدلاء عن أولئك الأصحاب ال(313)>>. أسئلة معاصرة حول الإمام المهديّ:94.
تاء- هم حكّام الله في أرضه وأمراء الأقاليم، ففي الخبر محلّ النقاش، أعني خبر المفضّل المروي في كمال الدين، قال الإمام أبو عبد الله عليه السلام: (كأَنِّي أَنظر إِلى القائِم عليه السلام على مِنبرِ الكُوفة وحوله أَصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رَجُلاً عدّةُ أَهل بدر، وهُمْ أصحاب الألوية، وَهُمْ حُكّام الله في أَرضه على خَلقه، إهـ). كمال الدين:2/ 610/ب58/ح25.
وفي خبر عبد الله بن حمّاد الأنصاري عن محمّد بن جعفر بن محمّد عن أبيه الصادق عليه السلام قال: (إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض، في كلّ اقليم رجلاً، يقول: عهدك في كفّك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفّك واعمل بما فيها. قال: ويبعث جُنداً إلى القسطنطينيّة، فإذا بلغوا الخليج كتبوا على أقدامهم شيئاً ومشوا على الماء، فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون على الماء، فكيف هو؟! فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة، فيدخلونها فيحكمون فيها ما يريدون). غيبة النعماني:334-335/ب21/ح8، وبعضه في دلائل الإمامة للطبري:467/ 452/ح56، وإثبات الهداة للحر العاملي:3/ 573/ح712.
وينضوي تحت ذلك ما رواه الحسن بن ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن الإمام زين العابدين عليه السلام قال: (إذا قام قائمنا أذهب الله عزّ وجلّ عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزُبُر الحديد، وجعل قوّة الرجل منهم قوّة أربعين رجلاً، ويكونون حُكّام الأرض وسنامها). الخصال للشيخ الصدوق:2/ 541/ب40/ح14، البحار:52/ 317/ب27/ح12.
وضمن هذا الإطار نحت الشيخ الكوراني العنوان التالي: يبعث الإمام عليه السلام أصحابه حكّاماً على العالم واستشهد تحته بخبر عبد الله بن حمّاد الأنصاري الآنف الذكر. راجع: المعجم الموضوعي:291.
وتحدّث الصدر عن الضمانات المنبثقة من صفات أصحاب الإمام فقال : التخطيط السابق على الظهور إيجادهم لانجاح هذه التجربة، لمشاركتهم- أوّلاً- بصفتهم قادة عسكريّين في الفتح العالمي، ومشاركتهم- ثانياً- بصفتهم رؤساء وحكّاماً لمناطق العالم وأقاليمه في الدولة العالميّة>>. تاريخ ما بعد الظهور:447.
ثمّ قام برفده موضّحاً: مقتضى الفهم العامّ للروايات الأخرى، هي أنّ الخاصّة الثلاثمائة والثلاثة عشر، هم سيقومون بالقيادة العسكريّة الرئيسيّة منذ فتح العالم، وسيكونون هم أنفسهم الحكّام الذين يوزّعهم الإمام المهديّ (ع) على مناطق العالم ... مضافاً إلى أنّهم الصفوة الذين هم في أعلى درجات الاخلاص من الجيل المعاصر يومئذٍ من البشر أجمعين، فلن يجد المهديّ (ع) -عادة- غيرهم لتولّي الحُكم في العالم تحت إشرافه وقيادته>>. تاريخ ما بعد الظهور:491.
وبموازاة ذلك طرّز الأستاذ الزيدي ما يلي: <<كانوا هم أصحاب الألوية، أي: قادة الفتح العالمي في حروب الإمام سلام الله عليه، وكذلك هم حكّام الله في أرضه بعد الفتح المبارك، فدلالة الحديث ظاهرة بأنّهم فعلاً حكّام الله في أرضه. ثمّ يقول: إنّ أولئك الأصحاب من (313) هم عصارة البشريّة جمعاء، فهم بالتأكيد أفضلهم وأكملهم، كونهم قد تخلّوا عن جميع الذنوب والمعاصي التي تعرض للبشريّة، مضافاً إلى حيازتهم لأفضل الكمالات>>. أسئلة معاصرة حول الإمام المهديّ:89 و 95.
وكتب الشيخ جعفر عتريسي عن منزلتهم السامية الآتي: أنّ للمهديّ عليه السلام أنصاراً كرّرت الروايات الإشارة إلى عددهم (313) رجلاً، يظهر منها أنّ لهم موقعيّة خاصّة وفضلاً مميّزاً>>. ما قبل نهاية التاريخ ظهور قائم آل محمّد المهديّ المنتظر:505.
ودبّج القزويني جملته الآتية: الواضح أنّ هؤلاء من خيرة أهل الأرض يومذاك، وقد توفّرت فيهم المؤهّلات المطلوبة، واللياقة والكفاءة لإدارة الكرة الأرضيّة، وتدبير أمور النّاس أجمعين، كلّ ذلك تحت قيادة الإمام المهديّ عليه السلام، وإرشاداته وتعاليمه>>. الإمام المهديّ (ع) من المهد إلى الظهور:465.
|
|
|
|
|