عرض مشاركة واحدة

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.08 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العام
افتراضي استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام 5
قديم بتاريخ : 22-02-2014 الساعة : 02:56 PM


ثقافة احترام صلحاء المجتمع وأبراره/ثقافة الأخلاق وتأصيل الجدارة

إذا تمادى المجتمع في التسافل والانحطاط في ثقافته، وتطبّع على ثقافة سيئة منحطّة، فإن من أولى تداعيات هذه الظاهرة هي أنه لم يعد يحترم صلحاءه ولا يذكرهم بخير بل حتى يستهزئ بهم، وفي المقابل يكرم اللئام. بينما نجد المجتمع المكّي كان يكرم عبدالمطلب كرئيس عليه وكان لبني هاشم السيادة في تلك البقعة جيلا بعد جيل فكانوا موضع إكرام جميع قبائل العرب. يعني بالرغم من كل هذه المثالب الكبيرة التي كانت تحيط بهم، دائما كان يحصل توافق وإجماع على رئاسة أفضل القوم تدبيرا وأخلاقا، ولم يكن هذا التوافق نتيجة قسوة بني هاشم واستخدامهم القوّة، بل كان نتيجة توافق وإجماع قبائل العرب أنفسهم.
لقد عاش النبيّ الأعظم(ص) بينهم أربعين سنة، وكانت حياته في قمة الطهارة والنزاهة. وقد شاهد المجتمع وقتئذ نزاهته وطهارته وقدروا سلوكه واحترموا شخصيته. ولهذا اشتهر النبي(ص) في مكة قبل بعثته بمحمد الأمين. يعني عرفت أمانته واشتهرت في المجتمع وكذلك كانوا يعرفونه بهذه الصفة ويثنون عليه بها، كما أنهم كانوا يخضعون لحكمية هذا الإنسان الجليل بعيدا عن الأعراف والعلاقات القبلية. فهل يمكن لمثل هذا المجتمع أن يكون منحطّا متسافلا بالنحو الذي يدّعيه بعض المستشرقين؟

كانت مكّة ما قبل الإسلام من أكثر المدن معنوية وروحانية في العالم

واحدة أخرى من خصائص المجتمع المكّي هي أنه كان صاحب دين وشريعة، ولو قد اختلطت به شوائب وبدع كثيرة. فعلى سبيل المثال مع أنهم كانوا يؤمنون بالله؛ (وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ؛ لقمان/25) ولكنهم كانوا قد نصبوا أصناما في الكعبة. ولا يخفى أنهم ما كانوا يعتبرون الأصنام آلهة ولا ينسبون الخلق إليهم، ولكن كانوا يعتبرونهم شفعاء والواسطة بينهم وبين الله عز وجل. (یَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ؛ یونس/18) فالإشكال هو أنهم كانوا قد حرّفوا الدين. كانوا يضحّون لتلك الأصنام المنصوبة في الكعبة التي كانوا يزعمونها وسائط وشفعاء إلى الله، وكانوا يمارسون هذه الأعمال كإحدى العبادات والمناسك في دينهم، ولكن انحرافهم هو أنهم قد أدخلوا هذه البدع في دينهم بغير إذن من الله.
طبعا كانت هناك بعض العبادات والمناسك الحقّة التي لم يعتريها دسّ ولا زيف فبقيت على حالها بعد ظهور الإسلام، كالسعي بين الصفا والمروة الذي كان يمارس قبل ظهور الإسلام. إذن لم تكن مكّة من الأمصار الغريبة على العبادة والديانة والمعنوية.
وبالمناسبة إحدى معاناة الرسول(ص) هي أنه كان قد واجه أناسا يدعون لأنفسهم الدين والمعنوية. حيث كانت الجزيرة العربية ولا سيما مدينتي مكة والمدينة، مركز أناس كانوا يعتبرون أنفسهم من منتظري النبي الخاتم(ص).
كانت مكة من المدن الدينية، فلم تكن بعيدة عن المعرفة والثقافة. وأرضها مرقد كثير من الأنبياء. إن شعائر إبراهيم الخليل كانت بارزة في هذه المدينة وكانت محترمة من قبل أبنائها. ومن شدة احترامهم للحجر الأسود حدث ذاك النزاع المعروف بين القبائل تنافسا عليه وتشرفا وفخرا باستلامه وجعله في موضعه. كما كان مقام النبي إبراهيم(ع) بجوار الكعبة محلّ احترام الناس على مرّ الدهور.
إن البعد الديني الظاهر والتمركز الديني في مكة كان قد أخذ حيّزا من اهتمام الناس وأنظارهم وهذا هو الحافز الذي دفع جيش إبرهة إلى الهجوم على مكة. وبسبب رونق العبادة بجوار الكعبة أصبحت مكة مركزا للتجارة أيضا. فمن هذا المنطلق لعلنا نستطيع القول بأن مكة ما قبل الإسلام كانت من أكثر المدن معنوية وروحانية في العالم.

الأدب الراقي أحد معايير النماء الثقافي في المجتمع

يعتبر مستوى الأدب في أيّ مجتمع ما كمفردة أخرى من معايير النماء الثقافي. والأدب الذي يحمله العرب في تلك المنطقة، أدب قوي وغني جدا، حيث قد استغلّ القرآن الكريم غنى أدب العرب لنشر المعارف الدينية العميقة ولا شك في أنه أثراه وزاده غنى.

يتبع إن شاء الله...


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان
رد مع اقتباس