عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-03-2013 الساعة : 02:04 PM


أوّلا:
فعلى الأقلّ أنّه لا يبايع يزيد ويصير رعية له، مع ما هو المعلوم من المجاهرةِ بإحياءِ كُلِّ رذيلة، وإماتةِ كُلِّ فضيلة.
وعليه: فالجواب الذي ذكرته إذا كُسي حلّة أُخرى من البيان لم يكن للخصم لو أنصف أن لا يقتنع به.
وهل من سبيل إلى الكشف عن نفسية يزيد وخسّة طبعه وعدم أهليّته، من حيث لؤم عنصره، وخبث سريرته، وقبح سيرته ـ مع قطع النظر عن الدين والشرع ـ أقرب وأصوب وأعمق أثراً في النفوس عامّة والعرب خاصّة والمسلمين بالأخصّ من هتك حرم النبوّة(ص) وودائع الرسالة، وجلبهم أُسارى من بلد إلى بلد، ومن قفر إلى قفر؟!
وهل أعظم فظاعة وشناعة من التشفّي والانتقام بالنساء والأطفال بعد قتل الرجال؟!
وأيُّ ظفر وغلبة على يزيد أعظم من إشهار هذه الجرائم عنه؟!
أمّا القتل ; فقد كان عند العرب أهون شيء، وهو أمر معتاد متعارف لا شيء فيه من الفظاعة والغرابة، فكان الحسين(ع) أعرف أنّ يزيد وابن زياد من خبث الذات وسوء الملَكة مستعدّان لتلك الجرائم ; فأراد أن يبرزها منهم إلى الوجود وتكون الناس منهم على بيّنة محسوسة، ثمّ يكون الغالب بعدها هو المغلوب، والقاهر هو المقهور.
نعم، يزيد قتل الحسين(ع) وأنصارَه، ولكنّ الحسين قتل يزيد وكلَّ بني أُميّة بأعظم من قتلهم له بألف مرّة ; قتلهم يزيد يوماً واحداً، وقتلوه وقومه إلى آخر الأبد.
فأي الظفرين أعظم؟! وأيّ القتلين أكبر؟!
وهذه الفلسفة قد أدركها حتّى الباحثون من الأجانب عن الإسلام، وقد ألمح إليها المستشرق الألماني ( المسيو ماربين )، حيث قال: « لمّا كان الحسين يعلم عداوة بني أُميّة وبني هاشم، ويعرف أنّه بعد قتله يأسِرونَ عياله وأطفاله، وذلك يؤيّد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين، سيّما العرب، كما وقع ذلك، جلبهم معه وجاء بهم من المدينة...
إلى أن قال: ولمّا كانت أنظار المانعين محدودة، وأفكارهم قاصرة، ولا يدركون مقاصد الحسين العالية، وآخر ما أجابهم به: إنّ الله شاء ذلك، وجدّي أمرني به(9)، فقالوا: إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال؟
فقال: إنّ الله شاء أن يراهنّ سبايا »(10). انتهى(11).
أقول:
وهذا الجواب ليس كما تخيَّلَهُ المستشرق جواباً إقناعياً، ودفعاً وقتياً، بل له مقامه الراهن من الحقيقة، ولعلّ الله سبحانه، وجدّه(ص)، إنّما أمراه بذلك كي يُفتضَح يزيد ويظهر حاله للناس، نحن لا نقول: إنّ الطريق لهتك يزيد انحصرت بهتك العيال ; ولكن نقول: إنّه كان أحد الطرق التي لها التأثير الكبير في المقصود.
والقول:
إنّه لا يجوز في الدِّين أن يُعَرِّضَ نساءه للهتك مهما كان الأمر ; فهو منبعث عن البساطة والسذاجة، فإنّ الذي لا يساعد عليه الدِّين، بل ولا تسمح به الغيرة، هو تعريض الإنسان عِرْضَهُ للهتك الموجب لِما يمسّ الشرف، ويخدش رواق العفّة والصيانة، وسرادق النجابة والحصانة.
أمّا الهتك الذي تستحكم به عرى القدس والطهارة والعزّة والمنعة، فذلك ممّا لا يشين ولا يهين، وتلك الحرائر صلوات الله عليهنّ مهما سَفِرْنَ فَهُنَّ محجّبات، ومهما تَبَذَّلْنَ فهنّ مَصونات، وهنّ بحيث النجم من يد المتناول(12).
يَشُعُّ على وجهِ البراقِعِ نورُها * فيحسب راء أنَّهُنَّ سَوافِرُ(13)

والغرضُ:
إنّ هذا الجواب محكم رصين، وله حظّه من الحقيقة، وإذا لم يقنع به الناقد والمشكّك فهناك:
وجه ثان وجيه أيضاً، وهو:
إنّ الحسين(ع) في كلّ أدواره وأطواره، ومنذ نشأ وشبّ إلى آخر نفَس من حياته كانت شيمته الشمم والشهامة، وعزّة النفس والإباء والكرامة، تتجلّى وتشعّ من جميع حركاته وسكناته، وكلّ أحواله وملَكاته، ولو ذهبنا إلى سرد الشواهد على هذا لجاء كتاباً مفرداً، ومجموعاً وافياً.
ويخطر لي أنّ الحسن(ع) لمّا صالح معاوية على الشروط التي لم يفِ بشيء منها، وكان قد حضر عند معاوية مع خواصّ أصحابه للبيعة، فبايع الحسن ومن معه، وطلب معاوية البيعة من الحسين(ع)، فقال: دعه! فإنّه لا يبايع، ولكن لا يأتيك منه سوء.
فقال: حسبنا منه ذلك(14).
وبعد أن تمّ الأمر لمعاوية كان الحسين(ع) إذا اجتمع به في حشد من محافل الشام أو الحجاز يناضله ويناظره فيرضخه من القول بالصَّلادِم(15)، ويصكّ جبهته بما هو أمضّ من الصَّوارِم(16) ـ ورُبّ قول أنفذ من صول(17)ـ ومعاوية يحتمل كلّ ذلك منه لِما يعلم من عزّة نفسه وشدّة شكيمته.

الهوامش
-------------
(9) انظر: البداية والنهاية 8 / 131.
(10) الملهوف على قتلى الطفوف: 128، بحار الأنوار 44 / 364، ينابيع المودّة 2 / 60.
وانظر: أُسد الغابة 1 / 498 رقم 1173، ترجمة الإمام الحسين ـ لابن سعد ـ : 59، تاريخ دمشق 14 / 209.
(11) السياسة الإسلامية ـ لماربين ـ .
(12) المراد أنّ حرائر الإمام أبي عبد الله الحسين (ع) كالنجم في البعد وعلوّ المرتبة، وفي منزلة يستحيل معها الوصول إليهن أو مسّهنَّ بما يخدش عفّتهنَّ، روحي وأرواح العالمين لهنّ فداء.
(13) البيت للشاعر جواد بدقت الأسدي، ضمن قصيدة من 35 بيتاً، مطلعها:
بواعث أنّي للغرام مؤازرٌ * رسوم بأعلى الرقمتين دوائرُ

إلى أن يقول:
يطوف على وجه البراقع نورها * فيحسب راء أنّهنَّ سوافِرُ

ويقول في آخر القصيدة:
فيا ليت صدري دون صدرك موطئٌ * ويا ليت خدّي دون خدّك عافرُ

انظر: أدب الطفّ 7 / 144 ـ 151.
(14) انظر: مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب ـ 4 / 40.
(15) الصِّلْدِمُ والصُّلادِمُ ـ : الشديدُ الحافر، وقيل: الصِّلْدِمُ: القويّ الشديد من الحافِر، وجمعه: صَلادِم ـ بالفتح ـ، وفرسٌ صِلْدِمٌ ـ بالكسر ـ : صُلْبٌ شديد، ورأسٌ صِلْدِمٌ وصُلادِمٌ ـ بالضمّ ـ : صُلْب. وهي هنا كناية عن قوّة حجّة الإمام الحسين (ع) وبلاغته. انظر: لسان العرب 7 / 387 مادّة « صلدم ».
(16) أي: أحدّ من السيوف.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس